إشتراكية عبد الناصر وما آلت إليه


ياسين المصري
2020 / 5 / 24 - 23:24     

يتسم حكم الأقلية دائمًا بالهشاشة والضعف والخطأ الجسيم في حسم الكثير من المسائل السياسية الجوهرية في المجتمع، وذلك لوجود عوامل كثيرة تحول بينها وبين الحكم الرشيد. أهم تلك العوامل على الإطلاق هو محاولة إرضاء الأقلية التي ينتمي إليها الحاكم، وكسب ولاءها. فإذا كانت هذه الأقلية من ضباط الصف الثاني الفاشلين في الجيش، وفوق ذلك من الأغبياء الجهلة ولم تتوفر لديهم أدنى معرفة بالعمل السياسي، وليس لديهم أقل استعداد للمعرفة بحكم ما هم عليه من غرور نرجسي وكبرياء كاذب لإصابتهم بجنون العظمة وهذيان الاضطهاد (مرض البارانويا)، وخلفهم رهط كبير من أمثالهم في الصفين الأعلى والأدنى المتعطشين إلى مشاركتهم السلطة والثروة والنفوذ، فقل: على الدولة السلام.
عندما قام البكباشي عبد الناصر بانقلابه العسكري في مصر، وأطاح بالملكية ومعها نظام الحكم النيابي والاقتصاد الرأسمالي، ومصادرة المصانع والشركات الكبرى والممتلكات الخاصه للأثرياء وطرد الرأسماليين الكبار من البلاد بأموالهم وأفكارهم، فيما عُرِف أنذاك بـ”التأميم“، لم يكن ذلك لصالح الشعب كما زعم، ولكنه كان لصالح زملائه من الضباط الأشرار دون غيرهم. ربما لم يكن ذلك متعمدًا على افتراض حسن النوايا، ولكن حدث بالفعل؛ نتيجة للجهل والإصرار بعنجهية على الجهل، فلقد هداه علمه السقيم وفهمه المتواضع إلى تفضيل النهج الاشتراكي على النهج الشيوعي، مع أن الأخير كان مطبَّقًا أنذاك من قبل أصدقائه وحلفائه السوفييت والتشيك واليوغسلاف وغيرهم. لن يفضله خشية من إغضاب رجال الدين الأزهريين والهواة المتدينين، فهو مشبع بالهوس الديني شأنه في ذلك شأن الغالبية العظمى من المصريين، وكان ينتمي إلى جماعة الإخوان المتأسلمين واعتمد على مساندتهم له لاغتصاب السلطة في البلاد قبل انقلابه عليهم. خاصة وأن الشيوعية كما هو معروف تنكر وجود الآلهة والأديان السماوية والأرضية بوجه عام، ومن ثم تهدد مكانة رجال الدين ووظيفتهم. استهوته ”الاشتراكية“ فاتخذها شعارًا لتغطية إجراءاته العشوائية الهوجاء أو البهلوانية الحمقاء غير المدروسة وغير المضمونة العواقب، والتي قلبت المجتمع رأسًا على عقب، وأصابت المواطنين بسعادة الفزع، فنشرت بينهم الانبهار والاستهتار واللامبالاة والبذاءة وتخريب ممتلكات الدولة، وعدم الثقة في أقوال المسؤولين في الدولة، وسمعنا لأول مرة عبارة: ”يا عم دي بقت اشتراكية“ تتردد باستمرار على ألسنة الكثيرين منهم، فهل كانت اشتراكية البكباشي الجاهل اشتراكية بالفعل، أم تهريج، دمر البلاد وأمرض نفوس العباد، لذلك لم تترسخ في وجدان الشعب ولم تحظى بشعبية تذكر، ولذلك لم يكتب لها البقاء، وكان من السهل على خليفته أن يقضي عليها بجرة قلم.
لا جدال في أن العودة إلى الرأسمالية مرة أخرى على يد خليفته العسكري أنور السادات لم تكن موفقة على الإطلاق، حيث اتخذت أسلوب السيولة وعدم الانضباط، وخلقت طبقة واسعة من الأثرياء الجدد الذين يتَّسمون بالجهل والجشع والفساد والانحطاط، وأبقت على السواد الأعظم من الشعب يعاني من الفاقة المادية والمعنوية إلى جانب أمراض لا حصر لها.
نعود مرة أخرى لنتساءل: هل كانت اشتراكية البكباشي الجاهل اشتراكية بالفعل، أم تهريج؟
عادة يتم الخلط بين الشيوعية والاشتراكية، فيستخدم التعبيران أحيانًا على أنهما متعادلان، خاصة وأن الشيوعية عبارة عن شكل متطرف من أشكال الاشتراكية، ولدى الكثير من الدول أحزاب سياسية اشتراكية مهيمنة وأخرى شيوعية حقيقةً، بل أن لدى معظم الدول - بما فى ذلك معاقل الرأسمالية القوية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا الاتحادية واليابان برامج حكومية تقتبس من المبادئ
الاشتراكية، وقد توجد بها أحزاب شيوعية أيضًا.
الشيوعية نظام سياسي، لا يمكنه التعايش مع الأنظمة السياسية الأخرى على العكس من الاشتراكية وهي نظام اقتصادى واجتماعي فى المقام الأول، يستطيع أن يتعايش مع الأنظمة السياسية المختلفة، بل ويشكل ضرورة اجتماعية في الأنظمة الرأسمالية للحد من عنفوانها واستغلالها لموارد الدولة وقواها العاملة، ويمكن أن توجد الاشتراكية فى أشكال مختلفة تحت نطاق واسع من تلك الأنظمة، رافضة بناء المجتمع على أساس طبقي، كما أن الاشتراكيين يؤمنون بأنه من الممكن أن يوجد تنقُّل من الرأسمالية إلى الاشتراكية أو أن تشتمل الرأسمالية على مقومات اشتراكية دون تغيير أساسى فى سمة الدولة، لاعتقادهم أن الدولة الرأسمالية كمؤسسة أساسية لا تصلح لقيادة الطبقة الرأسمالية وفرض العدالة الاجتماعية في نفس الوقت، ولذلك تعد إلى حد كبير جزء جيد للآلية التى يمكنها أن تستخدم فى مصلحة أى طبقة تتطلب ذلك، وخاصة الطبقات العاملة والفقيرة.
وإذا كانت الشيوعية تنادي بتوزيع الإنتاج طبقاً لاحتياجات المواطنين ، فمن الضرورى أولاً وجود إنتاج بدرجة كبيرة بحيث يكون كافيًا لاحتياجات كل فرد في المجتمع، ومن ثم يمكن إحلال السيادة الرأسمالية على الطبقة العاملة بسيادة العمال على الطبقة الرأسمالية وتنتهي بذلك الرأسمالية كطبقة، وليست كأفراد، ويسود المجتمع اللاطبقى فى النهاية، وهذا هو ما فشلت في تحقيقة الشيوعية.
أمَّا الاشتراكيّة فتتميّزُ بمجموعةٍ من الخصائص، أهمها: المُحافظةِ على حقوقِ الطّبقات العُماليّة في المُجتمعات، السعيّ إلى تحقيقِ المُساواة بين الأفراد داخل المُجتمع الواحد، الحرصُ على التخلّصِ من السّيطرةِ الخاصّة بأصحاب رؤوس الأموال، واستبدالها بمجموعةٍ من القواعد التي تضمنُ المُحافظة على حقوق الفقراء والعُمّال. العملُ على توجيه المُجتمع للتقيُّدِ بالسّياسة الاشتراكيّة بصفتها إحدى الأنظمة الرئيسيّة لبناءِ المُجتمعات القائمةِ على مَنظومةٍ فكريّة. التّأثيرُ على النّظامِ الاقتصاديّ الخاصّ بالدّولة واستبداله بنظامٍ اقتصاديّ اشتراكيّ يعود بالفائدة على المجتمع ككل .
يقول المفكر المصري الراحل الدكتور فؤاد زكريا: « تُعدُّ الاشتراكية انقلابا تاماً على مفاهيم الرأسمالية التي حققت مكاسب مادية للأفراد فيما تسببت لهم بمخاسر معنوية أكبر، مما يجعلها تأتي كمحاولة لاسترداد القيم الإنسانية التي أهدرها النظام الرأسمالي بجعل الإنسان عبداً للقوى التي صنعها بيديه، فالأفكار الاشتراكية تطمح لإعادة فرض سيطرة الإنسان على ذات الموارد التي سيطرت عليه في وقت من الأوقات»، أنظر:
د. فؤاد زكريا: الجوانب الفكرية في مختلف النظم الاجتماعية، مصر، القاهرة، مؤسسة هنداوي 2017، ص 9،10.
للاشتراكية في مصر تاريخ طويل وأثر كبير، فقد ساهمت في إحداث تغييرات سياسية واجتماعية منذ بدايات القرن العشرين، فإليها يرجع الفضل في رفع الوعي بالقضايا السياسية المختلفة لدي طبقات الشعب المصري وفئاته المختلفة. كان ظهور بدايات الفكر الاشتراكي في مصر مع نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وذلك نتيجة الإنفتاح على الثقافات الغربية التي بدأت في عهد الخديوي إسماعيل. وساهمت مبكرًا في تشكيل وعي العمال بحقوقهم، مما ساعد في تكوين التنظيمات العمالية النقابية والسياسية، إذ كانت مطالبها تتمحور حول تحديد ساعات العمل، والحصول على الترقيات، وتحسين الرواتب والمعاشات للعمال. وفي عام 1921، تأسس «الحزب الاشتراكي المصري» على يد المصلح الاجتماعي ورائد الاشتراكية المصرية سلامة موسى. وكانت أهم مبادئ الحزب: تحرير مصر من الاستعمار، تأييد حرية الشعوب وحق اختيار المصير لكافة الأمم، التوزيع العادل للثروات على العاملين طبقًا لقانون الإنتاج والكفاءة الشخصية، العمل على تحسين الأجور والمعاشات والعمل على تحرير المرأة. وظهر أول صدام بين الفكر الاشتراكي وبعض رجال الدين الإسلاموي عندما أصدر مفتي الديار المصرية آنذاك، الشيخ محمد بخيت، فتوى بتحريم الاشتراكية وعدائها للدين، بيد أن مناصري الاشتراكية لم يبالوا بمثل هذه الاتهامات في ذلك الوقت، وركّزوا نضالهم بين صفوف العمال والحركة النقابية. وفي عام 1923 تم تغيير اسم الحزب دون سبب، ليصبح «الحزب الشيوعي المصري».
بعد قيام الانقلاب العسكري في 23 يوليو 1952، أيّد الحزب الشيوعي المصري الحركة الانقلابية بشكل كبير، وسط اختلاف مواقف باقي الأحزاب والحركات الشيوعية الأخرى. وعندما وقع حادث كفر الدوار في 12 أغسطس 1952 والذي أدى إلى مقتل ثمانية عمال ومحاكمة عاملين اثنين أمام محكمة عسكرية عليا، والحكم عليهما بالإعدام، حدث إرباكٌ في مواقف الحركات الشيوعية المؤيدة للضباط، فسعى النظام العسكري الناصري منذ بداية عام 1958 إلى التخلص من الشيوعين، وقام بشن حملة اعتقالات واسعة عـليهم وتعذيبهم في معسكر أبوزعبل، أدت إلى وفاة عدد من كبار قادة الحركة الشيوعية، منهم شهدي عطية الشافعي وفريد حداد. ولم يتوقف تعذيب الشيوعيين في السجون المصرية إلا عندما وجه مندوب يوغسلافي الانتقاد لعبد الناصر بسبب التعذيب في السجون، خلال زيارة رسمية له إلى يوغسلافيا للقاء الزعيم تيتو.
إتجه عبد الناصر بعد ذلك إلى ما يمكن تسميته بنظام ”الاشتراكية الفوضوية“، التي لم يستطع بها تحقيق أقل قدر ممكن من العدالة الاجتماعية، بل خلق طبقة جديدة من الرأسماليين الجشعين المنتمين إلى الجيش وغيره، ممَّا زادت من فقر المواطنين. وهي اشتراكية غير محددة المعالم، تتسم بالجهل والمفهوم الخاطئ للملكية الفردية وتتميّز أفكار منظريها بالبساطة والبدائية، ممَّا أتاح للأثرياء الجُدد استغلال الفقراء لاستثمار ما تراكم من ثرواتهم.
وفي نفس الوقت أقحم عبد الناصر البلاد في مغامرات سياسية وعسكرية فاشلة، في غياب تام لأفكار واضحة وسياسة عملية فعالة وحكيمة، فلم يستطع تشكيل ظهير شعبي لفكرة الاشتراكية، وأن شعبيته الجارفة، كانت له شخصيا وليست لأفكاره وأفعاله، وهو الأمر الذى لايزال موجودًا حتى اليوم.
فعبد الناصر بحكم تعليمه العسكري لا يقبل إلا بصوت واحد هو صوته، لذلك أنشأ السجن الحربي والمعتقلات والتعذيب لمعارضيه، وقام أيضا بحل الأحزاب واستثار الشعب للخروج في مظاهرات للمطالبة بالحكم العسكري بدلاً من الديمقراطية الذي طالما حاربها، وقد تسبب هو ونظامه العسكري في نكسة 67 بعد أن تركوا الثكنات وانشغلوا بأمور السياسة والتجارة، وبعيداً عن النكسة العسكرية كان هناك الكثير من النكسات أشد ضرراً، نكسات اقتصادية وسياسية وإنسانية ووطنية على جميع المستويات، وما زالت الأجيال المتعاقبة تذوق مرارتها حتى يومنا هذا.
لم يكن عبد الناصر يفهم في السياسة شيئًا، ووقع فريسة للغرور والنرجسية وحب السيطرة، ولذلك لم ينظر إلى النظريات الاقتصادية والسياسية لا باحترام ولا بتقدير وإنما كان يعتبرها أدوات حكم أو سيطرة يلجأ إليها فيأخذ منها ما شاء ويترك ما لا يروق له، من دون أن يعتبر النظرية كيانا حيا أو كيانا واحدا، بل إنه كان يأخذ من النظرية ما لا يكلفه على أي صعيد، ويترك ما يراه مكلفا له.
وكان الحشد الهائل من اعضاء الاتحاد الاشتراكي العربي، عبارة عن جسد بلا عمود فقري، وأن هذا الجسد اصبح مليئاً بالعناصر الرجعية لعدم وجود قضايا بارزة، ولا مواقف كاشفة للانتماء القومي والاجتماعي ـ الطبقي. ولذلك تمكن السادات من بعده من تغيير معظم ما فعله بسهولة يحسد عليها ودون معارضة كبيرة، بل أن معظم أعضاء الاتحاد الاشتراكى والتنظيم الطليعى واللجنة التنفيذية العليا أيدوا السادات واتجاهاته بنفس قوة تأييدهم لعبد الناصر وتوجهاته. يقول الأستاذ أسامة سلامة في مقال له بمجلة روزاليوسف تحت عنوان: لماذا فشل عبدالناصر فى إنشاء تنظيم شعبى؟ « والصورة اللافتة للنظر والتى لاتزال عالقة بأذهان من عاشوا تلك الفترة عندما جرت أحداث 15 مايو 1971م والتى سماها السادات «ثورة التصحيح» أن الجماهير خرجت تؤيد السادات وتهتف «افرم افرم يا سادات»، وذلك بعد أن تم القبض على معظم قيادات الدولة الرافضين للسادات، وكانت كل مفاصل الدولة فى أيديهم قبل أن يقدموا استقالاتهم  متخيلين أن الجماهير وأعضاء التنظيم والاتحاد الاشتراكى سيخرجون فى مظاهرات دعما لهم مما يعجل بسقوط السادات ورحيله، ولكن المواطنين  خرجوا لتأييد السادات سواء كان بتدبير منه وأجهزته أو بعفوية، وبذلك منحوا الفرصة للسادات للإطاحة بهم والسخرية منهم ووصفهم بأنهم يجب أن يحاكموا بتهمة الغباء السياسى»، أنظر:
https://www.rosaelyoussef.com/-23690/لماذا-فشل-عبدالناصر-فى-إنشاء-تنظيم-شعبى
ويقول المؤرخ مدحت عبد الرازق في كتابه (نأسف للإزعاج: وقائع تاريخية وأحوال سياسية، السراج للنشر والتوزيع، القاهرة 2018): « إن الفلاح المقهور من الجوع ومن التضييق عليه والعامل الفقير المسكين، عانيا من القمع الناصري"،
ويوضح: "القمع ليس فقط تعذيب ومعتقلات وأسياخ تحمّى بالنار ومشانق تتدلى، بل هو أيضاً دعاية وقاعدة حزبية ضخمة وهتافات جماهير تحتشد بالملايين وتظاهرات تتحرك وصيحات مفتعلة يملى على مطلقيها ما يقولون، وهذه الهتافات والتجمعات والصيحات والتظاهرات وحالات البكاء والإغماء في حب الزعيم إنما تضفي على القلوب والأفئدة رهبة كبرى وتساعد في عملية التنويم المغناطيسي للشعب على يد الزعيم الذي تكال له عبارات التمجيد والتقديس، فيصير مؤلهاً».
ويضيف: « كان عبد الناصر يحشد الملايين من أجل الهتاف والصراخ له، وكانت أولى أولويات رؤساء مجالس إدارات المؤسسات التي تتبع لها المصانع المؤممة أو المستحدثة أن يعطوا أوامرهم التي يتلقونها من اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي إلى جميع مديري المصانع الي تتبع لهم وأن يشرفوا على عملية تجميع أكبر عدد من عمالهم للذهاب إلى حيث يخطب الرئيس، فيقوم الاتحاد الاشتراكي بنقل العمال والموظفين إلى هناك، من خلال وسائل الترغيب في مكافآت سخية أو الترهيب من التضييق في العمل وخصومات في المرتب أو فصل الرافض».
ويستطرد قائلًا: « كانت لمدير كل مصنع من مصانع الثورة سلطات واسعة أشبه ما تكون بسلطات الوزير، فما عليه إلا أن يرفع سماعة التليفون لإحدى إدارات المخابرات أو لإدارة السجن الحربي للشكوى من عامل أو من مجموعة عمال تخلفت عن حضور خطاب للرئيس حتى تحضر مجموعة من الضباط والعساكر وتنقلهم إلى معتقلات كسر روح الإنسان، أو تضعهم أمام الكلاب الشرسة التي تنهش الكرامة والكبرياء قبل أن تنهش الجسد وتمتص الدم، ويكون ذلك إنذاراً صارماً لكل عامل يتخلف عن حضور خطاب الرئيس والصياح له».
هذا قليل من كثير عن عبد الناصر واشتراكيته المزعومة، والذي يتضح منه أنها لم لم تكن هناك اشتراكية حقيقية كما أن رأسمالية خلفائه لم تكن رأسمالية فعلية، بل استغلال وحشي لموارد البلاد وأصولها بما فيها الشعب المغيَّب عمدًا، لإبعاده عن العمل السياسي، ولكي يخلوا المجال للعسكر يجولون ويصولون فيه وحدهم. لقد انتقل جُل رأس المال إليهم خلال فوضى سياسية عارمة داخل البلاد والتي سوف تظل يعاني منها المصريون لعقود قادمة.