الماركسيه حينما يتنازعها بليخانوف وديماغوجي شيوعي


ليث الجادر
2020 / 7 / 9 - 05:17     

يبدوا واضحا ان هناك جدلا يدور اليوم بين من ينفي وجود الطبقه العامله في العراق وبين من يواجه هذا النفي بالدفاع عن وجود هذه الطبقه وبنفس مقاييس الماركسيه للبروليتاريا , وهو جدل بين من يقدس النص الماركسي وبين المذعور من ان تنال منه تهمة المروق عن هذه القدسيه , اللافت للانتباه ان الفريق الاول تكررت أشاراته الى لينين في ردوده واعتراضاته ..والحقيقه ان هذا الفريق انما في هذا الوضع يشغل موضع الماركسيين المتصلبين أمثال بليخانوف الذي اعتبر ثورة اكتوبر , كحركه انقلابيه اعترضت صيرورة تعاقب التشكيلات الأقتصاديه ,ولم تسمح للرأسماليه الروسيه من استكمال نموها ونضوجها وصولا الى استنفاذ امكاناتها في القدره على تطور قوى الانتاج ..ان مثل هذا التقييم النابع من تصلب في الوعي للماركسيه جعل بليخانوف وانصاره من الناحيه الواقعيه والعمليه ينزلقون تماما في خندق الليبراليه وسائر القوى المضاده لثوره اكتوبر العظمى .. بليخانوف يكتب ( لاتشكل البروليتاريا في بلادنا أغلبيه بين سكانها , بل هي أقليه ,وعليه فانها غير قادره على اقامة دكتاتوريتها بنجاح ,وهي لاتستطيع ان تفعل ذلك الا مره واحده .. حينما تصبح هي الاغلبيه ..لايستطيع اي اشتراكي حقيقي بان يجادل في هذا )..كتب الليبرالي البرجوازي بريشيفين ( الانتقال من قبضة القيصريه الكنسيه الى الاشتراكيه بتجاوز الحريه الفرديه . انما هو انتقال شكلي زائف , انه فقط انتقال من كف الى كف في جسد ذات سلطتين يتبادل فيها القيصر والحزب الدور )...بليخانوف العراقي اليوم لايكتفي بقياساته للبروليتاريا الكلاسيكيه بل انه صار اكثر تزمتا بنفيه اي وجود للطبقه العامله العراقيه وهو بهذا يؤوسس لعلاقه غرائبيه بين الرؤيه النظريه كنص ماركسي وبين استنتاجات الواقع السياسي الراهن لنخرج بنتيجة ان الثوره لايمكن الا ان تكون برجوازيه , برجوازيه بمعنى اننا نتوافق مع توجهها الرافض لاي شكل من اشكال النضال الطبقي بشكل عام وسياستها المستقبليه الرادعه لاي نشاط عمالي باعتبارنا قد انكرنا سلفا اي وجود صحي للطبقه العامله ..في اصطفاف هذا الفريق ايضا هناك تنوع مدرسي محدود , واحد من هذه التنويعات , ذهب الى نعت العمال العراقيين بصفتهم الرجعيه ..لا اريد ان اتشنج في الرد على هذا المتفيقه ..لانه اصلا ينتمي الى مدرسه تنازع منذ ما يزيد على 70 عام من اجل ان تلبس الفرويديه بجلباب الماركسيه , لكن فقط لاوشر بان واقع الطبقه العامله بمعزل عن وعيها الفكري , انما هو بحد ذاته يحمل طابعا ثوريا , فنضالات العمال اليوميه واهدافها الماديه من تحسين الاجور الى تحسين ظروف العمل الى السلوكيه داخل ميدان العمل .. كلها في تناقض مع مصالح الراسمال ومع نهجه الذي يكرس الواقع المعيشي المتخلف لهذه الطبقه , اما الفريق الثاني , وهو اصلا ليس فريق واحد بهذا المعنى الا بكونه نقطه التقاء لتوجهات مختلفه لكنها تتوحد عن الرؤيه الثوريه للطبقه العامله العراقيه ..هذا الفريق ايضا لم يستطيع ان يتجاوز براديكاليه ثوريه حدود المسطره السكولائيه الماركسيه , فذهب الى انكار حقيقة ان الاقتصاد العراقي هو اقتصاد ريعي نفطي , ومثلما تفرد واحد من الفريق الاول (الماركسي المدرسي) بنعت العمال العراقيين بالرجعيه ووقوفهم مع سلطة المحتل , فان واحد من الفريق الثاني , استخدم اسلوب شاذ في نفيه لحقيقه الاقتصاد العراقي بكونه اقتصادا ريعيا ..لكن مع اختلاف في اسلوب طرح كلا الفردين ,فينما صاحب الفريق الاول , كان يهدف الى تعزيز موقف اعضاء فريقه , سعى الاخر من الفريق الثاني الى ان يتهجم على من يقفون في صف الطبقه العامله باعتبارهم اناس لايحسنون الرد وانهم يفتقدون الى المقدره التي تؤهلهم للرد , وقدم نفسه على انه الشخص المنقذ لتفسير حقيقة ان الاقتصاد العراقي ليس ريعيا وان الطبقه العامله تنتج فائض القيمه ..بخصوص هذا المنقذ يمكن ان نورد الحكمه العربيه التي تقول, ان الرجال انواع ( رجل يدري , ويدري انه يدري , فهذا هو الحكيم أيامفأسألوه .. ورجل يدري , ولا يدري بأنه يدري , فذاك هو الناسي فذكروه .. ورجل لايدري , ويدري أنه لا يدري , فهذا هو الجاهل فعلموه .. ورجل لايدري , ولايدري انه لايدري .. فهذا هو ألأحمق فأجتنبوه ) ..يبدوا ان هيئة الحوار المتمدن تفاجئنا في كل مره بحاله واختيار غريب وكان اخرها انها اختارت مقال وضعته في واجهة قسم ( كتاب الحوار المتمدن ) والمعنون ب( بصدد النقاش في فائض القيمه ) لكاتب يمثل النسخه التي ينطبق عليها بالكامل أحمق الحكمه العربيه السالفة الذكر , مع ان هذه الحكمه لم تتناول الصفه الاضافيه التي لابد وان تلازم هذا الاحمق حينما تشاء الصدف التعيسه لان يكون ناشطا سياسيا , هذه الصفه هي ان يكون صلفا ومجافي وقح للحقيقه الموضوعيه , يبدأ هذا الكاتب مقاله في استعراض نرجسي مقيت حين يبين انه كان لاينوي في الاشتراك بالجدالات التي اثيرت مؤخرا حول فائض القيمه والريع بين الرفاق في الاتجاه الماركسي المعاصر وبين معارضيهم وناقديهم من كتاب (الحوار المتمدن ) , لكن وبسبب العجز الذي شخصه هذا العبقري الفذ في قدره المتحاورين , قرر ان يتدخل وان يطلع علينا بطرحه الفائق العظمه والغني بكل معنى من معاني الالمعيه الاقتصاديه , هذه الالمعيه التي حاول من خلالها وبصلافه يحسد فيها على قدرته الغريبه في تجاوز الحقائق الموضوعيه واستعداده المسبق بتحمل كافة انواع الرد عليه ودون اي مبالاة ..بدى الكاتب يعبرعن استغرابه المبطن بالهزء من اشخاص قضوا سنين طويله من اعمارهم في السجون بسبب انتمائهم الماركسي وهم مازالوا يجهلون حقيقة ان الاقتصاد العراقي ليس اقتصادا ريعيا ! .. اذن ماهي الحقيقه ؟ .. يا رب ( السيد حمد الله ) , انه يصدم الجميع حينما يكشف عن حقيقه طالما غابت عن انظارنا جميعا نحن المساكين .. لن استعجل في ذكر هذه الألتفاته ألتاريخية الفذه قبل ان اذكر ان هذا العبقري بدأ في تقديم رؤيته بتشخيص مزيف لمضمون النقاط الجداليه بين المتحاورين على مسائل اطروحات الاتجاه الماركسي المعاصر بقوله (يمكن تلخيص لب الجدال الدائر حول موضوعة الريع، هو إن ثمة تصوراً يريد أن يثبت ان الاقتصاد في العراق هو إقتصاد ريعي يعتمد على النفط، وإنه ليس هناك طبقة عاملة في العراق، ) وفي حقيقه الامر ان المنتقدين لم يقولوا بعدم وجود الطبقه العامله في العراق بل قالوا بعدم وجود طبقة البروليتاريا , وهذا فرق شاسع ومحوري ..ثم انه راح يعيد نفس الاطروحات التي وردت في مجمل التعليقات التي كتبناها في الرد على منتقدي طرح ( الاتجاه الماركسي المعاصر ) لكنه لم ينسى ان يتحفنا باضافته لطرح ملهم يقول فيه مادام هناك طبقه برجوازيه اذن لابد وان تكون هناك طبقة عمال ؟! ..يا للصلافه , هو قبل قليل كان ينتقدنا لاننا لم نكن برأيه جادين وكفؤين في خوض الجدال وها هو الان يعيد مضمون ما قلنا باسلوب اخر !! لماذا يفعل هذا ؟ لانه يدري بان ما يكتبه هو مدعوم من ناحيه النشر وان من سيرد عليه لايمكن ان ياخذ فرصه مكافئه لان يبقى تحت انظار القراء , فمقاله في صدر الموقع بينما المقالات التي ترد عليه وتكشف مراوغاته فانها بالكاد تجد لها فرصه ساعات ثم تركن في الارشيف ..الان لنعود الى الصفعه التي وجهها الى عقولنا جميعا والتي هي مدعاة لان نسجل لهذا العبقري اسمى ايات الشكر والامتنان , فهو يقول, في مجرى نقضه للبديهيه التي كنا نعرفها باعتبار ان الاقتصاد العراقي هو اقتصاد ريعي ب(يشكل النفط مابين 63% الى 65% من الناتج الاجمالي في العراق، ومن الطبيعي ان هذه النسبة ليست بالكامل ريعاً، فإن الريع يشكل نسبة منها، ويمكن حساب النسبة حسب تقلبات الاسعار ومستوى تكاليف الإنتاج. وحتى لو كانت نسبة الريع أربعة أضعاف القيمة الفعلية المتحققة، فسيكون لدينا ربع هذه النسبة أي 15% هي ناتج اجتماعي على أساس التكاليف ..............................................................................................................................................................................................................................................................................
سطرت هذه الفقره من التوقف . لأعبر عن أسفي وندمي على تقصيري في ان افرق بين دور اي سلعه في الاقتصاد باشكاله الثلاثه ( الانتاجي , المالي , التجاري ) .. ولهذا فنحن نفرق بين دور النفط في الاقتصاد العراقي بكونه يشكل نسبه 89.7 % ماليا .. و98 % تجاريا , و 63,7 % انتاجيا..! وهذا هو معدل يتغير نسبيا بين فتره واخرى ...كما انني أسف لاننا اتبعنا التقليد الاقتصادي العام المتبع عند كافة المختصين في التفريق بين الدخل القومي الاجمالي وبين الناتج المحلي الأجمالي , بمعنى ان نتعامل مع أرباح شركة شل وفق نسب المساهمين في ملكيتها ( بريطانيا , هولندا , الولايات المتحده ) في حسابات الدخل القومي لهذه البلدان بينما يحتسب عندنا في الناتج الاجمالي المحلي !..ولن اغفر خطيئة بلاهتنا في التفريق بين اوجه نسبه مساهمه النفط الثلاثه في الاقتصاد العراقي ( المالي , التجاري , الانتاجي )..وكيف ان هذا العبقري ينصحنا بان ننتقي وجه واحد ونبني عليه اطروحاتنا ..والا فأن التزامنا بالسياق الاقتصادي المتعارف عليه يجعلنا ، فيما يخص الناتج المحلي الإجمالي، وحسب تحليل كافة اوجه الادوار الثلاثه الاقتصادية، نجد إن النفط يشكل63.7% من الناتج المحلي الإجمالي بشكل عام، ويشكل 91.85% من ايرادات القطاعات الإنتاجية بشكل خاص ..!!..وهذا يعني ان تراكم الثروه القوميه او الدخل القومي انما يعتمدان بكلتا قدميهما ويديهما ورأسيهما على الريع ..علينا ان نفكر بنفس طريقة صاحبنا العبقري في التغاضي عن التحليل وتقصي البيانات التي تفسر كيف ان نسبه مساهمة النفط في الناتج الاجمالي المحلي تبلغ 63,7 بينما , بينما نسبة مساهمتها في الواردات الماليه تبلغ 89,7% ................................
اعتقد ان هذا يكفي ويفي للتعبير عن قيمة ما قدمه لنا ذاك العبقري الذي يحمل شاره احد كتاب الحوار المتمدن ..ولنترك الاخرين كل الاخرين من ان يتفكروا بما معنى ان يكون تحاورهم ومجادلاتهم مترفعه عن الهواجس الوجدانيه والشخصيه التي تجعل منهم يتهربون من التحاور الجاد مع الاخر لا لشيء الا لكون هذا الاخر لاينال محبتهم او لايتوافق مع مزاجيتهم .. واخص بهذا الاشخاص اللذين كتبوا وشاركوا في تلك الحوارات المشار اليها بشأن (فائض القيمه والريع ) واعتقد ان نصيحه وتأنيب هذا العبقري فعلا يستحقونها , لانهم عباره عن عصبه تتناغى فيما بينها وتستوحش الاخر ..لكن انصحهم بان يتمعنوا في الفقره الاخيره من هذا المقال , لان في بطن هذه الفقره يوجد ما ينسف تمسكهم وعنادهم في وصف ماهيه الاقتصاد الريعي العراقي وحقيقة فائض القيمه ..