2008 / 12 / 9
الحوار المتمدن، تجربة خالصة قادرة على اجتراح المعنى الجديد والصورة الجديدة في حالة من الوعي التجريبي لتحرير الذاكرة العربية مما علق بها من قديم المعتقدات ومتخلف الأفكار. تجربة تخوض حرباً نقدية ضد توظيف الكلمة لما يبتعد بها عن رسالتها السامية، وترقى بها إلى مستوى من المغامرة المحسوبة مهنياً والهادفة إلى الإبحار بالقارئ نحو ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، بالرغم من الظروف غير السوية التي تمر بها الكتابة في عوالمنا العربية المتخلف وتمركزها داخل حاوية التبعية والاستغلال مبتلى به من ديناصورات الديكتاتورية الغاربة، ووحوش الهيمنة الكاسرة، لتخليصه من عثمات الجهل المفروض عليه عنوة.
الحوار المتمدن، تجربة وسؤال دائم الإنجاز والتجدد. تجربة مفتوحة لا تقبل التكرار والمحاكاة والانغلاق، تنفر بطبيعة توجهها من التعقيد، وتهوى الانطلاق في فضاءات المغامرة اللانهائية الساعية للبحث عن ما يغري ويستميل روح القارئ لمتابعتها وهو مغمور بالفرحة والدهشة والأسئلة.
الحوار المتمدن عالم خيال وحقيقة، عالم جدي، يستمد وجوده من أرض الواقع الهاجعة في أعماقها الإنسان. عالم جاد يتفجر من حنين دائم إلى غدٍ إنساني حرٍّ جميل. عالم جدي وجاد، لكنه ليس ببائس ولاشديد الجفاف رغم عمق التعبير المخاطبة للنخب العلمية والثقافية الراقية، و أشكال الانتاجات الموجهة للوجدان البشري في كل حدوده و مستوياته، حتى استحق بذلك أن كان وعاءً إبداعياً لكل ميادين الإبداع الإنسان العربي، فنا وشعراً وقصة ونقداً واقتصادا وسياسة.
ولإنارة الدروب من أجل إتقان المسير، ولذلك كانت حرة كالطيورالغناءة، غير أسيرة لذاكرة بالية تَراكمَ عليها غبار القرون، ولا صدى لحاجات البقاء، وختارت النهج المتحرر، والشكل الأنسب للكتابة، و المواضيع التي تأنس إليها، والصور التي تعكس ما تراه مناسبا لوصف ما يعيشه الآخرون بالتصوير المرهف والصادق لكل حالات الإنسان -ذلك المخلوق المكرم المميز، بشقيه المتوازيين الجسد و الروح-، ونوازعه وتجليات تصرفاته ومظاهر تواجده، والتعبير عن مأسيه وواقعه و محيطه، والتغلغل العميق في أغوار نفسه وفي تموجات انفعالاتها من أجل استقراء أصناف المشاعر والأحاسيس التي تمور فيها.
لا شيء أسعدني فيها وأنا المبتدأ، إنها عمقت لذي الرغبة في مواصلة السباحة في عوالم الكتابة التي لا حدود لها ولا حواجز و ساهمت في إيجاد من يقرأ لي، ولا أحد يتمنى شيئا أكثر من أن يكون بين القارئين لما يكتب بعض من زبدة النخب وعلية القوم والرتب ومن يهمهم ما يُكتب ، من أدباء وفقهاء ورجال القلم والكلمة .
فلا نعمة غُمرتني بها " الحوار المتمدن" أفضل وأعم وأغلى من أن يكون بين القارئين لتجاربي ذوي الإطلاع الواسع والخبرة الكبيرة في فن الكلمة، هذه بحق نعمة يحق لغيري، أن يغبطني عليها و يحسد، نعمة لا تتسنى لكثير من مدراء الجرائد والمجلات ، وأصحاب الأقلام المسلولة .
الموقف لا يمكن وصفه بالكلمات، فهي قاصرة عاجزة عما يخالجني من مشاعر لأرد لها بها بأحسن مما مكنتني من تقدير و اهتمام، ذاك التقدير الذي أعتز به هو في نفس الوقت وحقيقته تكليف ومسؤولية طوقني بها أحبائي الأساتذة الأجلاء في الحوار المتمدن. فما أحدثته في القلب والإحساس والمشاعر أكثر من أن يوصف، لذا يحق لي أن أفتخر بها و بكل الطاقم القائم عليها. فشكرا ألف مرة، وهنيئا لنا بعيد مولد هذا الطود الثقافي المتميز الذي
وكل عام وأنتم بالف خير وعيد مبارك سعيد
https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن