الرغبة القومية والمطلب الأوليكارشي


نجم الدين فارس
2020 / 3 / 3 - 11:27     

القوى وطبيعة القوة الثالثة :
الترجمة / يوسف عمر


الجزء الثاني
القوى وطبيعة القوة الثالثة :

للحديث عن القوة الثالثة ، يجب أن نحدد أسس وجذور تكوينها ، ونعلم هدفها وحركتها وسياستها ونهجها وتواصلها مع القوى المحيطة بها من نظريها وتضادها ، لأن في العالم نوعان من الحركة السياسية ، ومجموعتان مختلفتان في المصالح والأهداف حيث لهما التأثير المباشر على تحديد القوة الثالثة .
هل هنالك وجود للقوة الثالثة ؟ أو أنها مجرد تسمية وتلوين .
أعتقد لاوجود للقوة الثالثة ، لأن العالم منقسمة على الظالم والمظلوم ، لذا مهما كانت لون القوة ، فإنها تقع ضمن الألوان المختلفة للحقيبتين ، يضم حقيبة الرأسمالية والبرجوازية ألوان وسيماء مختلفة وهدفهم ذات الهدف ، الليبراليون ، القوميون ، الليبراليون الجدد ، الليبراليون القدامى , الديموقراطيون ، المحافظون ، الديموقراطيون الاشتراكيين ، الشعبويون ، البيروقراطيون ، الدكتاتورات , التكنوقراطيون ، العلمانيون واصحاب الأعمال .... الخ . كما نستطيع ان نضع اليساريون في الوقت الراهن ضمنهم ، ولكن مع وجود اختلاف طلي ، وفي المقابل هنالك قوة واحدة ، ألا وهي قوة الكادحين والعمال ، بحيث يكون هذه القوة معدة نماما بالمناهج والنظام الماركسي والاشتراكية العلمية ، ويكون لديهم رؤية واقعية وموضوعية للعالم ، وحسب الضرورة السياسية والاجتماعية والاقتصادية على تلك القوة الشاسعة في المجتمع أن يوجه أهدافها واستراتيجتها صوب المجتمع ونطامه . إذا في جميع بلدان العالم يوجد حقيبة من الألوان والسيماء الحزبية والحركات الفكرية والسياسية للجميع الهدف والعملية ذاتها . نسطيع القول بأن جميع الأحزاب في دولة العراق بشكل عام وفي اقليم كوردستان قابعين في تلك الحقيبة الملونة ، وفي الجهة المقابلة يوجد قوة الناس وإذا كانت هنالك لهم وجود المناظلون من الحركة الشيوعية ، وبين هاتان القوتين لاوجود لقوة ثالثة . وتسمية القوة الثالثة إرتباك وإبعاد للقوة الحقيقية الثانية ، والإنخراط بينهما سيؤدي الى التضليل ويكون لصالح القوة الأولى .
سيقع القوة الأولى وما مسمى بالقوة الثالثة ضمن جبهة واحدة ضد الجبهة المقابلة والأسس الثورية ، ويجب أن نضع في الحسبان بأن النظام الرأسمالي سواء كانت متقدمة أو متأخرة يتكون من البرجوازيين والرأسماليين بأحزابهم ومنظماتهم وعناوينهم المختلفة ، والجبهة المقابلة يضم العمال والكادحين والبروليتاريا ومعهم الشيوعيون العلميين حيث لهم نضال وهدف سياسي وطبقي مشترك .
فقط بإستطاعة هذه الجبهة الوقوف بوجه الجبهة الرجعية والبرجوازية ، وإحداث تغيير جذري في المجتمع ، حين يكون البرجوازيون الصغار مسرورين بأنهم أصبحوا القوة الثالثة حزبان أو اكثر سيقرون بأن هنالك قوة يقف الى جانبهم ومن الناحية العددية يحتلون المرتبة التي تليهم ، ولإثبات الواقع العملي والنظري يجب على الشيوعيين العلميين أن لا يكونوا من مروجي تلك الأفكار والأراء الخالية من الصحة . علينا أن لا ننسى لإذا كانت قوة من حيث المرتبة تلي قوة أخرى ، سيحاول أن يكون لها دور وتأثير على القوة التي تسبقها والقوى الأخرى . ليس بالأقوال المعدة مسبقا بل بالعمل الدؤوب والنظرية