مصر إناء يغلى على النار

سعيد ابوطالب
sabutaleb@yahoo.com

2008 / 7 / 3

مصر إناء يغلى فمن يطفئ النار؟
مصر الآن تبدو كإناء يغلى، يحتاج إلى من يطفئ النار، أو على الأقل يرفع الغطاء ليعطى ما بداخل الإناء إتساعا يسمح بتفادى الإنفجار.
نعم نحتاج لمن يرفع الغطاء وينصت للأنين المتصاعد متخليا عن سلوك النعامة التى تدفن رأسها فى الرمال،وسلوك السلحفاة التى تنكمش داخل غلافها السميك.
سلوك النعامة يدعى أنه لا تمييز دينى ولا يحزنون،وعلى المسيحيين أن يحمدوا الله على ماهم فيه ويتوقفوا عن الشكوى،أليسوا أفضل من الأرمن الذين أبادتهم تركيا؟،أليس بقاؤهم فى البلد الإسلامى أفضل من إلقائهم خارج مصر؟.
وعزلة السلحفاة ترسخ إنغلاقا وبعدا عن المشاكل،و إن أخفت قناعات النقاء العنصرى للمسيحيين المصريين والإحتلال الإسلامى لمصر المستدعى قسرا من باطن التاريخ،والرغبة فى إلقاء المسلمين الى بطون الجزيرة العربية من حيث أتوا.
ونحن لاننكر بل نؤكد على وجود التمييز الدينى فى مصر الذى قد يصل احيانا الى حد الاضطهاد،ولا ننكر تجبر الاغلبية الدينية،بل نرصد أيضا روافده المتمثلة فى رغبة الدولة أولا ،رغم الطنطنة بالمواطنة، وإستدعاء الجمهور لتراث دينى وإجتماعى لايعرف قبول الآخر بتغذية من نخبة لم تر إلا نصف الكوب وتجاهلت النصف الآخر الذى إحترم كل الأديان السماوية، وتمييز نابع من فصائل سياسية تستخدمه كنوع من الإنتهازية لتزغزغ مشاعر جمهور متعطش لتمايز دينى.
ولا ننكر أيضا رد الفعل القاصر أحيانا والمتمثل فى الاصرار على الانعزال خلف غطاء السلحفاة السميك.
قد يؤدى الانعزال وادعاء النقاء العرقى على اساس ان كل المسلمين عرب محتلون،الى زيادة تجبر الاغلبية ، او الإستعانة بقوى دولية،تحدث توازنا قسريا يؤدى فى النهاية الى تفكك مصر.
ان دعوات مثل حمل السلاح للدفاع عن النفس التى يدعو اليها بعض الشباب المصرى او استدعاء بوش للدفاع عن أقلية مضطهدة او مطالبة البابا بالقيام بدور سياسى بدلا من التوجه بالشكوى الى رئيس الجمهورية او مجلس الشعب،هذه الدعوات هى سكب البنزين على النار.
هذه الدعوات ماهى الا احياء للمعلم يعقوب المثير للجدل و الذى ارتبط بتأييد الاحتلال الفرنسى لمصر،وخرج الى فرنسا مع قوات الفرنسيين المهزومة دون رجعة ،رغم إدعاء لويس عوض وصبحى وحيدة أنه بطل الإستقلال القومى الأول، ولكن رآه الجبرتى خائنا مثله مثل مراد بك.
دعونا نقتبس صورة من التاريخ القريب-مع الفارق- وهى صورة اليهود فى العقل الغربى.
ظلت الصورة السائدة لليهودى فى العقل الغربى هى صورته فى "تاجر البندقية"لويليم شكسبير،واستمرت حتى بعد الحرب العالمية الثانية رغم ماصاحبها من مجازر ضد كل ماهو يهودى.
وساعد على استمرار هذه الصورة:
1- اصرار اليهود على انهم جنس واحد له صفات تميزه عن باقى الاجناس.
2- الانغلاق الشديد وعدم الاندماج فى المجتمعات التى يعيشون فيها.
هذا دون التقليل من اثر قهر هذه المجتمعات لهم وتجبرها عليهم.
لم تتغير هذه النظرة لليهودى الا بعد إرادة سياسية رسخت المدنية وقبول الآخر والحريات الواسعة للمواطنين ،و ظهور مفكرين يهود ارتبطوا بالفكر اليسارى والاستنارة داخل المجتمع الاوروبى والامريكى واصبح ممكنا الا تستطيع تمييز ديانته من خطابه بل صار مدافعا عن مبادىء تهم الانسانية بشكلها العام او مجتمعه كله وليس فئة معينة او طائفة محددة،وانفك الجيتو بشكله القمىء.
من الدولة كان الدور الحاسم ولم تستطع الاغلبية عرقلة هذا الإتجاه بل إستجابت له وكذلك الأقلية.
لم يمر هذا الاندماج او التحول الفكرى داخل اليهود بطريقة سلسة بل تراوح بين التراجعات والنجاحات لامد طويل.
ارتباط المسيحيين كافراد بجماعات الاستنارة التى تدافع عن المضطهدين المصريين دون النظر للدين او اللون او الجنس هو اكبر حماية لهم،من يجرؤ على ايذاء جورج اسحق على اساس دينه؟.
من ينسى دور المطران كابوتشى فى مقاومة الاحتلال الصهيونى؟.
هل نستطيع أن نطفئ النار؟ أم نرفع الغطاء؟ مدوا أياديكم إلينا لنقيم وطنا بلا تمييز دينى ،دولة مدنية لا تقيم أفرادها على أساس الدين. م:سعيد ابوطالب





https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن