دور أفكار ماو تسيتونغ في تطوير الماركسية اللينينية في عصرنا - المقدّمة - 2


جريس الهامس
2007 / 1 / 28 - 13:00     

دور أفكار ماو تسي تونغ في تطوير الماركسية اللينينية في عصرنا – المقدمة – 2
تتمة المقدمة :
عالج الرفيق ماو خصوم الثورة المتجمعين حول تيّارين : - الإنتهازية اليمينية – والإنتهازية اليسارية طوال مسيرة الثورة ثم أثناء البناء الإشتراكي بعد انتصار الثورة النهائي وتحرير البر الصيني كله عام 1949 حتى وفاته في 9 أيلول 1976 – تاركاّ الدور الأول لإسقاط هؤلاء للجماهير بعد رفض الكثيرين منهم كل سبل الإصلاح.....
أشعل ماو فتيل الثورة الثقافية عام 65 بدءاّ من الأوبرا والمسرح والموسيقى إلى جميع زوايا البناء الإشتراكي والحزب من القاعدة إلى القمة ... وكانت النقطة الأساسية في هذه الثورة , قطع الطريق أمام كل أمل بعودة الرأسمالية , لئلا يتغير لون الصين الجديدة ,وإصلاح أولئك الذين يسلكون طريق الرأسمالية في الحزب والدولة , أو يحملون رواسب الفكر الديني الكونفوشي العبودي , أو عقلية الإنقلابية العسكرية اليسارية , وبفضل هذه الثورة السلمية تعرّى التياران : الإنتهازي اليميني الرجعي الذي تمثّل في ( ليو شاو شي , و تشن بوطا ) وفرق العمل التابعة لهما لتخريب الثورة الثقافية .. والتيار اليساري الإنقلابي الذي تمثل في ( لين بياو وزير الدفاع – وزوجة الرئيس ماو وبعض القادة العسكريين ) هذا التيار الذي حاول اغتيال ماو واغتصاب السلطة _ وبعد فشلهم حاول لين بياو الفرار إلى موسكو مع قائد الطيران وغيره لكن طائرتهم أسقطت عام 1971..
وكان كل من التيارين الإنتهازيين المتاّمرين يتستر خلف إسم ماو وشعاراته وكانوا يرفعون الكتاب الأحمر ليخفوا وجوههم القبيحة ... وجاء التحريفيون بعد وفاته ليشوهوا الثورة الثقافية العملاقة التي لاتقل أهمية عن الثورة المسلحة بعد أن قاموا بالكثير من التخريب باسمها لتشويهها ..
إبان الثورة الثقافية طرح الرفيق ماو شعار : ياعمال العالم ويا أيتها الشعوب المضطهدة إتحدوا – ياشعوب العالم إتحدي واهزمي المعتدين الأمريكيين وجميع عملائهم , تشجعي وتحدي الصعاب وعندها سيكون العالم كله باتأكيد ملكاّ للشعوب , وسيقضى على الغيلان بجميع أنواعها – إن جميع المستعمرين والرجعيين والعملاء ليسوا سوى نمور من ورق تأكلهم التناقضات الداخلية ويسودهم التفسخ -
وكانت الصين الشعبية بقيادته السند الأول للشعوب وثوراتها التحررية العادلة , وكانت أول من دعم الثورة الفلسطينية . وأول من نظم دورات تدريبية لطلائع الثوار الفلسطينيين منذ عام 1965, كانت الدورة الأولى بقيادة الشهيد خليل الوزير _ أبو جهاد – في الصين وأول سلاح قدم للثورة كان من الصين بالإضافة للمساعدات الكبيرة الأخرى – راجع مذكرات المرحوم أحمد الشقيري , وغيرها - كما لم تعترف الصين بالكيان الصهيوني في حياة الرئيس ماو – لم تعترف إلا بعد اعتراف كل الأنظمة العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية ...؟؟؟ كما دعمت الصين الشعبية جميع حركات التحرر الوطني وثورات الشعوب وحقها في تقرير مصيرها من الفيليبين إلى جنوب شرق اّسيا , إلى ظفار إلى أرتيريا , واليمن الجنوبي , .إلى الجزائر وأنغولا وموزامبيق والكونغو وغيرها إلى أمريكا اللاتينية ...
.... في نيسان 1962أصدر ماو رسالته الشهيرة إلى المحرفين السوفييت التي تضمنت خمساّ وعشرين نقطة : حدد فيها التناقض الرئيسي في العالم المعاصر بين الأمبريالية الأمريكية وشعوب اّسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية والتناقضات الثانوية , والعلاقة الجدلية العلمية بينها ومتى يتحول الثانوي إلى جزء لايتجزأ من الرئيسي , كما حدد المفهوم اللينيني للتعايش السلمي , ولحق الشعوب في تقرير مصيرها , كانت هذه الرسالة الهامة بمثابة ( بيان شيوعي جديد) كما ساهم مع قيادة الحزب وعدد من المفكرين الماركسيين في تلك الفترة الهامة : المناظرة حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية – التي تضمنت شرح إنحرافات الأحزاب التحريفية التابعة لموسكو , في فرانسا وإيطاليا , ويوغسلافيا , والهند , وأمريكا وغيرها ...مفنداّ خط هذه الأحزاب الإصلاحي التابع المناهض للماركسية اللينينية والثورة قائلاّ : ( يجب تجنب الوقوع في أحابيل الغباء البرلماني والتبشير به باعتباره الطريقة الوحيدة التي تصنع الثورة , وقد نبّه لينين إلى أنه من النادر جداّ العثور على حالة من حالات التطور السلمي للثورة . إن سابقة الإنتقال السلمي من الرأسمالية إلى الإشتراكية ليست موجودة في التاريخ ....) وانطلاقاّ من الرؤيا العلمية التي زودته بها الماركسية اللينينية وقف بحزم ضد التحريفية السوفياتية وفي القلب حزن وأسى لما بلغته من انحطاط إلى رأسمالية دولة أمبريالية مع الأسف... كماحلل بإنصاف وعدل قضية ستالين وأخطائه ومنجزاته .. داحضاّ إفتراءات خروشوف وزمرته الرخيصة التي تاجر بها الإعلام الأمبريالي ليضع ستالين في صف هتلر بكل وقاحة وتزوير ( راجع مجلد : مناظرة حول الخط العام للحركة الشيوعية العالمية – إصدار دار نشر بكين بالعربية - وفي صبيحة العاشر من أيلول 1962 ألقى ماو خطاباّ شهيراّ اعتبر مصدراّ فكريا : أهم ماجاء فيه : (إن الإنتكاسة والعودة إلى الرأسماليى أمر ممكن والتحريفية هي الخطوة الأولى على طريق الإنتكاسة , لقد انتصرت التحريفية في الإتحاد السوفياتي الذي غيّر لونه تغييراّ مخاتلاّ وسلمياّ فإذا كان هذا الجيل من أبنائنا سيعتنق التحريفية التي هي في الحقيقة الرأسمالية تحت إسم الإشتراكية , فإن أحفادنا سيثورون دون أدنى شك ,والسبب الرئيس في ذلك هو تغيير اختصاص الجماهير , لذلك لابد من الإلحاح دوماّ وأبداّ على موضوع الصراع الطبقي _ اليوم الأول في العالم ص 254 ) –

واستناداّ إلى مقولة ماركس ( إن التاريخ يحملنا مهمة عظمى هي ليست فقط , أن نعرف العالم , بل أن ( نعمّده ) نغيّره . لكن لكي تبلغ الطبقة العاملة هذا المستوى والوعي , لابد أن تتولّى هي تغيير نفسها بنفسها قبل كل شيْ - إن وعي العمال لايأتي من خارجهم , بل من صفوفهم ونضالهم الطبقي والسياسي ) .أضاف الرفيق ماو دور الطبقة العاملة داخل النظام الإشتراكي بقوله : ( لابد في الإشتراكية من ثورة داخل الثورة . ومن حق الطبقة العاملة أن تنتفض ضد قياداتها عندما تسلك تلك القيادات طريق خطر الإنحراف البورجوازي , إن شرعية الإختلاف والثورة تضمنان النقاء الثوري _ المصدر السابق ص 255 ) كما قال في إحدى رسائله لزوجته عام 1966 : ( منذ عام 1911 لاتستطيع أية سلطة رجعية أن تعيش في الصين طويلاّ . وإذا قامت بعض العناصر المعادية للإشتراكية بانقلاب في الصين , فسوف لاتعرف السلام أبداّ , وسيكون نظامها قصير العمر ومرفوض من الثوريين الذين يمثلون % 90 من الشعب – المصدر السابق ) وبمثل هذه الثقة كتب قصيدته الشهيرة جواباّ على قصائد شاعر الصين الكبير ( كوموجو ) نختزل مقطعاّ منها :
إن النملة تطاول الصفيراء (&) وتعطي نفسها هيأة الفيل
والزائلون المزيفون يضعون الخطط للإطاحة بالشجرة العملاقة
.. لكن البحار الأربعة ترتفع
والغيوم تتلبّد والمياه تتزايد
لتكنيس كل الحشرات
إن قوتنا لاتقهر .... – (& ) الصفيراء شجرة عملاقة يتراوح ارتفاعها بين 15 – 20 متراّ تشبه السنديان , نقلها الأوروبيون إلى بلادهم – حاشية قصائد ماو – تعريب دار اللغات – بكين
إلى جانب قيادته العسكرية للثورة ومسيرتها الكبرى أكبر مسيرة في التاريخ عبر جبال من التضحيات والاّلام وأنهار من الدماء والدموع لتحرير الصين القارة ( عشرة ملايين كم مربع ونيف ) من حكم الإقطاع والعبودية والرق والمجاعة والإحتلال الياباني والأوربي ثم الأمريكي .... إلى جانب كل ذلك لم يغب عن ناظريه , هدف الماركسية والحزب الأول : بناء الإنسان الإشتراكي الجديد , بناء خلفاء صادقين للثورة على أسس التربية الإشتراكية الديمقراطية .
( التربية الإشتراكية ليست عملاّ من أعمال البوليس , إنها حركة ثورية كبرى , إنها الصراع بين الأنا والغيرية , الصراع الذي يدعوا لإعادة تربية الإنسان .. الإنسان الجديد لابد أن يتغير في مواجهة نفسه .. لابد أن يصارع ضد نفسه بنفسه ليطرد الأنانية وأحلام استغلال الاّخرين والتبعية للتحريفية ... إنها مسألة فهم العالم ورؤية حقيقته , مسألة الجميع وكل فرد, فكل القرارات حول جميع المسائل الهامة يجب اتخاذها بعد مناقشة معمقة مع الجماهير لتعبّر تعبيراّ حرّاّ وتاماّ عن وجهة نظرها , في سبيل البناء وفضح الفاسدين والأعمال الفاسدة , لابدّ من إتباع خط الجماهير – طوفان الصباح ص 234 )
كما لم تغب عن ناظري ماو أهمية تربية الجيش الأحمر الصيني تربية إشتراكية ديمقراطية بعيدة عن النزعة العسكرية المعزولة عن الجماهير والحزب
هذا الجيش المكوّن من أبناء العمال والفلاحين الفقراء وسائر الشغيلة الذي ربّاه الحزب وقيادة ماو وتشوئن لاي وتشوتة وقاده لتحقيق النصر النهائي وتطهير البر الصيني من أية قدم استعمارية غريبة .. بقي مخلصاّ للجماهير التي انحدر منها يعيش اّلامها واّمالها في بتاء الإشتراكية , أسهم في جميع ورش البناء والإنتاج الإشتراكي الزراعي والصناعي والتربوي , بنى السدود والمصانع والمدارس مع هيئات المجتمع المدني في جميع أنحاء الصين الجديدة إلى جانب مهماته العسكرية وتطوره الرائع في جميع مجالات الدفاع الوطني . وبقي أميناّ مخلصاّ للمبدأ الذي وضعه الحزب بقيادة الرئيس ماو منذ الطلقة الأولى في الثورة وهو : ( الحزب يقود البنادق ولايسمح أبداّ أن تقود البنادق الحزب ) كما قال الرفيق ماو : ( لدينا جيش للقتال وجيش اّخر للعمل الإنتاجي .. فيما يتعلق بالقتال لدينا الجيش الثامن والجيش الرابع الجديد , إلا أنه يجب على جيش القتال هذا أن يقوم أن يقوم بمهمة مزدوجة هي القتال والإنتاج بالإضافة إلى قدرته على العمل الجماهيري , وبهذا التنظيم سنتغلب على المصاعب ونقهر الأمبريالية اليابانية وإقطاعيي الكومنتانغ وأمراء الحرب المتعاونين معها - إلى التنظيم – 29 ت2 – 1843 – المؤلفات المختارة – المجلد الثالث - ) .... .. وأثناء الثورة الثقافية ألغي وضع الرتب العسكرية على الأكتاف والأيدي كجزء من التربية الإشتراكية الديمقراطية داخل الجيش , وتحقيق الوحدة بين الضباط والجنود أكثر , وهذا ماحدث لأول مرّة في تاريخ البشرية , وعن الصين وجيشها أخذت فييتنام وغيرها هذه التجربة المحدودة في الزمان والمكان _ ثم أعيدت الرتب كما كانت بعد انتهاء الثورة الثقافية عام 1968 ,,,, ويشرفني القول أن معظم هذه التجارب والمنجزات الإشتراكية الديمقراطية شاهدتها شخصياّ أثناء زيارتي للصين بدعوة من قيادة الحزب في أيلول عام 1967 و,أمامنا - نحن وفود شعوب اّسيا وأفريقيا وأمريكا اللا تينية اّنذاك - ليلة العيد الوطني لتحرير الصين , في قاعة الشعب في ساحة تيان أن مين قال حرفياّ : ( إن حرية الصين واستقلالها الوطني وانتصارها النهائي يبقى منقوصاّ مادام على الكرة الأرضية شعب مستعبد ومضطهد ) بهذه الروح الأممية الصادقة عمل ماو ورفاقه طيلة مسيرتهم المظفرة .... وهذا ما كنا نسمعه من الطلاّب والطالبات والعاملات الذين التقينا بهم في مختلف المناطق الذين كانوا يرحّبون بنا بحرارة منقطعة النظير ....

أما القيادة العسكرية ولجنة الشؤون العسكرية المسؤولة الأولى عن جميع الشؤون العسكرية فهي تابعة مباشرة لقيادة الحزب ومكتبه السياسي – راجع – عشر مقالات عسكرية ص 137 وما بعدها -
كان ماو في سباق مع الزمن الذي لايرحم , ليوصل الثورة والحزب إلى شاطئ الأمان النسبي وليس المطلق , الغير ممكن أصلاّ مادام الصراع الطبقي قائماّ وخطر عودة الرأسمالية ممكناّ , ومهما كان عطاء المناضل الثوري الحقيقي كبيراّ فإنه يشعر حتى النفس الأخير بأن أمامه الكثير الذي يمكن أن يقدمه لشعبه ووطنه والواجب عليه تقديمه , متمنياّ لو يطول العمر أو تتوقف عجلة الزمن عن الدوران ليعطي أكثر وأكثر ....
( ثمة الكثير مما يجب عمله والوقت دائما يضغط . السماء تدور وكذلك الأرض والأيام لاترحم . عشرة اّلاف عام طويلة جداّ . فامسك بناصية النهار , وامسك بها الاّن ......... مع النصر ستأتي إلينا البورجوازية للتملّق ودغدغة الكبرياء . إن دغدغة الكبرياء هذه تغزو الإرادات الضعيفة في صفوفنا . )
- راجع كتاب . طوفان الصباح ص 234 – والمختارات ج4 ص 393
- كماحذّر الرفاق والمناضلين الثوريين وجميع الذين انتصرو في الثورة ونجوا من رصاص العدو الغادر _ حذّرهم من السقوط بالرصاص المغلف بالسكر – رصاص التحريفيين والإنتهازيين والمتملقين والمنافقين
وأوضح ماو الحل الصحيح للتناقضات بين صفوف الشعب بالحوار والطريق السلمي , وحدد الفارق بينها وبين التناقض الرئيسي مع الأمبريالية الأمريكية وجميع المستعمرين وعملائهم
وطرح شعاره الشهير ( فلتتفتّح جميع الأزهار ولتتبارى جميع المدارس...) توطيداّ للديمقراطية الإشتراكية بين صفوف الشعب , والشعب وحده قادر على التمييز بين الزهرة العطرة والزهرة غير العطرة وبين مدرسة العلم والعقل واحترام الإنسان كأثمن رأسمال في العالم , المدرسة الظلامية التي تعلم الإنسان على اسغلال واحتقار أخيه الإنسان وتلغي العلم والعقل لتضع مكانه الخرافة وعبادة الطغاة ......

إن نجاح الديمقراطية الإشتراكية أو الديمقراطية الحديدة في الصين أسقط كل مزاعم التحريفيين والليبراليين القدامى والجدد الذين وضعوا الإشتراكية والديمقراطية في خندقين متقابلين , كأن الإشتراكية معادية للديمقراطية الحقيقية التي تحقق تحرر الشعوب وحقها في تقرير مصيرها ... – طبعا ليست ديمقراطية الإستغلال والنهب والإستبداد الرأسمالي والإضطهاد الطبقي والعنصري واحتلال بلدان الاّخرين ونهبها – يتبع
لاهاي – 27 / !