الشيوعية الثورية سيتم زعزعة قوى الجبهة البرجوازية والرأسمالية والأوليكارشية السياسية والاقتصادية ، وإن أمكن خلعهم من الجذور بصورة تامة . على القوة المضادة لجبهة البرجوازية والرأسمالية أن يضع عاتقها واجب نيل السيادة وإعادة المعايير الإنسانية والعمل به ، وبذلك يزعزهم ويخرج البساط من تحتهم ، لأن القوة الثورية الوحيدة في حاضر النظام الرأسمالية (الديمقراطية والليبرالية) والتي لها القدرة على تحقيق تلك المهام هي (الشيوعية العلمية) ، ولن تزدهر القوى بمكر وحيل النظريين السياسيين الواهمين .
القوة التي لاوجود لها في الواقع ، ويظن واهما ومتأملا بأنها قوة كبرى ، سيبدو ذلك كالنفخ في النفاخة. يجب ان تعلم حقيقة قوتك تجاه القوى الأخرى وتحدد مهاماتك لكي تنفذ الأعمال والأفعال بإتقان ومعرفة .
لذا على الشيوعين القيام بتقييم علمي وواقعي لقوتهم حتى يتسنى لهم تنفيذ مهامهم وأهدافهم في الأزمنة المختلفة بأكمل وجه. سابقا كان اليسار يرى نفسه كقوة ثالثة ، ولكن في الوقت الحاضر لهم حديث مغاير ، وفي الزمنين المختلفين مكرهم وعدم صحة تقييمهم جعلهم في موقع الحاضر الغائب ، والمتداول من قبلهم سابقا كانت محض احترار رفاق الدرب حيث لم ينبث منه سوى الوهم ، ويستمرون في الحديث عن إعتقاد الحزبين الرئيسيتين حيث أنهما يقران بوجد القوة الثالثة في الساحة السياسية وتتمثل بالحزب الشيوعي العمالي العراقي . (9)
من الواضح قد تم سابقا تقييم الواقع من قبل اليسار بمكيال الحلم والخيال ، ولايزال الرؤية ذاتها مستمرة ولم تتغير، وانهم لم يدركوا الصواب في (حزب الشيوعي العمالي الكردستاني) وحددوا تسلسلهم من حيث العدد ، ويعد هذا المقياس خاطئا والرؤية في غير محلها حيث يحددون مكانتهم ودربهم النضالي بمكايل الأحزاب في الاقليم ، وفي الواقع القوة اليسارية في اقليم كوردستان نظريا وعمليا جزء غير منقطع عن سياسة ونهج الرأسمالية ويعتبر الوجه الأخر للعملة ، ويقومون بتعريف الأحزاب الكوردية وبالأخص (الحزب الديمقراطي الكوردستاني ) و (الاتحاد الوطني الكوردستاني) بأنهم أحزاب قومية ، لا أعلم المقياس والنظرية المستعملة لهذا التعريف ، ولكن في الحقيقة الحزاب في إقليم كوردستان سواء كانت دينية أو غير ذلك وحتى الحزبان المذكوران ليسوا أحزاب قومية ولا أحزاب وطنية حيث تكوينهم وأفكار وأفعال قادتهم يتطابق مع تصرف وسلوك البرجوازيون الصغار ، وفضلا عن سلب ونهب ثروات البلاد قاموا بتكوين الطبقة والعائلة الأوليكارشية ، ولم يفعلوا شيئا يذكر بإتجاه الخدمة لقضية الحرية واستقلال كوردستان . ظن اليسار أن هذان الحزبان المذكوران يحملان الأيديولوجية القومية ، وحسب هذا التقييم يعتبرون أنفسهم شيوعيين .
كما تم التوضيح هنالك جبهتان ، ولكن اليسار جعلها ثلاثة قوى وثلاثة جبهات ، وفضلا عن ذلك إذا أصبح قوتان نظيرين في السياسة لن يكون هنالك إنشاء لقوة ليبرالية إشتراكية أخرى كاليساريين ، وفاسد كالأحزاب الأخرى ، ليس هناك أدنى فرق . القوة الأولى والثانية والثالثة ليست إلاكذبة عارية ، وتسميتهم بقوميين وشيوعيين ليست سوى مبرر لتسمية القوى ، ولن يستطيع الخروج من دائرة التضليل .
التيار اليساري والأحزاب الأخرى في اقليم كوردستان و العراق , يحملون العشرات من الأفكار الفايروسية، التكبر والحزب الأول والحزب البارز وعشرات العناوين المختلفة ، عناوين عصرية والمحتوى قديم ورجعي ، لأن اليسار صنعوا عالما من الوهم ضمن عالم الواقع ولم يكن بمقدورهم التأثير على فكر واحساس المجتمع ويكونون القوة النظيرة .
وكذلك لم يسيروا بحركة العمال والكادحين نحو الانجاه الصحيح ، كما لم يوضحوا ويحددوا مهامهم وواجبهم في تاريخ الانسانية ، ولهذا السبب لم يكن بإستطاعة هذه القوة ولن يستطيع أن يحرك الحركة الطبقية حتى ملما واحدا نحو الأمام وقيادتها نحو التقدم . لذا هؤلاء أيضا متفقون ومتعاونون للبرجوازية وأصبحوا مصدر قوة للسلطة الرأسمالية ويزركشون ألوان الحقيبة .
هذا العصر لا يقبل التستر والإهمال والتقصير أو حسب المزاج تترك المصادر النظرية والعلمية ، وعندما نقول لسبب ما لن يكونوا القوة الأولى ، لأن لاوجود لمجتمع متنوع مستقر وبرلماني في اقليم كوردستان ، كل ذلك مبررات كاذبة ولن يستطيع أن يغير شيئا من نسيجهم السياسي ، حيث الشيوعيون من أجل الحصول على الحقوق الجديدة بالمواطنين واهداف العمال والبروليتاريا لايهتم بنوعية المجتمع ، ومهما كانت نوعية السلطة ديمقراطية ، ليبرالية أو مجتمع متنوع ... الخ . يعود نظرتهم هذه الى سزاجتهم بالمجتمع المتنوع والبرلماني ، بإعتقادي بالنسبة للكادحين والعمال ليس هنالك فرقا أو إختلاف إذا كان المجتمع مستقرا أو غير مستقر ، لأن ذلك لن يحدد القوة الاولى والثانية والثالثة . بل يجب أن يكون الشيوعيون العلميين القوة الأولى في الكفاح والنضال من أجل الأهداف الأتية والبعيدة للبروليتاريا في جميع مراحل الرأسمالية سواء كانت مستقرة أو غير مستقرة .
سابقا كانت تقدم النصح من قبل اليساريين في ايران ل(حزب الشيوعي العمالي الكوردستان - العراق )حيث لايزالون مستمرين في قراءة نفس النمط ، كانوا يقولون أيضا يجب على القوة الثالثة أن تبادر ويحل محل القوة الأولى أو يصبح مشاهدا لما يحل بكوردستان العراق ، أو على الأقل في هذه الدورة ماذا سيكون مصير البرجوازيون . (10)
في الماضي وحاليا لليسار القناعة والرأي ذاته لخروجة من الظروف السياسية لكوردستان العراق ، ويكمن هذا الطريق في سلك درب الأمم المتحدة لكي يقوم برعاية إستفتاء إنفصال كوردستان العراق من دولة العراق المركزية .
كما الأحزاب الغير يسارية لهم نفس القناعة والرأي في الوقت الراهن لحل القضية القومية عن طريق منظمات الامم المتحدة والمؤسسات الأخرى ، ويتم هذا العمل إذا قامت أفراد القومية والقوميات المتعايشة في الاقليم بمساندة قرار الانفصال .
هنالك تجارب كثيرة في السابق حيث المنظمات العالمية لا يستطيعون أن يضعوا هذا المهام على عاتقهم ويتم التنفيذ ، وحسب ذلك سيقدم اليسار أجمل وأقوى سجادة لكي تتمشى عليها الرأسمالية والبرجوازية بسبب أخطائه السابقة والحالية في العمل السياسي وإعتقاده ، لم يستطع اليسار أن يكون قوة جماهيرية . لذا لن يكون بإستطاعته التأثير على الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمواضيع الأتية . إذن لو كانت القوة الأولى أو الثالثة لن يتغير شيء من الواقع ، لأنهم لا يجيدون سبيلا لمعالجة القضية القومية .




المصادر :
9- منصور حكمت ( في الدفاع عن إستقلال كوردستان) مجلة (بوبيشه وه )العدد (21) 27 أب 1995 .

10- المصدر نفسة , ص 5 .