العودة الى لينين 13


طلال الربيعي
2020 / 2 / 29 - 14:19     

في الحلقة السابقة اشرت الى ان لينين قد استمد بعض أسس مفاهيمه عن الدولة والسلطة من مريده, فريدريك انجلز. ففي مقالته الموجزة ​​عن السلطة في عام 1872, يوضح انجلز تفاوت درجة هذه السلطة باختلاف مراحل تطور المجتمع, ويشير إلى أن حالة الإنتاج ذاتها التي تعتبر نشاطًا اجتماعيًا تستوجب درجة معينة من السلطة والخضوع مهما كان تفويضها. قد يساء تفسير وجهة نظر ماركس حول الدولة, وأحيانًا ما يتم تفسيرها على أنها تعني اختفاء كليًا للسلطة. ولكن إنجلز يؤكد ان
"ما سيختفي هو الدولة السياسية, وان سلطتها السياسية ستختفي. بمعنى أن الوظيفة العامة للدولة ستفقد شخصيتها السياسية وستتحول إلى وظيفة إدارية بسيطة لمراقبة المصلحة الحقيقية للمجتمع."

بعض التأييد لموقف لينين نجده في ملاحظته بأن "المناهضين للسلطوية يطالبون بإلغاء الدولة السياسية بضربة واحدة, حتى قبل الغاء الظروف الاجتماعية التي ولدّتها".
https://www.marxists.org/archive/lenin/works/1917/staterev/ch04.htm

وغني عن القول أن لينين, بدراسته العميقة والشاملة لتركيبة المجتمع الروسي, كان يدرك تمام الإدراك ان الظروف في روسيا, وكذلك في البلدان الأكثر تقدماً, لا يمكن فورًا الغاء تأثيرها وفعلها بعد الإطاحة الاشتراكية بالنظام القديم. وساعاود معالجة موضوعة الدولة والسلطة بمفهوم لينين بمزيد من التفصيل لاحقا.

أنطونيو غرامشي, في مقالته "اخضاع الدولة" في يوليو 1919 , حاول قصارى جهده توضيح أن الطبقة العاملة في وعيها ومؤسساتها, فضلاً عن ممارساتها, ستبقى تعاني من عدوى الرأسمالية التي تشكلت هي تحت سلطتها و في سياق النضال ضدها:
"يتعين على المؤسسات البروليتارية أن تتخذ شكلاً ليس عن طريق القانون الداخلي, ولكن بموجب القانون الخارجي, تحت ضغط هائل من الظروف والإكراه بسبب المنافسة الرأسمالية"؛ وهذا هو ما يفسر التذبذبات والانحرافات التي "توجت بإفلاس الأممية الثانية". وأعقب هذه الفترة جهد واع ومنسق للخروج من الشكل الخارجي الذي تفرضه الرأسمالية وأيضاً لكسر خناق سطوته"
Antonio Gramsci 1919
The conquest of the state
https://www.marxists.org/archive/gramsci/1919/07/conquest-state.htm

وكما اكد لينين بحق ، لم تكن المسألة مجرد الغاء الدولة التي تقوم بالاستغلال والاضطهاد, بل
"الاستعاضة عنها بالدولة الاشتراكية, بسيادة مبدأ الشراكة والتضامن بين العاملين. يجب أن تحتفظ الدولة بوظائف التوجيه في الإنتاج (والتوزيع) من خلال روابط معقدة وستكون للدولة أيضًا مهمة قمع التنافس من خلال الغاء الملكية الخاصة... (والتي) لا يمكن للديمقراطية البرلمانية الشروع بها."

من الواضح أن هذا لا يتلاءم على الإطلاق مع السيناريو الذي يصوره Chattopadhyay الذي يقضي بالإلغاء الفوري لجميع السلطات والظهور الفوري للشيوعية. يحذر لينين من أن الرأسماليين المزاحين لن يفقدوا سلطتهم فورا، وأن بناء الدولة الاشتراكية الانتقالية للتتويج في الشيوعية لابد وأن يكون مسعى طويل الأمد. حسب غرامشي وبدون ادنى شك, يجب أن تكون هناك دولة:
"إن إنشاء الدولة البروليتارية ليس, باختصار, فعل صانعي المعجزات. إنه عملية خلق و يفترض العمل التحضيري من تنظيم ودعاية". بالتأكيد, يوضح Gohain, ان هذه الدولة لن تكون بالنموذج الستالينى في الشكل او المضمون, فقد ولد هذا النموذج من خلال شروط تاريخية استثنائية, وبقيادة زعيم, على أقل تقدير, أقل حساسية وقدرة على الابتكار من لينين. لكن النقاش يفضى إلى إلى التشكيك في نفاذ صبر طوباوية Chattopadhyay
يتبع