الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي ينعت اللينينية بالتايلورية ؟


امال الحسين
2007 / 4 / 15 - 11:53     


قال الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي في الندوة التي عقدتها جريدة النهج الديمقراطي حول الماركسية في يناير الماضي :
" لقد دافع لينين في كتاباته على أن تكون السلطة للسوفييتات الشيء الذي لم يتم ، و بين أن الدولة الإشتراكية هي دولة و لا دولة . ذلك أنها يلزما أن تكون دولة للتصدي للأعداء الخارجيين كما للداخليين في الوقت نفسه يلزمها أن تفوض عددا من وظائفها للمجتمع ، لماذا لم يتم هذا ؟ حسب الأحزاب الشيوعية بسبب الإكراهات الخارجية ) الهجوم الإمبريالي ، العدو الخارجي ... ( لكنها مبررات غير كافية في اعتقادي إذ إن هناك الكيفية التي تم بها بناء الحزب و هل كان له تصور حول تثوير علاقات الإنتاج دون الإقتصار على التأميم . لقد ناقش أحد المناضلين العراقيين هذه المسألة و أوضح أن الحزب الشيوعي الروسي و خلافا لما يقال قام بثورة بروليتارية و ليس انقلابا لكن الثورة لم تكن تتوفر على تصور لتثوير علاقات الإنتاج و يضيف أن الوضع كان مفتوحا على إمكانيتين : إما نجاح الثورة البورجوازية أو نجاح الثورة البروليتارية . و في بعض كتابات لينين كان هناك نوع من الإنبهار بالتايلورية ، كل هذا ساعد الفئة المتحكمة داخل الحزب شيئا فشيئا على أن تنسلخ عن الشعب لتشكل بيروقراطية متحكمة في كل شيء و أن تعتقد أنها وحدها تملك الحقيقة و لا يسمح بتغييرات الشعب التي لا ترغب فيها " .
لقد أشرت في مقال سابق بضرورة دراسة مراحل تطور الماركسية و خاصة الماركسية اللينينية و تعتبر كتابات لينين في هذا الصدد جد مهمة ، و ذلك من خلال دوره الكبير في تطوير الماركسية ممارسة و معرفة و هو الذي بدأ وضع المراحل المهمة في تاريخ تطور الماركسية ، و يمكن أن نعتمد دراساته و استنتاجاته خاصة في المرحلة مابين 1903 و 1924 و هي المرحلة الحاسمة في وضع أسس الماركسية اللينينة ، حيث أن كتابات لينين جد مهمة في هذا الباب و هي تعتمد الدياليكتيك الماركسي لصياغة الإستنتاجات من خلال العلاقة الجدلية بين النظرية و الممارسة ، و بالتالي صياغة قوانين التطور الإجتماعي بعد التخلص من الأخطاء التي تفرضها الممارسة العملية ، و تعتبر تجربته في بناء الحزب الثوري و إنجاز الثورة الإشتراكية و الدفاع عن الوطن الإشتراكي من بين الأسس الضرورية في البناء الإشتراكي و التي اعتمدتها الماركسية اللينينية ، و من هذا الجانب سأتناول بالتحليل و النقد مقولة عبد الله الحريف معتمدا على أقوال لينين في هذا الباب التي قد تكون مسهبة في بعض الأحيان خاصة في دحض إتهام لينين بالتايلورية من طرف الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي .
نقطة أساسية جاءت في مداخلة الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطيفي في حديثه عن اللينينية و ما بعد الثورة وهي أن لينين لم يملك جوابا لتثوير علاقات الإنتاج في مرحلة المجتمع الإشتراكي ، و يرد عدم تحقيق السلطة للسوفييتية إلى "كيفية بناء الحزب" عكس ما تقوله الأحزاب الشيوعية التي ترد ذلك إلى "الهجوم الإمبريالي و العدو الخارجي .."، و يتساءل عبد الله الحريف :"هل كان له تصور حول تثوير علاقات الإنتاج دون الإقتصار على التأميم"، و بمعنى آخر أن لينين لم يملك تصورا للدولة الإشتراكية التي يعتبرها فقط مرحلة من أجل المرور إلى المجتمع الشيوعي ، و هو ينسى أن مهمة الثورة هو أولا و قبل كل شيء إسقاط ديكتاتورية البورجوازية و بالتالي إسقاط الدولة الرأسمالية ، و بناء ديكتاتورية البروليتاريا التي ستلقى من طبيعة الحال أمامها عدوا عنيدا و ليس بالسهولة بما كان القضاء عليه و هو البورجوازية ، و لكن لينين إستطاع تحقيق الثورة الإشتراكية و هي القفزة النوعية التي ستفرز بالطبع تناقضات جديدة قام لينين بدراسة جزء كبير منها ، و هي تناقضات داخلية و خارجية و الخارجية من طبيعة الحال هي تلك التي ستنتج عن هجوم الإمبريالية و محاولتها لإسقاط الدولة الإشتراكية و إعادة الدولة الرأسمالية ، و هذا جانب أساسي لا يمكن إغفاله كما يظن عبد الله الحريف و نحن نعرف جميعا كيف أصبح عليه الجيش الروسي من ضعف خلال الحرب الإمبريالية .
و قد أوضح لينين المهام الملحة من أجل حماية الثورة حيث يقول :"فنحن ، منذ 25 تشرين الأول /أكنوبر 1917 ، من أنصار الدفاع ، نحن ، منذ هذا اليوم ، نؤيد الدفاع عن الوطن ،. لأننا أثبتنا في الوقائع أننا قطعنا كل صلة مع الإمبريالية . فقد فسحنا و أذعنا إتفاقات مؤامرات المستعمرين القذرة و الدموية ، و أسقطنا بورجوازيتنا ، و منحنا الشعوب التي اضطهدناها نحن ، الحرية . و أعطينا الشعب الأرض و أقمنا الرقابة العمالية . إننا نؤيد الدفاع عن جمهورية روسيا الإشتراكية السوفييتية " .
هكذا بدأ الحزب البولشيفي تدخله بعد إنجاز مهمة الثورة الإشتراكية التي ليست فقط إلا لحظة تاريخية حققها التحول الكمي في القوى المنتجة بروسيا التي أعطت التحول الكيفي الذي أعطى فجر المجتمع الإشتراكي ، و لكن هذا الإنجاز العظيم ليس بالمهمة السهلة في ظل الحرب الإمبريالية التي يمكن أن تكون عائقا أساسيا أمام البناء الإشتراكي ، و ليس كما يقول عبد الله الحريف عن أن الحرب كانت عاملا من عوامل نجاح الثورة حيث يقول :" الإمبريالية لعبت دورا أساسيا في التطورات التي عرفها القرن العشرين ، الحرب العالمية الأولى أدت إلى الثورة الروسية "، و الحرب عكس ما يقوله هي بالفعل كانت من بين عوائق نجاح الثورة الإشتراكية ، حيث اضطر لينين من باب الدفاع عن الوطن الإشتراكي إلى أن يضع جميع القوى و الموارد بالبلاد في خدمة هذا الغرض ، كما عمل على استنفار جميع المنظمات الثورة في جميع بقاع البلاد من منظمات السكك الحديدية و السوفييتات و المواصلات لحماية جميع إحتياطات الحبوب و المأكولات و جميع الأموال التي تتهدد بالسقوط في يد العدو ، و تجنيد جمع العمال و الفلاحين في كتائب و كذا الطبقة البورجوازية الصغيرة القادرة على العمل رجالا و نساءا ، كل هذا الإستنفار من أجل الدفاع عن الثورة الإشتراكية فكيف يمكن للحرب الإمبريالية أن تكون عونا لأنجاح الثورة الإشتراكية ؟
بالإضافة إلى ذلك هناك مهمة القضاء على الأعداء الداخليين من البورجوازية المحلية التي سخرت أقلامها ضد سياسية الدفاع عن الوطن الإشتراكي و الواقفة إلى جانب البورجوازية الألمانية و التي تسعى إلى استغلال هجوم الإمبريالية من أجل الإستيلاء على السلطة ، إنها حرب داخلية و خارجية و قد تنبأ لها لينين منذ فشل الثورة الأولى في 1905 و التي تم التأسيس لها منذ قرار تأسيس الحزب البولشفي في 1900 ، و تعد السنوات ما بين 1903 و 1905 سنوات إعداد الثورة و ذلك عبر الحركة التي تعرفها التيارات السياسية الثلاث الأسياسية في روسيا ، و هي التيار البورجوازي الليبرالي و التيار الديمقراطي البورجوازي الصغير و التيار البروليتاري الثوري من خلال تصادم آرائهم و برامجهم في الواقع الإجتماعي ، هذه الحركة التي أعطت خلال سنوات 1905 و 1907 النضال الإضرابي و الإقتصادي الذي تحول إلى إضراب سياسي و بالتالي إلى إنتفاضة شعبية ، و قد تحول النضال العفوى إلى الشكل السوفييتي للتنظيم الذي تقوده البروليتاريا هذه الحركة التي أعطت نتاج نضال سنوات 1917 و 1920 .
و يتحدث لينين عن سنوات الرجعية ما بين 1907 و 1910 بعد فشل الثورة الأولى التي انتصرت فيها القيصرية و قضت على جميع الأحزاب الثورية و المعارضة ، و اغتبرها مرحلة الرجعية لأنه تمت الرجعية في كل المجالات الفكرية و السياسية و النضالية .
و يقول عنها لينين :"و محل السياسة حل الإنحطاط و التفسخ و الإنشقاق و التشويش و الإرتداد و الخلاعة ، و اشتد الجنوح نحو المثالية الفلسفية ، و غدا التصوف ستارا للنزعات المعادية للثورة ، بيد أن الهزيمة الكبيرة بالذات تعطي في الوقت نفسه الأحزاب الثورية و الطبقة الثورية درسا واقعيا من أنفع الدروس ، درس الدياليكتيك التاريخي ، درس فهم النضال السياسي و الحذق في فن خوضه . إن الصديق وقت الضيق . و الجيوش المهزومة تتعلم دائما بهمة و اجتهاد ".
لقد تعلم لينين دروسا عظيمة في فشل هذه الثورة و استخلص منها عبرا عظيمة من أجل البناء الحقيقي للحزب الثوري و وضع أسسه النظرية ، و ذلك من خلال العلاقة الجدلية بين السرية و العلنية ، بين العمل الثوري للمحترفين الثوريين و العمل الجماهيري للمنظات العمالية ، و كانت نتائج هذه الثورة من جهة أخرى عظيمة حيث أرغمت القيصرية على الإستعجال بالقضاء على مظاهر ما قبل البورجوازية ، مما أدى إلى فرض البناء البورجوازي للدولة القيصرية الشيء الذي ساهم على إبراز الصراع الطبقي بشكل واضح ، و أول درس في الحرب مع البورجوازية إستخلصه لينين هو كيف أن البروليتاريا تعلمت قبل الثورة كيفية الهجوم و عليها بعد فشل الثورة أن تتعلم كيفية التراجع الصحيح .
و سقول لينين :" إنه يستحيل الإنتصار بدون تعلم علم الهجوم الصحيح و التراجع الصحيح " ، و كان الحزب البولشفي هو الوحيد الذي استطاع الخروج من هزيمة الثورة قويا عكس التيارات السياسية الأخرى .
و اعتبر لينين سنوات 1910 و 1914 مرحلة النهود خاصة بعد حوادث "لينا" التي تم فيها إطلاق النار على العمال المضربين في مناجم الذهب ، مما أدى إلى التضامن العمالي الذي أسفر على المظاهرات في الشوارع و الإضرابات و الإجتماعات المنظمة في جميع أنحاء روسيا ، و انتصر البلاشفة على المناشفة الذين استغلتهم القيصرية ضد الثورة منذ 1905 كعملاء البورجوازية داخل الحركة العمالية ، و كان انتصار البولشفية نتيجة تاكتيك استعمال فن العلاقة الجدلية بين السرية و العلنية حيث استطاع البلاشفة احتلال جميع المقاعد العمالية بالدوما الرجعية .
مرحلة الحرب الأمبريالية بين 1914 و 1918 التي أشعلت الحرب بين البلاشفة و القيصرية من خلال مناهضة النواب البلاشفة دخول روسيا الحرب الإمبريالية ، و الذين رفضوا التصويت لصالح الإعتمادات الحربية و قاموا بالدعاية ضد الحرب في صفوف الجماهير مما دفع القيصرية باعتقالهم و محاكمتهم و نفيهم إلى سيبيريا .
و يقول لينين في هذا الصدد :" و لئن استطاعت البلشفية أن تنتصر في سنوات 1917 و 1920 ، فإن أحد الأسباب الأساسية لهذا الإنتصار هو أن البلشفية كانت حتى منذ خاتمة 1914 تفضح دون رحمة خبث و دناءة و خسة الإشتراكيةـالشوفينية و"الكاوتسكية" التي تتفق و اللونغيتية في فرنسا ، و آراء حزب العمال المستقل و الفابيين بإنجلترا ، و توراتي في إيطاليا والخ ... ، و أن الجماهير قد اقتنعت فيما بعد بتجربتها الخاصة أكثر فأكثر بصحة آراء البلاشفة ".
هكذا كان تقييم اللينينية لمراحل التهييء للثورة البولشيفية منذ تأسيس الحزب البولشيفي إلى حين انتصار البلاشفة و وصولهم إلى السلطة بعد إسقاط القيصرية ، و دور الحزب البلشفي في إنجاح الثورة الإشتراكية الذي يوليه لينين أهمية قصوى و ذلك بتعزيز ما يسميه "المؤخرة" بنشر العمل السياسي بين الجماهير ، و لم يقم فقط بإعطاء الأهمية الدعائية و السياسية للحزب و لكن ساهم بشكل شخصي في الأنشطة السياسية عبر الخطب في اجتماعات العمال و الجنود الحمر و بنشر المقالات في الصحف ، و كان يؤكد على أهمية المؤخرة المتماسكة و التنظيم الإنضباطي الواعي الذي يعتبره من أهم الشروط الأساسية لانتصار الثورة الإشتراكية ، و يلح على الأهمية القصوى الدقيقة للقوانين و توجهات السلطة السوفييتية و العمل على مكافحة المضاربين و المخربين و الجواسيس الذين يعملون لصالح الجيش الأبيض في المؤخرة السوفييتية ، كل ذلك من أجل مواجهة رأسمالية قوية .
و يقول لينين في هذا الصدد :" إن أقل تصرف كيفي ، إن أقل مخالفة للنظام السوفييتي ، إنما هي ثغرة يستغلها أعداء الشغيلة فورا .إنما هي ذريعة لانتصارات يحرزها كولتشاك و دينيكين " .
و كان على الحزب البولشيفي أن يقود الحرب ضد اللصوص الملاكين العقاريين و الرأسماليين و ذلك عبر بناء الجيش الأحمر من العمال و الفلاحين ، و المهمة الصعبة التي تلقاها لينين في ذلك هي مشكل قيادة الضباط القدماء الذين يتعاطفون مع الملاكين العقاريين و الرأسماليين و قد تم تسجيل الخيانات في صفوف هؤلاء الضباط القدماء ، و يعتبر لينين أن نظام الطاعة داخل الجيش الأحمر و الذي اعتنقه العمال و الفلاحون عن وعي هو السلاح الأساسي ضد أي مؤامرة تحاك ضد الثورة .
و كانت الحرب الأهلية ما بين 1918 و 1920 مناسبة لتعزيز مكانة الحزب البولشيفي و قررت اللجنة المركزية للحزب الوحدة العسكرية بين الجمهوريات السوفييتية و بين الجمهورية الروسية الإتحادية ، و ذلك من أجل بناء الوحدة في الحرب من أجل الإنتصار في الحرب الدفاعية عن الثورة الإشتراكية و الوطن الإشتراكي ، و عمل لينين على المتابعة اليومية لأطوار الحرب الأهلية في جميع الجبهات و المؤخرة كذلك أي في أوساط الجماهير ، و كانت مهمة التربية على الخصال و الأخلاق الشيوعية لدى الجيش الأحمر أمرا أساسيا في انتصاره على الأعداء الطبقيين ، و لم يتم ذلك إلا بفضل البناء الحزبي الذي قاد حرب الدفاع عن المجتمع الإشتراكي .
و يقول لينين في هذا الصدد :" و فقط لأن الحزب كان على حذر و يقظة ، لأن الحزب كان شديد التقيد بالطاعة و الإنضباط ، و نفوذه يوحد جميع المؤسسات و جميع الإدارات ، لأن العشرات ، و المئات ، و الآلاف ، و في آخر الأمر الملايين من الناس هبوا كرجل واحد استجابة لشعار اللجنة المركزية ، فقط لأن تضحيات لم يسمع بمثلها من قيل بالذات ، لكل هذا فقط أمكن للإعجوبة أن تحدث".
و خاض لينين صراعا ضد الإصلاحيين حول كيفية الرد على الحرب حيث يقول هؤلاء للطبقة العاملة أن الرد يجب أن يكون بالإضراب و الثورة ، و يعتبر لينين هذا الرد أمرا مستحيلا ، ذلك ما أثبتته نتائج الحرب الأهلية التي انتصرت فيها البلشفية ، و ذلك لكون التنظيم العادي للطبقة العاملة سيعجز حتما في الرد الحاسم على الحرب ، لأن الدفاع عن الوطن الإشتراكي أمر لا مفر منه من خلال تكوين تنظيم سري طويل الأمد ضد الحرب و الذي يقوده الثوريون ، و قد سبق أن قام النواب البولشيفيين داخل البرلمان و خارجه بالدعاية ضد الحرب و كان جزاؤهم الإعتقال و المحاكمة و النفي ، و لا يمكن مجابهة أعداء العمال و الفلاحين بالإضراب و الثورة خاصة بعد الحرب الأهلية التي أوضحت أهمية الدفاع عن الوطن الإشتراكي ، و من أجل بناء القدرة الدفاعية نهج لينين سياسة السلام الدولية بالنضال ضد الحروب الإمبريالية التي وضعها من بين المهام الأساسية للدولة السوفييتية ، و تم إرسال وفد إلى مؤتمر لاهاي للدفاع عن النضال ضد الحرب من خلال فضح الحاضرين الذين يدعون أنهم ضد الحرب .
أما عن إتهام لينين بالتايلورية من طرف عبد الله الحريف فهذه المسألة خطيرة جدا نظرا لما يشكله نظام تايلور من استعباد للإنسان من قبل الآلة كما يقول لينين ، و هنا سأضطر إلى نقل أقوال لينين بالحرف حتى يمكن إزاحة كل لبس عن هذه القضية الخطيرة .
ففي مقالة بعنوان :" نظام تايلور هو استعباد الإنسان من قبل الآلة " يقول لينين :
"إن الرأسمالية لا تستطيع أن تراوح في مكانها لحظة واحدة . فإنه ينبغي لها أن تسير دائما إلى الأمام و إلى الأمام . و المزاحمة التي تستفحل على الأخص في مراحل الأزمات كمرحلتنا تجبر على اختراع وسائل جديدة أبدا لأجل ترخيص الإنتاج . و لكن سيادة الرأسمال تحول جميع هذه الوسائل إلى أداة لاضطهاد العامل باستمرار.
و نظام تايلور إحدى هذه الوسائل .
و مؤخرا طبق أنصار هذا النظام في أمريكا الأساليب التالية .
يشدون إلى يد العامل لمبة كهربائية . يصورون حركات العامل و يدرسون حركات اللمبة . و يجدون أن حركات معينة كانت > فيجبرون العاملة على اجتناب هذه الحركات أي على العمل بمزيد من الشدة ، دون أن يضيع أي ثانية للراحة .
يضعون تصاميم كاملة لمنشأة مصنعية جديدة ـ بحيث لا تضيع أية دقيقة لدن إيصال المواد إلى المصنع ، و لدن نقلها من مشغل إلى آخر ، و لدن شحن المنتوج الجاهز . و تستخدم السينما بدأب و انتظام لأجل دراسة عمل أمهر العمال و لأجل زيادة شدته ، أي لأجل المزيد من > العامل .
مثلا . في سياق يوم بكامله ، صوروا بالسينما عمل مركب . و بعد دراسة حركاته ، صنعوا مقعدا خاصا عاليا إلى حد أن المركب لم يعد بحاجة إلى تضييع الوقت لأجل الإنحناء . و ألحقوا بالمركب صبيا كمعاون له . كان ينبغي على الصبي أن يقدم له كل قطعة من الآلة بطريقة معينة ، بأصوب طريقة ، و بعد بضعة أيام نفذ المركب العمل المعني المتعلق بتركيب الآلة في ريع الزمن الذي كان يستغرقه من قبل !
فأي نجاح في ميدان إنتاجية العمل ! .. و لكنهم لا يزيدون أجرة العامل إلى أربع مرات بل إلى مرة و نصف المرة ، و هذه هي الزيادة القصوى ، ناهيك عن أنها للفترة الأولى فقط ، فما أن يألف العمال النظام الجديد حتى يخفضون الأجرة إلى مستواها السابق .
إن الرأسمالي يجني ربحا ضخما ، و لكن العامل يكدح بشدة توازي أربعة أمثال الشدة السابقة مستنفدا أعصابه و عضلاته بسرعة توازي أربعة أمثال السرعة السابقة .
و العامل الجديد يأخذونه إلى سينما المصنع و يعرضون عليه الإنتاج <<النموذجي>> لعمله . و يجبرون العامل على <<إدراك>> هذا النموذج . و بعد أسبوع يعرضون على العامل في السينما عمله هو و يقارنونه مع <<النموذج>>.
إن جميع هذه التحسينات الجسيمة تتحقق ضد العامل . و تؤدي إلى المزيد من اضطهاده و من الضغط عليه و لكنها بالإضافة تحصر تقسيم العمل تقسيما عقلانيا ، صائبا ، داخل المصنع .
و هنا تظهر بالطبع الفكرة التالية : و تقسيم العمل داخل المجتمع بأسره ؟ أي قدر من العمل يتبدد هباء في الوقت الحاضر بسبب من تشويش و فوضى الإنتاج الرأسمالي كله ! كم يضيع من الوقت عند انتقال المادة الخام إلى الصناعي بواسطة مئات التجار الوسطاء و نظرا لجهاز متطلبات السوق ! و ليس الوقت و حسب ، بل المنتوجات نفسها أيضا تضيع و تفسد . و خسارة الوقت و العمل على إيصال المتوج الجاهز إلى المستهلكين بواسطة عدد لا يحصى من صغار الوسطاء الذين هم أيضا لا يستطيعون أن يعرفوا مطالب الشارين و يقومون بمجموعة كبيرة ، لا من الحركات النافلة و حسب ، بل ايضا من صفقات الشراء النافلة ، و هكذا دواليك و هلمجرا .
إن الرأسمال ينظم و يضبط العمل داخل المصنع لأجل اضطهاد العامل باستمرار ، لأجل زيادة أرباحه . و لكن الفوضى في مجمل الإنتاج الإجتماعي تبقى و تتفاقم و تؤدي إلى الأزمات عندما لا يجد الثروات المتراكمة من يشتريها ، بينما ملايين العمال يهلكون و يجوعون و لا يجدون عملا .
إن نظام تايلور ، ـ بدون علم واضعيه و خلافا لرغبتهم ، ـ يهيء الزمن الذي ستأخذ فيه البروليتاريا كل الإنتاج الإجتماعي في يدها و تعين فيه لجانها هي ، العمالية . لأجل تقسيم و تنظيم العمل الإجتماعي كله بصورة صحيحة . إن الإنتاج الكبير و الآلات و السكك الحديدية و التلفون ، إن كل هذا يعطي آلاف الإمكانيات لتخفيض وقت عمل العمل المنظمين إلى الربع و لتأمين رفاهية لهم توازي أربعة أمثال رفاهيتهم الحالية .
و بواسطة النقابات العمالية ستتمكن اللجان العمالية من تطبيق هذه المبايء لتقسيم العمل الإجتماعي تقسيما صائبا عندما يتحرر العمل الإجتماعي من عبودية الرأسمال ."
<<بون برافدي>> ، << طريق المجلد 24 ، ص ص 269 ـ الحقيقة >> ، العدد 25 ، 12 271
آدار ـ مارس 1914

و أترك هنا القراء حرا في استنتاجاته الخاصة التي حتما ستدحض ما قاله عبد الله الحريف عن لينين "المعجب البتايلورية" و علاقة ذلك ببناء الحزب البولشيفي و "فشل الثورة الإشتراكية" ، لا أفهم كيف تعامل صاحبنا مع أقوال لينين المناقضة تماما لما يدعيه حول "انبهار لينين بالتايلوية" و الذي استنتج منه عبد الله الحريف ما يلي :" كل هذا ساعد الفئة المتحكمة داخل الحزب شيئا فشيئا على أن تنسلخ عن الشعب لتشكل بيروقراطية متحكمة في كل شيء و أن تعتقد أنها وحدها تملك الحقيقة و لا يسمح بتغييرات الشعب التي لا ترغب فيها".
من خلال ما تم ذكره لا بد لنا من الحزم ضد كل تأويل غير صحيح لأقوال لينين و التلفيقات التي يمكن أن تتم في حقه خاصة في ظل الردة التي عرفتها صفوف الماركسية بعد إسقاط التجربة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي ، كما لا بد لنا من إعادة قراءة التجربة اللينينية ما بعد لينين و التي يسميها البعض بالستالينية قراءة موضوعية إنطلاقا من الدياليكتيك الماركسي ، الذي يفترض أن في كل عمل أخطاء يجب الوقوف عليها و تطويرها من أجل الإستفادة منها و بالتالي إنصاف ستالين الذي يعتبر من طرف التحريفية المسؤول عن فشل التجربة الإشتراكية بالإتحاد السوفياتي ، و لا بد كذلك من أن نسجل أن الهجوم على ستالين ما هو إلا بداية للهجوم على اللينينية و بالتالي شرعية الهجوم على لينين من طرف التحريفيين .
تارودانت في : 14 أبريل 2007
امال الحسين