الى الأحزاب العراقية : الى متى ..الى متى ؟؟

عبد الرزاق السويراوي
alswerawy@yahoo.com

2010 / 8 / 24

منذ الإعلان عن نتائج الإنتخابات التشريعية ولحد كتابة هذه السطور , لا نجد في وسائل إعلامنا , المقروءة والمسموعة والمرئية , غير التصريحات التي تعمل على مدار الساعة والصادرة من الاحزاب السياسية على لسان أعضائها , المخوّل منهم وغير المخول , وأخطر ما في هذه التصريحات , هو فقدان الرؤية المتبلورة للواقع العراقي الراهن وما يحمله من إحتمالات لوقوع ما نعرفه أولا نعرفه , وتأثير ذلك على مجمل الأوضاع العامة السائدة حاليا في العراق , كل ذلك , تقع مسؤوليته على عاتق الاحزاب السياسية الفاعلة , وهذا القول لا يعفي بطبيعة الحال مسؤولية الشعب العراقي في الأشتراك بدرجة أو بأخرى في تردي الأوضاع , والوقوف عند النقطة الاخيرة ربما سيتم تناوله في حديث آخر.
وأمّا عن التصريحات التي نوّهت عن خطورتها , فبإعتقادي أنني أستطيع أنْ أسمح لنفسي بتسمية هذه التصريحات بأنها ثقافة حرب الشعارات , وهي حرب حقيقية أشعلتها الأحزاب فيما بينها وأسْتدرجتْ فيها بعض الشرائح الاجتماعية لتزجّ بها في أتون محرقتها , وهذه الشرائح التي تجد نفسها بين محنة الولاء لهذا الحزب أو ذاك , ليس جهلا منها بالطبع , بقدر ما هو ركض وراء سراب من التطلعات والاماني المرتسمة في ذهن هذه الشرائح البسيطة علّها تتحول بقدرة قادر الى معطيات حقيقية على ارض الواقع العراقي , ولكن المفارقة الكبيرة , وأقولها بكل ثقة , أنّ معظم هذه الشرائح المظلومة ,هي مقتنعة تماما , بأنْ لا شيء من إحلامهم وتطلعاتهم هذه , سيتحقق في ظل الأوضاع الراهنة . لماذا ؟ هل هو يأس من قدرات الاحزاب وعدم تمكنها من تلبية طموحات الشعب العراقي المظلوم ؟ أقول وبأسف بل وبمرارة , أنّ الإجابة نعم . أنا لا أتجنى على أيّ حزب سياسي عراقي , ولكني أحيل الى متابعة ما أسميته بحرب الشعارات وعبر كل وسائل الإعلام بل عبر معطيات الواقع العراقي نفسه , هل تجد لدى هذه الأحزاب , برنامجا واضحا يرسم أفقاً ولو بسيطا , عن البحث الجاد وليس الشعاراتي , عن ستراتيجية حقيقية وطموحة لتغيير الواقع العراقي البائس مع توفر كل مستلزمات التغيير والبناء , ثروة وبشرا وارضا , قارن بين قوة الحماس في تصريحات السياسيين حول التنازع على مراكز السلطة , وبين الإهمال شبه التام حين يتعلق الامر بالمتطلبات الملحّة التي يبحث عنها الفرد العراقي فلا يجد غير حرب الشعارات , تحالفات وحوارات تجري بين كتلة واخرى وتجري بموازاتها تصريحات تقرّبُ الأبعد ,وتبعد الأقرب , فتضعه بمتناول أيدي الناس ولكن .... تمضي أيام وإذا بهذا التحالف يسلك جادة أخرى تقف على النقيض مع ما قبلها وحرب الشعارات والتصريحات تتغير بزاوية حادة أحدّ من حرارة صيفنا اللاهب , وهكذا منذ السابع من آذار الماضي ولحد الآن , ولمناسبة مرورنا بموضوع صيف العراق اللاهب , قرأتُ في أكثر من مصدر إعلامي , عراقي وعربي , بأنّ أكثر من 300 برلماني عراقيمن الدورة الجديدة , قضوا شهر تموز خارج العراق , البعض إعتبر مثل هذا السفر للبرلمانيين خارج العراق هو نوع من عدم الإهتمام بقضايا العراق وما أكثرها , أمّا أنا فلا أرى الأمر بهذه الصورة , وإنّما سفر إخوتنا البرلمانيين خارج العراق ليس هربا من الحرارة اللاهبة وإنما الهدف منه , هو توفير الأجواء الملائمة في الأماكن السياحية خارج العراق , لكي تساعدهم في التفكير بقضايا العراق والوصول الى وضع المعالجات الناجعة لها على إعتبار أنّ الأجواء اللطيفة هناك تمنح الإنسان نوعا من النشاط الذهني الوقاد والذي هو معدوم بالتأكيد عندنا في العراق الذي ربما تجاوزت الحرارة فيه نصف درجة الغليان , وأخشى ما أخشاه هو أنْ تكتمل درجة الغليان , عندها نسأل الله أنْ يجنّب الجميع من الغليان وآثاره .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن