يوميات سكين ( الحلقة الثانية )

باسم محمد حبيب
basim02@gmail.com

2010 / 7 / 21

استبشرت بعودة صاحب المحل فلففت سكيني بقطعة قماش وأخذتها إليه رمقني الرجل بنظرة شك فهو يذكر بالتأكيد ما جرى بيننا في المرة السابقة لكنه بدا مستعدا لسماعي :

أتيت بالسكين
السكين !
ثم أخرجتها من اللفافة فتأملها الرجل مليا وقال :
لم أرى هذه السكين من قبل
أثارتني كلماته فهو يحاول أن يتملص من مسؤوليته بشان السكين فصرخت بوجهه :
اسمع يا هذا : سأحملك مسؤولية كل ما يجري لي
وماذا يجري لك ؟
لقد أبلغتك أن سكينك تسبب لي الكوابيس أنسيت هذا أيضا
متى كان هذا ؟
قبل أربعة أيام
لا اذكر
بل تذكر ولكنك تخاتل
انك تبحث عن المشاكل
ستكون مشكلتك كبيرة أن بقيت تتجاهل مشكلتي
ثم تركته وذهبت إلى البيت أبلغت زوجتي بأنني سأبحث عن حلول عشائرية لمشكلة السكين وبدلا من أن تؤيد قراري وجدتها تبحث عن أعذار لصاحب المحل :
لا تعطي المسالة حجما اكبر من حجمها

وما شان الرجل بما يحصل لك
أليس هو من باعني تلك السكين المشؤومة
صمتت المرأة ولم تنبس ببنت شفة ومن فوري استقليت سيارة وذهبت إلى بيت أخي في المدينة المجاورة وجدته كالعادة منشغلا بالعمل تفاجأ بحضوري مستفسرا أن كانت هناك مشكلة ما :
نعم هناك مشكلة
بدت عليه علائم الاضطراب لكنه تمالك نفسه
ما هي ؟
وقصصت عليه قصة السكين ثم أردفت :
أليس لي حق على ذلك الرجل ؟
أي حق ؟
ماذا تعني الم تسبب لي سكينه الكوابيس
ماذا ؟ .. سكينه !
هالني موقفه المتخاذل فأردت أن أوبخه إلا أنني اكتفيت بإعلامه بان عليه أن يأتي معي لمقابلة شيخ العشيرة فما يحصل لي يحتاج أن يناقش مع العشيرة فلابد أن يكون لهذه السكين سر ما وان هذا الرجل هو مفتاح هذا السر وبينما كنت انتظر أخي لأجل الذهاب إلى الشيخ انتابتني غفوة قصيرة حيث وجدت نفسي بين زمرة الذباحين هذه المرة كنت اجلس معهم استمع لحديث القيادي الجالس في منتصف الجلسة وهو يدعوا إلى غسل العار بالدم والقضاء على المنحرفين وفي وسط الجمع يجلس فتى في الثامنة عشر من العمر وهو منحني الرأس وموثق اليدين والرجلين وقد وضعت عصابة على عينيه وهو لا يكاد يتحرك من شدة الخوف قال الرجل القيادي وقد رمق الجالسين بنظرة تحدي :
من يذبح هذا المارق وله الجنة
رفع البعض يديه استعدادا للقيام بذلك لكنه تجاهلهم واخذ ينظر إلي ثم أردف :
بارك الله بكم انتم في الجنة إنشاء الله ولكن نريد أن يفوز آخرون بما فزتم به
ثم وجه كلامه إلي :
هل أنت مستعد ؟
انتابني رعب كبير من هذا الأمر فانا لم اذبح دجاجة فكيف لي بذبح رجل مثلي بلحمه وشحمه فصمت برهة فصرخ احدهم :
كن شجاعا فلن يحتاج الأمر منك إلا إلى جر سكين هكذا
واوما بيده بحركة الذبح
لست خائفا يا سيدي ولكني غير مستعد
لا تتذرع بهذه الأشياء من الحماقة أن ترفض هذا الشرف فكثيرون هنا يغبطونك لأنك ستفوز فوزا عظيما
همس احدهم في أذني :
ليس الجنة كل ما تحصل عليه سيزوجونك من فتاة جميلة ويرقونك إلى رتبة أعلى وستكون من المحضوضين .
في هذه اللحظة قام احد الحاضرين وقال :
دعوني احضى بهذا الشرف فاني تواق لتنفيذ القصاص العادل بهذا المارق
همس الرجل مرة أخرى :
لا تفقد فرصتك ستخسر كل شيء وستكون موضع سخرية الآخرين وتندرهم
هنا احترت بين أن ارفض عرضهم فاخسر فرصتي وأكون موضع تندر الآخرين وبين أن أمارس هذا الفعل الذي لا تستطيبه نفسي وبينما كنت أفكر بيني وبين نفسي سمعتهم يرددون الله اكبر الله اكبر ثم أنهضني احدهم وتقدم بي إلى الفتى الموثق وأعطاني السكين أمسكت السكين بيد مرتعشة وأنا أصوب نظري نحو الفتى الذي اخذ يصرخ بصوت عال :
ارجوكم لا أريد أن أموت أنا بلا أب ولا أم
زاد صراخه من ارتباكي وأصبحت لا أقوى على الوقوف ااقتل فتى صغيرا ليس له أب أو أم نظرت إلى القيادي بعينين منكسرتين عساه يرفق بي ويخلصني من هذه المحنة لكن القيادي واجهني بنظرات حادة صارمة قال احدهم
لا يغرنك بكاءه فهذا لا يخلصه من حكم الشرع فيه
أخر قال :
والشرع لا يفرق بين اليتيم وغير اليتيم فالمارق مارق مهما اختلفت الظروف
تقدمت حتى بلغت الفتى الموثق أمسكته من شعره ووضعت النصل على عنقه وهو يصرخ
أمي أنقذيني أبي أنقذني
تكلمت مع نفسي ماذا سأقول لامه وأبيه بعد أن يجمعني الله وإياهم يوم القيامة هل هم مارقون مثله فلا يستجيب الله لهم أم لهم الحق في محاسبتي حالهم حال كل أب وأم زاد صراخ الفتى واخذ جسده يتحرك يمينا وشمالا ومعه تعالت صيحات الجماعة وبينما كنت أواجه هذا الموقف الصعب وأعيش تلك اللحظات المرعبة سمعت صوت أخي الذي أنهى محنتي وخلصني من تلك اللحظة الفضيعة .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن