أطروحات ماركسية حول العولمة


حزب العمل الوطني الديمقراطي
2007 / 6 / 4 - 11:26     

الجزء الأوّل: الرأسمــاليّة، الإمبـرياليّة

1- إن أسلوب الإنتاج الرأسمالي يتموقع في أعلى درجات الإنتاج السلعي الذي يحتوي على قوة العمل و كل النشاطات الإنسانية تقريبا.

2- تتميز الرأس مالية بخاصية الملكية الحصرية للرأسماليين و الملاّكين الكبار المالكين لوسائل الإنتاج و التبادل من خلال استغلال اليد العاملة للطبقة العاملة المحرومة من وسائل الإنتاج و المضطرة إلى بيع قوة عملها لتعيش عبر إنتاج السلع قصد ضمان الربح عبر تطور دوري للأزمات المنظمة.

3- إنّ كل تاريخ الرأسمالية يؤكد تحاليل ماركس و أنجلز حول قوانين التطور و حول وجود الشروط المتناقضة بين الرّأس مال و العمل التي هي مصدر الصّراع الطبقي في النظام الرأسمالي.

التملك الخاص للقيمة المضافة المنتجة من قبل العمال هي القانون الأساسي للرأسمالية.

4- في ظل الرأسمالية توجد طبقات و شرائح اجتماعية وسطيّة، وهي مخلفات أسلوب إنتاج سابق أو هي نتاج لتطورات قوى الإنتاج.
هذه الشرائح الاجتماعية هي غير متجانسة و متنوعة، وينتمي عمال الفلاحة المرتبطين بالملكية الكبيرة المالية إلى البروليتريا الريفية، إن وضع العمال قد تغير، فالمكننة و المهمات القائمة على التكرار و العمل .....و النسق الجهنّمي و عدم ثبات العمل حول أجزاء من هذه الفئة إلى بروليتريا بينما حافظ جزء آخر من العمال الذين لهم وظائف تقليدية على وجودهم، هذا الجزء الأخير هو حليف البروليتريا الصناعية.

إنّ الرأسمالية عبر التطور التدريجي تركز طرق الاستغلال الفلاحية و تخرب جزءا من المزارعين أو من طبقة الفلاحين، بينما يتمكن الفلاحون الصغار المهددون بالسياسية الفلاحية للمجموعة الأوربية من الصمود بشكل أو بآخر في البلدان الرأسمالية المتطورة. و يجب على البروليتريا أن تربح هذه الشرائح كحليف لها.
إنّ الفلاحين المتوسطين يواصلون وجودهم كوجه أساسي للريف، و إنّ للفلاّح المتوسّط وضع مزدوج: فهو يملك وسائل الإنتاج و عامل في نفس الوقت.

و هذا ما يتيح فرص التذبذب أو التردد بين الطبقتين المتنافرتين أي البرجوازية و البروليتريا. يجب تحييد الفلاح المتوسّط في النضال من أجل تحقيق الثورة.

تتكون البرجوازية من شرائح مختلفة: البرجوازية الاحتكارية أو الأولغارشيّة المالية التي تسيطر على ملكية الشركات الاحتكارية كما تسيطر على المجالس الإدارية و المديرين و كبار المسئولين الذين يمتلكون عدّة أنشطة، و تنتمي هذه الفئة لديكتاتورية البرجوازية التي تمثّل الفئة الحاكمة، البرجوازية المتوسطة (غير الاحتكارية) و هي الشريحة الرأسمالية التي تملك المؤسسات المتوسّطة و الصّغرى.
ينتمي إلى البرجوازية الملاك الكبار للمالية، و المهن الحرة، و كبار الموظفين لجهاز الدّولة (البيروقراطية الدائمة).

إنّ الطبقة البرجوازية في مجملها هي عدوّة الثوّرة. يوجد كذلك أشكال مختلفة من الشرائح المدينية (أو الحضرية) المثقفون و الأجراء و الإطارات و مهندسو التأطير إلخ... الذين يمكن للبروليتريا تجميعهم أو تحييدهم.

5- ككل نظام اقتصادي، الرأسمالية تحكمها " قوانين موضوعية مستقلة عن إدارة الناس ماركس.

يجتمع فعل قوانين التمركز (مركزة رأسمال دولية متصاعدة تقوي الإنتاج) في بداية القرن العشرين فإن رأسمالية حرية التناقل تحولت إلى رأسمالية احتكارية لذلك فإنّ المرحلة الصاعدة للرأسمالية انتهت.

6- الرأسمالية الاحتكارية قد حددها لينين بالإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية.

7- إنّ السمات الرئيسية و الخصائص الجديدة للرأسمالية التي توصلت إلى مرجع الإمبريالية التي قام لينين بتحليلها هي:

أ‌- الإمبريالية هي رأسمالية متعفنة و طفيلية.

ب‌- هي تمهيد للثورة الاشتراكية لمنتجي الثروات الاجتماعية و التي تقودها الطبقة العاملة.

8- إنّ المؤشرات الاقتصادية الرئيسية للإمبريالية هي:

1) إنّ تمركز رأس مال و الإنتاج يقود إلى تكوين احتكارات متعدية الجنسيات. اليوم توجد 200 شركة متعدية الجنسيات تنتج 30 % من الإنتاج العالمي الخام.

هذه الاحتكارات التي لا تزال ذات أساس وطني، و اعتمادات مالية مختلفة دوليا، تلعب دورا اقتصاديا قطعيا أو حاسما.

فالاحتكارات الكبرى تتجاوز دولها "الوطنية" و تفرض الإجراءات و التدابير الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية على البلدان المهيمن عليها، كذلك البلدان المهيمنة.

2) إنّ اندماج الرأسمال البنكي و الرأسمال الصناعي يكوّن الرأسمال المالي، فالأوليغارشية المالية تكون الشريحة الحاكمة لديكتاتورية رأس المال.

3) إنّ تصدير رؤوس الأموال يتقدم على تصدير السلع.

4) إنّ تكوين اتحادات احتكارية دولية خاصة في شكل كارتالات Cartels دولة وفي شكل احتكارات عابرة للقارات. فالولايات المتحدة هي القوة الوحيدة العابرة للقارات و هو ما يضمن لها هيمنة عالمية.

5) إنّ تقسيم العالم من قبل حفنة (مجموعة) من الدول الإمبريالية، على أساس التنافس الاقتصادي، و الصراع التنافسي، يولد توازنا غير ثابت يمكن أن يقود ﺇلى حروب امبريالية، بما في ﺫﻟﻙ حروب بين الإمبرياليات.

إنّ التنافس بين القوى الإمبريالية الكبرى كان سببا لحربين عالميتين (موت 67 مليون). و لعدّة حروب ﺘﺩﺨﻠﻴﺔ واستعمارية.

فالرأسمالية هي المصدر الموضوعي للحروب.

طالما يوجد هذا النمط من الإنتاج الرأسمالي فالحروب محتومة.

9- الإمبريالية تزيد في حدّة التناقضات الداخلية للنظام الرأسمالي، التي هي:

1 – التناقض بين العمل و رأس مال.

2- التناقض بين البلدان المستعمرة و المستعمرات أو شبه المستعمرات.

3- التناقض بين تطور قوى الإنتاج و علاقات الإنتاج القائمة على الاستغلال والتي أصبحت قديمة.

كما يمكن الإشارة أيضا إلى التناقض الأساسي بين الخاصية الأكثر فأكثر اجتماعية للإنتاج، و التملك الخاص الرأسمالي للثروات الاجتماعية المنتجة، أي التناقض بين فائض الإنتاج و نقص استهلاك الطبقات الشعبية الذي يقود إلى أزمات دورية أو نظامية.

إلى جانب هذه التناقضات يمكن إضافة التناقضات الخارجية بين الدول الرأسمالية و الدول السائرة نحو الاشتراكية (كوبا، كوريا الشعبية، فيتنام، الصين، لاووس)

10- الإمبريالية تشكل منعطفا رجعيا في كل المجالات التي تهدف إلى ضمان الربح الأقصى (ربح الاحتكارات) من خلال الإستغلال المدعم عن طريق إفلاس الملاكين الصغار( الفلاحين و الحرفيين) و كذلك تفقير أغلبية العالم وتطويع شعوب الدول التابعة و المستعمرات الجديدة ونهبها عبر الحروب و العسكرة المتصاعدة للأنظمة الاقتصادية الوطنية و القارية.

11- في المجال السياسي أيضا، تشكل الإمبريالية منعطفا للديمقراطية البرجوازية نحو الرجعية (لينين).لقد أصبحت الأشكال البرلمانية ثانوية وأصبحت كل أنظمة الحكم محتكرة بأيادي السلطة التنفيذية التي بدورها تتقلص شيئا فشيئا و السلطة الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية دستور الجمهورية الخامسة في فرنسا.،

فالمراقبة الشعبية تقلصت إلى الحد الأدنى، و تدير الحكومات المختلفة سياسة مفروضة من قبل مجالس الإدارة التابعة للاحتكارات .

12- تظهر الرجعية أيضا في السياسية الخارجية حيث تسيطرالقوى الكبرى الإمبريالية على المنظمات الإمبريالية الدولية أو ما فوق الوطنية (صندوق النقد الدولي، المنظمة العالمية للتجارة م 8 ) G8)، البنك العالمي، المنظمة العالمية (F.A.O ) ( (T.P.Iﻫﺫﻩ المنظمات التي تفرض سياسات تعسفية وجائرة على الشعوب.
فالقروض البنكية للدول، و المساعدة الغذائية و الاقتصادية أصبحت أسلحة لكي تستعبد بها الإمبرياليّة الكون.
فخلال حرب الخليج في العراق، أدّى القصف إلى (مليون شهيد) والحرب في يوغسلافيا وغزو أفغانستان و بعدها غزو العراق في 2003، تؤكّد هذه الأحداث ما يخفيه الإمبرياليّون خلف كلامهم عن "حقوق الإنسان" و "الدّيمقراطيّة" و"الحرّيات".
فالولايات المتّحدة الأمريكيّة تسير في اتجاه الفاشيّة الألمانيّة منذ مدّة زمنيّة كعدو رئيسي (وليس الوحيد) للشعوب وكسند لكلّ ما هو رجعي و لكلّ ثورة مضادّة في العالم.
فالإمبرياليّة تمثّل العائق الحقيقي للدّيمقراطيّة و التّقدّم الاجتماعي و السّلم.



13- إنّ النظام الرّأسمالي، و بالأحرى المرحلة الإمبرياليّة ﻓﺈﻨﻪ لا يمكن للمؤسسات أو الشّركات أو القطاعات الاقتصادية المختلفة أن تتطوّر في البلدان.

ففي إطار التنافس و فوضى الإنتاج، يمثّل التطوّر اللامتكافؤ للاقتصاد الرأسمالي قانونا موضوعيّا يقدّم خاصّية محتومة.

فالبلدان تتطوّرعبر طفرات اقتصادية، و بعض البلدان تزداد غنى (أو تصبح ثريّة) على حساب البلدان الأخرى(المستعمرات و شبه المستعمرات)·ففي ظلّ الإمبرياليّة، لا يمكن أن يكون هناك تطوّر متناسق ومشترك بين البلدان المختلفة والاتفاقيات الدوليّة (الإتّحاد الأوروبّي، APENA، ASEAN) لا ﺘﮐﺫ ﺏ ﻫﺫﺍ ﺍالقانون للتطوّر اللامتكافئ.

السّلسلة العالميّة للإمبرياليّة تظهر في (الحلقات الضّعيفة) (لينين) أين تتجمّع كلّ تناقضات النّظام الإمبريالي. فقانون التّطوّر اللامتكافئ اقتصاديا و سياسيا للدّول من نقطة البداية للنّظريّة اللّينينيّة حول الثّورة الاشتراكية (كذلك تنتج الإمكانيّة بالنّسبة لبلاد واحدة أو استثنائيّا عدّة بلدان) – (فالحلقة الضّعيفة أو الحلقات الضّعيفة) أن تقطع مع السّلسلة الإمبرياليّة و تلتزم بالاشتراكيّة من خلال الثّورة المضادّة للرأسماليّة.

و هذا ما يعنى به أن الإمبرياليّة هي عشيّة الثّورة الاشتراكية.



14- ككلّ ظاهرة قائمة على التّناقض، فإنّ الإمبرياليّة تضمن الأرباح القصوى عبر التطوّر اللامتكافئ المرتبط بنهب الأنظمة الاقتصادية التابعة. هذه الأرباح تسمح للرأسماليّة بالمناورة من أجل تأييد نظام الاستغلال عبر سياسة الأجور المرتفعة لبعض الشّرائح من الأُجراء وعبر إفساد بعض الشّرائح العليا من الطبقة العاملة مثل البرلمانيين و المتفرّغين في الأحزاب الاجتماعية الدّيمقراطيّة، و الأحزاب التحريفية و القيادات النقابية من خلال هذا الإفساد و الفساد (الذي يخضع إلى أشكال معقّدة أكثر من الرّشوة) تتكون في الدول الإمبرياليّة(الولايات المتّحدة الأمريكيّة، ألمانيا، فرنسا، اليابان، كندا، إيطاليا...) أرستقراطيّة، وبيروقراطيّة عمّاليّة، و هي شرائح تحمل سندا اجتماعيا لنظام الاستغلال (ضباط عمال حقيقيين للطبقة الرأسمالية (أنجلز) لدينا حاليا المصدر المادي و الموضوعي للإصلاحية والتحريفية في الحركة العمالية.
و طالما توجد الإمبريالية فإن الانتهازية في الحركة ااثورية لن تتوقف عن الفساد و الإفساد.

15- إن الرأسمالية الملغومة بالتناقضات الداخلية لا يمكن لها أن تتجنب الأزمات الدوريّة و المنظّمة العامة. هناك مصدر من مصادر الأزمة يتمثّل في تفاقم مشاكل الأسواق و مشاكل تناقض الأسواق و مشاكل تناقض الإنتاج للمؤسّسات المرتبطة جدليّا بسوء أو نقص الاستهلاك الشّعبي ممّا يؤدّي إلى بطالة مكثّفة و دائمة يحكم التّحطيم الجزئي للقوى المنتجة. و لضمان الربح الأقصى فإنّ الاحتكارات تلجأ إلى التّقليص أو التخفيض من الأجور.



الجزء الثاني : النظام العالمي للامبريالية

16. قام إيدولوجيو رأس المال بتعميم نشر مصطلحي "الكونية" و"العفوية" فصارتا من ضمن التعابير الدّارجة. إلا أنهما يحملان بعدا عمليا : هو تجنب الحديث عن الامبريالية و إضافة إلى ذلك يقدّم بعض المفكرين العولمة على أنها مرحلة جديدة في الرأسمالية. و هذا غير صحيح إطلاقا فالحياة أثبتت صحّة أطروحات لينين ومؤلفه الكلاسيكي " الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية".

17.إلا أن التحليل الملموس لابد أن يحمل الشيوعيين إلى الإمساك بتحولات الرأسمالية المعاصرة حتى لا يسقطوا في الدوغمائية. إن الرأسماليين يقدمون العولمة باعتبارها مسارا لا يمكن الحياد عنه، مسارا يمحو الدّول والاقتصاديات الوطنية من أجل إمكانيات " التطور المشترك".

18.كتب ماركس أنّ "باستغلالها للسوق العالمية، تضفي البرجوازيّة طابعا كونيا على الإنتاج و الاستهلاك في جميع البلدان (...) و عن طريق التطوير السّريع لأدوات الإنتاج و التحسين المتواصل لوسائل الاتصال، تحمل البرجوازية إلى تيار المدنية الأمم الأكثر"توحشا".

19.تتوافق الإمبريالية المعاصرة مع توصيف كارل ماركس، ذلك أنّ المرحلة الحالية لتطور الرأسمالية هي نتيجة لقانون عولمة (دولته) الإنتاج و المبادلات، للصّراع الضروري و الحتمي بين الاحتكاريات و دولها من أجل توسيع مجال الأسواق و عبر توسيع ناطق الاستغلال. إنّ تلك القوانين الرأسماليّة المطبقة بصرامة في بداية القرن العشرين، قد تصدت لهل ثورة أكتوبر ثمّ تشكل معسكر اشتراكي، و حتى في عهد ستالين، تم التصدّي لها بوجود سوقين متوازيين تضيقان الخناق على المنافذ و الأسواق التي يسعى إليها رأس المال.

ومع الثورة المضادة في الاتحاد السوفياتي وتهدم المعسكر الاشتراكي، صار ﺒﺈمكان تلك القوانين الرأسمالية أن تطبق مستقبلا دون عقبات كبيرة ﺘﺫكر تقريبا.

20. إن الرأسمالية المعاصرة هي تعميم لعلاقة الإنتاج على نطاق المعمورة كلها. و إنّ التقسيم الحالي للعالم ما بين القوى الإمبريالية يعبر عن نفسه في مفهوم "النّظام العالمي الجديد" الخاضع لهيمنة الإمبرياليّة الأمريكية.

21. إنّ هذا التعميم لعلاقة السوق و لنمط الإنتاج الإمبريالي يعني مضاعفة الاستغلال و البؤس و البطالة والحروب و القمع. إنّ الاستغلال الذي يمارس في بعض بلدان "العالم الثالث" يصل إلى تخوم إعادة الإنتاج الضّروري لقوّة العمل.

في كل الدّول الإمبريالية، يكبر الطابع الطّفيلي للرأسمالية : ففي كلّ يوم، تتمّ مبادلة 1230 مليار دولار (أي ما يقارب 5 مرّات الميزانيّة السنويّة لفرنسا) في البورصات الرئيسيّة. كما تنمو الأشكال الموازية للاقتصاد : ذلك أنّ المتاجرة بالسلاح و المخدّرات تمثّل التجارة العالميّة الأولى التي تزرع الموت و إدمان ملايين المستهلكين و خاصة منهم الشّباب، و الحروب "العرقية" العديدة.

22. لقد اتخدت الإمبريالية المعاصرة بعض خصائص الإمبريالية في بداية القرن العشرين :

1- لقد تمّت نسبيّا عولمة السّوق الماليّة على قاعدة الصّراعات الحادّة و التطور اللاّمتكافئ بين البورصات و التكتلات و التملكات. و هناك ثلاثة أقطاب مالية تهيمن : نيويورك و لندن و طوكيو

2- بفضل الوسائل الإعلامية صارت المبادلات المالية، و تصدير رؤوس الأموال، فورية، وهو ما يؤدّي إلى سرطان مالي حقيقي.

3- تتقدّم البورصة الآن على البنوك من حيث أنّها الوسيلة الاستثمارية. تضخّ الرأسمالة البورصية أعلى الأجور. و هكذا بدءا من أصول الأجر وصولا إلى المساهمة العماليّة (ذات الطّابع المفروض غالبا)، فان مداخيل العمّال و حتى مستقبلهم مرهونة حصريّا أكثر من قبل بتقلبات المبادلات البورصيّة. إنّ انهيارا ما سيؤدّي بكثافة أقوى من أزمة 1929 إلى تقويض و تهديد حاضر العاملين والمتقاعدين و مستقبلهم .

4- يظلّ الربح الأقصى غاية الاحتكاريات، و لكن البحث عنه بأقصر السّبل و حتى فوريّا، صار هو القاعدة. و هكذا ما يفسّر النزوع نحو تراجع الاستثمارات المنتجة و غلق المؤسسات أو تغيير مكانها، و المضاربة الماليّة.

كلّ هذه المعطيات تقوي من سيادة رأس المال المالي و سيطرته على جهاز دولة البلدان الرأسماليّة. إنّ حفنة من الدّول تهيمن على العالم "و تقسّم" فيما بينها حسب وزن كلّ واحدة منها. المنظمات المتجاوزة للقوميات : مثل FMI و OCDE و OMC و البنك العالمي. و تهيمن الإمبريالية الأمريكية الشماليّة على تلك الحفنة من الدول و تضمن سيطرتها العالمية التي ينازعها عليها خصومها الإمبرياليون.

23. إنّ الإمبريالية تقوي من تدويل قضيّة الشّغل بأشكال معدّلة. فالإعلامية تساعد على إدارة مدولنة للمؤسسات انطلاقا من المؤسسة- الأم (الموقع). و تقسيم العمل يُدفع إلى أقصى مداه، إذ أنّ كلّ شركة فرعيّة تنجز قطعة واحدة من قطع المركّبة "Puzzel" و ليس لها من فائدة اجتماعية "في ذاتها". كل هذا يقوّي من تبعيّة الشركات الفرعيّة و الصناعات الوطنية إزاء الدّول الإمبريالية المهيمنة، وما التجزيء الأقصى للإنتاج في شركة فرعيّة إلاّ سمة من سمات شبه الإستعمار للبلدان التابعة.

