تحقيق التطوير الإقتصادي من خلال وجود قاعدة صناعية وبرنامج إقتصادي منظم أولاً

قاسم محمد علي
kasim-delovan@live.dk

2010 / 7 / 10

إنعقد في لندن في 15 حزيران من هذا العام المؤتمر الإقتصادي الدولي الذي نظمته حكومة إقليم كوردستان بالتعاون مع الحكومة البريطانية بهدف دعم وتطوير الاقتصاد الكوردستاني وتشجيع حركة الاستثمار فيها.

هدف المؤتمر وطموح حكومة الإقليم في المجال الإقتصادي مبارك جداً، لكن الركيزة الأساسية للتطوير الإقتصادي والنهوض بالحركة الإقتصادية هي قبل كل شيْ توفير الأرضية المناسبة لبناء القاعدة الأقتصادية والمؤسسات الصناعية في الإقليم. وبالتالي يتوجب على حكومة الإقليم والقيادة السياسية الكوردستانية والقوى الرئيسية الحاكمة العمل أولاً من أجل

1- وضع القاعدة الأساسية للبناء الإقتصادي في الإقليم عن طريق بناء المؤسسات الإقتصادية والدعم الحقيقي للقطاع الزراعي من خلال إيصال الماء والكهرباء الى القرى والمدن وإعمار القرى وتبليط الطرق وبناء المدارس والمستشفيات وجميع مستلزمات الحياة في القرى وتشجيع الفلاحين ودعمهم من أجل النهوض بالقطاع الزراعي.

2- بناء القطاع الصناعي في الإقليم عن طريق بناء المعامل والمصانع وتأهيل الكوادر العلمية والفنية والمهنية لصيانة المعامل والمصانع وإدارتها وتطويرها. هذا العمل يساهم أيضاً على تحريرالمواطن الكوردستاني من التبعية الإقتصادية للقوى الرئيسية الحاكمة.

3- تشجيع القطاع الخاص وتقديم كل أنواع التسهيلات لهم من أجل الأستثمار، ومنع أولئك من المسؤولين الحزبيين والحكوميين وأصحاب القرار، بوضع العراقيل أمام المستثمرين، بهدف الحصول على نسبة مالية كبيرة من مشاريع الإستثمار، وتقديمهم للقضاء وإبعادهم من مواقعهم الحزبية والحكومية.

تشجيع الشركات الأجنبية للإستثمار في إقليم كوردستان خطوة مباركة كما ذكرنا سالفاً، لكن الإشكالية تكمن في أن القوى الرئيسية الحاكمة، بعد سقوط النظام البائد عام 2003 والى يومنا هذا، إفتقدت الى برنامج إقتصادي عملي لبناء قاعدة صناعية في الإقليم، وفي المقابل إنشغلت هذه القوى طوال هذه السنين على تقوية أجهزتها العسكرية والأستخباراتية، على حساب المصالح الوطنية والقومية.

لايمكن أبداً تحقيق التطوير الإقتصادي في الإقليم من دون وجود برنامج إقتصادي منظم وخطة أقتصادية عملية لتحويل المجتمع الكوردستاني الى مجتمع إنتاجي، وكخطوة أولى القيام ببناء المعامل والمصانع الإنتاجية الصغيرة، والتي يتمكن الإقليم وبمساعدة العقول والكفاءات الأجنبية والشركات الأجنبية من إنشائها، على سبيل المثال بناء معامل إنتاج الزيوت النباتية ومعامل الطابوق والإسمنت وشركات التعليب. لقد حصل العسل الكوردستاني قبل عدة أشهر في منتدى العسل في باريس على المركز الأول من بين عدد كبير من دول العالم المنتجة للعسل. هل قدمت حكومة الإقليم المساعدات اللآزمة لمنتجي العسل من أجل تطوير هذا القطاع. وأن منتجي العسل أنفسهم يشكون من عدم وجود شركات التعليب في الإقليم لتعليب منتوجاتهم!

يضع مشروع التطوير الإقتصادي على عاتق حكومة الإقليم مسؤولية العمل على تأهيل الكفاءات العلمية وتطوير الجامعات وتوفير مستلزمات البحث العلمي فيها، بأعتبار أن الجامعات والأبحاث العلمية في الجامعات تشكل القاعدة الأساسية للتطور الصناعي، كذلك منع تدخل يد الحزب والمسؤولين في الشؤون الدراسية والجامعية في خدمة المصالح الشخصية وصلة القرابة والمحسوبية والمنسوبية، بالإضافة الى تدريب الكوادر والمدربين الفنيين لإدارة المعامل والمصانع، بهدف تحويل الإقليم الى قوة إقتصادية في المنطقة، بدلاً من تخرج الآلاف من الضباط العسكريين سنوياً في الكليات العسكرية التابعة للقوى الرئيسية الحاكمة، ومهماتها الأساسية ليست حماية الإقليم من العدوان الخارجي، وإنما تعتبر هذه المنافسة العسكرية شكل من أشكال الصراع الحزبي الخفي بين هذه القوى (تشكيل جيش وطني كوردستاني واحد، بعيد عن التوجه الحزبي، يحضى بتأيد الجماهير الكوردستانية، من أجل حماية حدود الإقليم من أحتمال الخطر الخارجي القادم، وأن ولاءه يجب أن يكون للإقليم وللشعوب الكوردستانية فقط، وليس للأحزاب).
نتيجة عدم وجود مثل هكذا برنامج إقتصادي نرى اليوم بأنه لايوجد هناك أي نوع من أنواع الإنتاج في الأقليم وكل شيْ مستورد وتحول المجتمع الكوردستاني الى مجتمع أستهلاكي، والعمل المضمون في الإقليم هو الإنخراط في صفوف القوات العسكرية التابعة للقوى الرئيسية الحاكمة، باعتبارها أفضل وأسهل وسيلة للضمان الأجتماعي والحصول على الرواتب العالية والإمتيازات الشخصية والمكانة الأجتماعية.

من أجل أن تكون ثمرة التطوير الإقتصادي لصالح المجتمع وأن تسخر في خدمة الشعوب الكوردستانية لتحسين المستوى المعيشي للشعب وتقديم أفضل الخدمات للمواطن، يتوجب على حكومة الإقليم والقوى الرئيسية الحاكمة بناء نظام مالي جديد مبني على العدالة الإجتماعية والتوزيع العادل لثروات وخيرات الإقليم، وأن لا تقسم بالتساوي بين القوى الرئيسية الحاكمة. وبالتالي يجب أن توضع مالية الإقليم تحت تصرف حكومة الإقليم من أجل تنفيذ المشاريع وتقديم الخدمات للمواطنين وبإشراف ومراقبة لجنة الپرلمان المالية، وليس تحت تصرف القوى الرئيسية الحاكمة في خدمة مؤسساتهم الحزبية العملاقة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن