مشنقة للفن ام اغتيال للشعب ؟

حسن احمد مراد
hasanahmed2003@yahoo.com

2010 / 12 / 23

ترددت كثيرا في الخوض بهذا الموضوع الذي نزل كالصاعقة على كل من تأمل خيرا في المستقبل الذي سيؤول اليه العراق فحالي حال الكثيرين الذين تعرضوا الى تشويش ذهني واعلامي صرت تائها بين مصدق ومكذب ، فقد شاب الخبر الكثير من الغموض بين تاكيد ونفي واستنكار وعلى اكثر من صعيد ..فالفنان التشكيلي علي كاظم اكد خبر غلق القسم التشكيلي في معهد الفنون الجميلة في بغداد في 7/12/2010 ، وفي 14/12/ 2010 نفى عميد المعهد هذا الخبر نفيا قاطعا ، اما الناطق الاعلامي باسم وزارة التربية السيد وليد حسين فانه نفى ايضا منع تدريس الموسيقى والمسرح في معهد الفنون الجميلة وازالة التماثيل وقال عنها انها عار عن الصحة اما طلبة واساتذة المعهد فقد اكدوا في التقرير الذي اعدته قناة العربية الفضائية انه تم فعلا التوقف عن قبول الطلبة في تلك الاقسام وقد ابلغوا بذلك من قبل ادارة المعهد وقد تم ازالة التماثيل او احاطوها بسياج عال
ما استخلصته بالنتيجة انه تم التوقف فعلا عن قبول الطلبة في تلك الاقسام كخطوة تمهيدية لاغلاقها نهائيا .
وبصرف النظر عن الدوافع الكامنة وراء هذا القرار هل هي لاسباب دينية ام اسباب اخرى فان النتائج ستكون سلبية بشكل كبير وستولد افرازات لم تكن في حسبان الذين اصدروا او ساهموا في اصدار هذا القرار ، فهذا القرار الذي هو موجه في الظاهر ضد فئة من الشباب والشابات لمنع ممارسة واحدة من اكثر النشاطات الانسانية رقيا هو في الاساس يستهدف البنية الحضارية والفكرية للمجتمع العراقي من الشمال الى الجنوب ويعد صفعة قوية تطال وجه كل من يتجرأ النظر الى المستقبل بتفاؤل ، وهذا من المؤكد سيولد ردود افعال قوية ستظهر اثارها عاجلا او اجلا .
فاذا كان صناع القرار يرون في المثقفين وحملة الاقلام والفرشاة وعازفي الكمان والبيانو والكيتار اناس ضعفاء وفقا للمنطق السائد اليوم في العراق والذي يتمثل في الارهاب والعنف والقسوة والتفجيرات والعبوات اللاصقة ..الخ وعليه فانهم لايشكلون خطرا مباشرا على السلطة ، عليهم ايضا ان لاينسوا كذلك ان هؤلاء يعدون واحدا من اكثر الفئات حساسية ووعيا تجاه المجتمع وقضاياه وهم ليسوا بمعزولين عن العالم الخارجي ويملكون اكثر من وسيلة للضغط بالاتجاه الذي يرونه مناسبا ، فلو بدأو بحملة للمدافعة من اجل استرجاع حقوقهم عبر الاتصال بالمؤسسات والهيئات الدولية الانسانية والحقوقية العاملة في هذا المجال فمن المؤكد ان الحملة ستؤثر بشكل سلبي جدا على الحكومة العراقية التي ما انفكت تتغزل بالديمقراطية والحرية وتتفاخر كونها مختلفة تماما عن النظام السابق الذي كان يمثل اكثر انظمة الحكم وحشية في العالم الحديث وغدا رمزا من رموز القمع يستدل بوحشيته وظلمه وقمعه على مستوى العالم .ان الحكومة بل ان الدولة العراقية بكامل مؤسساتها السياسية والادارية والتشريعية والتشريفية والقضائية سيقعون في مازق لايحسدون عليه نهائيا وسيظهرون للعالم الخارجي الذي هم بامس الحاجة الى التعاون معه من اجل الاستمرار في عملية البناء والتنمية بشكل بشع اشبه بانظمة الحكم التي حكمت الامم والشعوب بالنار والحديد على مر التاريخ . وعليه من الاجدر بالحكومة ( حسب اعتقادي) ان تتراجع عن قرارها الغريب والا فان المضي في تنفيذه لايكون بمثابة وضع حبل المشنقة حول رقبة الفن فقط بل سيتعدى ذلك ليصبح قرارا باغتيال الشعب



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن