من وثائق ستّينات القرن العشرين : بيانان لماو تسى تونغ ينقدان بشدّة العنصريّة في الولايات المتّحدة و يساندان بمبدئيّة نضالات السود


شادي الشماوي
2020 / 7 / 7 - 15:32     

(1) لنتصدّى للميز العنصري للإمبريالية الأمريكية
ماود تسى تونغ ، 8 أوت 1963 ؛ " مجلّة بيكين " عدد 33 ، 1963
https://www.marxists.org/reference/archive/mao/selected-works/volume-9/mswv9_04.htm
( وثيقة من المجلّد التاسع من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، باللغة الأنجليزيّة )

بات أحد قادة السود الأمريكيين لاجئا الآن في كوبا ، وهو السيّد روبار ولياس ، الرئيس السابق لفرع الجمعيّة الوطنيّة لتقدّم أصحاب البشرة الملوّنة ، منرو ، كارولينا الشماليّة ؛ و قد طلب منّى في مناسبتين هذه السنة أن أصدر موقفا داعما لنضال السود في أمريكا ضد الميز العنصريّ .و أغتنم هذه الفرصة لأعبّر باسم الشعب الصيني ، عن دعمنا الثابت للسود الأمريكان في نضالهم ضد الميز العنصري و من اجل التحرّر و المساواة في الحقوق.
في الولايات المتّحدة يوجد أكثر من 19 مليون اسود أي ما يناهز ال11 بالمائة من مجمل السكّان . و يتميّز وضعهم الاجتماعي بكونه وضع عبوديّة و إضطهاد و ميز عنصري . فالغالبيّة الغالبة من السود محرومة من حقّها في التصويت في الانتخابات و معدّل أجورها لا يتجاوز ثلث إلى نصف أجور البيض ؛ و نسبة البطالة في صفوفها من أعلى النسب . و في عديد الولايات ، ليس بوسعها الإلتحاق بنفس المدارس و الأكل على نفس الطاولات أو السفر في الحافلة نفسها أو في القطار نفسه مع البيض. و بصفة متكرّرة و عشوائيّة يتمّ إيقاف السود و ضربهم و قتلهم على يد سلطات الولايات المتحدّة في مستوياتها المتباينة ، و كذلك على يد الكلو كلوكس كلان و غيرهم من العنصريّين . و زهاء نصف السود الأمريكيين مجمّعون بكثافة في 11 ولاية في جنوب الولايات المتّحدة . و هم يعانون بصفة مريعة و بوجه خاص من الميز العنصري و الإضطهاد .
ينهض السود الأمريكيّون و تنمو مقاومتهم و يشتدّ عودها . و في السنوات الأخيرة ، يلاحظ أنّ نضالهم ضد الميز العنصري و من أجل التحرّر و المساواة في الحقوق ، في تطوّر مطّرد.
ففي 1957 ، خاض السود في ليتل روك بالأركنساس نضالا شرسا ضد إستثناء أبنائهم و بناتهم من الإلتحاق بالمدارس العموميّة. و إستخدمت السلطات القوّة المسلّحة ضدّهم و نجم عن ذلك ما صار معروفا بحادث ليتل روك الذى أذهل العالم.
و في 1960، نظّم السود في أكثر من عشرين ولاية " إعتصاما " و مظاهرات إحتجاجا على الفصل العنصري في المطاعم و المغازات المحلّة و في غيرها من الأماكن.
و في 1961، شنّ السود حملة " حرّية الركّاب " لمقاومة الفصل العنصري في وسائل النقل ، و سرعان ما توسّعت الحملة لتشمل عدّة ولايات .
و في 1962، ناضل السود في المسيسيبي من اجل المساواة في الحقوق في الإلتحاق بالمعاهد و واجهتهم السلطات بالقمع الذى تسبّب في حمّام دم.
و هذه السنة ، إنطلق السود المريكيّون في نضالات في بدايات أفريل في برمنغهام ، بالألاباما ، و ما كانا يحملون سلاحا بل كانوا عزّلا و مع ذلك تعرّضت جماهير السود للإيقافات بالجملة و للقمع الأشدّ وحشيّة لمجرّد أنّها عقدت تجمّعات و نظّمت مظاهرات ضد الميز العنصري . و في 12 جوان ، بلغ الأمر منتهاه بالقتل الوحشي للسيّد منغار إيفرس ، قائد السود في المسيسيبي . و نهضت الجماهير السود ضد الإهانة و مرّة أخرى وُوجهت بالعنف بلارحمة إلاّ أنّها واصلت مسيرة نضالاتها بأكثر شجاعة حتّى و لم يمض وقت طويل حتّى كسبت دعم السود و كافة الفئات الشعبيّة عبر الولايات المتّحدة . و النضال الجارى الآن نضال عملاق و حيويّ عبر البلاد في تقريبا كافة ولايات و مدن الولايات المتّحدة ، و ما فتأت وتيرة هذا النضال تتصاعد. و إتّخذت منظّمات السود الأمريكيين قرار الإنطلاق في " مسيرة الحرّية " بغتّجاه واشنطن في 28 أوت من المتوقّع أن يشارك فيها حوالي 250 ألف شخص.
و تؤشّر سرعة تطوّر نضال السود الأمريكيين على الإحتداد المستمرّ للصراع الطبقي و النضال الوطني داخل الولايات المتّحدة ما أفرز تنامى الفزع الشديد في صفوف الطغمة الحاكمة للولايات المتّحدة . لذلك لجأت إدارة كيندي إلى تكتيك ماكر مزدوج. فمن ناحية ، تستمرّ في التعامى عن و المشاركة في الميز العنصري ضد السود و إضطهادهم مرسلة فرق الجيش لقمعهم. و من الناحية الأخرى ، تتظاهر بأنّها مناصرة ل" الدفاع عن حقوق الإنسان" وعن" حماية الحقوق المدنيّة للسود "، وهي تناشد السود أن يمارسوا " ضبط النفس " و تقترح على الكنغرس- مجلس النواب ما تسمّيه ب " قانون الحقوق المدنيّة " في محاولة منها لكبح الروح النضاليّة للسود و لخداع الجماهير عبر البلاد. بيد أنّ فحوى تكتيكات كيندى هذه أمست مفضوحة أكثر فأكثر لدى السود؛ و قد كشفت الفظائع الفاشيّة التي يرتكبها الإمبرياليّين الأمريكان ضد السود الطبيعة الحقيقيّة لما يسمّى بالديمقراطيّة و الحرّية في الولايات المتّحدة كما كشفت الرابط الداخلي بين السياسات الرجعيّة التي تتبعها حكومة الولايات المتحدة محلّيا و سياساتها العدوانيّة في الخارج .
و أنّى أتوجّه بالدعوة على العمّال و الفلاّحين و المثقّفين الثوريّين و العناصر المستنيرة من البرجوازية و غيرها من الشخصيّات المستنيرة الأخرى من كلّ الألوان عبر العالم ، بيضا كانوا أم سودا أم صفرا أم سمرا إلخ إلى الوحدة لمعارضة الميز العنصري الذى تكرّسه الولايات المتّحدة و لتقديم الدعم للسود الأمريكان في نضالهم ضد الميز العنصري . إنّ النضال القومي هو فى التحليل النهائي مسألة صراع طبقي . فالذين يضطهدون السود فى الولايات المتحدة ليسوا سوى الطغمة الحاكمة الرجعية من البيض . و هذه الطغمة لا يمكنها على الإطلاق أن تمثّل العمّال و الفلاحين و المثقّفين الثوريّين و غيرهم من الأشخاص المستنيرين ، الذين يشكّلون الأغلبية الساحقة من البيض. إنّهم أقلّية و نحن الأغلبيّة . إنّهم يمثّلون على اقصى تقدير أقلّ من عشرة بالمائة من ضمن ثلاثة مليارات إنسان في العالم . و أنا على يقين تام بأنّ بفضل دعم أكثر من تسعين بالمائة من البشر في العالم ، سيحقّق نضال السود الأمريكيين العادل الإنتصار بلا ريب. إزدهر النظام الشيطاني الإستعماري و الإمبريالي بإستعباد السود و بالتجارة بالسود ؛ و من الأكيد أنّه مع التحرير التام للسود سيبلغ نهايته.

(2)عاصفة جديدة مناهضة للإمبريالية
ماو تسى تونغ ، 16 أفريل 1968 ، " مجلّة بيكين " ، 19 أفريل 1968 ، ( الصفحات 5 و6)
https://www.marxists.org/reference/archive/mao/selected-works/volume-9/mswv9_80.htm
( وثيقة من المجلّد التاسع من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، باللغة الأنجليزيّة )

قبل بضعة أيّام ، إغتال إمبرياليّو الولايات المتّحدة بصفة مفاجئة مارتن لوثر كينغ ، رجل الدين الأفريقي- الأمريكي . و قد كان مارتن لوثر كينغ من دعاة اللاعنف. و مع ذلك ، لم يُظهر إمبرياليّو الولايات المتّحدة إي إهتمام لذلك و لم يتسامحا معه، بل إستخدموا العنف المعادي للثورة و قتلوه بدم بارد. فكان ذلك بمثابة درس عميق للجماهير العريضة من السود في الولايات المتحدة فإندلعت عاصفة جديدة من النضال ضد القمع العنيف و إكتسحت أكثر من مائة مدينة في الولايات المتحدة وهي شبيهة بعواصف أخرى جدّت قبلا في تاريخ ذلك البلد . وهي تبيّن أنّ قوّة ثوريّة في منتهى البأس كامنة في صفوف أكثر من عشرين مليون أسود أمريكي . و هذه العاصة من النضال الراهن داخل الولايات المتحدة تعبير ساطع عن الأزمة الشاملة السياسيّة و الإقتصاديّة التي تخنق الآن إمبرياليّة الولايات المتحدة . وهي توجّه صفعة لها دلالتها لهذه الإمبريالية التي تتخبّط في صعوبات في الداخل و في الخارج.
ليس نضال الأمريكيين ذوى الأصول الأفريقيّة نضالا يخوضه السود المستغَلّون و المضطهَدون من أجل الحرّية و التحرّر فحسب ، و إنّما هو أيضا نداء مدوّى جديد لكافة المستغَلّين و المضطهَدين في الولايات المتحدة ليقاتلوا الحكم الوحشي للطبقة الرأسماليّة الإحتكاريّة . إنّه دفع و مصدر إلهام هائلين لنضال الشعوب عبر العالم ضد الإمبريالية الأمريكيّة و لنضال الشعب الفتنامي ضد إمبريالية الولايات المتحدة . و باسم الشعب الصيني ، أعبّر هنا عن الدعم الثابت للنضال العادل للسود في الولايات المتّحدة .
إنّ الميز العنصري في الولايات المتّحدة نتاج للنظام الإستعماري و الإمبريالي .و التناقض بين جماهير السود في الولايات المتّحدة و دوائر حكم الولايات المتحدة تناقض طبقي . و فقط بالإطاحة بالحكم الرجعيّ للطبقة الرأسماليّة الإحتكاريّة للولايات المتّحدة و القضاء على النظام الإستعماري و الإمبريالي ، يتمكّن السود في الولايات المتحدة من تحقيق التحرّر التام . و لجماهير السود و الشغّالين البيض في الولايات المتحدة مصالح مشتركة و أهداف مشتركة يناضلون من أجلها . و بالتالى، يكسب نضال السود الأمريكيين ذوى الأصول الأفريقيّة تعاطف و مساندة أعداد متزايدة من الشغّلين و التقدّميّين البيض في الولايات المتّحدة . و ينحو هذا النضال إلى الإندماج مع الحركة العمّاليّة في الولايات المتّحدة ، و في نهاية المطاف سيضع هذا النضال نهاية للحكم الإجرامي لطبقة الراسماليين الإحتكاريين هناك.
سنة 1963 في بيان لتأييد السود الأمريكان فى نضالهم العادل ضد الميز العنصري للإمبريالية الأمريكية ، قلت " إزدهر النظام الشيطاني الإستعماري و الإمبريالي بإستعباد السود و بالتجارة بالسود ؛ و من الأكيد أنّه مع التحرير التام للسود سيبلغ نهايته. " و لا أزال متمسّكا بوجهة النظر هذه .
و في الوقت الحاضر ، دخلت الثورة العالميّة ، عصرا جديدا عظيما . و نضال السود في الولايات المتحدة من أجل التحرّر جزء لا يتجزّأ من الثورة العالميّة المعاصرة . و أتوجّه بالنداء إلى العمّال و الفلاّحين و المثقّفين الثوريّين في كافة البلدان ، و إلى كافة الذين يتطلّعون إلى قتال إمبريالية الولايات المتحّدة ، أن ينظّموا تحرّكات و يقدّما الدعم القويّ لنضال السود في الولايات المتّحدة !
يا شعوب العالم قاطبة إتّحدى حتّى أكثر و شُنّى هجوما حيويّا لا هوادة فيه ضد العدوّ المشترك ، إمبريالية الولايات المتّحدة، و المتواطئين معها !
يقينا أن الإنهيار النهائي للإستعمار و الإمبرياليّة و كافة الأنظمة الإستغلاليّة ، و التحرّر الكامل لكافة الشعوب و الأمم المضطهَدة في العالم ليس بعيد المنال جدّا .
ملاحظة : يمكن الحصول على وثيقتي ماو تسى تونغ باللغة الأنجليزية على هذا الرابط أيضا :
https://marxistleninist.wordpress.com/2008/12/26/two-articles-by-mao-zedong-on-the-african-american-national-question/