المرجو من السيد رئيس الوزراء العراقي إصدار قرار تجميد بيع وشراء عقارات المسيحيين

ثائر البياتي
thairalbayati@yahoo.com

2011 / 2 / 1

المرجو من السيد رئيس الوزراء العراقي إصدار قرار تجميد بيع وشراء عقارات المسيحيين
ونناشد المرجعية الدينية بتحريم شراء دور وعقارات المسيحيين بأسعار بخسة

قرات تقريرا كتبه السيد ماهر أحمد القيسي من بغداد، نشر حديثا على بعض صفحات الأنترنيت ، تناول أخبار مضايقات المسيحيين العراقيين من قبل مافيات مختلفة لكي يرحلوا من بلدهم العراق، وأعتبر التقرير إن المستفيد من هجرة المسيحيين ، طبقات غنية ظهرت في العراق الجديد نتيجة سرقة المال العام والفساد في دوائر الدولة المختلفة، وطلب الكاتب من الحكومة العراقية إصدار قرار بعدم شراء ممتلكات المسيحيين بأسعار بخسة وبنأ على ذلك نعيد تأكيد مقترح كاتب المقال بخصوص: الطلب من السيد رئيس الوزراء العراقي إصدار قرار تجميد بيع وشراء عقارات المسيحيين في هذا الوقت العصيب ، ونحن نناشد المرجعية الدينية تحريم شراء دور وعقارات المسيحيين مستغلين وضعهم الضعيف.


ما يؤسف له إن كثيرا ً من العراقيين في مواقع المسؤولية لا يعرفون تاريخ بلدهم، فالمسيحيون العراقيون، هم أبناء العراق الأصلاء، بقايا الأقوام العراقية الأصيلة، الذين بنوا حضارات العراق القديمة من اشورية وأكدية وبابلية، وكان للمسيحيين الحظ الأوفر في بناء الحضارة العباسة الإسلامية ، ودورهم بارز في ترجمة كنوز العلم والمعرفة من كتب فلاسفة الإغريق من اللغة السريانية إلى العربية، ويذكر دورهم المتميز في بناء الدولة العراقية في عهديها الملكي والجمهوري.

واليوم تقع هذه الأقلية العراقية المسالمة ، ضحية صراعات سياسية واقتصادية، يخطف رجال دينها ويلاحق أبناء أمتها ويقتلون وتفجر أماكن عباداتهم وتحرق بيوتهم الآمنة ويرغمون على مغادرة وطنهم العزيز، وفي كل مرة تلقي السلطات اللوم على عناصر الإرهاب والقاعدة، وكأن رجال الدين والدولة العراقية غير معنيين بأمر المسيحيين.

نعلم إن الإرهاب يعم ويشمل كل مكونات العراق، ولكنه اليوم يستهدف وبشكل خاص منظم أخواننا المسيحيين أكثر من غيرهم لاعتبارات سياسية مختلفة، فما لحق بهم من مصائب كان ولا يزال أكثر من غيرهم، حيث بدأت ملاحقتهم في البصرة وبغداد والموصل وكركوك ومعظم أنحاء العراق، واستهدفت كنائسهم بنسب أكبر بكثير من المساجد قياسا لعدد كل منها.

في عهد العراق الجديد، نسمع أخبارا ً وقصصا ً مؤسفة حول المسيحيين.
أحد أئمة المساجد في العشار، في خطبة الجمعة قال للمصلين: لا تشتروا دور المسيحيين وممتلكاتهم... فهم سيهربون تاركين وراؤهم كل شيء، ستشترونها فيما بعد بأثمان بخسة. فهل يعقل هذا الكلام من رجل دين يخاطب الناس البسطاء الذين يسمعون توجيهاته ويعملون بموجبها من على منبره في مؤسسة دينية؟ إن كلام أمام مسجد العشار في خطبته التوجيهية، غير المسؤولة، يبرر أعمال العنف والإرهاب والتحريض ضد المسيحيين والأديان الأخرى وهكذا فليس غريبا إن تزداد أعمال العنف ضد المسيحيين في مدينة البصرة التي تقع العشار في قلبها، وكان طبيعيا أن يفرض الحجاب الإسلامي على المسيحيين وتزداد هجرتهم بشكل واضح.

يوم كان السيد محمود المشهداني رئيسا لمجلس النواب العراقي في دورته السابقة تحدث بصورة عشوائية أمام أعضاء المجلس، عندما تطرق إلى موضوع اختطاف السيدة تيسير المشهداني عضو البرلمان العراقي، قال موجها كلامه للإرهابيين: لماذا تختطفون هذه الآنسة المسلمة؟ لم لا تخطفون ماركريت أو جوان، بدلا عن تيسير؟ في أشارة وتأييد واضحين لاختطاف الكرديات والمسيحيات. هل يعقل أن يصدر هذا الكلام من رئيس أعلى مؤسسة تشريعية في الدولة؟ أن هذا الأمر لا يقل خطورة عن فعل الإرهاب والتحريض ضد إخواننا المسيحيين.

نتذكر الضجة الإعلامية التي فجرها مكتب السيد رئيس الوزراء نوري المالكي في العام الماضي عندما صنف مسيحي العراق تصنيفا شاذا، بقوله " الجالية المسيحية في العراق" وتم بعدها اعتذار المكتب عن ذلك الخطأ الفادح. فهل يعقل أن يصدر هذا الكلام من مكتب السيد رئيس الوزراء، في أعلى سلطة تنفيذية في الدولة؟ أنه أمر مشين ومعيب من لدن " دولة قانون"

بعد كل هذا وذاك لا نستغرب من تسرب أنباء عن تماهل قوات الشرطة والأمن المسئولة عن حماية كنيسة سيدة النجاة في قلب العاصمة العراقية، لتقع الفاجعة الكبرى في تلك الكنيسة، ويكون ضحيتها مئات الأبرياء من الناس المسالمين وهم يؤدون صلاتهم، وكانت الحكومة صائبة حين دعت قيادة قاطع الشرطة المسؤول عن حماية الكنيسة للتحقيق معه فور وقوع الحادث.

ينبغي في "دولة قانون" معاقبة من يحرض على قتل وإرهاب الآخرين وإن كان أئمة مساجد، ومسؤولي دوائر الدولة والبرلمان العراقي. وفي دولة القانون، علينا أن نثقف منتسبي دوائرنا إن أهل البلد الأصلاء لا يعتبرون "جالية".

ليس لنا شك في مواقف السيد رئيس الوزراء نوري المالكي النبيلة من المسيحيين في رعايته وحمايته لهم، فهو أرفع من خطيب مسجد العشار وأسمى من ذلك المشهداني الذي ترأس مجلس النواب العراقي في غفلة من الزمن فيما لم يحصل في الانتخابات الأخيرة على ما يؤهله لعضوية البرلمان العراقي، واقدر من منتسبي رئاسة الوزارة، فمثلما تشمل رعايته كل أبناء العراق، ستكون رعايته خاصة للمسيحيين في محنتهم ومحنة العراق.

فنحن بحاجة إلى تنسيق بين سيادة رئيس الوزراء والمرجعية الدينية " مكتب السيد علي السيستاني" لغرض إصدار القرار والأمر بمنع وتحريم شراء بيوت وعقارات المسيحيين بأسعار بخسة أو منع وتحريم تهديد المسيحيين لغرض إرغامهم في بيع عقاراتهم ودورهم.

كما ونحن بحاجة إلى إصدار قرار سريع من مكتب السيد رئيس الوزراء يوقف فيه بيع وشراء عقارات المسيحيين في هذه الفترة العصيبة من تاريخ العراق. إن وضع المسيحيين المسالمين، ضعيف يشجع عصابات إرهابية على قتلهم وملاحقتهم وتهديدهم طمعا في أموالهم وأملاكهم، لغرض ترك بيوتهم ومصالحهم ليتسنى شراءها بأسعار بخسة، أو أن يتم السطو على أموالهم التي يقبضونها بعد بيع عقاراتهم. فتوجيه المرجعية مهم وضروري لمخاطبة الناس البسطاء لمنعهم من أرتكاب الأعمال السيئة بحق المسيحيين، وقرار تجميد بيع وشراء عقارات المسيحيين مطلوب في الوقت الراهن، فالعمل سوية مع توجيهات المرجعية، يبعد النية السيئة ضد المسيحيين، ويقلل الشر عنهم ولا يشجعهم على ترك بيوتهم ووطنهم العراق بسهولة ودمتم للعراق وشكرا.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن