أنا والديمقراطية عَدوّانِ الى يوم القيامة !!

عبد الرزاق السويراوي
alswerawy@yahoo.com

2010 / 8 / 5

كل المؤشرات التي تساهم الآن في رسم الخارطة السياسية لعراق ما بعد 2003 , تؤسس لمرحلة غاية في الخطورة والحساسية بحيث تضعنا بمواجهة خيارين لا ثالث لهما , أمّا أنْ نكون , أو لا نكون , وهذان الخياران يختزلان مرحلة تحوي من الإرهاصات الخطيرة التي تتعلق بالمستقبل العراقي فتعود بنا كيفما كانت قراءتنا لها الى الخيارين المذكورين : إمّا أنْ نكون أ و لا نكون . وهما عنوانان فضفاضان يرتبطان أولاّ وأخيرا , بالعامل السياسي قبل غيره من العوامل الأخرى , وهنا مكمن الصعوبة في وضع اليد على الملامح العامة لمسار العملية السياسية في العراق , آنيّاً ومستقبلا , لآنّ من أبرز ما يتسم به العامل السياسي , هو عدم إنتظام مساره وتقلّبه المستمرتبعاً لإشتراطات زمانية ومكانية مرتبطة بدورها بمجموعة من الرؤى المتباينة التي يتبنّاها السياسيون ذوو النفوذ الواسع في رسم البرنامج السياسي العام للدولة , والذين إحتلوا هذه المراكز السياسية القيادية نتيجة لإفرازات واقع معين لسنا بصدد التعرض لمشروعيته أو عدمها , ولكن ما يهمنا هنا , هو هذا الخليط العجيب من الرؤى السياسية المختلفة لهؤلاء السياسيين والتي تتقاطع في معظم الأحيان مع بعضها وبما يوسع فجوة الخلاف بينهما بوتيرة تتصاعد سلباً . , بحيث بات المواطن العراقي يستشعر بأن هذا الخطاب السياسي المتنافر لهذا الطرف أو ذاك , أصبح بعيداً بعض الشيء , ليس عن المتطلبات الضرورية التي تمليها أو تفرضها مرحلة التغيير نحو الأحسن في عراق تحسده كل شعوب العالم على ما يمتلكه من ثروات طائلة لا تقتصر على البترول فقط , وإنما أُصيبَ المواطن العراقي , بحالة من الإحباط بات فيها يمقت كل الشعارات والوعود , بما في ذلك , مخيال المفهوم الديمقراطي الذي نادت به هذه الأحزاب ومن قبلها ما نظّرتْ له قوى الإحتلال الأمريكي من أنّ العراق سيكون إنموذجاً فريدا من نوعه في منطقة الشرق الأوسط , وها هو الشعب العراقي ووفقاً لكل معطيات الحاضر يعيش مرارة هذه الديمقراطية الموعودة .
نحن لا نريد الإنتقاص من سياسيينا , ولا ننكر ما تحقق من هامش للحرية والتعبيرعن الرأي بما لا يصحّ مقارنته بمرحلة سلطة البعث , ولكننا نعيب على بعض الأطراف السياسية طريقة رؤيتها المشوشة وغير الواضحة بل والملتوية أحياناً , في رسم الاطر العامة لدولة مؤسسات ترتكز في آليات عملها على نظام دستوري يتساوى امامه الجميع ليمنع الاجتهادات والتجاوزات التي يستغلها هذا المسؤول أو ذاك على حساب المصالح العامة . وما الأزمة السياسية الخانقة التي يعيشها العراق الآن , والتي هي بالاساس أزمة يتحملها السياسيون جميعا دون إستثناء , إلاّ دليل على ما أوردناه , فالقادة الكبار مع الأسف الشديد لم تبلغ عندهم درجة الإيثار لمصلحة العراق لكي تساعد في حلحلة الأزمة المتمثلة بعدم التنازل عن المناصب العليا وتحديدا منصب رئاسة الحكومة الذي يمثّل العقبة الكأداء في طريق حل الأزمة .لقد شبعنا حد التخمة من أخبار الحوارات الجارية بين الكتل السياسية وبين الحين والآخر تلوح لنا في الإفق بشائر التوصل الى تفاهمات بين بعض الأطراف بشأن تشكيل الحكومة , ولكنها بشائر هي أشبه ببالونات سرعان ما تنفجر في سماء الإصرار على تمسك الكتل المتحاورة بعدم التنازل عن مرشحها لمنصب رئاسة الحكومة , فإذا كان هذا المنصب يمثل خطا أحمر لا يمكن التجاسر على تجاوزه , إذن ما الفائدة من هذه الحوارات ما دامت القضية الرئيسية , أقصد منصب رئاسة الحكومة , لم يحنْ بعد خوض النقاش فيه . ثلاثة أو أربعة أو أكثر من القادة السياسيين ليسوا على إستعداد للتخلي عن هذا المنصب , كيف ستُحلّ هذه العقدة إذنْ ؟ لا أريد الوقوف أكثر عند هذه العقدة المستعصية , ولكني أوجه هذا السؤال لأحزابنا السياسية , كيف سيكون الحال عليه في الإنتخابات المقبلة ؟ هل سيكون الإقبال على الإقتراع من قبل الناخب العراقي بمستوى ينسجم مع فرضية التوجه الديمقراطي المنشود ؟ أمْ أنّ المواطن العراقي سيتبنّى أيّ خيار يتاح أمامه إلاّ خيار الممارسة الديمقراطية التي لم يحصل من ثمارها غير البطالة ورداءة الخدمات العامة وعدم إستقرار الحالة الأمنية وإستشراء الفساد الإداري والمالي وووو , وأنا كمواطن عراقي أقول إذا كانت الديمقراطية هكذا , فأنا والديمقراطية عدوّان الى يوم القيامة .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن