الدعوة إلى تجاوز الرأسمالية لمصلحة من ؟؟!!

كامل عباس
fared5@gmail.com

2008 / 10 / 20

بينما كنت انتظر دوري في عيادة الطبيب. وقعت عيناي على جريدة النور من بين عشرات الصحف والجرائد التي توفرها العيادة في غرفة الانتظار, وجدتها فرصة للاستفادة من الوقت الضائع . بدأت بالعدد الأخير تاريخ 16 /10 / 2008. تصفحت صفحاته كلها, وقف رأس شعري هلعا, رئيس التحرير يعنون افتتاحيته حرفيا – تجاوز الرأسمالية .. مهمة مطروحة – والمحررون جميعا يعزفون على هذا الوتر بعناوين تحمل نفس الشحنة البلاغية- أزمة نظام لا أزمة أسواق – وآخر يقول – أزمة في الرأسمالية لا إفلاس مصارف – وجميع المحررين متفقون على ان الأزمة أعادت للماركسية بريقها ونقاءها وما زالت هذه النظرية الأصلح لفهم الكون والحياة ولمعالجة قضايا المجتمع المعقدة والمستعصية. ترى ماذا تركت جريدة النور لزميلاتها من الصحف الشيوعية "الثورية " مثل جريدة نضال الشعب وجريدة قاسيون ! هربت من العدد المشحون حتى نقي العظم بالأيديولوجيا , نحو العدد السابق , وفيه يعنون رئيس التحرير افتتاحيته حرفيا – لا للإرهاب -
استوقفني هذا التناقض بين الافتتاحيتين في العددين وحرضني على كتابة هذه السطور.
ليسمح لي الأستاذ يعقوب أن أفسر له كيف وجدت عنوان افتتاحيته النارية يخدم الإرهاب.
لنتصور لا سمح الله أن كل القوى الشعبية استجابت للدعوة وعملت من اجل تجاوز الراسمالية فتفكك النظام العالمي الحالي و ماذا ستكون النتيجة ؟ ستكون على ما اعتقد نظام جديد ’ الفاعل فيه أنظمة شمولية سواء كانت اسلامية او قومية او شيوعية , تعيد سيرة النظام العالمي السابق على الحالي , وتعطي جرعة إضافية ودم حار لأسوا شرائح الرأسمالية. مشكلة الشيوعيين الذين لم يستوعبوا دروس الماضي أنهم مازالوا مصرين على حرق المراحل , انهم لا يقيمون وزنا لتوازن القوى على الأرض , ولا يستهويهم ذلك, المهم عندهم هو رفع الشعارات الثورية. ان نواب كتلة النور ذاتهم كانوا استنادا إلى منطقهم هذا , وراء الدعوة الى استصدار قرار من مجلس الشعب السوري عنوانه قانون محاسبة أمريكا, على اعتبار ان سوريا دولة ند لدولة أمريكا.
من جهة أخرى كيف يسمح شيوعي مخضرم لنفسه ان يعنون افتتاحيته هكذا وهو يعلم بناء على تعاليم نظريته أن الدعوة الى تجاوز النظام – يلزمها توفر شرطين ( موضوعي وذاتي) وإذا كانت الأزمة الحالية برأي رئيس التحرير تشير الى نضج الظرف الموضوعي , فهل الأمر كذلك بالنسبة للظرف الثوري ؟ وبالتالي تصبح عندئذ كتابته بالقلم العريض – تجاوز الراسمالية مهمة مطروحة - أمرا مقبولا , اما اذا كان الأستاذ يرى بان الظرف الذاتي غير ناضج كما يلمح في الافتتاحية , فأنا أدعوه انسجاما مع نظريته الى تغيير العنوان والاعتذار للقراء منه أيضا .
ليست المرة الأولى التي تعصف أزمة كهذه بالرأسمالية , ولن تكون الأخيرة , وقد نحتاج الى مائة عام آخر لكي يتوفر ظرف ثوري للانتقال الى الاشتراكية.
ناهك عن ان ديالكتيك عصرنا يقول : ان رافعة الانتقال هي الوعي وليس العنف الثوري , لأن النفخ في شرارات الصراع الطبقي لنجعل منها حريقا هائلا , قد يحرق الشيوعيين أيضا .
أما إذا أردنا ان نقصر المدة ,فعلينا أن نكون أكثر واقعية في السياسة وندعو إلى ما هو ممكن – كون السياسة فن الممكن . أي الى مزيد من الإجراءات الديمقراطية التي توفر المناخ لتحسين شروط وحياة ووعي الطبقات المنتجة .
كتبت قبل سنوات مقالا بعنوان – سلطة النقل أقوى من سلطة العقل عند اليسار السوري- وجاءني الرد صاعقا في جريدة قاسيون بقلم حمزة منذر , صورني كاريكتير الجريدة وأنا ادفع عربة بوش إلى الأمام . ترى ماذا سيكون نصيبي هذه المرة من جريدة النور؟
– اللاذقية



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن