هجوم ناصر الخطابي على الشيوعيين


محمد مدحت مصطفى
2020 / 2 / 25 - 08:16     

هجوم ناصر على الشيوعيين المصريين
أقول لمن يدَّعون أن الزعيم الخالد لم يكن على علم بما حدث للشيوعين: إن أول خطاب للزعيم الخالد بعد الاعتقالات ـ في 15 مارس 1959م وكان من قصر الضيافة بدمشق ـ تضمن تبريره اعتقالات الشيوعيين .. كما جاء فى خطابه على النحو التالي:
1. حينما كان الشعب العربي يكافح من أجل حريته، ومن أجل استقلاله، ومن أجل قوميته، وحينما كان يكافح ليتخلص من الاستعمار ومن أعوان الاستعمار، لم يكن يكافح هذا الكفاح، ولم يكن يقدم الشهداء، ولم يكن ليبذل الدماء ليسلم الوطن العربى إلى الشيوعيين العملاء، ولتسود التبعية مرة أخرى فى جميع أرجاء العالم العربى... كان الشيوعيين العملاء - فى هذا الوقت - يأخذون الوحى من خارج بلدهم، وكانوا يتلقون التعليمات من الأحزاب الشيوعية فى الخارج، كانوا يحاولون أن يستغلوا كفاح الشعب العربى فى مصر من أجل الحرية والديمقراطية ليقلبوها شيوعية حمراء، تسيل فيها الدماء ويسيل فيها الإرهاب... حاول الشيوعيون - أيها الإخوة - بكل وسيلة من الوسائل أن ينفذوا إلى الجيش فى مصر، ولكنا كنا على بينة من أمرنا، وكنا على بينة من طريقنا، ولم نقبل الشيوعية أبداً من قبل الثورة وبعد الثورة؛ لأننا كنا نؤمن برسالة خالدة هى رسالة القومية العربية، ولم نكن نستطيع أن نغير إيماننا وأن نؤمن بالإلحاد والتبعية؛ لأن الشيوعية - أيها الإخوة - تؤمن بالإلحاد وتؤمن بالتبعية.
2. وقد حاول الشيوعيون قبل الثورة فى مصر أن يضموا بعض أعضاء الثورة، وكنت أحد هؤلاء الناس، وحاول الشيوعيون بكل وسيلة من الوسائل أن يقنعونى لأنضم إلى مدرستهم وأنضم إلى مبادئهم، ولكنى - أيها الإخوة - لم أقبل ذلك لسبب بسيط؛ لأنى لم أستطع بأى حال من الأحوال أن أؤمن بالإلحاد أو أؤمن بالتبعية... وكنت على ثقة - أيها الإخوة المواطنون - وأنا أعرف الكثير من الشيوعيين فى مصر، كنت على ثقة من أمرهم، وكنت على ثقة من سيرهم فى طريقهم، وكنت أعرف دخائلهم من قبل الثورة، وكنت أعرف أخص خصائصهم من قبل الثورة، وكنت أعرف - أيها الإخوة - أن رسالة الشيوعية مبنية على الإلحاد ومبنية على التبعية... وكان الشيوعيون - أيها الإخوة - يحاولون أن يستغلوا الثورة فى مصر لينفذوا عن طريقها؛ ليسيطروا - وهم أقلية قليلة وفئة قليلة - على الأغلبية الكبرى وعلى الشعب كله، وليقيموا الديكتاتورية المبنية على الدماء تحت خزى تزييف الديمقراطية.
3. ولكن الشعب العربى فى مصر فطن إلى أن الشيوعية هى إلحاد وتبعية، وآمن برسالته المبنية على القومية العربية، وهزم الشيوعيين، واستمرت القلة قلة، بل عزلت هذه القلة ولم تستطع أن تنشر رسالتها بين الشعب العربى فى مصر... وكما هزم الشيوعيون - أيها الإخوة - فى مصر هزموا أيضاً هنا فى سوريا، وكما كشفهم الشعب العربى فى مصر كشفهم الشعب العربى فى سوريا؛ لأن الشعب العربى الذى تسلح بالوعى وآلى على نفسه أن يحقق رسالة القومية العربية استطاع فى أيام قلائل أن يهزم رسالة الإلحاد والتبعية، وقامت الوحدة بين الشعب المصرى وشعب الجمهورية العربية المتحدة، وكانت نتيجة الاستفتاء - أيها الإخوة - إجماع على الوحدة وهزيمة للشيوعيين الذين كانوا يحاربون هذه الوحدة... ولم تنته القصة - أيها الإخوة المواطنون - فإن الحقد الأسود الذى تمكن فى قلوب الشيوعيين فى مصر، والحقد الأحمر الأسود الذى تمكن فى قلوب الشيوعيين فى سوريا استمر .. استمر بعد الوحدة ضد الجمهورية العربية المتحدة.
4. ولكن الشيوعيون الذين هزموا فى مصر ثم هزموا هنا فى سوريا؛ وجدوا لهم النصير فى بغداد حتى يأويهم، وحتى يعاونهم على أن تكون بغداد نقطة انطلاق ضد الشعب العربى فى باقى أجزاء الوطن العربى. وقام الشعب العربى الباسل فى العراق يكافح من أجل حريته وديمقراطيته، ولكن الشيوعيون بدءوا يعلنون الشعارات الزائفة؛ إنهم يعلنون شعار الديمقراطية، وليس شعار الديمقراطية فى الشيوعية إلا الديكتاتورية الحمراء، وإلا سفك الدماء. هم يقولون بالديمقراطية .. والديمقراطية ومبادئ الديمقراطية؛ وليست الديمقراطية إلا الستار الذى يتستر خلفه شيوعيى العراق حتى تتمكن الأقلية - وهم ليسوا إلا أقلية - من شعب العراق العظيم، وحتى يتمكنوا من أن يكبلوا هذا الشعب فى أغلال الإلحاد والتبعية، وحتى يتمكنوا من أن يبيدوا كل عنصر وكل فرد ينادى بالاستقلال وينادى بالقومية... وحينما قامت ثورة العراق - أيها الإخوة - عاد شيوعيى العراق إلى العراق وقلبهم ملئ بالحقد عليكم، وهم يريدون أن يجدوا الفرصة ليتحكموا فيكم؛ حتى يقيموا المشانق، ويقيموا المذابح، ويخلصوا البلاد من كل رأى حر ومن كل رأى شريف... ديمقراطية الإرهاب، وديمقراطية المشانق، وديمقراطية محاكم الشيوعيين فى الشوارع لقتل كل من لا يستجيب إلى إرهابهم، ولقتل كل ما لا يستجيب إلى طلباتهم.
5. هذه هى الديمقراطية المزيفة .. وهذه هى أقسى أنواع الديكتاتورية الإرهابية .. الديكتاتورية الشيوعية الإرهابية التى أعلنت فى بغداد تحت اسم الديمقراطية، وليس هناك فى بغداد من يستطيع أن يرفع صوته أو يعبر عن قوميته؛ لأن مصيره هو القتل ومصيره هو الفناء... هذا هو الموقف الذى نجابهه اليوم فى الأمة العربية؛ الشيوعيون الذين ملأ قلبهم الحقد فى مصر وفى سوريا وفى كل بلد عربى، وقاسم العراق الذى ركبته مركبات النقص، والذى يشعر أن دوره فى ثورة العراق إنما يحتم عليه أن يعتمد على فئة تسانده؛ حتى يتحكم وحتى يمكن نفسه، الشعارات الزائفة من أجل التغرير بالشعب العربى فى العراق، والشعب العربى فى سوريا.......هذا هو الموقف فى العراق، وهذا هو الموقف فى جميع أنحاء العالم العربى، وهذه هى لمحات عن تاريخنا ونضالنا ضد الشيوعية والإلحاد والتبعية، وتثبيت رسالة القومية العربية.
بعد هذا الخطاب بعامين ونصف العام صدقت التوقعات وجاء الإنقلاب على الوحدة.