التصور المرعب للدين ..نتاج ذهنية مختلة

فوزية الحُميْد

2009 / 6 / 29

بما أن الإنسان يحتاج للروحانيات وهي علاقة بينه وبين خالقه وليست بينه وبين المخلوق !
ولا يمكن لأي مجتمع أن يتطور دون روحانيات, هذه نقطة مهمة للتفكير ! لكن مشكلتنا نحن المسلمين في تفريغ الدين من محتواه الإنساني إلى التصور المرعب ! هذا التحوير والتحويل من قبل بعض التيارات الإسلامية بكافة مذاهبها وطوائفها وأحزابها التي ما أنزل الله بها من سلطان . لكون الدين في جوهره قضية إنسانية قبل أن يكون ممارسة فقهية وشعائرية! وحيث لا معنى للصلاة وأنت لا تحسن التعامل ! وإحالة الدين إلى حالة مرعبة من وجهة النظر الإسلامية المتطرفة .هذه الإحالات قد لا تؤهل لحياة اجتماعية متوازنة,بل نظرة لتجريم وتأثيم الإنسان .وقد لا تدخل في حساباتها أهمية التطور الاجتماعي, وعلاقة هذا المجتمع بالعالم من حوله ومسارات التاريخ , وحركة الحياة , كما يريدها الله لا كما يريدها الكهنوت المتأزم! هذا التضليل المرعب إساءة للدين وللمهمة الإنسانية للأديان بصفة عامة وحيث القيم العليا في الأديان المعاملة والعمل! وقد تم التهميش لهاتين المفردتين في النموذج الإسلامي المتزمت. ولم يتم الاشتغال عليهما كما يجب .وماتم فعله اختطاف للمشهد الفكري والثقافي في معظم بلاد الإسلام وجلّ المنتج المعني يمثل ثقافة متأزمة الأفكار والرؤى و معيقة للتقدم ! حيث تم الاشتغال على فقه المجتمع وفقه المرأة بطريقة التعطيل والتصور المرعب للدين! مما خلق نموذجاً آخراً لامرأة مسلمة بطريقة الكهنوت . امرأة مسلوبة الكرامة والحقوق, وحيث استغلت مسألة القوامة لملكية خاصة للرجل وتم تفعيل بعض الأحاديث الموضوعة والضعيفة من قبل غوغاء وتلاميذ هذا التيار, الذين تمتليء بهم المساجد بعلاتهم وعللهم .وفي جلّهم مجموعة من الجهلة لا علاقة لهم بمفهوم الدين, ولا بمفهوم الحياة, ولا بالوعي, لأن ذهنيتهم مختطفة ويتم تسليمها بالكامل ودون أدنى مناقشة لكهنوتهم . حتى أصبحت المرأة الحرة المسلمة بمثابة ملك يمين لهؤلاء الغوغاء! وفي تعدي سافر يتجاهل الحقوق الإنسانية باسم الدين والدين منه براء, وفي هكذا وضع أيضا يتم فيه اختطاف وعي المجتمع في العصر الذي يتجه فيه العالم لما بعد العولمة في مسار التقدم. ولكون الحياة الدين والدنيا معا! وهنا نتساءل كم من السنين نحتاج للصعود للحظة الحضارة والتقدم لقد نسي العالم المتقدم هذه اللحظة التي نفكر فيها وهي لحظة متأخرة جداً ! لقد سبقنا بجلاء الصورة وتجليات المعرفة وآفاق العلم !ومن الواجب احترام عقل الإنسان وتسخيره لما يفيد ,هذا العقل المكرّم في القرآن ومن العبث أن يتم تضليله لأغراض قد تتناسب ومصالح المضلل وأطماعه ومكتسباته الذاتية !!
بعيداً عن مصالح الناس وحاجاتهم وفي قول النبي (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ) وهذه قيمة ثقافية عليا ! لم نتعلمها بعد !.وبفعل الكهنوت الإسلامي تم تجريد الإسلام من صفته الإنسانية ! وأصبح الإنسان المسلم يبحث عن لحظة الخلاص وعن مشاريع أخرى للتفكير يسترد فيها وعيه وإنسانيته وكرامته وإيمانه ودينه ! وحيث يعيش عصر العولمة وما بعدها وتدفق المعلومات والتقدم التقني والتكنولوجي وعصر الانترنت . إذا نحن أمام قنوات أخرى للمعرفة ! فهل نعي ذلك جيداً. و لم نعد في عالم الحجب وثقافة الحجاب!! وكل مايمت لذلك بصلة . هناك آفاق أخرى!هل يدركها المتأسلم الذي يتناول الاسلام حسب رؤاه ,و بفتاوى أبعد عن روح العصر ومتطلباته, وقيم التقدم ومستجداته! هذا الفكر الأحادي الذي عمل على تعطيل نصف المجتمع المتمثل في المرأة المسلوبة الحقوق في بعض المجتمعات العربية الإسلامية التي تتناول الإسلام على غير هدى وبالنظر لعدم أهليتها! ولجوانب عدة تتعلق بحياة وأهلية المرأة الاجتماعية والتي منها أهليتها الدينية وأهليتها السياسية , وأهليتها الاقتصادية , كل هذه الجوانب لم تهمل في عصر النبوة! بل تم تمكين المرأة في الحياة الاجتماعية وبكافة جوانبها!!
وحتى القواعد من النساء في بعض بلاد الإسلام لا يستطعن التحرك. دون قيد المحرم! حتى لو لم يبلغ المحرم سن الرشد وفي أقصى الحالات الحرجة! وهي صورة لوضع مختل ويسيء للإسلام .. وإذا ماعرفنا كيف نناقش ملامح الواقع في هذا الوقت بكل شفافية واحترام والإنصات للفكر والفكر المضاد . كي نعرف ماذا نريد وما يناسبنا ولكي نسترد هويتنا الحقيقية بقراءة ماضينا , وباستشراف لحاضرنا ولمستقبلنا , ولأجيالنا القادمة في المستقبل. ولأوطان عربية ناصعة تقبل بالتعددية والتعايش وتقبل بالآخر !!
وفي تاريخ الإسلام هذا التعايش !ونتساءل كيف يتم التغاضي عن نقاط جوهرية في الإسلام ,وهي نقاط في المتن لا في الهامش ! والتعايش يعني الحوار والتسامح والعمل والمعاملة والتقدم .ونحن في لحظة غير متكافئة مع منجزات العالم المتقدم هذا العالم الذي حول الثقافة إلى قيمة و فعل! نريد أن نرفع شعارات التحديث والإيمان بحقوق الإنسان . وكلنا آمل بهذه اللحظة .ونأمل الاقتراب من بعض الأمور الملتبسة في الإسلام والتعاطي معها بروح حضارية .لأن الله سبحانه وتعالى لم يشرّع الأديان لإرهاب الناس ,وإنما مهمة الأديان التعايش مع الناس , ولم يشرّع الدين لسلب حقوق الآخرين واحتقارهم !وتحويل المجتمعات إلى مجتمعات آثمة بفضل ثقافة الريبة والتجسس !! مع أن من الأمور المهمة في الإسلام حسن الظن!!! نحتاج تحويل هذه المعايير إلى قيم ثقافية وحضارية . و نأمل العمل على المراجعات والتصحيح في حسابات التحديث والإصلاح في القرارات السياسية العربية. و السير بمجتمعاتها إلى لحظة التنوير والنهضة ! بعيداً عن الرعب والترهيب !!والذهنيات المختلة!!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن