من سيدفع الثمن

حافظ آل بشارة
hafizbshara@yahoo.com

2011 / 1 / 9

من سيدفع الثمن ؟ / حافظ آل بشارة
اصبح للوضع السياسي في العراق مايميزه كثيرا عن غيره من بلدان العالم ، فهناك حالة من التحسن السريع ثم الانهيار السريع في ظواهر عديدة ، المزاجية والتقلب والتغيير المفاجئ وعدم الثبات على حال وعدم القدرة على التنبؤ بالاحداث أو التنبؤ بشيء وحدوث شيء غيره صفة غالبة . الديمقراطية العراقية سريعة الايقاع وتسوط القوم سوط القدر فتجعل الاعلون اسافل والاسافل اعلون ، وتقدم وتؤخر في ضربات سريعة ، الديمقراطية تمنع الحكام من الالتصاق الى كراسيهم ، الا ان الحدث العراقي سجل تقلبات خاطفة لم تحصل في الانظمة الديمقراطية ، بعضهم يحظى بولايتين ليكمل ثماني سنوات ولكن البعض الآخر ينال ولاية واحدة والمغضوب عليهم ولايتهم اقصر (كلعقة الكلب انفه) وهو وصف امير المؤمنين (ع) خلافة مروان بن الحكم ، الرجل يتقلب وسط جيش جرار من رجال الحماية والسيارات المضللة وغدا يأتي لوحده خائفا يترقب لا حشم ولا خدم ولا اضواء ولا كامرات ، التقلب يشمل كل شيء فبينما الأمن قائم والاطفال يلعبون والعوائل تملا الحدائق والشوارع مفتوحة تقع المفاجئة كمزنة الربيع فتكفهر الوجوه وتغلق الطرق ويختفي الناس وتخلو الشوارع من المارة وتحزن الحدائق ثم تصحو على اكوام القمامة ، هنا يبدو كل شيء كاذبا ومزيفا وغير موثوق وغير مضمون وعرضة للزوال ، رجل محترم يتحدث عن مكانته ومشاريعه ويملا المكان بتصريحاته وحضوره لكنه يختفي فجأة ويتحول الى ذكرى لسبب بسيط وهو ان شهادته كانت مزورة فهو هارب من الخجل ولأنه مطلوب للقضاء ، ولكن هذا التقلب يأخذ طابعا مؤلما في المناطق الساخنة التي تعتبر حقول عمل متناوبة للارهاب والجريمة المنظمة ، ففي أحد أحياء بغداد كانت رسائل التهديد تصل الى الاهالي على خلفية طائفية ومنهم من هجر منزله ومنهم من اصر على البقاء وقد اصيب الفريقان بقلق شديد فهم يحسبون كل صيحة عليهم وكل اطلاقة باتجاههم ، ويعدون كل صوت قوي عبوة تنفجر ، حتى شنت الحملة الامنية في بغداد سنة 2007 فعاد الأمن واصبح الارهابيون بين معتقل وهارب فكان الناس بعدها يجددون عشرتهم القديمة ويؤكدون اخوانياتهم السابقة ، ولكن في هذه الايام عادت التهديدات السابقة تقض مضاجع بعض العوائل بالطريقة نفسها فيكتبون على ابواب منازلهم انهم مطلوبون ، عادت مشاعر القلق تفترس ابناء ذلك الحي وهم عائدون توا من التهجير القسري ، حالة التقلب السريع في الاحوال تضع حياة الناس على كف عفريت ، التأخر في تعيين الوزراء الأمنيين وعودة الابتزاز السياسي كلها عوامل تساعد على مضاعفة الاخطار وتدمير المنجزات السابقة وخسارة كل امتياز حققته القوات الأمنية والخسارة هنا ليست شيئا عابرا لانها تترجم الى دماء وتضحيات وجهود ووقت ومال ، مرة اخرى يستغيث الناس بمجلس النواب وهم كالمستغيث من الرمضاء بالنار يطالبونه بقول كلمته وليس لديه اي كلمة ، ضحايا الامس يدفعون الثمن مجددا ويواجهون الارهاب لوحدهم في قلب بغداد .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن