نقد كتابات موقع 30 غشت، ورقة -الصراعات الطبقية وحركة 20 فبراير ...- الحلقة الأولى


امال الحسين
2020 / 7 / 4 - 14:04     

في الشق الذي يهم الحركة الثورية أي الماركسية اللينينية التي ينتمي إليها الكاتب، يدرج مجموعة من الملاحظات حول موقعها في الصراعات الطبقية بصفة عامة، وحول علاقتها ب"حركة 20 فبراير" في قوله :"إن غياب النظرة السياسية الموحدة، والوضوح النظري وانعدام المنظمة الثورية للماركسيين اللينينيين المغاربة، كلها عوامل ساهمت في تهميشهم وتكريس عجزهم عن المساهمة في الحركة، من منظور خطهم التكتيكي والاستراتيجي.".
يبدو من خلاصته هذه حول مساهمة الماركسيين اللينينين في الحركة الجماهيرية بالمغرب، وهو يستثني نفسه طبعا، أن الكاتب بعيد عما يجري في الساحة السياسية والنضالية خلاصة في تلك الفترة، ونرى أنه يوجه الخطاب ل"هم" بضمير الغائب للجمع، كأنه يقرأ الواقع الموضوعي بعيدا عن الذات التي يمثلها، في قطيعة تامة مع علاقته بل ومسؤوليته عما جرى ويجري في الحركة الماركسية ـــ اللينينية المغربية، هذا الأسلوب الذي ينبثق من ممارسات السياسيين والأيديولوجيين بالأحزاب البرجوازية الصغيرة، الذين يتملصون من مسؤولياتهم عن الأوضاع المزرية للشعب المغربي، ويحملون له كل المسؤولية في مأساته إلى حد نعته بشتى صفات دنيئة، مما يدل على استمرارية نفس الأساليب المعهودة في الصراعات السياسوية، خاصة تجاه الماركسيين اللينينيين من طرف الأحزاب الإصلاحية.
وقول الكاتب ب"غياب النظرة السياسية الموحدة، والوضوح النظري وانعدام المنظمة الثورية للماركسيين اللينينيين المغاربة"، إنما ينم عن التهرب من المسؤولية الشخصية، ومن الموقع الأساسي لتلك المسؤولية، في كل ما جرى ويجري من نكسات في صفوف الحركة الماركسية ـ اللينينية المغربية، و"النظرة السياسية الموحدة" التي يبحث عنها الكاتب، ينسى أو يتجاهل أنه من أحد المسؤولين على عرقلتها، والهروب إلى الأمام بعيدا رغبة في الزعاماتية، بدل المساهمة في تحقيق شروط ما سماه "النظرة السياسية الموحدة"، فما معنى إنشاء موقع باسم تاريخي لمنظمة إلى الأمام ؟ إلا رغبة ذاتية لتسمية الإرث التاريخي للحركة الثورية للشعب المغربي باسمه، كأن هذه المنظمة إرث لمجموعة من الأشخاص بعيدا عن الفهم المادي التاريخي، في علاقته بشعب تم اضطهاده نتيجة تاريخ نضالاته الثوية، وما حصر كل النضالات الثورية للشعب المغربي في مجموعة من الأشخاص، إلا دليل عن النظرة المثالية الذاتية لتاريخ شعب طويل، وبالتالي محاولة قطع الجذور التاريخية للحركة الثورية المغربية، بنضالات الحركة الماركسية ـــــ اللينينية التي يقودها السباب الثورية، بدل دعمها والمساهمة في تطويرها عبر الاندماج في سيرورتها وصيرورتها التاريخية.
أما عن "الوضوح النظري" الذي يبحث عنه الكاتب، إنما يمثل تلك الفزاعة التي يتم عبرها عرقلة كل خطة إلى الأمام في التنظيم، وعرقلة الدفع في اتجاه الهدف الذي ضحى من أجله شهداء الحركة، وعلى رأسهم الشهيد القائد زروال الذي يعتبره الكاتب رفيقه يوما بمنظمة إلى الأمام، التي يدعي أنها سرقت منه من طرف التحريفية منذ نهاية السبعينات من القرن 20، وهو إلى حد كتابة هذه الورقة مازال يبحث عنها، ويلوم الآخرين عن "غياب"ها من منطلق إسقاط كل نكساة الماضي على الحاضر حتى يتبين لنا المستقبل غامضا.
وهذا الأسلوب من التعاطي مع أزمة الحركة الماركسية ـــ اللينينية المغربية، ينم عن مخلفات الماضي، الحابل بمجموعة من المسلكيات المتوارثة عن فهم ضيق لمفهوم السرية في علاقتها بالعلنية، في العلاقة بين العمل الثوري والإصلاحي، بين الديالكتيك والبراكسيس، مما يؤكد ضعف أسس "النظرة السياسية" التي يبحث عنها الكاتب عند الغير، فبدل أن يقدم نقدا ذاتيا عن مسؤولياته التاريخية عن هذه الوضعية، وما آلت إليه أزمة التنظيم بالحركة الماركسية ـــ اللينينية المغربية، يهرب إلى الأمام معتقدا أنه الوحيد الذي يملك هذه الحقيقة بشكل مطلق، وأن الغير المشار إليه في ضمير الغائب للجمع، هو المسؤول عن هذه الوضعية، وبالتالي يطالبه ب"النظرة السياسية الموحة" وهو لا يبدل أي جهد من أجل ذلك.
فمنذ أزيد من أربعة عقود والكاتب يبحث عن "الوضوح النظري" و"التنظيم السياسي"، فكيف يطالب الغير بذلك وهو عاجز طيلة هذه المدة الطويلة عن تقديم بديل تنظيمي ؟ إن لم يكن ذلك نتيجة تعميق الأزمة الأيديولوجية والسياسية بعد عقود من الممارسات السياسوية، ذات الجذور التاريخية في الحركة الثورية بالمغرب، نتيجة النظرة المثالية الذاتية للأيديولوجيين والسياسيين، المتفشية في الحركة حتى أصبحت أيديولوجيا في أوساط المناضلين، مما جعل الحركة تفقد قواعدها يوما عن يوم عبر نشر الشكوك والوشاية الكاذبة إلى حد العهر السياسي.
وخلص الكاتب إلى نتيجته المحسومة في قوله :"كلها عوامل ساهمت في تهميشهم وتكريس عجزهم عن المساهمة في الحركة، من منظور خطهم التكتيكي والاستراتيجي."، ويصدر حكمه النهائي عن مآل الماركسيين اللينينيين وهو "تهميشهم"، مما يدل عن غياب الكاتب عن أحداث "حركة 20 فبراير"، وهو يدعي علمه بشيء لم يشارك فيه قط، إلا بالنقد عن بعد وليس عن ممارسة عملية ملموسة في الواقع الموضوعي، وهو يجهل أو يتجاهل أن مساهمة الحركة الماركسية ـــــ اللينينية فيها، والتي أعطت شهداء وعلى رأسهم الشهيد كمال الحساني، والعديد من المعتقلين السياسيين في جميع مناطق المغرب، وخاصة في صفوف الحركة الطلابية والمعطلين.
كل ذلك وغيره، يدل بالملموس عن غياب الكاتب عن مسرح الأحداث، وكم من مظاهرات قادها المناضلون الماركسيون اللينينيون بالشارع العام وبالجامعات، مما أعطى لاحتجاجات "حركة 20 فبراير" زخما نضاليا عبر تميز الشعارات المرفوعة في عدة مناسبات، تجاوزت السقف الذي وضع لها من طرف الإصلاحية، فعن أي وضوح أيديولوجي وسياسي يبحث الكاتب ؟ إن لم يكن تحت الطلب وعلى مقاسه الشخصي ؟ ذلك ما ترفضه الحركة الماركسية ـــــ اللينينية منذ نشأتها، وهو اليوم يتنكر لهذا المبدأ الأساسي في صياغة هوية الحركة.
أما عن "منظور خطهم التكتيكي والاستراتيج"، الذي يتجاهله الكاتب ويطرحه من باب السياسوية، فلا يختلف عما سبق ذكره، المتجلي في موقف الماركسيين اللينينيين من الولاءات، كيفما كانت منطلقاتها والتي يسعى الكاتب لاستحضارها بشكل فج، عبر خطابه المتعالي أكثر من اللزوم حد تنصيب نفسه حكيما للحركة الماركسية ـــــ اللينينية المغربية، وهو يبحث عن التكتيك والاستراتيجي في غيابه عن المعاركة، التي قادها المناضلون في الساحات السياسية والجماهيرية، ودفعوا ثمن ذلك غالبا في مواجهة السياسات الاقتصادية والاجتماعية للنظام القائم.
فعن أي تكتيتك واستراتيجية يبحث الكاتب ؟ وهو الغائب عن النضال اليومي للجماهير الشعبية من عمال، فلاحين وطلبة ؟ وفي غياب الحزب الماركسي ـــــ اللينيني المغربي، الذي يتم عرقلة تأسيسه باسم عدم الوضوح الأيديولوجي والسياسي ؟ والكاتب من بين المسؤولين عن عرقلة تلك المهمة التاريخية، وهو مازال يتحدث عن غياب المنظمة منذ أزيد من أربعة عقود ؟
يريد الكاتب أن يضع نفسه وصيا عن الحركة الماركسية ـــــ اللينينية المغربية، ويطالبها بمهام أولى بها هو نفسه كأحد المسؤولين عن أزمة الحركة، وينصب نفسه منظرا للحركة وهو يتجاهل أسس النظر الماركسي اللينيني، الذي من اللازم عليه التقيد به في نقده لتاريخ الحركة، ومن منظور النقد العلمي المادي للتاريخ الذي وضع لينين أسسه، بدل تجاهله ومحاولة تعويضه بما يسمى "الماوية"، التي يريد إلحاق منظمة إلى الأمام، وطليها بطروحاتها التحريفية، في الوقت الذي يبحث عن تأسيس منظمة جديدة في صفوف الماركسيين اللينينيين بمناسبة "حركة 20 فبراير".