24.إنّ بعض المنظّرين حين يعرضون لسييرورة العولمة هذه باعتبارها سيرورة "منتهية"، يستحضرون "قرية-كونا" تُخضع فيها الشركات المتعددّة الجنسيّات لإدارتها الدول و الاقتصاديات الوطنية. و حتي يغيّروا العالم، على الماركسيين اللينينيين أن يدركوا العالم كما هو، لا كما يمكن أن يكون ربما غدا. حاليا، تحافظ الشركات الإحتكارية على قاعدة وطنية و تساهم في هيمنة دولتها الوطنية وفي تأثيرها. فمن جملة المائتي 200 أكبر شركات احتكارية عالمية فإن 166 شركة (83%) هي أصيلة القوى الإمبريالية الخمس الأعظم : الولايات المتحدة الأمريكية (80)، اليابان (35)، المملكة المتحدة (18)، ألمانيا (17)، و فرنسا (16).

ما زالت الرأس مالية إذن تحتفظ بقاعدة وطنية في أفق سباق من أجل الربح الوطني و العالمي على حدّ سواء.

25.إنّ الرأسمال المالي يتصرّف في كل بلد من أجل مصالحه الطبقية الخاصّة. ولا يمكن لنا الحديث عن إنصهار الرأسمال المالي في وحدة عالمية وحيدة. و الصراع التّنافسي ينعكس في المواجهات بين الدّول و الاحتكاريات على خلفية الابتلاع و التصفية و الانصهارات.

26.إن الإمبريالية اليوم كما هو الحال بالأمس، ليست رديفة للرأسمالية المسالمة. و لا شيء أبعد عن الحقيقة من أقوال فوكوياما عن "نهاية التاريخ". إننا نعيش في فترة تتميّز بالغياب الفادح للإستقرار. فالولايات المتحدة تحتفظ بطاقة عسكرية و إقتصاديّة رهيبة و هو ما يضمن لها السيطرة على أغلب الكرة الأرضية. و خلال العشريّة الأخيرة برز قطبان إمبرياليان منافسان : الإتحاد الأوروبي بقيادة ألمانيّة-فرنسيّة و اليابان. و هكذا فإن التنافس بين هذه الدول أو الكتل سيكون مصدرا لنزاعات مباشرة أو غير مباشرة من أجل إعادة تقسيم العالم بهدف السيطرة على منابع الطاقة من غاز ونفط.

27. إنّ السّيطرة الأمريكية في القرن 21، يمكن أن تبدو مهدّدة من الصعود القوي للإتّحاد الأوروبي. ففي ما يتعلّق بالحصّة العالميّة من الإنتاج الداخلي الخام للقوى أو الكتل العظمى، تشير التوقّعات إلى أن الإتّحاد الأوروبّي ﺒ 12%سيتقدّمون بنسبة قليلة على الولايات المتحدة ﺒ11%، في حين أن هذه الأخيرة تمثّل حاليا 25% من الناتج العالمي الخام.

28.لو تثبت صحّة هذه التوقعات، بشرط أن يشكّل القطب الإمبريالي الأوروبّي فضاء إقتصاديّا و سياسيّا موحّدا، سيكون ردّ فعل الولايات المتّحدة رهيبا (*) لأن فقدانها للسيطرة يعني : غلق المؤسّسات و بطالة ضخمة و تفقير للسكّان و إفلاس الرأسمالييّن ذوي القدرة الضعيفة على المنافسة. ها هنا، "تمثّل أوروبا خطر حرب" (مستشار بوش) من منظور الولايات المتحدة.

29. و لكن أمريكا تمتلك ورقات رابحة كثيرة تمكّنها من مقاومة منافسيها : مثل ثقلها المهيمن في الهيئات الماليّة الما بعد وطنية، وسيطرة الدولار، و معيار نقدي عالمي، وحضور عسكري في كلّ القارات مع قدرات ضخمة على التدمير و عملاء مؤثرين لا يحصون في الدول المنافسة الأخرى و أحزاب و نقابات و رجال دين و صحفييّن الخ.

إن منظمة الحلف الأطلسي بزعامة أمريكا تضلّ أخطر تحالف عسكري إمبريالي يعمل على سحق الدول المتمرّدة، و على إخافة كلّ الشّعوب الّتي تأمل في إتباع تطوّر مستقل، و على إخضاع المنافسين حتى الحلفاء منهم.

يناضل الإتحاد الثّوري الشيوعي الفرنسي لكي تنسحب فرنسا من الميثاق الأطلسي و من أجل حلّ الحلف. و هذا النّضال على المستوى الأوروبي حاسم للحركة الشيوعيّة و المعادية للحرب.

30.يبقى تحليل وجود التناقضات فيما بين الإمبريالياّت مسألة مفتاحا للماركسيّة اللينينيّة. ذلك أنّ وجود معسكر اشتراكي قوي دون محو تلك التناقضات، أدى إلى نقل الوحدة (النسبيّة) بين الدول الرأسماليّة إلى المرتبة الأولى. أمّا اليوم، و بتأثير من الثّورة العلميّة المضادّة، فقد حلّت التناقضات محلّ الوحدة. إنّ غزو الأسواق، و الحاجة إلى إعادة تقسيم العالم، يبدوان أقوى من الرّوابط الإيديولوجيّة.

31.يرمي الإتحاد الأوروبي إلى تشكيل قطب إمبريالي أوروبّي لمعارضة الهيمنة العالميّة لكلّ من الولايات المتّحدة و اليابان.

32.إنّ الإتّحاد الأوروبّي هو صنيع الرأسمال المالي من أجل تحقيق أهدافه الطبقيّة : بطالة عارمة، مرونة الشّغل، وقتيّة مواطن الشغل، تفقير العمّال، إفلاس الاستثمارات الفلاحيّة الصغيرة، تدمير أنظمة الصّحة العموميّة، والضمان الاجتماعي.

(*) منذئذ خاضت الإمبرياليّة الأمريكيّة الشماليّة حربا لاحتلال أفغانستان و بالتّالي إخضاع منافسيها (الإتّحاد الأوروبي، روسيا، اليابان،...). هنا أيضا، تعتبر السيطرة على منابع الطّاقة أمرا أساسيّا لدى "بوش".

و التقاعد، سياسة الحرب، هذه هي انعكاسات بحث الاحتكاريات الأوروبيّة عن الرّبح الأقصى.

إنّ مشروع "البناء الأوروبّي" الإمبريالي تحت حماية الأحزاب المحافظة و الاشتراكية الديمقراطيّة، مشروع رجعي على طول الخط.

33. إنّ إستراتيجية الاحتكاريات في أوروبّا واضحة : ضرب المكاسب السياسيّة و الاجتماعية التي أثمرتها الصّراعات الطّبقيّة و النّضالات المعادية للفاشيّة عندما كان الإتّحاد السوفياتي في قمّة المجد ، و كان هناك معسكر اشتراكي، و قائم على أسس ثوريّة. إنّ غاية الاحتكاريات هي إحياء الأشكال البالية للهيمنة الطبقيّة.

يمثّل الإتّحاد الأوروبّي ارتدادا حقيقيّا للحضارة.

34. و لقيادة هذا الارتداد، يبحث الرأسمال المالي من جديد و بإستمرار عن وفاق عريض حول البناء الأوروبّي يشمل حتّى الأحزاب التّحريفيّة، الإصلاحيّة.

في فرنسا يمثّل اليمين و الحزب الإشتراكي و الحزب الشيوعي الفرنسي و البيئيّون قوى هذا الوفاق، و لكن قوة أخرى توصف بأنّها "معارضة" ترافق عل "اليسار" عدّة منظمات من أمثال "النضال العمالي LO" و "رابطة الشيوعيين الثوريينLCR" ﻭﺫﻠﻜ تحت غطاء "الأمميّة" و "الثورة الأوروبيّة".

35.يمثّل الإتّحاد الأوروبّي اليوم كرتلة cartellisation، كتلة من الدول الإمبرياليّة. و علاوة على الشّراكة، تظلّ المنافسة قائمة الذّات. فهناك ثلاثة مشاريع تتنازع من أجل الفوز بالسيطرة على أوروبّا:

1- الإمبرياليّة الألمانيّة من جهتها، تمتلك الورقة الرّابحة المتمثّلة في أنّها القوّة الاقتصادية الأوروبيّة الأولى. فمن جملة 37000 شركة عالميّة متعدّدة الجنسيّات، توجد 7500 ألمانيّة. غير أنّ الركود و عسر هضم ألمانيا الشّرقيّة، و وجود طموحات ديمقراطيّة و اجتماعية و حتّى اشتراكية داخل هذا الجزء، تكبح تنفيذ الرايخ السادس. إنّ الإستراتيجية معروفة منذ بزمارك حتى هتلر : و هي خلق أوروبّا فيدراليّة. فالإمبرياليّة ألألمانيّة هي أكثر إصرار على تحقيق دولة أوروبّية تحت قيادتها.

2- الإمبريالية الفرنسيّة، و بعد أن هيمنت طيلة ستيّن سنة ثمّ لعبت الورقة الفرنكو-ألمانيّة تحت قيادة بون، حاولت خلال سنوات 1995-2000 أن تتربّع ثانية على الصّهوة اعتمادا على ظرفيّة اقتصاديّة. ذلك أنّ الدّخول في ركود جديد قوﹼى في الاتّجاه نحو تحويل المؤسّسات إلى الخارج. و تمثّل هذه اللامركزية سيرورة تفكيك نسبي للتصنيع في البلاد إلى درجة تزعج بعض القطاعات الاحتكارية. من هنا تأتي التناقضات بين الاحتكاريات في فرنسا، و هي تناقضات تضع المتمسّكين بالإتّحاد الأوروبّي تحت إدارة ألمانيّة-فرنسيّة في مواجهة مع مناصري الأورو-أطلسية، أي المناصرون لأوروبّا ﺍﻠﻤطيلة للهيمنة الأمريكيّة. إنّ الإمبرياليّة الفرنسيّة تحتفظ بمواقع صلبة في الميدان المالي و العسكري (أنتاج أسلحة و بيعها) و الجوّي وعلى امتداد القارّة الإفريقيّة. و لكن في المستقبل القريب، لن تكون الإمبرياليّة الفرنسيّة قادرة على الاعتراض على السيطرة الألمانيّة، لذلك اختارت أن تكون الملازم الأوّل للقيادة المشتركة الألمانية- الفرنسيّة.

3- الإمبرياليّة البريطانيّة تلعب لعبة الحديدتين في النّار : المافوق القوميّة و الخصوصيّة. غير أن سياستها الرّئيسيّة تتمثّل في أن تؤدّي وظيفة حصان طروادة للإمبرياليّة الأمريكيّة الشماليّة حتى يكون الإتّحاد الأوروبّي قنّا تابعا لواشنطن.

أمّا الدول الإمبرياليّة الأخرى مثل إيطاليا و هولندا و بلجيكيا و لوكسمبورغ، فكانت تحاول أن تحرّك أو تدعّم هذه الدولة أو تلك وفقا لمصالحها. و لقد عبّرت الحرب الأنڤلو-أمريكيّة الأخيرة على العراق عن نفسها في تشكّل تكتلين داخل الإتّحاد الأوروبّي : بريطانيا العظمى و إسبانيا و إيطاليا التابعة لواشنطن ضدّ الإمبرياليّتين الألمانيّة و الفرنسيّة.

36.في مواجهة الاتحاد الأوروبّي، تتمثّل المهمّة الأولى للثوريّين الشيوعييّن في التّباين المضادّ للوفاق العامّ، في الدفاع عن المطلب الاجتماعيّة، و عن التأميم و عن الحقوق الديّمقراطيّة و عن السّيادة الوطنيّة، وفي معارضة مشاريع (وبداية تنفيذ مشاريع) الجيش الأوروبّي الخطير على شعوب أروبّا و العالم "الثّالث".

بالنّسبة إلى "إتحاد الثّوريين الشيوعيين بفرنسا"، فإنّ استعادة الاستقلال و السيادة الوطنيين تنبثق من الصراع الطبقي وهي تابعة لإستراتيجياتنا : الثّورة الاشتراكية. و في الكفاح من أجل السيادة، على الشيوعيّين أن يساهموا في نحت تكتّل شعبي واسع للقوى العاملة و الثقافيّة تحت قيادة الطبقة العاملة للمطالبة بانسحاب فرنسا من الإتّحاد الأوروبّي الذي هو شعارنا المركزي الرّاهن المرتبط بـ"البناء الأوروبّي" دون التّراجع عن الضالات الأمميّة مع الأحزاب والشّعوب الشقيقة من أجل حلّ الإتّحاد الأوروبّي، الذي هو اتفاق دولي بين عصابات إمبرياليّة.
و في هذا الصراع،ستشكّل البروليتاريا و حلفاؤها وطنا جديدا ثوريّا سيرفض الاعتراف بالمعاهدات الفريدة للإمبرياليّة الفرنسيّة بعد انتصار الثّورة.

37.سيكون أكبر خطر يتهدّد الشعوب هو الرّضوخ لفكرة قدريّة دولة أروبيّة سائرة بشكل لا يقاوم. و أشكال المقاومة متعدّدة (الدنمارك، النورڤاج، ايرلندا...) في تلك الجهات، ترفض البرجوازيّة الاحتكارية الاستشارات الإستفتائيّة، و هو ما يشهد على مخاوف الحاكم.

إنّ اليورو يعكّر من وضعيّة مهزوزة أصلا، مع إرتفاع الأسعار و إفلاس "الأقلّ قدرة على التّنفّس"، و لكنّه أيضا يزيد من حدّة التناقضات. إنّنا لا نتّفق مع بعض الرّفاق في الحركة الشّيوعيّة الذين يضبطون إستراتيجيتهم كما لو أنّ الدّولة الأوروبيّة قد تشكّلت بعد، فالقوميّات مستمرّة في الوجود. للوصول إلى دولة وحيدة، لابدّ للإمبرياليّة المهيمنة أن تخضع البقيّة و إلاّ إذن فنحن نتصوّر أنّه في ظلّ الرأسماليّة حيث الملكيّة الخاصّة و دكتاتوريّة رأس المال و انعدام العدالة في التنمية... يمكن أن تتشكّل سلميّا " أمّة" جديدة على أساس اندماج سلمي.

كان لينين على حقّ عندما توقّع بأنّ الولايات المتّحدة الأوروبيّة ستكون مستحيلة أو رجعيّة. فالتّجاوز الرّجعي للأوطان سائر من خلال المافوق قوميّة و الإتنيّة، غير أنّه يتعرّض إلى الكبح عن طريق النّزاعات اللامركزية [غير الإستقطابيّة] التي ستكبر كلّما فرض وجود الأوطان، مقوّية بذلك المقاومات.

إنّ الشيوعيّين يحاربون بعزيمة الشوفينيّة و القوميّة و لكنّهم يرون أنّ الإطار الوطني الرّاهن يظلّ الأكثرملاءمة لصراع الطّبقات. إنّنا مع التّجاوز الثّوري للقوميّات في إطار الاشتراكية العالميّة، على قاعدة التّفتح المسبّق لجميع الكفاءات الوطنيّة، حينئذ، تمرّ (تدخل) الإنسانيّة إلى مرحلة العولمة الشيوعيّة حيث تصير الحدود، التي هي أحكام مسبّقة قوميّة، باطلة كلّيا.

لا شيء قد حسم بعد، و الشّعوب باستطاعتها أن تلقي بالإتّحاد الأوروبي و قطبه الإمبريالي في مزبلة التاريخ.

38. أمّا القطب الإمبريالي الثّالث، وهو اليابان الذي كان ضحيّة لانهيار مالي قاس، فكان عليه أن يعيد بناء طموحاته. و لكنّ تطوّر العسكريّة، و الرّغبة في إخضاع قوميّات آسيا يحتّمان علينا الدّعم الأممي للدّول التي هي في مرحلة الانتقال إلى الاشتراكية في آسيا، و للقوى الديمقراطيّة الضحيّة الأوّليّة للإمبرياليّة اليابانيّة.

39. حيث عادت الرأسماليّة من جديد (روسيا، أوروبّا الشرقيّة)، يحصي العمّال أضرار نظام استغلال الإنسان للإنسان. ففي روسيا يكتسي الرأسمال الكبير طابعا مافيوزيّا و إجراميّا، و بلغت المركزة إلى درجة أنّ خمسة عشر أوليغارشيا ينهبون ثروات البلاد، ويسرقون المدّخرات التي وفّرتها الإشتراكيّة. في هذا البلد، الكارثة مذهلة : تعاسة قصوى (40% من السّكان الرّوس)، بطالة عارمة، مجزرة حقيقيّة للمسنّنين (000 700 ميّت في السّنة) ضرب لنظام الصّحة.

الرّأسماليّة هي حقّا الانقسامات و الكراهيّة القوميّة و الحروب الأهليّة و الانطلاقة الجديدة للأصوليات الدّينيّة وللظلامية. في روسيا أيضا، تُجرّمُ الشيوعيّة و لكنّها تنبض في قلوب العمّال.

و المقاومات موجودة. وفي معظم البلدان، يتوزّع الشّيوعيون على عدّة أحزاب. و البلشفة من أجل الوصول إلى حزب ماركسي-ليني واحد هي المهمّة الرّاهنة للانصراف نحو الانقضاض على النّظام البرجوازي الكمبرادوريّ. إنّ مساندتنا لهم مضمونة بقدر ما نحن مدينون للإتّحاد السّوفياتي و للدّيمقراطيّة الشّعبيّة.

40. إنّ النّظام العام الإمبريالي الجديد يعني في غياب الوزن المقابل للحرفاء، إعادة احتلال "العالم الثّالث. فالدّول تظلّ مستقلّة شكليّا و لكن جميع الامتيازات الاقتصادية تفلتُ منها و يصبح شبه الاستعمار في هذه الدّول مهيمنا. إنّ البنك الدّولي و صندوق النّقد الدّولي و المنظّمة العالميّة للتّجارة تستخدم كأدوات إخضاع [تركيع] من خلال "القروض" و الدّيون واختراقات الشّركات المتعدّدة القوميّات. و تستفيد الدّول الإمبرياليّة من 70% من التّبادل غير المتساوي, و النّتائج (الانعكاسات) الاجتماعية كذلك كارثية، فخمسة و سبعون (75%) بالمائة من البشريّة تعيش في البؤس: استغلال فاحش، رقّ، مجاعة، سوء تغذية،بغاء... هذا هو نصيب أكثر من مليار من البشر. 215 مليون إفريقي يعانون من ضعف التّغذية. 600 مليون رجل و امرأة بلا مأوى. إنّ الرّأسماليّة تمثّل تهديدا لبقاء الإنسانيّة.

ينبغي على الثّوريين الشّيوعييّن أن يساندوا جميع المطالبات التي ترمي إلى ضمان الاستقلال و التّقدّم مثل إلغاء ديون "العالم الثّالث" و أن يدعموا فعليّا الثّورات الوطنيّة الدّيمقراطيّة التي ستنجح في خلع نير شبه الاستعمار. فالتّحالف بين الثّورييّن المعادين للإمبرياليّة هو تحالف البروليتاريا/ الفلاحين على الصّعيد العالمي.

41.كثير من الدّول الّتي هي في مرحلة الانتقال إلى الاشتراكية قاومت موجة الثّورة المضادّة. و يعود هذا إلى صلاتها بالجماهير الشّعبية في بلدانها، و إلى مكاسب الثّورة الّتي مازالت حيّة. كما أنّ سياستها المستقلّة بالنّسبة إلى توجّهات الحزب الشّيوعي السّوفياتي الغورباتشوفي مكّنتها من حماية توجّهها نحو الاشتراكية.

و لكن ضغوط الإمبرياليّة ثقيلة عليها وﺫلك على غرار الصعوبات الاقتصادية أو الطبيعيّة. فتضطر هذه الدّول إلى تراجعات هامّة, إلى تنازلات الرّأسماليّة العالميّة. هناك، حيث توصف التّراجعات كما هي (كوبا/كوريا الشّعبيّة) فإنّ شروط عكس الهجوم متوفّرة على خلفيّة ميزان القوى العالمي الّذي يتمّ تغييره عن طريق ثورات بروليتاريّة مظفّرة جديدة. هناك حيث توصف التّراجعات بأنّها "متقدّمات نحو الاشتراكية" (الصّين) ستكبر الصّعوبات على خلفيّة انتزاع الصّفة السّياسيّة للحزب الشّيوعي. في كلّ مكان، نحن متضامنون مع تلك الدّول ضدّ التّهديدات الإمبرياليّة.

إنّ الحملات التي تشنّها الإمبرياليّة ضدّ كوريا الشّماليّة و كوبا، المرفوقة بتهديدات بالتّدخّل العسكري من أجل تصدير الثّورة المضادّة، ينبغي أن تدفع كلّ تنظيم أو حزب شيوعي إلى نشر التّضامن الأممي، و النّضال الفعليّ ضدّ التّدابير الحربيّة و المساومة الاقتصادية.

كتاب 200 أطروحة من أجل هويّة شيوعيّة ثوريّة
تأليف اتّحاد الشيوعيين الثّوريين بفرنسا

تعريب : م. ز
م.ح