من يتحمل مسئولية هذه الإخفاقات المتتالية

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
aam0407@gmail.com

2009 / 8 / 24

بصدور إعلان الألفية في سبتمبر عام 2000 الذي وتبناه (189) بلداً (بما فيها السودان)، أصبح هناك إلتزاما أخلاقيا ووطنيا وعالميا علي هذه الدول بتنفيذ بنود هذه الإتفاقية علي الأرض الواقع. حيث أجتمع قادة العالم في قمة الأمم المتحدة للألفية لإلزام بلدانهم بتقوية الجهود العالمية للسلام ، وحقوق الإنسان والديمقراطية ، والحكم الراشد وإستدامة التنمية والحفاظ علي البيئة ، وإستئصال الفقر ، ولتأصيل مبادئ الكرامة الإنسانية والمساواة والعدالة والإنصاف. وكان هناك إتفاقا عالميا علي تحقيق غايتان الأولى : وهي إنقاص نسبة من يقل دخلهم عن دولار واحد في اليوم إلى النصف . والغاية الثانية ومطلوب تنفيذها في نفس الفترة وهي إنقاص نسبة الذين يعانون من الجوع إلى النصف.

والآن ونحن علي مشارف نهاية العام 2009 لانري علي أرض الواقع ما يتناسب مع الإلتزام الأخلاقي والوطني والعالمي للدولة فيما يتعلق بتحقيق أهداف الألفية المعلنة والتي التزمت بها كل اطراف الدولة السودانية. والشواهد كثيرة ومتعددة علي الأخفاقات المتتالية والمتكررة للحكومة السودانية في تخطيطها وتنفيذها للعديد من البرامج الرامية الي تحقيق أهداف الألفية، وأكبر دليل علي ذلك التخبط الواضح والبين فيما يتعلق بتنمية وتطوير القطاع الرئيسي للاقتصاد السوداني، القطاع الزراعي الذي أحدثت فيه الحكومة بسياساتها المتسرعة الكثير من التشوهات والدمار. وبالرغم من الزخم الإعلامي المكثف للنفرة الزراعية والنفرة الخضراء والنهضة الزراعية، والمبالغ الطائلة التي رصدت ووزعت علي الولاة بالولايات المختلفة لتنمية الزراعة، فليس هناك أي أثر أو تغيير يذكر علي أرض الواقع، وإنما الذي حدث مزيدا من التدهور في الإنتاج والإنتاجية وبؤس وفقر الآلاف من المزارعين والمنتجين وظهور حالات الإعسار، والتخلي عن مواقع الأنتاج والهجرة الي المدن بحثا عن السراب.

هذه الإخفاقات والفشل المتكرر مسئولة عنه الحكومة بسياساتها المختله والتي ركزت علي قطاع النفط ، وإعتمدت عليه بصورة أساسية في خططها وبرمجها وأهملت القطاعات الأخري وعلي رأسها القطاع الزراعي. لقد أثبت التقرير الصادر من المجلس القومي للسكان في تقيمها الخصائص السكانية للسودان بعد خمسة عشر عاما من انعقاد مؤتمر القاهرة للسكان والتنمية وتنفيذ اعلان داكار ، ان انتاج النفط لم ينعكس فى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين الامر الذي ادي الى ارتفاع مستوي الفقر بين السكان من 55% -95 %. واعترف التقرير الحكومي بصعوبة تحقيق السودان لاهداف الانمائية الالفية فى مداها الزمني المحدد بـ2015 قبل ان يؤكد بان الفرصة مازالت مواتية لاحراز تقدم اكبر فى حال تنفيذ الاستراتيجيات والسياسات والخطط القومية بفعالية وكفاءة.

وأبرز التقرير بوضوح تدني الانفاق الحكومي على القطاعات الاجتماعية وحذر من مغبة تأثير ذلك على قطاعي الصحة والتعليم وطالب بتسريع جهود التنمية خاصة للفئات المتأثرة بالحرب والمناطق المحرومة اذا اراد السودان احراز تقدم نحو اهداف الالفية كما حذر من خطر استمرار النزاع المسلح وانعدام الامن الانساني فى دارفور والصراعات التي يمكن ان تشتعل فى غيرها من المناطق المعرضة للانفجار والصراعات إلى ادارة الموارد المتعلقة بالأراضي والمراعي والمياه.

وكشفت التقرير عن شدة حدة الفقر وسوء الاحوال المعيشية للغالبية العظمى من السكان فالنمو السكاني المرتفع جدا والبالغ نسبته (2،53) يقابله انخفاض فى متوسط العمر المتوقع عند الولادة بـ(55) عاما وارتفاع فى معدل وفيات الامهات والتي وصفها التقرير بانها الاعلى فى العالم 1107 لكل 100000 امرأة حامل،

والرضع 81 حالة وفاة لكل 1000 حالة ولادة، و112 حالة وفاة للاطفال دون سن الخامسة، بالإضافة الي تفشي امراض الاسهال والالتهاب الرئوي والامراض المرتبطة بالفقر، واصابة 32،5% من الاطفال دون سن الخامسة بسوء التغذية المزمن او الحاد فى مقابل معاناة 31% من نقص الوزن، وتدني نوعية خدمات الامومة ورعاية طوارئ الولادة. أن ما يعكسه الواقع في المجتمع السوداني وما ورد في هذا التقرير يدل علي وجود خلل أساسي وجوهري وهيكلي في الساسات العامة للدولة، وفي السياسة الإقتصادية الكلية للبلاد، وهي مسئولية مباشرة يسأل عنها بصورة مباشرة مؤسسة الرئاسة ووزارة مجلس الوزاء.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن