نحو مفهوم مبسط للماركسية .. حلقة رقم 1

على الرغم من كوني شيوعيا يساريا وأختلف مع الماركسية في الكثير من النقاط لكن أضطر هنا للكتابة عنها لأنها تحمل مذاق دين ألهي من نوع خاص .. دين يختلف عن كل النظم الدينية الفاسدة الحالية ، وهو برأي البديل الواقعي الموجود لإزالة مجمل الألم البشري .. قبل أن نفهم ماهي الماركسية كفلسفة حاولت رسم رؤية جديدة للتاريخ و للواقع و للمستقبل يجب علينا فهم خارطة الفكر البشري العامة حتى يمكننا تحديد الماركسية من خلال منظور مقارن أدق :
- تنقسم الرؤية للوجود وللواقع المحيط إلى فلسفتين رئيسيتين :
أولا / الفلسفة المثالية : تؤمن بأولوية الروح على المادة وأنها أي المادة أنعكاس للروح في هذا العالم وهي على قسمين :
1 / المثالية الموضوعية : رؤية للواقع من خلال وجود روح علوي فائق خالق لكل الوجود والمادة ، والروح البشرية أو الخالق هو كيان منفصل عن هذا العالم يمتلك القدرة على التحكم بالمادة من خلال علاقة خفية ، تعتبر المثالية الموضوعية البناء الرئيسي لكل الأديان تقريبا على أختلاف تحديد أسم وتفاصيل لهذ الخالق فالديانات التوحيدية ( الإسلام ، اليهودية ، المسيحية ، الصابئة ، الأزدية ، .. الخ ) تسميه بــ ( الله ) والبوذية تسميه بـ ( الروح الكلي ) وعند الزرادتشية مركب من نقيضين ( أله الخير وأله الشر ) وعند الهندوسية ( فيشنو ) .. الخ .
2/ المثالية الذاتية : الروح العلوي أو الخالق لاينفصل عن الإنسان ، أي أن الإنسان والخالق وجهان لعملة واحدة والعلاقة بينهما كالعلاقة بينهما علاقة أله أكبر وأله أصغر ، هذه الفكرة هي البناء الرئيسي للوجودية على أختلاف مذاهبها وغيرها من التيارات الأخرى .
ثانيا / الفلسفة المادية : تؤمن بأن المادة أولية والروح ( أن وجدت ) فهي شكل معقد ومتطور للمادة ، والمادية على قسمين :
1/ المادية العلمية : فلسفة قائمة على قوانين العلم البحتة في تفسير الحياة وأن كل شيء خاضع للغة المعادلات والقوانين العلمية ومثالها نضرية دارون في التطور وغيرها .
2/ المادية الجدلية : رؤية للوجود من خلال أن المادة محكومة بالتناقض كأساس لديمومتها وأن هذا الوجود قائم على علاقة بين نقيضين في معادلات وقوانين ثابته تتحكم في هذه العلاقة ( صيرورة ثابتة وأبدية ) ، والمادية الجدلية صاغها كارل ماركس كتعديل لفلسفة الجدل عندالفيلسوف الألماني ( هيجل ) ، و المادية الجدلية كانت الأساس الفلسفي للماركسية وركنها الأول .