3-الاهمية العالمية لمقاومة الشعب العراقي للاحتلال تتطلب منه تطوير جميع تجارب المقاومة الشعبية الوطنية والعالمية


سعاد خيري
2007 / 2 / 2 - 11:39     

تتميز مقاومة شعبنا للاحتلال اليوم عن كل تجاربه السابقة في مقاومة الاحتلال البريطاني في عهد الامبريالية حيث كان يواجه القوات البريطانية وادواتها من ححكومة وبوليس سري وعلني ووسائل اعلام . واستطاع بناء عوامل ذاتية وموضوعية لدعمها كتطوير قيادة سياسية استطاعت ان تطوروعي ونضال الجماهير لمواجهة تطور وسائل الاحتلال في اضطهاد وقهر كل فئات الشعب وطبقاته، واقامت جبهة وطنية ضمت الى جانب الاحزاب الوطنية والمنظمات الديموقراطية حركة الضباط والجنود الاحرار. مما اضطر قوات الاحتلال البريطانية الى اللجوء الى عقد الاحلاف العسكرية والتنازل عن بعض مواقعها للامبريالية الامريكية في منطقة الشرق الاوسط. التي جعلت العراق في قمة حلف بغداد أي في مركز استراتيجيتها منذ ذلك الحين أي عام 1956 . ورغم ذلك تمكن الشعب العراقي من تحقيق نصره العظيم في ثورة 14/تموز/1958 بتظافر عدة عوامل ذاتية وموضوعية.واستطاع الشعب بقيادة قواه الوطنية ولاسيما الشيوعية توطيد وتطوير هذا النصر، ولكن هذه القوى والاحزاب فشلت في تعزيز وحدتها من خلال حرف استراتيجيتها الوطنية بوضع السلطة في قمة اهدافها وانشغلت عن مهامها الاساسية في تصارعها من اجل السلطة كما تفعل اطراف المقاومة الفلسطينية اليوم. وادى ذلك الى انشغالها في البداية في هذا الصراع عن توطيد وتطوير القواعد الاساسية لصيانة هذا النصر وتطويره ومن ثم الى خسارته التي استمرت تتعاظم حتى يومنا هذا . فقد كانت الامبريالية العالمية بقيادة، الامبريالية الامريكية بالمرصاد لكل ثغرة في قوى الثورة فجندت كل القوى الرجعية والعميلة بقيادة حزب البعث لانقلاب شباط الفاشي في شباط 1963، وسخرته لتحقيق استراتيجيتها في احتلال العراق وتركيع شعبه .
ولذلك على المقاومة الشعبية العراقية اليوم ان تستفيد من تجربة ثورة 14/تموز ليس فقط من ايجابياتها وسلبيتها بل وتطويرها لتلائم عصرنا حيث تواجه اليوم ليس الامبريالية الامريكية وحدها بل كل الاقطاب الراسمالية الاخرى من خلال حلف الاطلسي وليس الحكومة العراقية العميلة بكل اجهزتها فقط ولكن كل الدول الرجعية والعميلة العربية والمجاورة وكل ادواته الاجرامية من ارهاب وطائفية بعد ان لم يبقى لديه من وسائل معاصرة لتركيع شعبنا فلجأ الى كل الوسائل الهمجية للعصور السالفة التي حرمتها الانسانية . ولكن الى جانب ذلك تسند مقاومة شعبنا قوى العولمة الانسانية التي تشمل العالم وتسيطر بمنظماتها الجبارة ولاسيما منظمات الشغيلة التي تتحكم بكل مرافق حيويتها ووسائل استعبادها لشعبنا ولشعوب العالم من معاهد لتطوير اسلحة الدمار الشامل ومعامل لصنعها ووسائل نقل فضلا عن تضامن الشعب الامريكي نفسه الذي تعتمد قوات الاحتلال بكل جبروتها على ابنائه من الجنود وعلى علمائه ومهندسيه في صنع واستخدام كل اسلحتها .
تواجهه مقاومة شعبنا من مخاطر وصعوبات قديمة وحديثة تفرض عليه تقديم اغلى وابهض التضحيات، ولكنها تحظى بمساندة عالمية جبارة ايضا تعزز ثقتها بقدراتها ليس على تصعيد مقاومتها وتطويرها بل وعلى انتصارها وتحرير شعبها من الاحتلال . وعليها ايضا ادراك وتقييم هذا الاسناد وهذه القوى العالمية والمساهمة في نشاطاتها وتطوير وعيها وتجاربها . ويبقى السند الرئيس للمقاومة الشعبية هو سعة قاعدتها الاجتماعية اولا وهذا لا يتم الا من خلال تنشيط وتوسيع النضالات الجماهيرية من اجل مطالبها الانية ومساهمة المقاومة في هذه النضالات ودعمها وتطويرها وحمايتها الامر الذي يعزز ثقة الجماهير بها من ناحية وحماية المقاومة من عزلتها عن الجماهير ومن الشعور بالتعالي عليها. وثانيا لايمكن تربية قيادة سياسية واعية للمقاومة الشعبية الا في خضم النضال الجماهيري ومن بين صفوفها تبرز العناصر الحيوية القادرة على تلخيص التجارب وتطوير وسائل واساليب الكفاح وفي بحثها علن افضل السبل تستعين بتجارب شعبنا وشعوب العالم ومن خميرة وعيها وبما انتجته من نظريات وتسهم في تطورها وفقا لمتطلبات عصرنا.
يمكن لكل متابع لما يجري في العراق الذي اصبح يتقدم جميع احداث العالم ويهيمن على جميع وسائل الاعلام رغم كل وسائل التضليل والتعتيم الذي تمارسه ماكنة العولمة الراسمالية الايديولوجية والاعلامية، استمرار المقاومة الشعبية للاحتلال وتوسعها بل وتطورها. ففي الامس، استعاد ت طلائع شعبنا استغلال المناسبات الدينية لتوعية الجماهير وتوجيه نضالها فقد تميزت ردات الملايين في النجف وكربلاء هذا العام بعد عقود من ظلام الدكتاتورية والاحتلال، استعادت طابعها النضالي والتحريضي على مقاومة الاحتلال . وإذ لم تجرأ قوات الاحتلال وادواتها من اقطاب الطائفية على ضرب تلك الحشود بالرصاص فقد تصدت لالاف الجماهير المتوجهة من الزرقة الى النجف وهي تردد بشعاراتها العداء للاحتلال وللتدخل الايراني. وقامت بمجزرة هائلة راح ضحيتها المئات. وتتصاعد النضالات الجماهيرية في جميع انحاء العراق من اجل حل مشاكلها المعاشية وتوفير الخدمات الاجتماعية محملة الاحتلال مسؤولية كل معاناتها. فضلا عن ظهور العديد من المنظمات السياسية الثورية تحت اسماء متعددة تتبنى المنهجية العلمية كليا او جزئيا وتمارس مختلف اشكال النضال السلمي والمسلح. والتي من خلال ممارستها الدور الطليعي في المقاومة الجماهيرية فقط يمكنها ان توحد نشاطها وتطور وعيها واساليب كفاحها وصولا الى النصر في دحر الاحتلال بل والى حماية هذا النصر وتدعيمه وتطويره.
ولذلك صعدت قوات الاحتلال وادواتها السياسية والايديولوجية والاعلامية من وسائل واساليب اثارة رعب الجماهير من نتائج سحب قوات الاحتلال من العراق، بالحرب الطائفية الاهلية واستشراس الارهاب، وبالصراع بين فصائل المقاومة من اجل السلطة كما يجري اليوم في فلسطين . ويبرؤن قوات الاحتلال من قيادتها وتدريبها وتمويلها وحمايتها واستخدامها لكل تلك المخاطر لادامة احتلالها.. ولاشك بان قوات الاحتلال ستستند في استعادة مواقعها بما خلفته من ادوات محلية واجنبية ستصعد نشاطاتها الارهابية والطائفية. ولكن بوعي شعبنا ومقاومته وتلاحم قواه ونضوج قيادته السياسية ، سيستطيع حماية وحدته وتوجيه نضاله نحو تعزيز انتصاره وحمايته وتطويره في حين ستفقد كل ادوات الاحتلال الدعم المالي والاسناد المباشر والحماية من قوات الاحتلال ولم يجدوا بدا من التوقف عن جرائمهم تحت اعبائهاومخاطرها من ناحية وعقاب الجماهير وحكمها.