الإنتصار أم الخسارة في انتخابات الپرلمان العراقي ومن أية وجهة نظر؟

قاسم محمد علي
kasim-delovan@live.dk

2010 / 4 / 10

يتوجب على الأحزاب والكيانات السياسية الكوردستانية التي تدعي بأنها تدافع عن الحقوق القومية المشروعة لشعبنا المناضل والمضحي على مر التأريخ، الحديث عن الإنتصار أم الخسارة في انتخابات مجلس النواب العراقي، فقط عند قراءة نتائج الأنتخابات من وجهة نظر الوطنية والقومية وليس من الزاوية الحزبية الضيقة.

بعد اعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، يوم الجمعة المصادف 26 آذار، النتائج النهائية لعدد مقاعد البرلمان للكيانات الفائزة ، أعلن الاتحاد الوطني الكوردستاني عن طريق قنواته الفضائية ، بكل فرحة وبهجة وسرور إنتصار قائمة التحالف الكوردستاني في الانتخابات، وبثت الاحتفالات الجماهيرية في مدينة السليمانية بهذا الانتصار!!

حصلت قائمة التحالف الكوردستاني على 42 مقعداً، وبالتالي تمكنت الكيانات الكوردستانية إجمالاً من حصد 57 مقعداً من اصل 325 من العدد الاجمالي لمقاعد مجلس النواب العراقي (قائمة التحالف الكوردستاني 42 مقعد، حركة التغيير 8 مقاعد، الاتحاد الاسلامي الكوردستاني 4 مقاعد، الجماعة الاسلامية مقعدان بالإضافة الى مقعد تعويضي واحد للتحالف الكوردستاني).
لايمكن اعتبار هذه النتيجة لإنتخابات مجلس النواب العراقي انتصاراً للكتلة الكوردستانية ، بل على العكس أنها تشكل خطراً كبيراً على دور الكورد السياسي للمرحلة البرلمانية القادمة في العراق ولاتعبر ابداً عن مصالح وتطلعات الكورد في العراق الجديد.

إذا كان الاتحاد الوطني الكوردستاني يعتبره انتصار الحزب على حركة التغيير في السليمانية، نعم انه انتصار الى حد ما بالمقارنة مع إنتخابات الپرلمان في الإقليم في 25 تموز من العام الماضي، والتي مني فيها الإتحاد بالهزيمة في معقله الرئيسي السليمانية. لكنه يقيناً ليس انتصاراً لمصالح الشعوب الكوردستانية، وانما على مايبدو وللأسف الشديد يقرأ الاتحاد الوطني الكوردستاني هذه النتائج الإنتخابية من وجهة نظر الحزبية الضيقة بعيداً عن المصلحة القومية العليا.
تقاسم عدد من مقاعد البرلمان العراقي المخصصة مسبقاً لمحافظات الاقليم بين القوائم الكوردستانية المشاركة في الإنتخابات لا يعتبر انتصاراً وطنياً وقومياً، إنما دعاية سياسية حزبية يستخدمها الاتحاد الوطني الكوردستاني، وبالتالي كتلة التحالف الكوردستاني، من اجل المصلحة الحزبية الضيقة على حساب المصالح الوطنية والقومية العليا، بهدف عزل المعارضة السياسية في الإقليم، والمتمثلة بحركة التغيير، وتهميش دورها السياسي على الساحة العراقية وبالتالي إبعادها من المعادلة السياسية في العراق، كما حاولت خلال 18 عاماً الماضية الى خنق صوت المعارضة والقضاء عليها بالكامل في الإقليم.

كان يتوجب على الحزبين الكورديين الرئيسيين في قائمة التحالف الكوردستاني باعتبارهما السلطة الحاكمة في الإقليم تسخير طاقات وامكانات الحزب والحكومة في خدمة القضايا الوطنية والقومية في هذه المرحلة السياسية الحساسة في العراق، ومحاولة توفير أرضية ملائمة ومناسبة للتنسيق السياسي مع قوى المعارضة في الاقليم في مرحلة ما بعد الإنتخابات، لأن التشتت والانقسام في الصف الكوردي في هذه المرحلة السياسية الحساسة في العراق لايخدم القضايا الوطنية والقومية أبداً، وانما وحدة الكلمة والصف والمواقف وترتيب البيت الكوردستاني تعطي القوة والصلابة الى دور الكورد السياسي في بغداد المركز.
يجب الإشارة هنا الى مبادرة السيد رئيس الإقليم واجتماعه مع الأحزاب والكيانات الكوردستانية من أجل ترتيب البيت الكوردي وتوحيد الخطاب السياسي الكوردي. إنها الطريقة الوحيدة والأسلوب السياسي الأمثل لتصفية الأجواء ومحاولة بناء جسور الثقة وإظهار حسن النوايا بين هذه الأحزاب والكيانات من أجل خدمة القضايا الوطنية والقومية للشعوب الكوردستانية.
نتمنى بأن تكون هذه الخطوة بداية ستر اتيجية كوردية طويلة الأمد للعمل السياسي المشترك بين الأحزاب والقوائم الكوردستانية داخل البرلمان العراقي، وليس مجرد أجتماع عابر خالي من النوايا الصادقة ومن الثبات والعزيمة بالوقوف، فعلاً وليس قولاً، على الثوابت الوطنية.

حصول كتلة التحالف الكوردستاني والقوائم الكوردستانية الاخرى على عدد كبير من مقاعد البرلمان المخصصة لعدد من المحافظات خارج الاقليم، في الموصل، كركوك، بغداد وديالى كان يمكن اعتباره انتصاراً وطنياً وقومياً وكان يصب في خدمة القضايا الوطنية للشعوب الكوردستانية، لأن الحصول على عدد من المقاعد هناك في تلك المحافظات يعزز ويقوي دور الكورد في صنع القرار السياسي في بغداد المركز، من أجل ضمان حقوقنا القومیة المشروعة.
لو كان الأمر هكذا، فتستحق كتلة التحالف الكوردستاني كل الفخر والإعتزاز لذلك الإنجاز الوطني والقومي العظيم، ونشاركهم الفرحة والبهجة والسرور. لكن الواقع كان شيئاً مغايراً تماماً. لم تتمكن كتلة التحالف الكوردستاني من الحصول حتى على مقعد واحد في بغداد من اصل 64 مقعداً، رغم وجود أكثر من نصف مليون كوردي في محافظة بغداد، وحصل فقط على مقعد واحد في ديالى من اصل 13 مقعداً من مقاعد البرلمان المخصصة لهذه المحافظة ، كذلك حصل على نصف المقاعد المخصصة لمحافظة كركوك (6 مقاعد)، وحصلت كتلة التحالف الكوردستاني على 8 مقاعد في الموصل من اصل 31 مقعداً من مقاعد البرلمان المخصصة لهذه المحافظة. وبالتالي حصلت كتلة التحالف الكوردستاني على 15 مقعداً من اصل 120 مقعد من مقاعد البرلمان المخصصة للمحافظات الأربع بغداد، نينوى، كركوك وديالى ذات الكثافة السكانية الكوردية العالية!
هذه الأرقام تبين بشكل واضح وصريح خسارة القوائم الكوردستانية جميعاً في إنتخابات مجلس النواب العراقي ومن ضمنها كتلة التحالف الكوردستاني. لذلك نطالب الاتحاد الوطني الكوردستاني وبالتالي كتلة التحالف الكوردستاني إظهار الشفافية والمصداقية في العمل السياسي وإطلاع الجماهير الكوردستانية على الحقائق السياسية، والكف عن سياسة تضليل الجماهير. ويقيناً أن الجماهير الكوردستانية اكثر وعياً وإدراكاً من هذه القوى السياسية، ولن تقبل بهضم مثل هذه الأكاذيب ولن تسمح أبداً بتمرير مثل هذه الدعايات الحزبية على حساب المصالح الوطنية العليا في الإقليم.

المصيبة الكبرى هي أن القوى السياسية الحاكمة في الإقليم تحاول زوراً وبطلاناً إقناع الجماهير الكوردستانية بأنها أنتصرت في معركة إنتخابات مجلس النواب العراقي، ضاربة بعرض الحائط الأخطار والتحديات السياسية الكبيرة التي سوف تواجه الكورد في المرحلة السياسية القادمة في العراق، نتيجةً لتقليص عدد المقاعد التي حصل عليها الكورد في الإنتخابات هذه المرة. بالإضافة الى ان هناك مخاوف حقيقية من أن تؤدي هذه الخسارة الى تهميش أكثر لدور الكورد في صنع القرار السياسي للمرحلة القادمة في العراق.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن