هل من عودةٍ للعقل ؟

مازن مرسول محمد
mazenafra@yahoo.com

2009 / 11 / 6

هل من عودةٍ للعقل؟
د. مازن مرسول محمد
في عددٍ من أعداد مجلة النبأ كتبت مقالاً تحدثت بهِ عن الدكتور العلامة علي الوردي وكيف بدا الاحتفاء بهِ ولكن التساؤل الرئيس هو متى كان هذا التكريم وإبراز معالم علمية الوردي ، والجواب يسير هو بعد مماتهِ .
ولم أستغرب حقيقةً عندما قرأت للدكتور علي وتوت في هذا الموقع مقالاً يتكلم به عن علم من أعلام العراق وعلم الاجتماع الدكتور متعب مناف وكيفية مجابهة علم هذا الإنسان وكيفية التناغم معه ، فالأمر سيان بين الوردي ومناف وستبقى سلسلة التهميش القصدي مستمرة ولا نعرف مداها .
ما نود أن نطرحه هنا هو تساؤلات حول إشكالية هذا السلوك ، ومن ذلك نتساءل ونقول مثلا : هل إن سلوك تحجيم وتقويض إبداعات المبدعين والعلماء في حياتهم في المجتمعات العربية -ولا يشذ عنها المجتمع العراقي - هو قالب ثابت ناشئ مع الشخصية أم هو مكتسب ؟ ولماذا هذا التحامل على المبدعين ، فنحن لا نكاد أن نعرف المبدع إلا بعد مماتهِ أو قد يُغيّب أصلاً ؟
فأين دور العقل في ذلك ؟ أليس من الحكمة لبناء مجتمعٍ راقٍ نوعاً ما الاستعانة بالمبدعين ، فهل من المعقول أن تتسلق مجتمعاتنا سُلّم التطور والعصرية بالمتخلفين من الناس ؟
ربما يعود الأمر إلى العصبية التي نشأت عليها بعض المجتمعات العربية وما تتضمنه من أمورٍ كثيرة ، منها الانوية دون المصلحة الجماعية ومحاولة اكتساح الغير وأن كان نافعاً ومشروعاً مستقبلياً ، لأغراض تعود إلى الفكر الضيق – إن كان الفكر موجوداً – الهادف إلى تنحية كل علم والادعّاء بأحقية الإبداع حتى وأن كان لا يمثل درجة واحدة مما يسمى ألإبداع .
لعل تقهقر مجتمعاتنا العربية نوعاً ما وعدم مواكبتها لمجتمعات التوطين الصناعي والتكنولوجي والمعلوماتي يعود لعدة أسباب ومنها ما ذكرناه هو عدم اتخاذ المبدعين كركائز للبناء عليهم مستقبلاً ، وإنما إجهاض علمهم وإبداعهم قبل أن يولد ، فلا يحظى علماء المجتمع العربي بالأهمية الكبرى التي ممكن أن تجعل منهم أنداداً للفكر والإبداع الغربي ، وعلى العكس من ذلك نجده في المجتمعات المتقدمة ، فجزءً كبيراً مما وصلت له يعود إلى غرس العلماء والمبدعين كأساسات لبناء هذه المجتمعات وتدعيمهم دون قص أظافرهم والاهتمام بهم للأغراض التنموية المستقبلية .
وهنا يلعب الوعي العقلي دوراً كبيراً في ذلك ، فلماذا تهتم تلك المجتمعات بمبدعيها ، هل هو للاحترام الشخصي والتكريم فقط ، أم لأنهم ثروة لا تنضب ستعُد لاجيالٍ قادرة على أعانة وإيصال المجتمع وبقاءهِ متربعاً على عرش التطور والتقدم .
أن المشكلة اليوم قد لا تقف عند هذا الحد فقط في تجاهل شيءٍ أسمه المبدع وعدم إعطاءهِ حقهِ بالشكل الوافي ، وإنما الأمر قد ينسحب إلى الجذور ، فكما هو معلوم إن للعلم تراكمية واضحة فلم يصل المبدعون إلى ما هم عليه إلا بتراكم علمي وفكري متواصل ، وهم يعدّون لإنشاء جيل شاب علمي واعي ، لكن ما يحدث هو قتل الطاقات الشابة التي هي مشاريع إبداع وعلماء ، دون احاطتها بهالة من التحفيز والاهتمام .
فكيف ينهض جيلاً من العلماء ومعلميهم قد تم وضعهم في قيعان العزلة والمحددات المختلفة ، فالأمر قد تم الحكم عليه بالسقوط منذ بادئ الأمر .
فلو عرفنا حق استخدام العقل لوجدنا انه من المنطق أن نُعلّي من شأن علمائنا ومبدعينا ، لان تطور وازدهار مجتمعاتنا أن تحقق لها ذلك في الأفق القادم سيحتفظ بالجميل لأسباب النهضة وهم المبدعون والعلماء .
إن ما أثارنا لقول ذلك هو اخطر من الإشارة له في هذا المقال فقط ، الأمر الذي جعلنا بعد قراءة مقال الدكتور وتوت سابقا ربطه بما يجري الآن من أحداث.
لذا لا تتعجب يا وتوت إن وجدت أستاذك كمبدع لا يُعار له أهمية في حياتهِ إلا بشيءٍ يسير ، فهو شخصٌ واحد فما بالك بجيلٍ من المبدعين الذين يحاولون رغم تقويض أساتذتهم ، من النهوض فلا يجدون من يساعدهم لذلك ، وإنما يجدون التقزيم والانتقاص منهم .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن