نقد كتابات موقع 30 غشت ورقة -الصراعات الطبقية وحركة 20 فبراير ...- الحلقة الثانية نقد المقدمة الجزء الثالثة


الأماميون الثوريون
2020 / 8 / 3 - 17:50     

ويواصل الكاتب نقده ل"حركة 20 فبراير"، معبرا عن رأيه الإيجابي حولها "لقد شكلت الحركة خطوة إيجابية بطرحها لمطالب سياسية، وبكسر حاجز الخوف لدى فئات اجتماعية (خاصة المنتمية للبورجوازية الصغيرة والمتوسطة) هذا رغم كونها ظلت محدودة في سقفها السياسي (إصلاح النظام)"، كما جاء في قوله.
وهكذا يثني الكاتب على عمل "الحركة"، على الرغم من أنها ليست حركة عفوية جماهيرية، حيث هي حركة مدبرة ومنظمة من طرف تنظيمات سياسية إصلاحية، وقد تم التصريح بتاريخ تنظيمها وببرنامجها علانية قبل النزول إلى الشارع، فعن أي "خطوة إيجابية" يتحثة الكاتب ؟
وهو يجيب عن هذا السؤال، فيما تبقى من موقفه هذا وهو "كسر حاجز الخوف لدى فئات اجتماعية"، ويحدد الفئات المعنية بذلك وهي "البرجوازية الصغيرة والمتوسطة"، وهنا يسقط الكاتب في التماهي مع الأحداث كباقي الناس العاديين، غير العارفين بكواليس السياسة، مع العلم أن هذه الطبقة التي يتحدث عنها، تقودها قيادات الأحزاب الإصلاحية المنتمية لها، والتي نظمت "حركة 20 فبراير".
وبكل سذاجة يوجه الكاتب نقده لما سماه "محدودية سقفها السياسي"، الذي ليس إلا تعبيرا صريحا على أنها حركة منظمة من طرف هذه الطبقة، التي تعبر بكل وضوح عن مشروعها الإصلاحي في أوراقها التنظيمية، بينما يطالب الكاتب من الماركسيين اللينينيين قلب موازين القوى في شارع أصلا منظم، وهو يعرف ويتجاهل ذلك في نفس الوقت.
إن تناول الكاتب لحدث مهم تاريخيا في الصراعات الطبقية بالمغرب، ويهذا الشكل من العفوية، الذي لا يمت بصلة بالتحليل العلمي المادي للتاريخ، إنما يعبر عن موقفه المتذبذب غير الصريح، مما يضع تحليله هذا بين منزلتين، لا مع ولا ضد، فهو يثني على عمل الحركة وفي نفس الوقت يوجه لها نقدا غير مبرر، كأنما يتكلم عن شيء مجهول، سقط من السماء بين عشية وضحاها، مما يضع منهجه في صف اللاعرفانية، التي تعترف بالشيء في ذاته لكنها تنكر إمكانية معرفته والوصول إليه، إنه في حقيقة الأمر منهج كانطي الذي يحارب الماركسية باسم تطويرها، من طرف الكانطيين الجدد.
ولتركيز ما تمت الإشارة إليه أعلا، يواصل الكاتب السير في طريق منهجه الكانطي في قوله :"ومرتبكة في أساليبها النضالية (الطابع السلمي ورفض مواجهة العنف الرجعي بأساليب حازمة، وتصديها للعنف الجماهيري، الذي غالبا ما كان ينسب للنظام، علما أن النظام استعمل فعلا في بعض الحالات فرقه الخاصة والتجأ الى البلطجية، إن هذا الخلط أدى ثمنه العديد من أبناء الشعب و مناضلون مخلصون، الذين زج بهم في سجون النظام بعد محاكمات صورية، نموذج العرائش و محاكمات طنجة لمناضلي الحركة)، التي ظلت حبيسة الأساليب الاحتجاجية، دون استعداد للانتقال إلى أساليب الانتفاض، التي خبرتها التجربة الومرتبكة في أساليبها النضالية تونسية والمصرية".
وهنا يتباكى الكاتب على نتائج عمل هذه الأحزاب ويصفها أنها "مرتبكة في أساليبها النضالية"، لكن دون أن يحدد من أين جاء هذا الإرتباك، ويكتفي فقط بوصفه السطحي كالقول ب"الطابع السلمي ورفض مواجهة العنف الرجعي بأساليب حازمة، وتصديها للعنف الجماهيري"، وهنا يطلب منها تجاوز سقفها الذي تحدث عنه سلفا، ويشير إلى عنف الجماهير دون القدرة على تحديد أسبابه، أو حتى تحديد نوعيته، وهو في الحقيقة عنف ثوري نابع من معاناة الجماهير، لكن دون أن ننسى ما يريد الكاتب نفيه، وهو تنظيم الماركسيين اللينينيين في أوساط الجماهير، هذا المعطى التاريخي الجديد في الحركة الجماهيرية بالمغرب، الذي أبرز وجود أشكال تنظيمية ثورية جديدة أربكت الأحزاب الإصلاحية ومعها النظام القائم، ولم يكلف الكاتب نفسه للبحث عن هذا المعطى، حيث لا يرغب في ذلك بقدر ما يرغب في جعله يذوب في عنف الجماهير، وبالتالي يتباكى على ما مس بعض المناضلين هنا وهناك من العنف المضاد للدولة، وهو عنف طبيعي بحكم طبيعة الدولة كما حددت الماركسية ذلك.
وقوله ب"إن هذا الخلط أدى ثمنه العديد من أبناء الشعب و مناضلون مخلصون، الذين زج بهم في سجون النظام بعد محاكمات صورية، نموذج العرائش و محاكمات طنجة لمناضلي الحركة)"، يؤكد بصريح العبارة تجاهله التام والمطلق لما لحق الماركسيين اللينينيين من قمع من طرف الدولة، والاكتفاء بمن سماهم "أبناء الشعب ومناضلون مخلصون"، مما يوضح مدى تمادي الكاتب في أسلوبه اللاعرفاني، الذي يستقي أصوله فيما سمته الماركسية "اقتصاد الأخلاق"، من أجل ضرب مساهمة الحركة الماركسية ـــــــ اللينينية المغربية في احاجاجات "حركة 20 فبراير".
وهو في نفس السياق يطالب هؤلاء "المناضلين المخلصين" بل يلومهم عن كونهم "دون استعداد للانتقال إلى أساليب الانتفاض، التي خبرتها التجربة التونسية والمصرية"، وهو بعيد عن الساحة الجماهيرية، ينتقي منها من يريد وبالتالي يطالبهم بما يريد، بل أكثر من ذلك يطالب منهم الانتقال من الاحتجاج إلى الانتفاض ؟ دون أن يشارك هو في ذلك.
ويعطي مثلا ب"تونس ومصر"، وهنا ينهي مبدأه اللاعرفاني بالمثالية الذاتية والسوليبسيسم، وذلك عبر وهم نجاج ما يسمى الانتفاض بتونس ومصر، مما يؤكد جهل الكاتب بأحداث ما يسمى "الربيع العربي"، ومستوى منطلقاته الشعبية ومدى بلورتها الجماهيرية في الشارع المتحكم فيه من طرف الإمبريالية، وفي نفس الوقت يتجاهل الشارع المغربي المتحكم فيه، من طرف الدولة والأحزاب الإصلاحية المنظمة ل"حركة 20 فبراير".
والأخطر من كل ما سبق ذكر هو تجاهل الكاتب لتضحيات الشعب المغربي والاستخفاف من تضحيات الجماهير، ذلك ما يتجلى في تجاهله لشهداء الحركة بالحسيمة في أول يوم احتجاجي، خمسة شهداء تم إحراقهم بالبنك الشعبي إعدامعهم، وما يمثله ذلك من إجرام في حق الريف الثوري، الذي لا يروق للكاتب الحديث عنه، وهو ينزعج من كل ما يأتي هناك، الرافض للاحتواء من أي جهة كانت انطلاقا من النظام، الدولة، الحكومة، الأحزاب، النقابات، الأشخاص الذاتيين ... وحراك الحسيمة يفند ادعاءات الكاتب التي تجاهلت مستوى تنظيم "حركة 20 فبراير"، وتضحياتها وعلى رأسها الشهيد كمال الحساني والعديد من المعتقلين السياسيين مازال بعضهم إلى حد الآن بالسجن، والحسيمة أول منطقة تفوق فيها تنظيم الماركسيين اللينينيين على الإصلاحية في "حركة 20 فبراير"، مما يضع أكثر من تساؤل حول موقف الكاتب هذا.