وفايات كوفيد-19 غير الضروريّة تبيّن أنّ هذا النظام فات أوانه – هناك حاجة إلى الثورة


شادي الشماوي
2020 / 7 / 2 - 01:17     

جريدة " الثورة " عدد 654 ، 29 جوان 2020
https://revcom.us/a/654/unnecessary-covid-19-deaths-show-this-system-is-obsolete-en.html

ملاحظة الناشر : في ما يلى ترجمة من جريدة " الثورة " لمقال مأخوذ عن " الفجر الأحمر " ، مدوّنة المنظّمة الشيوعيّة الثوريّة ، المكسيك ( المقال مؤرّخ في 20 جوان 2020).
-----------------------------
في المكسيك و في العالم ، أدّى سير النظام و أدّت سياسات الحكومات إلى عدد درامي و إجرامي من الوفايات غير الضروريّة بسبب كوفيد-19 . في ظلّ النظام الرأسمالي - الإمبريالي العالمي ، من غير الممكن تعبأة كافة الموارد الضروريّة والتطبيق الصريح لآخر تقدّم حقّقه علم الطبّ، أو تعبأة الناس لمعالجة تحدّى الفيروس . هذا النظام فات أوانه ، نحتاج إلى الإطاحة به و إنشاء نظام جديد أفضل بكثير ، نظاما إشتراكيّا .
لطالما حذّر العلماء من انّ المسألة ليست مسألة إن كان سيحدث وباء أم لا ، و إنّما هي مسألة متى سيندلع الوباء . و مع ذلك ، لم يوجد إستعداد مناسب في أي ركن من أركان الأرض لأنّ الإستثمارات في ظلّ هذا النظام تنزع إلى التوجّه إلى ما يحقّق أكبر فائدة و الآن. و الحسابات على المدى القصير تقودها حاجيات الاقتصاد الرأسمالي القائمة على التنافس بين الرساميل من أجل الرباح. و المقاربات اللاعلميّة بل في الحقيقة المعادية للعلم لعديد الحكّام قد ساهمت هي الأخرى في ذلك. فقد تمّ التخلّى عن برنامج تطوير لقاح ضد فيروس سارس – الذى كان الدافع إليه فيروس كورونا شبيه بالفيروس الحالي – و ذلك عقب تراجع الوباء سنة 2004. و لئن تواصل العمل على تطوير اللقاح المطلوب لكنّا أقرب بكثير من الحصول على لقاح الآن ضد سارس – كوفيد-2. و لم توجد في أي مكان تجهيزات طبّية أعدّت لتكون قريبة و لو قليلا ممّا هناك حاجة إليه. في الواقع ، في السنوات الأخيرة ، قد إقتطعت العديد من الحكومات من ميزانيّات رعايتها الصحّية . و يظلّ المكسيك بالرغم من الوعود التي أطلقها الرئيس الحالي أندرياس مانوال لوباز أوبرادور بتحقيق نظام رعاية صحّية " شبيه بذلك في الدانمارك" ، أحد بلدان أمريكا اللاتينيّة التي تنفق أقلّ أموال على الرعاية الصحّية للفرد الواحد .
و في المجتمع الإشتراكي الذى نقاتل في سبيله ستكون الأولويّة لصحّة الناس و ليس لأرباح الشركات الكبرى . و بالفعل ، ستصبح هذه الشركات ملكيّة الشعب و سيكون الاقتصاد الجديد في خدمة حاجيات الجماهير الشعبيّة و كافة الإنسانيّة . و ستسترشد الرعاية الصحّية بأكبر فهم علمي متقدّم و ستشمل بصفة هامة، التحضيرات لمواجهة الأوبئة و الكوارث الأخرى.
و صراحة إنّ لإجرامي أنّه لم يقع توفير وسائل الحماية الشخصيّة و الإختبارات الضروريّة لكوفيد-19 للعاملين و العاملات في مجال الرعاية الصحّية هنا و في عديد أنحاء العالم ، كي يتمكّنوا من حماية أنفسهم. ففي المكسيك تمثّل حالات الإصابة بالفيروس ضمن العاملين و العاملات بالرعاية الطبّية خُمُس المصابين بالعدوى . و الإحتجاجات على نقص التجهيزات و من أجل " تغيير نظام الرعاية الصحّية " عبر البلاد إحتجاجات عادلة و شرعيّة و تستحقّ المساندة . و قد كان إخلاص العاملين و العاملات بالرعاية الصحّية ملهما و رغم هذه النقائص الإجراميّة ، قد خاطروا بأنفسهم لإنقاذ حياة الآخرين . هذه بذور الأخلاق الشيوعيّة ، أخلاق العناية بالآخرين و وضع مصالح الإنسانيّة في المصاف الأوّل .
في المجتمع الإشتراكي المستقبلي ، الموجّه نحو تلبية حاجيات الشعب و ليس نحو الأرباح ، أثناء جائحة ، سيُعاد توجيه الإنتاج فورا بإتّجاه إنتاج ما يحتاجه و ما ينقص المجال الطبّي و كذلك إنتاج الغذاء و بقيّة حاجيات السكّان الأخرى . و عوضا عن ذلك ، كان ردّ شركات رأسمالية عديدة منقادة كما هو منتظر بكسب الأرباح المباشرة ، مثلما هو الأمر بالنسبة لمصانع في مدينة خواراز فشركة لير التابعة للولايات المتحدة الأمريكية ، عبر التهديد بإطلاق الرصاص ، فرضت على عمّالها مواصلة إنتاج أغطية مقاعد سيّارات فاخرة و كانت النتيجة وفاة ما لا يقلّ عن 30 عاملا بسبب كوفيد-19. و نزولا عند رغبة شركات و حكومات الولايات المتّحدة و كندا ، صنّفت حكومة المكسيك ، ضمن أشياء أخرى ، إنتاج لوازم السيّارات و الإنتاج المنجمي على أنّهما " أساسيّين" ، بدلا من التأكيد على إعادة توجيه الإنتاج بإتّجاه توفير الخدمات الطبّية الضروريّة .
و إجراءات " عدم مغادرة المنازل " المطبّقة بالمكسيك و عدد من البلدان الأخرى إجراءات ضروريّة غير أنّها لوحدها لا تخدم سوى " التخفيف من الإرتفاع السريع " لعدد المصابين بالعدوى و ذلك قصد تجنّب تجاوز طاقة إستيعاب المستشفيات. ما يقومون به هو توزيع الوفيات على مدّة زمنيّة أطول و العدوى متواصلة و الوفايات متزايدة ، مثلما إعترف بذلك حتّى نائب سكرتير الصحّة بالمكسيك ، هوغو لوباز غاتال. لمحاصر العدوى و تحاشى الوفايات ، لا بدّ أيضا من تطبيق الإختبارات على نطاق واسع و كشف المصابين و عزلهم . و قد طبّقت حتّى بعض الحكومات الرأسماليّة من مثل كوريا الجنوبيّة و إسلندا ، هذه السياسة و نجحت إلى درجة كبيرة في الحدّ من عدد الوفايات. إلاّ أنّ الغالبيّة الغالبة من البلدان لم تطبّق هذه السياسة وقت الحاجة إليها و على النطاق المطلوب، و النتيجة عدد أكبر من الوفايات غير الضروريّة .
لقد رفضت حكومة المكسيك أن تطبّق الإختبار على نطاق واسع و تتّبع مسار العدوى بتعلّة أنّ ذلك سيكون " خسارة للموارد و الجهود ". و هكذا ، مُقادة بالحسابات الماليّة الرأسماليّة الضيّقة و بمقاربة غير علميّة ، ترفض التعلّم من التجارب العالميّة بهذا المضمار ، نلفيهم يحكمون على الكثير من الناس بالموت غير الضروري و غايتهم من ذلك توفير المال .هذا عمل إجرامي نهائيّا . و مسك الختام ، يبيّن عدد من البحوث أنّ الأرقام المقدّمة على أنّها رسميّة في المكسيك و في بلدان أخرى تتجاهل وفايات ناجمة عن كوفيد-19 .
لقد سلّط الوباء الضوء على واقع أنّنا نعيش في ظلّ نظام عالمي ، النظام الرأسمالي- الإمبريالي .و في هذا العالم المعولم، إنتشرت العدوى إنتشارا سريعا إلى تقريبا كافة البلدان . و على الرغم من كون عددا من العلماء يدعون إلى تكاتف الجهود العالميّة ، فإنّ القوى الإمبريالية في سباق لتطوير أوّل لقاح أو دواء لكسب أفضليّة على حساب المنافسين ، و الشركات المتعدّدة الجنسيّات تشارك في السباق نفسه باحثة عن الأرباح في تنافس مع بعضها البعض ، بينما تستفيد من نقص خدمات الرعاية الصحّية لتفرض إرتفاعا مُشطّا في أسعار منتوجاتها .أمّا المجتمع الإشتراكي المستقبلي فيكرّس الأمميّة ، و سيضع كافة التقدّم العلمي في مجال الرعاية الصحّية في خمة ليس المصالح القوميّة الضيّقة بل في خدمة الإنسانيّة قاطبة .
تؤثّر الجائحة على المجتمع الراهن المنقسم إلى طبقات متعادية ،و المتميّز بلامساواة كبيرة و إضطهاد النساء و السكّان الأصليّين و غيرهم . و يموت المزيد من الناس في الأحياء الفقيرة كما هو الحال في آكاتيباك و إزتابالابا في سهل المكسيك، و ضمن العاملين دون الحماية الضروريّة . و يجد المهاجرون و السجناء أنفسهم في ظروف شنيعة و هم عُرضة بدرجة كبيرة للعدوى . و السكّان ألصليّون و الفلاّحون بوجه خاص عُرضة للضرر نظرا لنقص الخدمات الطبّية و مؤسّسات الرعاية الصحّية.
و قد أفرزت إجراءات الحجر الصحّي الضروريّة ، مرفوقة بتنامى تراخى الاقتصاد الراسمالي ، حتّى قبل الوباء ، تفقيرا مفاجأ لملايين الناس في المكسيك و مليارات البشر عبر العالم . و في المكسيك ، بات 12.5 مليون معطّلا عن العمل و من المتوقّع أن يتراجع الاقتصاد هذه السنة بنسبة 7.5 بالمائة . و بدلا من تعبأة الموارد لضمان الغذاء و السكن للجميع ، أعطيت الأولويّة للتشجيع على مشاريع كبيرة جدّا تنهب و تحطّم البيئة ، على غرار ما يسمّى بقطار " مايا " و ممرّ كروس أسثمرس لإجتذاب المزيد من الإستثمارات الإمبرياليّة الكبرى و الرأسماليّة المحلّية .
و سيخوض المجتمع الإشتراكي المستقبلي نضالا عميقا من أجل إلغاء الإستغلال و إجتثاث كافة أشكال إضطهاد النساء و السكّان الأصليّين و المتحوّلين جنسيّا ،و من أجل تجاوز اللامساواة الموروثة عن الماضي الرأسمالي ، و ذلك خطوة خطوة . و سينشأ مثل هذا المجتمع عن نضال ثوريّ واعى للملايين و سيستنهض المشاركة الواعية للجماهير الشعبيّة ، مع توفير متصاعد للتمكّن من العلم ، و للتعاطى مع الأوبئة و الكوارث الأخرى و القتال لضمان تمتيع الجميع بالحاجيات الأساسيّة . و حينما ترتكب أخطاء ، ستنشر على الملأ كي تساعد الجماهير نفسها في إيجاد الحلول ز و في المجتمع الرأسمالي اليوم ، المهيمن عليه من قبل المستغِلّين الرأسماليين الكبار و الذى تحكمه الدولة الرأسماليّة ، يُحرم معظم الناس من الحصول على المعرفة العلميّة ، يقولون لنا ما يجب فعله دون شرح واضح لسبب ذلك و يُبقون الناس في وضع سلبيّ ، مطالبينهم بطاعة السلطات لا غير. و محترفو الكذب يكذبون علينا و يكذبون و يكذبون ، مصرّحين بأنّ الأمر ليس بالمشكل الكبير و بأنّ الإعدادات تمّت و أنّ المسألة تحت السيطرة و بانّ الوباء قد " تمّت السيطرة عليه " ، و بذلك يخفون الأبعاد الحقيقيّة للأزمة .
و يعتقد الكثيرون بأنّ كافة الظلم و البؤس و العذاب الذى نواجهه مردّه نوايا سيّئة لهؤلاء أو لأولئك من الحكّام و رجال الأعمال إلخ . و قد دلّلت الجائحة ، بأشكال متباينة ، أنّ المشكل الكامن هو النظام الرأسمالي الذى يحكمه التنافس من أجل الأرباح في صفوف عدد من الملاّكين الأفراد للثروة التي ينتجها ملايين العمّال . و الحلّ هو الثورة ، المعتمدة على الشيوعية الجديدة ، بهدف إرساء نظام إشتراكي جديد تحكمه حاجيات الشعب و يسترشد بالعلم و يكرّس لتحرير الإنسانيّة قاطبة .
Aurora Roja, voice of the Revolutionary Communist Organization, Mexico
aurora-roja.blogspot.com | [email protected]