كلمة تيسير خالد في المؤتمر الاول لانحاد الجاليات في اوروبا

تيسير خالد
nbprs96@yahoo.com

2009 / 6 / 3

كلمة تيسير خالد في المؤتمر الاول
لاتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في اوروبا
فيينا – النمسا ( 29/5 – 31/5/2009 )


الاخوة والرفاق الامانة العامة
لاتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في اوروبا
الاخوة والرفاق اعضاء المؤتمر

انقل لكم تحيات الاخ الرئيس ابو مازن والاخوة والرفاق اعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واتمنى لمؤتمركم الاول النجاح في اعماله ولجالياتنا الفلسطينية في مختلف البلدان الاوروبية التوفيق في النهوض بمهماتها في الدفاع عن حقوق ومصالح الفلسطينيين في هذه البلدان وتوحيد صفوفهم وحمل مسؤولياتهم في الدفاع عن الحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف لشعبنا ، وفي المقدمة حقه في العودة وتقرير المصير وبناء الدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على جميع الاراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 وعاصمتها القدس العربية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية ، الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا الفلسطيني .

مؤتمركم هذا ينعقد في ظل ظروف وتحديات وطنية واقليمية ودولية تفرض علينا جميعا الوقوف صفا واحدا في مواجهتها . فنحن شعب لا يملك من عناصر القوة ما هو أهم من وحدته الوطنية المعززة بالتمسك بالثوابت الوطنية . فالمرحلة التي يمر بها النضال الوطني الفلسطيني هي اولا وقبل كل شيء مرحلة تحرر وطني لا تحتمل تنازعا على سلطة تحت سلطة الاحتلال ، وهي مرحلة تتطلب عودة الى الجذور والاصول والمتسك بقوة بمنظمة التحرير الفلسطينية واحدة موحدة وجبهة وطنية عريضة ائتلافية وبضرورة اجراء اصلاحات ديمقراطية واسعة على اوضاعها وهيئاتها ومؤسساتها لتضم تحت راياتها جميع القوى والهيئات والمؤسسات والفعاليات والشخصيات الوطنية والديمقراطية والاسلامية من اجل تعزيز مكانتها ودورها في معركة الدفاع عن حقوق ومصالح شعبنا الفلسطيني . وما جالياتنا في بلدان الهجرة والاغتراب على هذا الصعيد وفي هذا السياق الا قاعدة رئيسية من قواعدها بها تتعزز وحدتها وتنهض بهماتها ، تماما كما كان عليه الحال في البدايات .

الاخوة والرفاق اعضاء المؤتمر

قبل ايام عبرنا الى الذكرى الواحدة والستين للنكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948 وما رافقها من جرائم وسياسة تهجير جماعي على ايدي دولة اسرائيل وعصاباتها العسكرية المسلحة .

ما الذي تعنيه ذكرى النكبة للشعب الفلسطيني، وما الذي تختزنه الذاكرة الوطنية الفلسطينية عن هذه الذكرى على امتداد واحد وستين عاما. انها تعني التهجير والتشريد والمعاناة وفي الوقت نفسه الحنين الدائم الى الوطن والديار، كما تعني واحدا وستين عاما من النضال المتواصل قدم فيها الشعب الفلسطيني خيرة ابنائه من الشهداء وفي المقدمة منهم القائد التاريخي الكبير، الرئيس الراحل ياسر عرفات.

شعبنا يحيي هذه الذكرى كل عام للتأكيد على حقائق في غاية الاهمية . وقد ادرك العدو مغزى احياء الشعب الفلسطيني في جميع انحاء المعمورة لذكرى النكبة في كل عام، وبدأ يتخذ من الاجراءات والتدابير ما يمكنه واهما من اخفاء الحقيقة والتستير على جرائمه ، بما في ذلك على المستوى القانوني لمنع اهلنا في اراضي 1948 من احياء هذه الذكرى ، التي يؤكد الشعب الفلسطيني من خلالها تمسكه بحقه في العودة الى دياره، التي شرد منها، وهو حق تكفله قرارات الشرعية الدولية وفي المقدمة منها القرار 194 . بهذه الفعاليات يؤكد الشعب بأسره أن الشرعية الدولية والحقوق الوطنية التي تكفلها هذه الشرعية لا يمكن ان تموت بالتقادم، كما قال ذات مرة الرئيس الفرنسي الاسبق فرانسوا ميتران . ان الموقف الاساس الذي ينبغي أن يحكم سياستنا على هذا الصعيد يجب أن يأخذ بالاعتبار أن الجانب الفلسطيني لن يوقع على اية تسوية للصراع تنطوي على انهاء المطالب قبل حل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وفي المقدمة منها القرار 194 أو تنطوي على حل وتصفية أعمال وكالة الغوث الدولية أو نقل اللاجيء الفلسطيني الى ولاية غير ولايتها كالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة أو تنطوي على المس بالمكانة السياسية والقانونية للمخيمات الفلسطينية او تنطوي على الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل كما تطالب بذلك حكومة نتنياهو باعتبار ذلك مؤشرا على نوايا ترانسفير وتهجير جديد ونكبة جديدة لأهلنا في اراضي 1948 ومدخلا لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين .

الاخوة والرفاق

تدركون أن افكار خاطئة شاعت في اوساط الرأي العام العالمي، روجتها الدعاية الاسرائيلية حول اسباب النكبة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني . يهمنا هنا ان نتعرض لها من اجل جلاء الحقيقة وتسليط الضوء على مسؤولية اسرائيل السياسية والقانونية والاخلاقية عنها.

اذا عدنا قليلا الى فصل حاسم من فصول المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، الى قرار التقسيم رقم 181 لعام 1948 ، الذي الحق بالشعب الفلسطيني ظلما تاريخيا ، متجاوزين الفصل الاول، الذي بدأ بوعد بلفور وبالانتداب البريطاني على فلسطين ، تصبح الصورة اكثر وضوحا . فقد انطلق ذلك القرار من استثناء القدس بسكانها العرب واليهود، ليقرر تقسيم فلسطين الانتدابية الى دولتين، الاولى عربية على نحو 43 بالمئة من مساحة فلسطين يعيش فيها اكثر من 800 ألف فلسطيني ونحو عشرة آلاف يهودي والثانية يهودية على نحو 57 بالمئة من مساحة فلسطين يعيش فيها 499 ألفا من اليهود و 438 ألفا من العرب، في حين لم تكن مساحة الاراضي التي استحوذت عليها الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي تتجاوز 6 بالمئة من مساحة فلسطين.

وبصرف النظر عن المساحة، التي حددها القرار لكل دولة من الدولتين، فان التكوين الديمغرافي وتحديدا لما سمي بالدولة اليهودية، اطلق العنان لسياسة ترتب عليها في الممارسة العملية مأساة حقيقية للشعب الفلسطيني، وهي سياسة يمكن تخليصها وتكثيفها بكلمة واحدة هي : سياسة الترانسفير، او التهجير القسري، او التطهير العرقي ، التي لا تستطيع اسرائيل أمام احداثها وحقائقها التهرب من مسؤولياتها السياسية والقانونية والاخلاقية عن النكبة – المأساة، التي تزامنت مع قيام تلك الدولة .

هذه السياسة كان لها اساس في مصدرين: الاول هو الانتداب البريطاني والثاني هو الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية . ففي مجرى احداث ثورة العام 1936 شكلت سلطات الانتداب البريطاني لجنة تحقيق عرفت باسم " لجنة بيل ". هذه اللجنة قدمت في العام 1937 توصية بتقسيم فلسطين الى دولتين، واحدة عربية واخرى يهودية وطلبت في الوقت نفسه اجراء تبادل سكاني بين الدولتين بحيث يجري تهجير 225 الف فلسطيني من اراضي ما سمي بالدولة اليهودية الى اراضي الدولة الفلسطينية ونحو 1250 يهودي من اراضي الدولة الفلسطينية الى اراضي الدولة اليهودية . وقد رحبت الترويكا القيادية للحركة الصهيونية والوكالة اليهودية المشكلة آنذاك من حاييم وايزمان، وموشي شاريت ودافيد بن غوريون بالفكرة وكتب في حينه دافيد بن غوريون في يومياته الخاصة بتاريخ 12 تموز 1937 يقول: " ان الطرد الاجباري للعرب من الاودية التي اقترحت للدولة اليهودية يعطينا ما لم نكن نملكه حتى في ايام الهيكلين الاول والثاني، انه يعطينا الجليل خاليا من السكان العرب ".

على خلفية هذه الافكار السوداء كانت سياسة الترانسفير، والتطهير العرقي، التي وجدت ترجمتها الفعلية في ماسمي في الايام الاخيرة من عهد الانتداب على فلسطين بالخطة " دالت "، التي اعتمدتها قيادة الوكالة اليهودية في العاشر من آذار 1948 سياسة رسمية اوكلت تنفيذها للوحدات العسكرية للهاجاناه ، بتوجيهات تفصيلية لترجمتها، كاثارة الرعب بين السكان ومحاصرة القرى والبلدات والاحياء الفلسطينية وقصفها وحرق المنازل والاملاك والبضائع وهدم البيوت والمنشآت وزرع الالغام وسط الانقاض لمنع السكان من العودة الى قراهم وبلداتهم واحيائهم، وهو الامر الذي كشفه عدد من المؤرخين الجدد اليهود من أمثال بيني موريس، وشيما فلابان، وآفي شلايم وايلان بابيه . خطة " دالت " تلك تواصلت على امتداد ستة أشهر ارتكبت فيها اسرائيل 28 مجزرة اشدها هولاً وقسوة مجزرة دير ياسين وترتب عليها تدمير 531 بلدة وقرية فلسطينية واخلاء نحو احد عشر حيا سكنيا في عدد من المدن الفلسطينية، مثلما ترتب عليها تهجير 800 ألف فلسطيني، تحولوا الى لاجئين في وطنهم ولاجئين في البلدان العربية المجاورة.

ايها الاخوة والرفاق

الآن وبعد واحد وستين عاما على النكبة ، ما هو وضع حالة الصراع على الارض ، وهل يوجد في سياسة دولة اسرائيل مؤشرات حقيقية على الاستعداد لمراجعة الموقف من الشعب الفلسطيني والتسليم بحقوقه الوطنية . تعرفون أن الرئيس الاميركي جورج بوش دعا الى عقد مؤتمر في انابوليس في السابع والعشرين من نوفمبر عام 2007 . اعتقد البعض أن المؤتمر سوف يطلق عملية سياسية تفضي الى تسوية للصراع ، وفعلا تشكلت اللجان التفاوضية وعقدت اكثر من 250 اجتماعا ولقاء تفاوضيا . وبعد المؤتمر انعقدت اجتماعات عدة للجنة الرباعية الدولية ، ولحظت أن الفجوة بين الجانبين لا زالت واسعة وأن افاق التسوية السياسية لا زالت مغلقة . من الذي يتحمل المسؤولية عن هذا الوضع ولماذا لا تتقدم المفاوضات على المسار الفلسطيني – الاسرائيلي وما هو مستقبل التسوية السياسية بعد صعود اليميني المتطرف نتنياهو والفاشي العنصري ليبرمان الى السلطة في اسرائيل . صورة الاوضاع على الارض واضحة ويمكن ايجازها على النحو التالي :

اولا : تجري في المناطق الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 نشاطات استيطانية اسرائيلية غير مسبوقة . اجمالا وبعد مؤتمر انابوليس وعلى امتداد العام الماضي وحتى يومنا هذا ازداد الاستيطان 12 ضعفا عما كان عليه في العام 2007 . هذا مؤشر خطير على سياسة دولة اسرائيل . حكومة نتنياهو – ليبرمان – باراك تؤكد انها سوف تواصل هذه السياسة على نحو يفاقم من تدهور الاوضاع وبحيث لا يبقى لمفاوضات الوضع الدائم ما يمكن التفاوض عليه .

ثانيا : في الوقت نفسه تتواصل أعمال بناء جدار الفصل العنصري الذي تقيمه اسرائيل في عمق الاراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 رغم فتوى محكمة العدل الدولية في لاهاي ، وهي ( الفتوى) ، التي جاءت تعزز ما ذهب اليه خبراء القانون الدولي ومنهم جون دوجارد في تقريره للجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة ، والذي شكك فيه بالطبيعة الامنية للجدار حسب الادعاءات الاسرائيلية واكد فيه انه يمثل انتهاكا صارخا لحقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية ، وانه سوف يعزل نحو 210 آلاف مواطن فلسطيني في المنطقة الواقعة بين مسار الجدار وبين خط الهدنة لعام 1949 عن المدارس وأماكن العمل والعيادات والخدمات الصحية وغيرها من الخدمات الاجتماعية واكد فيه كذلك ان إسرائيل سوف تحكم من خلال الجدار سيطرتها الكاملة على موارد المياه الفلسطينية وسوف تدمر نحو مئة الف دونم من اخصب الاراضي الزراعية في الضفة الغربية وكما هائلاً من الممتلكات ويعزل الفلسطينيين عن اراضيهم الزراعية ومياههم الجوفية وسبل معيشتهم .

محكمة العدل الدولية طالبت دولة اسرائيل بوقف عمليات البناء الجارية وهدم وازالة ما تم انجازه من اعمال البناء باعتباره مخالفة صريحة للقانون الدولي . كما طالبت اسرائيل ، باعتبارها دولة احتلال جبر الضرر الناتج عن عمليات البناء وعمليات الهدم معا ، ودعت الأمم المتحدة وخاصة الجمعية العامة ومجلس الامن البحث في اجراءات يجب القيام بها لانهاء الوضع غير القانوني الناجم عن إعمال بناء الجدار وانشاء سجل لحصر الاضرار لهذا الغرض ، مثلما دعت جميع البلدان الأعضاء في الامم المتحدة وغير الاعضاء عدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناجم عن بناء الجدار والى الامتناع بشكل كامل عن تقديم أية مساعدات سياسية او ديبلوماسية او مادية لدولة اسرائيل في هذا الشأن . ورغم الفتوى فان إسرائيل تواصل سياسة ادارة الظهر للأمم المتحدة والمجتمع الدولي ويواصل الجدار زحفه على الاراضي الفلسطينية

ثالثا : كانت القدس حاضرة في جميع مداولات مجلس الأمن الدولي حول القضية الفلسطينية حيث دان المجلس في اكثر من قرار سياسة اسرائيل ودعا إلى إلغاء جميع الإجراءات والتدابير التي تقوم بها لتغيير وضع المدينة المقدسة ، وأكد على أن جميع الإجراءات الاسرائيلية في القدس لاغية وباطلة . وتوالت قرارات مجلس والجمعية العامة للأمم المتحدة على هذا النحو بالنسبة للقدس ، وكذلك فعلت محكمة العدل الدولية في الفتوى الصادرة عنها في تموز من العام 2004 ، دون أن تبدي اسرائيل حدا أدنى من الاستعداد لاحترام قرارات الشرعية الدولية حول القدس . سياسة اسرائيل في القدس يمكن تلخيصها على النحو التالي : مصادرة الأرض ، بناء المستوطنات ، تهجير الفلسطينيين من المدينة ، احلال المستوطنين اليهود مكانهم ، ازالة المعالم والأثار التاريخية العربية والأسلامية من المدينة ، وهي سياسة لا تؤشر على الاستعداد لبناء سلام مع الفلسطينيين .

رابعا : وتصر اسرائيل على مواصلة سياسة السيطرة على مصادر المياه الجوفية الفلسطينية ومنع الفلسطينيين من الوصول الى مصادر المياه السطحية سواء في نهر الاردن أو البحر الميت . هناك فجوة كبيرة في استخدام المياه بين الفلسطينيين والإسرائيليين هذه الفجوة نابعة من كون إسرائيل هي الجهة المسيطرة علي المياه في المصادر المشتركة مع الفلسطينيين "حوض الأردن والحوض الجوفي "،. فضلا عن ذلك فإن 50% من مخزون المياه في الضفة الغربية يتم سحبه إلى داخل إسرائيل، كما تستهلك المستوطنات في الضفة الغربية بما فيها القدس التي يقطنها نحو أربعمائة ألف مستوطن نحو 32% من المياه ، فيما حصة الفلسطينيين البالغ عددهم نحو 3.7 ملايين نسمة لا تزيد على 18%. وهذا ايضا مؤشر واضح على الاطماع العدوانية التوسعية لدولة اسرائيل .

خامسا : وتمارس اسرائيل في سياق سياسة التضييق على الفلسطينيين سياسة هدم منازل الفلسطينيين وهي سياسة تحرمها القوانين الدولية والقانون الدولي الانساني وبخاصة معاهدة لاهاي لعام 1907 واتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949 . فقد قامت اسرائيل منذ احتلالها قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس عام 1967 بهدم اكثر من 18 ألف منزل سكني فلسطيني ، وشردت عشرات الاف العائلات الفلسطينية . لا يوجد تفسير اخر لسياسة هدم منازل الفلسطينيين بحجة البناء غير المرخص ولسياسة تسمين المستوطنات ، غير سياسة ترانسفير مضمرة تمارسها دولة اسرائيل ضد المواطنين الفلسطينيين في مدينة القدس وغيرها من المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية .

سادسا : ان العالم يتابع بدون مبالاة سياسة العقوبات الجماعية المحرمة دوليا ، التي تفرضها دولة اسرائيل على المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة ، حيث تمنع دخول الوقود ومواد البناء ومدخلات الانتاج الزراعية والصناعية والمواد الغذائية والادوية لتسبب بذلك في زيادة معدلات الفقر والبطالة وتدهورا في مستويات المعيشة . في قطاع غزة تصل نسبة الاسر الفلسطينية التي تعيش تحت خط الفقر ، أي بمداخيل لا تتجاوز 2 دولار للفرد يوميا الى نحو 70 بالمئة من السكان . ليست سلطة الامر الواقع في قطاع غزة ، هي التي تتضرر من سياسة العقوبات الجماعية هذه المحرمة دوليا ، بل المواطن العادي ، وهو الامر الذي يجب أن يكون واضحا للرأي العام الدولي ، حتى يغادر سياسة عدم المبالاة وسياسة ازدواجية المعايير في التعامل مع حقوق الانسان . وفي الضفة الغربية المحتلة تمارس دولة اسرائيل سياسة خنق اقتصادي بوسائل مختلفة ، فهي تنشر الحواجز العسكرية في ارجائها. حسب التقاريرالصادرة عن الأمم المتحدة فان عدد هذه الحواجز قد زاد في الواقع بعد مؤتمر انابوليس بنسبة 7%، وارتفع من 566 حاجزا في سبتمبر (أيلول) 2007 الى 607 حواجز . وهناك 250 ألف مواطن فلسطيني في محيط القدس مقطوعي الصلة عن مدينتهم ، لا يستطيعون ادارة أعمالهم فيها ولا تعليم أبنائهم في مدارسها أو علاج مرضاهم في مستشفياتها ولا حتى الصلاة في مساجدها أو كنائسها . لا يقف خطر هذه الحواجز التي تمزق الضفة الغربية عند هذه الحدود ، بل ان تأثيرها مدمر على الحياة الاقتصادية ، اذ يستحيل أن تسير عجلة الحركة الاقتصادية والتجارية وعملية التنمية في ظل وجود هذه الحواجز العسكرية .

هذه نماذج تعكس شواهد على سياسة دولة اسرائيل . انها ليست الوحيدة ، فهناك نماذج اخرى لا تقل أهمية تتصل بحقوق الانسان ، التي تبقى غائبة عن جدول أعمال واهتمام الرأي العام الدولي عندما يتصل الامر بالمواطن الفلسطيني . للحياة البشرية قيمة عظيمة ، وفي الحق في الحياة يتساوى البشر بصرف النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية او الجنس . الحق في الحياة ، والحق في العيش بحرية خارج معسكرات الاعتقال الجماعي الاسرائيلية ، هي من الحقوق المقدسة ، التي تسمو على ازدواجية المعايير . في عدوانها الأخير على قطاع غزة سقط نحو 1450 شهيدا 30 بالمئة منهم من الاطفال واصيب نحو 4500 مواطن فلسطيني بقذائف الطائرات والدبابات ورصاص جنود الاحتلال بينهم نحو 35 بالمئة من الاطفال و15 بالمئة من النساء وقد رصدت منظمات حقوق الانسان جرائم حرب حقيقية مارستها اسرائيل في عدوانها على قطاع غزة .

أما تقارير مراكز حقوق الانسان المتعلقة بالأسرى في السجون الإسرائيلية، فجميعها تؤكد أن نحو ربع الشعب الفلسطيني تعرض للاعتقال منذ عام 1967 على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي. دولة اسرائيل تمارس سياسة الباب الدواروتحتجز على الدوام نحو عشرة الاف من المواطنين الفلسطينيين في نحو 30 من السجون والمعتقلات ومراكز التوقيف الإسرائيلية، في ظروف مخالفة لكل الأعراف والقوانين الدولية ، بينهم ( 34 نائباً) في المجلس التشريعي من أصل ( 132 نائباً) مجموع أعضاء المجلس وفي مقدمتهم رئيس المجلس ألأخ عزيز الدويك .

هذه هي صورة الاوضاع كما يعيشها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الاسرائيلي ، وهي في الامتداد صورة تعبر عن عمق المأساة ، التي يعيشها شعبنا ، خاصة اذا ما اضفنا اليها صور معاناة اللاجئين في المخيمات الفلسطينية وما تتعرض له من هزات ونكبات دورية ، كما حدث في مخيم نهر البارد ، ومعاناة اللاجئين الفلسطينيين في العراق ، الذين شردتهم الطائفية السباسية والمذهبية في انحاء هذا العالم من جديد . وفي مواجهة هذه الاوضاع يقف العالم على مفترق طرق . هنا على الادارة الاميركية الجديدة أن تقرر في احد اتجاهين : الاستمرار في سياسة هي اقرب الى ادارة ازمة وادارة صراع ، كما كانت تفعل الادارات السابقة ، او التقدم الى امام بمشروع للتسوية السياسية على اساس قرارات الشرعية الدولية توفر الامن والاستقرار لجميع شعوب ودول النطقة ، بما فيها دولة فلسطين وعاصتها القدس العربية وتصون حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم ودفع اسرائيل نحو الاستجابة لمتطلبات مثل هذه التسوية . وفي كل الاحوال فان على الجانب الفلسطيني أن ينبذ اية مفاوضات مع حكومة اسرائيل قبل اعلانها الرسمي الواضح والصريح عن وقف جميع نشاطاتها الاستيطانية وقبولها بحل الدولتين في حدود الخامس من حزيران عام 1967 وتسوية لقضية اللاجئين على اساس القرار 194 .

الاخوة والرفاق
بعد هذا فاننا نأمل ان يستوعب جدول اعمال مؤتمركم وأن تستوعب قراراتكم وتوجهاتكم ما يعزز وحدة الجاليات الفلسطينية ويمكنها من النهوض بمسؤولياتها في عدد من المهمات نذكر منها :
أولاً اقامة احتفالات وندوات ولقاءات وفعاليات سياسية وثقافية وغيرها حول القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009 ، لما لذلك من أثر في دعم صمود أهلنا في مدينة القدس والتصدي لمحاولات تهوديها وتزييف تاريخها وحضاراتها
ثانياً تنشيط دور جالياتنا الفلسطينية في فضح السياسة التي تمارسها اسرائيل ضد أبناء شعبنا في قطاع غزه والضفة الغربية والدعوة الى رفع الحصار عن قطاعنا الباسل والتوقف عن ممارسة سياسة العقوبات الجماعية المحرمة دولياً وفتح ملفات جرائم الحرب ، التي ارتكبتها اسرائيل ضد شعبنا وخاصة في عدوانها الاخير على قطاع غزه
ثالثاُ تفعيل دور جالياتنا في توضيح الصورة للرأي العام حول الاخطار التي تهدد حاضر ومستقبل شعبنا نتيجة لاصرار حكومة اسرائيل على مواصلة نشاطاتها الاستيطانية غير الشرعية واصرارها على مواصلة اعمال بناء جدار الفصل العنصري وعدم الامتثال لفتوى محكمة العدل الدولية في تموز من العام 2004 ، وفي هذا السياق نأمل أن يضع مؤتمركم على جدول أعماله تنظيم ارسال وفود التضامن الدولية للمشاركة في فعاليات بلعين ونعلين والمعصرة والخضر والخليل وجيوس ودير الغصون وغيرها ضد الاستيطان وجدار الفصل العنصري
رابعاً نحن نتطلع الى تعزيز الصلات والروابط بين أبناء جالياتنا الفلسطينية في واخوتهم في الوطن ومجتمعاتهم العربية . في هذا السياق تحضر الجامعة العربية لعقد مؤتمر للمغتربين العرب في العام القادم . دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير الفلسطينية تمثل فلسطين في هذه التحضيرات . كذلك نحضر على المستوى الوطني لعقد مؤتمر للمغتربين الفلسطينيين يمكن ان يعقد نهاية هذا العام – مطلع العام القادم . نتطلع الى مشاركتكم في المؤتمرين من أجل تعزيز الصلات والروابط بين جالياتنا الفلسطينية في الخارج ووطنهم الأم ومجتمعاتهم العربية وبما يعود بالنفع والفائدة على الجميع .

الاخوة والرفاق

كلمة اخيرة حول ما نعانيه من انقسام داخلي ترتب عليه فصل واقعي لقطاع غزة عن الضفة الغربية بما فيها القدس . ان المستفيد الوحيد من هذا الانقسام هو العدو الاسرائيلي . أن السبيل الواقعي لانهاء هذا الانقسام هو التوجه الى الحوار الوطني الفلسطيني الشامل بارادة وطنية صادقة ، تضع مصالح الشعب الوطنية فوق المصالح الفئوية والحزبية الضيقة ، للتوافق على حكومة انتقالية تعد لانتخابات رئاسية واخرى تشريعية على اساس التمثيل النسبي الكامل في موعدها المحدد مطلع العام القادم وتتولى في الوقت نفسه ادارة الشأن الداخلي الفلسطيني والامساك بملف اعادة اعمار ما دمرته الحرب الاسرائيلية العدوانية الاخيرة على قطاع غزة وفقا لآليات اعادة اعمار معروفة ، حتى لا نجد انفسنا أمام فرص ضائعة تفوت علينا امكانية مد يد العون لأهلنا الصابرين الصامدين في قطاع غزة الباسل .



عاشت فلسطين – عاش حق العودة
عاشت منظمة التحرير الفلسطينية
والسلام عليكم



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن