الطريقة الأمثل لحل الأزمة السياسية في العراق

خليل الفائزي
alfaezi@yahoo.com

2010 / 7 / 16

‏15‏/07‏/2010

لعناية المواطنين و المسئولين
الطريقة الأمثل لحل الأزمة السياسية في العراق
* بقلم خليل الفائزي
لا بوادر انفراج للازمة السياسية في العراق تلوح في الأفق القريب بالرغم من إجراء الانتخابات البرلمانية و انتهاء فترة حكومة السيد نوري المالكي و تحولها قانونيا الى حكومة تصريف أعمال و إصرارها البقاء في السلطة التنفيذية بقوة التحالفات الطائفية دون تقديمها للأسف لاي حلول أساسية و مقبولة لأزمات الأمن و الكهرباء و الماء و البطالة و الغلاء و المحسوبية و الأهم من كل ذلك عدم تمكنها حتى الان من قطع او تجفيف جذور الإرهاب او التصدي بجدية لعمليات التفجيرات الوحشية و الاغتيالات السياسية و الطائفية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية و المعادية للدين و الإنسانية التي لا هدف لها سوى قتل المزيد من المواطنين و إرعابهم كل يوم. و لسنا هنا بصدد انتقاد حكومة المالكي عشوائيا او نشر مساؤها و إخفاء محاسن سلوك الشرفاء من المسئولين المدنيين و الأمنيين و العسكريين و لا ننوي بتاتا الدفاع عن زعماء الكتل السياسية الأخرى من الذين هم بالتأكيد و لا نستثنى أحدا ـ جميعا في الهوى سوى ـ ذلك ان 90 بالمئة من هؤلاء بكل صراحة و دون مجاملة يدافعون عن مصالح الدول التي تدعمهم الان او تلك الدول التي احتوتهم في السابق و منحتهم مزايا و هويات و جوازات سفر دبلوماسية، لكننا و إياهم نريد التحاور إعلاميا و البحث معا عن مخرج واقعي و عملي لإنهاء هذه الأزمة السياسية و جعل البلاد خاضعة لبنود الدستور و ان يكون القانون فوق الجميع و ليس العكس. و الحقيقة ان العراق اليوم و بسبب وضع العهد الجديد الذي نشهده بعد سقوط النظام السابق و ما رافق هذا الوضع من احتلال رسمي و مكرس و شامل و حصول المواطنين في الوقت ذاته على حريات شبه واقعية للتعبير عما يجول في أنفسهم بعد حقبة من الكبت و القمع و الاستبداد امتدت لعدة عقود. و كما يقال فان لكل حرية ثمن نركز هنا على موضوع الأزمة السياسية الراهنة و نتساءل يا ترى ما هي الطرق و السبل الأمثل لحلها و احتوائها خاصة و ان هناك الكثير من الأمور و الحقائق التي لابد من الإشارة إليها قبل كل شئ و هي:
ـ ان زعماء القوى السياسية و الفائزين في الانتخابات النيابية الأخيرة سمحوا عن قصد و عمد تدويل الوضع السياسي في العراق و جعلوا مصير الأوضاع السياسية يتقرر ليس في داخل العراق بل في عواصم دول المنطقة و العالم و يفتخر الكثير من السياسيين العراقيين بارتباطهم بهذه الدولة او تبعيتهم الى ذلك البلد و انهم يتحدثون بلغة تلك البلدان افضل من تحدثهم حتى باللهجة العراقية التي نحن نعتز بها، و قطعا اننا لا نطالب هؤلاء بقطع (تبعية) او (ارتباط) المسئولين و السياسيين بالدول و الأطراف المعنية و المتدخلة قسرا و بهتانا في شئون العراق لكننا نؤكد ضرورة عدم ترجيح مصالح و سياسات تلك الدول على مصلحة العراق و العراقيين و يجب ان تكون علاقات المسئولين و السياسيين مع الدول الأخرى بحدود بنود الدستور و في إطار الحس الوطني و الدفاع عن مصالح الجماهير أولا و أخيرا. و من البديهي التذكير هنا انه لا توجد دولة في لعالم ترجح مصالح العراق على مصالحها مهما كانت هذه الدولة تطرح مزاعم و ادعاءات جوفاء بالدفاع عن العراقيين سياسيا او قوميا او طائفيا.
ـ من المؤسف ان ليس هناك اي مسئول او سياسي عراقي قد أخذ الدروس و العبر من وزراء و مسئولي دول أوروبية من الذين نسمع عنهم انهم قدموا استقالاتهم فور حدوث انفجار مفرقعات صوتية في مكان عام او قطع عدة أشجار في منتزه او غابة بشكل غير قانوني أساء للبيئة او خنق بطة او كسر جناح طير في البرية على يد تلميذ مدرسة او عابر سبيل. فجميع المسئولين السابقين و الحاليين و المرشحين لاحقا لمناصب حكومية لم و لا تهتز مشاعرهم الانفجارات الدموية الهائلة و لا يذرفون دمعة حزن واقعية على الأبرياء الذين يتم اغتيالهم بالمئات يوميا و لا يتأثرون قيد أنملة بسبب الانفلات الأمني و الانقطاع المستمر للكهرباء و الماء وتلوث البيئة و الأغذية المسمومة و الأطعمة الفاسدة و المستوردات المنتهية صلاحيتها و عدم التوزيع العادل للموارد و العائدات و ضياع حقوق معظم المواطنين و تفشي البطالة و الرشوة و المحسوبية و تدني حالات الإنسانية و المسئولية و الخدماتية و المشاعر الوطنية و الدينية الى ما دون الصفر، و لذلك من المستبعد جدا إقناع اي من مسئولي الجهات الرسمية و الأحزاب السياسية إخلاء الساحة للطرف المقابل حتى و ان كان مؤهلا و جديرا بثقة المواطنين، و حتى الذين أصيبوا بالانتفاخ و التخمة من الرشوة و السمسرة المالية لا يريدون التنحي جانبا عن اللعبة السياسية ذات الأرباح و المزايا الهائلة بل سيقولون و بكل صلافة: هل من مزيد!.
ـ إضافة الى ذلك ، فاننا لو كنا نعيش في ظروف كما كانت سائدة قبل 4 او 5 عقود خلت، لرضينا بوضع هياكل مسئولي الأحزاب السياسية او صورهم في (فرارة الحظ يا نصيب التي كنا نراها في الأعياد) و التي كانت رائجة في السابق و لطلبنا من صاحب (الفرارة) ان يفرها بيده سريعا ليقف بعدها السهم ذات الخيط المتدلي على صورة هذا المسئول او ذاك ليعلنه رابحا في اللعبة السياسية المزعومة و تنتهي الأزمة السياسية الراهنة بهذه بساطة!.
ـ طبعا ان الوضع السياسي في العراق الآن ليس كما الوضع السياسي في بلدان عربية نفطية ليتم اختيار كافة المسئولين و الحاكمين أسريا وكل عائلة من الطفل الرضيع و حتى الطاعن في السن و الممدد في القبر يتحكم بمصير عباد الله كيفما يشاء. و ليس العراق كالبلدان التي يتم فيها تزوير الانتخابات و يتم استبدال مكان الرابح بمكان المنهزم في الانتخابات علانية و دون خجل من رأي الشعب!.و ليس العراق كبلدان في شمال أفريقيا حيث يحكم رئيس الجمهورية نعم الجمهورية! ما دام العمر و دون انتخابات نزيهة و يجعل مصير بلده بتصرف أولاد أولاده و أحفاد أحفاده!. و ليس العراق ايضا كبلد مثل سويسرا ليتغير فيها جميع المسئولين خلال عام واحد و لا يحق لهم البقاء طويلا في سدة الحكم خشية من استغلال المال العام و الاستبداد في الحكم.
و نظرا للوضع الاستثنائي للعراق حاليا فاننا نطرح مجبرون هذا الاقتراح الوحيد و المتبقي لإنقاذ العراق و حل و لو جزء من معضلاته و أزماته السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الأمنية و العسكرية، و هو ان ينزل العراقيون من شماله الى جنوبه و من شرقه الى غربه و بصوت واحد و في مسيرات سلمية حاشدة يرفعون فيها شعارات تطالب المجتمع الدولي (الأمم المتحدة) باعتبارها الجهة الوحيدة المتبقية و المقبولة حاليا بين العراقيين لابطال كافة الاتفاقات الطائفية و التقسيمات السياسية السابقة و الإشراف في غضون شهر او اثنين على انتخابات عامة و نزيهة لاختيار رئيس جمهورية و رئيس وزراء و أعضاء البرلمان العراقي دون قيود طائفية و دون انتماءات سياسية خاصة لإنهاء المهزلة السياسية و الطائفية و القومية التي فرضتها أمريكا و حلفاؤها المحتلون على ان يكون منصب رئاسة الجمهورية حكرا على الأكراد و منصب رئاسة الوزراء للشيعة و رئاسة البرلمان للسنة و ان تنهب الأحزاب و الطوائف النفط و خيرات البلاد كيفما تأمر و تشاء.
صدقوا ان مهزلة تقاسم المناصب حسب قدرة الطوائف و القوميات و المذاهب هي أسوء من وجود الاحتلال الأمريكي و تدخلات دول الجوار و هي أساس كافة الأزمات الراهنة في العراق. و عليه لابد ان يطالب العراقيون الشرفاء كافة المسئولين و الحزبيين الذين سيتم اختارهم او تعيينهم للمناصب الحكومية مستقبلا بضرورة حل أزمة الأمن الداخلي و معضلة الكهرباء و البطالة و الماء و الغلاء و المعيشة و سائر الأزمات الأخرى حتى البسيطة و الهامشية منها في فترة لا تتجاوز عام واحد كحد أقصى من استلام المنصب و المسئولية و الا فان الشعب و عبر البرلمان المنتخب له الحق الكامل بإقالة كافة المسئولين غير الأكفاء و غير الجديرين بالثقة و مطالبتهم بالكشف عن مصير مليارات دولار من عائدات النفط دون إنفاقها بشكل مقبول على حل الأزمات المعيشية و الإنمائية. و ان يتعهد المسئولون الجدد بالجهر علانية بعدم ارتباطهم او تبعيتهم او حتى تنسيقهم و تعاطفهم السياسي مع اي دولة في المنطقة و العالم لانه و كما أكدنا في السابق ان العراق كان و سيظل دوما بلدا حرا و مستقلا و ذات سيادة وطنية و لا وصاية لاي دولة على العراق مهما كانت الظروف و المبررات.
قطعا ان ناهبي أموال و حقوق العراقيين و حدهم سوف سيتمسكون بنظام التقسيم الطائفي للسلطات الثلاث و نظام التبعية للدول الاخرى لانهم يرون فيهما مبررا سياسيا و إعلاميا لحجب فشلهم و التغطية على عدم جدارتهم بالمسئولية من خلال إلقاء الذرائع و الأخطاء على هذه الجهة السياسية او تلك الجماعة الطائفية في اطار الحرب الإعلامية الغوغائية بين الأحزاب السياسية و الجماعات الطائفية. و من المؤكد ان التمسك بالسلطة و الإصرار على المضي بالسلوك الخاطئ من جانب اي مسئول او حزب سياسي او جهة طائفية دون القبول برأي أكثرية الشعب سيعني استمرار الأزمات الراهنة و سيكشف للجميع ان هذه الجهات و الأحزاب ترجح مصالحها الشخصية و الطائفية و الفئوية و المادية على المصالح العامة للوطن و المواطنين و انها كانت و ستظل شريكة مباشرة في تأزيم الأوضاع السياسية و إذلال الشعب أمنيا و اجتماعيا و تبرير استمرار المعضلات المعيشية و تكريس الاحتلال و دعم نشاط الإرهابيين قتلة المواطنين بشكل غير مباشر.

* كاتب و إعلامي مستقل


Email:
Sky77angels@yahoo.com



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن