دور ماو تسيتونغ في تطوير الماركسية اللينينية - الفصل الثالث - الإقتصاد السياسي - 14


جريس الهامس
2007 / 6 / 11 - 12:52     

دور ماوتسي تونغ في تطوير الماركسية اللينينية -- الفصل الثالث – الإقتصاد السياسي –14
كما وضعت الماركسية الحاول لمعظم القضايا الإقتصادي والإجتماعية والسياسية التي أفرزها النظام الرأسمالي ويعاني منها المجتمع وحياة الناس بصورة عامة وفي مقدمتها : التضاد بين الريف والمدينة ومشكلة الإسكان والعمل ونتائجها وانعكاساتها على الطبقات المحرومة والمجتمع بشكل عام .
وقال أنجلز :
إن الحل البورجوازي لمشكلة الإسكان والعمل وفق الإعتراف الخاص للكاتب البورجوازي النمساوي – إميل ساكس – قد يضعضع كيان المجتمع ..
ولقد تضعضع فعلاّ من جرّاء التضاد بين المدينة والريف .. وبذلك نبلغ جوهر القضية .. إن مسألة الإسكان لايمكن أن تحل إلا حين يبلغ المجتمع مرحلة
من التحول كافية من أجل بدء الإنطلاق نحو إلغاء التضاد بين المدينة والريف ( بعد توفر قاعدته المادية والمجتمعية والسياسية والطبقية لهذا الحل )
.. هذا التضاد الذي بلغ أقصاه بفعل المجتمع الرأسمالي الراهن .. إن المجتمع الرأسمالي الراهن لا يمكن أن يلغي هذا التضاد . ( كما لايمكنه أن يوقف خراب الريف وهجرة الملايين من سكانه ليشكلوا أحزمة البؤس والأمراض الإجتماعية المختلفة و الفاقعة حول المدن كما هو الحال في معظم المدن العربية .
ومنها مدينتي حلب ودمشق والقاهرة وتونس وغيرها كنتيجة حتمية لأنظمة الإستبداد والرأسمالية الكومبرادورية اللاوطنية - )
بل إن النظام الرأسمال الراهن مجبر على النقيض من ذلك على استمرار هذا التضاد وتشديده يوماّ بعد يوم ... ( المثال صارخ في سورية الأسيرة
على وجه الخصوص بعد اغتصاب العسكر الريفي والطائفي معاّ السلطة منذ أربعين عاماّ وبنى نظاماّ توتاليرالياّ همجياّ رعته الأمبريالية والصهيونية
منذ خطواته الأولى .. وهذا المثال وغيره يصفع المتمركسين الجدد أو أعداء الماركسية الذين أعلنوا وفاة الماركسية اللينينية أو شيخوختها ......—
مسالة الإسكان -- .
وضع أنجلز الحل أو اكتشفه مع رفيقه ماركس بقوله :
ليس إلغاء التضاد بين المدينة والريف ممكناّ وحسب .. بل أصبح ضرورة من ضرورات الإنتاج الصناعي نفسه مثلما أصبح ضرورة من ضرورات الإنتاج الزراعي ومن ضرورات الصحة العامة ...
إن التسميم الراهن للماء والهواء والأرض والغذاء لايمكن وضع حد له إلا بمسواة الريف والمدينة في التنمية وانصهار المدينة مع الريف في كيان واحد ومتشابه .. إن مثل هذا الإنصهار وحده يستطيع أن يبدل أوضاع الجماهير التي تتفسخ في المدن حالياّ __ أنتي دوهرنغ ص 358 – 359 )
وأكدت الماركسية الحقيقة التالية .. بدون إزالة الفوارق الطبقية والإقتصادية والمعاشية وبالتالي الفكرية والإجتماعية بين الريف والمدينة ودمج الصناعة
بالزراعة بعد مكننة الزراعة وتصنيع الريف .. بدون تحقيق ذلك لايمكن بناء الإشتراكية بنجاح وتطورها إلى المجتمع الأرقى – الشيوعية –وزوال النظام الرأسمالي القائم على استغلال المدينة للريف وتوسيع شقة التناقض بينهما وعلى استغلال الإنسان للإنسان بشكل عام .
وهذا ما حاولت التجربة الإشتراكية الصينية تحقيقه في عهد الرئيس ماوتسي تونغ لأول مرة في التاريخ بدمج الصناعة بالزراعة والسلطة السياسية بالسلطة أو الإدارات الإقتصادية المنتخبة من المنتجين مباشرة ونقاباتهم المنتخبة ديمقراطياّ في الكومونات الشعبية التي تجاوزت تجربة الكولخوزات والسوفخوزات في التجربة السوفياتية المختصة بالزراعة فقط كما سنرى في الأبحاث القادمة ... وهذه البرامج لايمكن تحقيقها إلا وفق مناهج البناء الإشتراكي الحقيقي ...لا المزيف والكاذب – كإشتراكية الأنظمة العسكرية الفاشية العربية وغيرها في بلدان العالم الثالث التي أنتجت مافيات القتلة واللصوص وعملاء أمريكا وأصحاب المليارات المنهوبة من المال العام والخاص على أشلاء الشعوب المضطهدة – النظام الأسدي نموذجاّ منها ..—
وتبعاّ لذلك وبعد تحقيق برامج الدفاع عن الوطن وتحطيم أي معتد غاشم ... لابد من إعادة توزيع السكان من جديد ونقل هذه المجموعات المحشورة في المدن كالذباب دون إنتاج سواء كان يحتويهم النظام الأوليغارشي التخريبي في أجهزته الطفيلية والقمعية التي تعمل كالعلق على جسد الدولة والمجتمع تمتص
دماءه وحيويته حتى النخاع . أو تحتويهم البطالة المقنعة ومهن الإحتيال والإنحطاط ...
ونقلهم إلى العمل المنتج في الصناعة والزراعة والقضاء على مهن الإحتيال ونهب الشعب وتدمير أبنائه بالإنحراف الفكري والأخلاقي واستقطابهم إلى شبكات التجسس والتخريب والمخدرات والدعارة ...الخ المنتشرة كالوباء في كل زاوية من زوايا المدن ...وبالتالي القضاء النهائي على استغلال المدينة للريف ونهب ثمرة أتعاب الفلاحين الفقراء . حيث يقوم بورجوازيو المدن القدامى .. أو الجدد الأكثر جشعاّ وهمجية الذين انحدروا من الريف الفقير وحلوا محل البورجوازيين القدامى بل فاقوهم نهباّ واستغلالاّ واستعباداّ للشعب بما لايقاس ..خصوصاّ أنهم ينهبون بحماية الجزمة العسكرية وجزء لايتجزأ منها طائفياّ وعشائرياّ (..النظامان التوأمان في العراق وسورية نموذجاّ )
هذا النظام الرأسمالي الجشع والأكثر جشعاّ وهمجية لايمكن القضاء عليه إلا بثورة طبقية عارمة تبني سلطة الأكثرية الساحقة المضطهدة من الشعب وعمودها الفقري العمال والفلاحون الفقراء وسائر الشغيلة والمنتجين الوطنيين والجنود وتبني الإشراكية الديمقراطية والوحدة الوطنية الفولاذية مارة بمرحلتين :
1- مرحلة الثورة الديمقراطية الشعبية والتحرر الوطني
2- مرحلة الثورة الإشتراكية
عرّف لينين مذهب ماركس الإقتصادي بما يلي :
( إن دراسة علاقات الإنتاج في هذا المجتمع المحدد تاريخياَ ( المجتمع الرأسمالي ) من حيث ولادة هذه العلاقات وتطورها وزوالها هي مذهب ماركس
الإقتصادي – مصادر الماركسية الثلاث ص 32 - )
كما شرح المعلم لينين الخطوط العامة للإقتصاد السياسي على ضوء دراسات واكتشافات ماركس – إنجلز وطورها على ضوء الواقع الموضوعي لبلد زراعي بالدرجة الأولى كروسيا القيصرية ..
دحض أولاَ تيار الأممية الثانية وسائر الإنتهازيين الذين زعموا بأنه لايمكن نجاح الثورة العمالية والإستيلاء على السلطة في بلد زراعي متخلف كروسيا .. ولايمكن نجاحها إلا بعد تشكيل الملاكات والكوادر المثقفة والتقنية في ظل الرأسمالية والبلدان الصناعية المتطورة ... وهذا الزعم البورجوازي الصغير
يتفق مع المثل العربي القائل : - نهييْ المعلف قبل قدوم الحصان –
قال لينين : ( لنسلم معكم , ولكن لماذا لايمكن قلب المسألة : فنستولي على السلطة أولاّ ونخلق الظروف الملائمة لتطور الطبقة العاملة ونسير بخطى ثابتة إلى الأمام لنرفع مستوى جماهير الشغيلة الثقافي ونكوّن الملاكات والقادة ورجال الإدارة المنبثقين من صفوف العمال وباختيارهم الحر –الثورة البروليتارية
والمرتد كاوتسكي -- )
كان كاوتسكي زعيم الأممية الثانية يعتبر بلوغ الإشتراكية لايمكن أن يتحقق إلا في البلدان الصناعية الكبرى التي تطورت فيها الرأسمالية وقوة الإنتاج لدرجة كبيرة كالولايات المتحدة وفرانسا وألمانيا وإنكلترا .. أما في روسيا الزراعية المتخلفة فلا يمكن حدوث الثورة وبناء الإشتراكية لأن قوة الإنتاج ضعيفة ... والتقى سائر الإنتهازيين حول هذه النظرية المسماة ( قوة الإنتاج ) أمثال جماعة بليخانوف , وإنشتاين , وشيدمان وغيرهم . وحذا حذوهم
في الصين الإنتهازي تشن نوشيو...
وقف لينين الموقف الماركسي الأصيل في دحض هذه النظرية البورجوازية ليؤكد بشكل صارم , إمكانية نجاح الثورة في روسيا المتخلفة قبل غيرها , لأنها كانت الحلقة الأضعف في النظام الرأسمالي توفرت فيه التناقضات الرئيسية الثلاث التي حددها لنجاح الثورة .. وقد أثبتت ثورة أوكتوبر صحة رأي لينين الذي قال في اّخر مقال كتبه قبل وفاته المبكرة مع الأسف برصاص الغدرالصهيوني لحزب البوند عام 1924 :
( صحيح أن قوى الإنتاج متخلفة عندنا عن أوربا , ولكن لماذا لايمكننا نقل سلطة الحكم وقيادة الإنتاج إلى يد الطبقة العاملة – البروليتاريا – وندفع قوة
الإنتاج إلى الأمام ونخلق الظروف الأفضل لتطوير الإنتاج ؟ )
كما قال كاشفاّ خيانة كاوتسكي زعيم الأممية الثانية :
( الخلاف بين التحريفية والماركسية يكمن بالضبط في التضاد بين إصلاحية سلمية وثورة طبقية جذرية ....
لكي يستر كاوتسكي خيانته للطبقة العاملة عمد إلى الحيلة كليأّ في كل خطوة ولاحظوا كيف كشف قصده الحقيقي باحتيال فكتب يقول : - سلمياّ إذاّ بالطريق الديمقراطي – ليخفي عن القارئ السمة الرئيسية لنفيه الثورة من ألأساس وانكشفت الحقيقة وهي التضاد بين ثورة سلمية وثورة عنيفة , هنا يتذرى الأرنب البري . إن كاوتسكي بحاجة إلى الحيل والطوباوية والتزييف والخداع لكي يتهرب من الثورة , ولكي يستر إنكاره لها وانتقاله إلى جانب البورجوازية
هنا يتذرى الأرنب البري ... – الثورة البروليتارية والمرتد كاوتسكي – 1918 )
( تلك هي الإنتهازية الأكثر صفاءَ ووضوحاَ ,إنها في الواقع العدول عن الثورة وخيانتها مع الإعتراف بها بالكلام فقط . إنها خطوة إلى الوراء . أما بالنسبة لنا فإننا سنقطع كل علاقة مع هؤلاء المرتدين عن الإشتراكية وسنناضل لتهديم جهاز الدولة القديم المعادي للشعب والطبقة العاملة لكي تصبح الطبقة العاملة بمحالفة الفلاحين الفقراء وسائر الشغيلة هي نفسها الحكومة – الدولة والثورة ..)
وهنا يشبه موقف زعماء الأممية الثانية الإنتهازي من الثورة إلى حد كبير, مواقف تروتسكي التي التقت مع مواقف مارتوف والمناشفة من ثورة 1905 البورجوازية , وانتقاله من موقع لاّخر بصورة بلهوانية في ثورة أوكتوبر وبعدها متستراَ بشعار اللينينية وكما وصفه لينين :
( لم يكن لتروتسكي رأي ثابت في يوم من الأيام في أية قضية جدية من قضايا الماركسية فقد كان يتسلل في ، الثغرات ، والإختلافات , وينتقل من معسكر إلى اًخر ..)

كما قال لينين : ( إن كاوتسكي يسير على سياسة بورجوازية صغيرة نموذجية على سياسة ضيقة الأفق مبتذلة حين يتخيّل أن إعلان شعار ما يغيّر شيئاً في القضية .... والديمقراطيون البرجوازيون وضعوا دائماً ويضعون دائما كل أنواع ( الشعارات ) المطلوبة لكي يخدعوا الشعب فالمهم هو التثبَت من صدقهم والمقابلة بين الاعمال والاقوال وعدم الإكتفاء منهم بالعبارات المثالية والتدجيلية بل التفتيش عن محتواها الطبقي الحقيقي ) – المؤلفات الكاملة المجلَد 23 ص 377 – .
" إن انعتاق الطبقة المضطهدة مستحيل لا بدون ثورة عنيفة وحسب بل وكذلك بدون تحطيم جهاز سلطة الدولة الذي أنشأته الطبقة السائدة " – المجلد 21 – كاملة ص 373 - . " لكي تكسب البروليتاريا أغلبية السكان إلى جانبها يتوجب عليها : أولا أن تسقط البرجوازية وتستولي على سلطة الدولة . ثانيا : أن تقيم السلطة السوفياتية بعد أن تحطَم شر تحطيم جهاز الدولة القديم ناسفة بذلك دفعة واحدة سيادة وسلطان ونفوذ البرجوازية والتوفيقيين أنصار التوفيق بين الطبقات - الإصلاحيين – البرجوازيين الصغار من نفوذ بين أغلبية جماهير الشغيلة البروليتاريين وذلك بسد حاجاتهم الإقتصادية ثوريا على حساب المستثمرين " – المجلَد 24 ص 647 لينين - . .... يتبع
لاهاي / 10 / 6