التاهب للمجهول: لبنان ينتظر اليوم التالي

الفرد عصفور
alfredasfour@yahoo.com

2009 / 6 / 7

يناضل طرفا الصراع في لبنان في الساعات الأخيرة من الحملة الانتخابية لكسب مزيد من الجماهير المترددة ومحاولة إقناعها بالمشاركة في التصويت. هذا التصويت الذي تحول إلى اختبار مصيري لكلا الطرفين.
فريق 14 آذار وفريق 8 آذار يستعدان لمنازلة كبرى. فأيا كانت نتيجة الانتخابات فان الصراع الدموي يبدو في الأفق.
الأمر لا يحتاج إلى تمحيص كبير لنكتشف ان فريق 8 آذار لن يقبل بالهزيمة. كما لن يرضى بها فريق 14 آذار. لكن هزيمة فريق 8 آذار سيكون ثمنها اكبر.
ان خسر فريق 14 آذار فلن يسكت لكنه لن يتمكن من القيام بما قام به فريق 8 آذار عندما خسر انتخابات ألفين وخمسة. سيحاول لملمة جراحه لكنه لن يستطيع كبح جماح أنصاره الذين قد يحتكون بالفريق الثاني إلى درجة تقود إلى صراع أهلي.
وان خسر فريق 8 آذار فانه سيعيد الكرة: نكران واتهامات وتعطيل واعتصامات واستفزاز لإسرائيل والدخول في مغامرة حربية تعيد أجواء ألفين وستة.
لكن الأحوال في ألفين وتسعة ليست أحوال ألفين وستة. لا في إسرائيل ولا في إيران ولا في سوريا ولا في الدول العربي ولا في أميركا.
بالتأكيد فان فريق 8 آذار بزعامة حزب الله سيجد من السهل عليه الزج بلبنان في حرب جديدة. وهذه المرة ستكون حربا قاسية ليست كسابقتها. إسرائيل هذه المرة سيكون ردها مختلفا وستتغير معه خرائط في المنطقة.
من السهل على حزب لله ان يستفز إسرائيل بحجة تحرير ارض أو أسرى ومن السهل عليه الإستقواء بإيران أو سوريا. لكن سوريا هذا العام ليست سوريا ألفين وستة.
وسواء وقعت حرب مع إسرائيل نتيجة لخسران فريق 8 آذار الانتخابات أو وقعت حرب أهلية نتيجة لخسران فريق 14 آذار، فان الحرب الأهلية ستجر إلى حرب مع إسرائيل والحرب مع إسرائيل ستجر إلى حرب أهلية. ومهما كان الأمر، فان سوريا ستكون المنقذ تماما كما حدث عام ستة وسبعين.
ستجد الولايات المتحدة وإسرائيل ان الحل الأمثل هو دخول سوريا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وضبط الشارع اللبناني. سيتم نزع سلاح حزب الله، وسوريا هي الأقدر والأكثر تأهيلا للقيام بهذه المهمة، وجعل الحزب مجرد أداة طيعة بيد دمشق توجهه كما تريد وفي الوجهة التي تريد إلى ان تتم تصفية قوته العسكرية. تماما كما حدث في المرة السابقة. فعندما أوشك الفلسطينيون واليسار اللبناني السيطرة على كل لبنان وتغيير معادلة وجوده، تدخلت سوريا بطلب من الفريق الأضعف، المسيحيون في تلك السنة، بواسطة أميركية ودعم إسرائيلي ورضى عربي.
تم تدمير سلاح الفلسطينيين ومن ثم ضبطه وتطويعه بعيدا عن الفريق الأخر. وطبعا انقلب الحال بعد بضع سنوات لاختلاف الظروف وتداخل في المصالح وتشابك في المعطيات الدولية والإقليمية.
في هذه السنة، قد يعيد التاريخ نفسه، الظروف تكاد تكون متشابهة ولكن بلاعبين مختلفين.
ليس هذا سيناريو تشاؤمي وقد يكون قراءة خاطئة للأحداث، ولكن استقراء الوقائع والتعمق بين سطور خطابات الفريقين، فانه يبدو السيناريو الأكثر ترجيحا.
المنازلة حامية جدا بين الفريقين، وكل منهما يخبىء للآخر. ويبدو من بعض المؤشرات ان فريق 8 آذار يتجه لخسارة الانتخابات، وهذا هو السيناريو الأوضح. وستكون النتيجة، بعد احتكاكات داخلية ومناكفات وتعطيل للحياة النيابية، افتعال الحرب مع إسرائيل التي ستدمر الكثير في لبنان وتحتل أجزاء من الأرض اللبنانية في الجنوب. وسيجد حزب الله نفسه منكفئا إلى الداخل الأمر الذي سيشعل الحرب الأهلية.. مما يستدعي تدخل الجار السوري الذي سيكون الآن الشقيق الأكبر لحماية المستضعفين، فريق 14 آذار هذه المرة، وتدخل قوات الإنقاذ السورية لحماية "الجميع" وضمان العيش المشترك.
إذا جرى هذا السيناريو، وهو قد يجري سواء نتيجة لحرب مع إسرائيل أم حرب أهلية، فان لبنان سيعيش ثلاثين سنة أخرى مشابهة للسنوات الثلاثين التي عاشها قبل ثورة الأرز. وسيكون لبنان هو الهدية الذي تقدمها أميركا وإسرائيل والعرب إلى سوريا ثمنا لفك العلاقة بين دمشق وطهران ليسهل بعد ذلك السيناريو الإسرائيلي الخاص بإيران والتخلص من شبح السلاح النووي الإيراني بثمن يسهل على الكثيرين دفعه لكنه سيكون الأغلى بالنسبة إلى اللبنانيين الذين سيخسرون لبنان الذي يعرفونه .. وهذه المرة إلى الأبد.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن