المناهج التربوية الهوياتية

بودريس درهمان
OURIBLI@HOTMAIL.COM

2010 / 10 / 4

المناهج التربوية الهوياتية هي مناهج كلفتها عالية على مستوى الاستثمار المالي و مردوديتها المالية ضئيلة جدا. اعتماد هذه المناهج الهوياتية بداخل المنظومات التربوية يكلف الدول سنويا نسبة مهمة من الميزانيات المرصودة لقطاع التربية و التكوين و المملكة المغربية هي واحدة من هذه الدول التي يتفاعل فيها السياسيون مع الأطر العلمية التقنية العليا من أجل استمرارية اعتماد هذه المناهج الهوياتية و يتم التشبث بهذه المناهج الهوياتية رغم انها هي السبب الرئيسي في وجود ظاهرة غريبة بداخل المجتمع المغربي و هذه الظاهرة تتعلق بأصحاب الشواهد العليا الذين لا يستطيعون الاندماج في سوق العمل المحلي لسبب بسيط هو أنهم إنتاج لتلك المناهج الهوياتية التي تغلب كفة التراث الماضوي على كفة التقنيات و العلوم و استكشاف الواقع المحلي
تقليص ساعة أو ساعتين من الحصص الأسبوعية المخصصة للمواد التراثية على مستوى التعليم الابتدائي مثلا قد سيساهم في تقليص الكلفة المالية المرصودة لهذا المستوى من التعليم إلى حدود حوالي الخمس من ميزانية هذا المستوى من التعليم. تتحدد مظاهر هذا التقليص في ادخار نسبة مهمة من الأساتذة الذين يقومون بتدريس المواد التراثية و إعادة تأهيلهم و تكليفهم بتدريس المواد ذات الارتباط الوطيد بالحياة العصرية و مشاكل الدول و المجتمعات الحديثة. لفهم مدلول هذا الرأي يكفي مقارنة الكفايات المعتمدة بداخل مجموعة من الدول المتقدمة على المستوى التكنولوجي و على المستوى الحقوقي و الاقتصادي مع الكفايات المعتمدة بداخل المناهج التربوية المرتكنة إلى التراث بل و يمكن الرجوع الى السلع و المصنعات التي يستهلكها المواطنون يوميا فهذه السلع و المصنعات المواد التراثية المدرسة غير قادرة بتاتا على الإحاطة بها علميا وشرحها للمستهلكين و المستعملين.
سوق السلع و سوق المواد الغذائية و المواد الطبية لا تستطيع المواد التراثية المدرسة بالتعليم الابتدائي المغربي تأهيل الأطفال تأهيلا تقنيا لكي يستطيعوا في المستقبل حينما يكونوا راشدين و مكتملي النمو العقلي و الفيزيولوجي فهم كيفية استهلاك هذه المواد و فهم كيفية تفادي مخاطر بعضها.
في قرار لوزير الفلاحة المغربي صدر في الجريدة الرسمية ليوم 11 غشت 2010:
" تعفى المنتجات المستوردة أو الموجهة إلى فئة خاصة من الزبناء المصنعة محليا من استعمال اللغة العربية في عنونتها"
تتحدد هذه المنتوجات كالأتي:
• "المنتجات المستعملة كمواد أولية موجهة للتحويل ا و لإعادة التوظيب
• المنتجات الغذائية و المشروبات الموجهة لتغذية خاصة
• المكملات الغذائية
• المنتجات الموجهة الى التظاهرات الرياضية او الثقافي او التجارية قصد الترويج لها خلال فترة التظاهرة
• المنتجات الغذائية المستوردة قصد التبرع بها"
الهوياتيون الذين يطلعون لأول مرة على هذا القرار و هم كثيرون جدا بداخل المملكة المغربية و ممثليهم بداخل المؤسسات البرلمانية و الاستشارية هم المهيمنون و هم المشكلون للأغلبية المطلقة و هم الذين ساهموا بداخل اللجان البرلمانية التقنية في مناقشة و صياغة هذا القرار و قاموا بالتصويت عليه وتبنيه إلى حدود صدوره في الجريدة الرسمية يوم 11 غشت 2010 ...هؤلاء الهوياتيون، حينما سيطلعون لأول مرة على هذا القرار سيعتبرونه مؤامرة ضد قيمهم التراثية و يضرب في العمق أداة تعبيرهم الرئيسية التي هي اللغة العربية لأن هذا القرار يحول دون استعمالها في التعبير و تقديم عناوين المواد المستهلكة و الأنشطة المسرودة أعلاه؛ لكن هؤلاء الهوياتيون الماضويون، لا يكلفون أنفسهم عناء مساءلة لماذا لغتهم بالضبط، الحاملة لتراثهم قاصرة جدا عن التعبير و تقديم عناوين المواد الغذائية. لو تساءلوا مثل هذا السؤال لاهتدوا لا محالة في آخر مطاف تحليلهم، إلى فهم شيء مهم اسمه المناهج التربوية المعتمدة من طرف نظامهم التربوي، والمغلبة لكفة التراث على كفة محاولة تكييف هذه اللغة مع متطلبات السوق و متطلبات قيم الاستهلاك.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن