النفاق البورجوازي


سعيد زارا
2020 / 2 / 15 - 17:17     

" لدى البورجوازيين اتجاه الحيوانات حنان ملائكي، انهم يشعرون مقربين اكثر الى الحيوانات من العمال." بول لافارغ


من بين السلوكيات الاستهلاكية التي عممتها البورجوازية الوضيعة بعد تسيدها هو تعميم امتلاك حيوانات الرفقة من قطط و كلاب ... و الزيادة في مصاريف رفاه هذه الحيوانات، فقد انفق مواطنو امريكا الشمالية على ما يلزم رفقة هذه الحيوانات لهم ما يزيد عن 43 مليون يورو سنة 2017 و خلال نفس السنة صرف مواطنو اروبا الغربية ما يفوق عن 25 مليون يورو ، و المصاريف على هذا النوع من الرفقة في تزايد مستمر. تحظى حيوانات الرفقة بحنان و اهتمام من لدن مالكيها لم و لن تحظ به من جنس فصيلتها، فهي محمية من طرف القانون حيث سوء المعاملة يؤدي بصاحبها الى غرامة مالية تصل الى 750 يورو في فرنسا، و تنعم بلقاحات كل سنة ومتابعة طبية و ابعد من ذلك منها من ينعم بالتجميل و معاينة الطبيب النفسي المختص.

تؤكد العديد من الدراسات ان مالكي حيوانات الرفقة يتمتعون بلياقة بدنية احسن من غيرهم و انهم اقل توترا. لكن لكي تنعكس رفقة هذه الحيوانات بمثل هذه الفضائل يتوجب على مالكيها ان يكونوا مسبقا مهيئين لهذه الفضائل و هو ما يعني ان الناس الذين لا يبدون اهتماما لرفقة هذه الحيوانات لا ينعمون بهذه الفضائل بعد امتلاكهم لها. البورجوازية الوضيعة الان و هي الطبقة السائدة في العالم اجمع تدفع بالإنسان الى الانغلاق عن نفسه و تغرقه في الفردانية فأدوات انتاجها الوضيعة تجعل منها عدوة لكل انتاج جمعي و بالتالي لكل تفتح الانسان عن الاخر، فلا غرابه اذن ان يلقى الانسان الفرد الحالي عزاءه في رفقة الحيوانات لعله لن ينخدع في شعوره الحنون نحوها بعد ان تأكد من وحشية الفردانية التي يغرق فيها المجتمع.

ان هذه السلوكيات المتزايدة انما تعكس طبيعة طبقة البورجوازية الوضيعة المنافقة بشكل عام، و لكأن المجتمع الانساني شبع حنانا ففاض عليه ليعم الحيوانات التي ترافقه. اما واقع الحال فيقول عكس ذلك حيث الانسانية لم تنحط كما اليوم حيث الاستغلال البشع للطبقة العاملة و لكل موارد الطبيعة و على قائمتها الموارد الحيوانية.

نفاق البورجوازية هذا يثير الاشمئزاز فهي الحنونة عن اجناس الحيوانات النادرة و المدافعة عن حفاظها لتنتهي فراء بعض هذه الاجناس على اعناق نسائها الفاتنات، ناهيك عن الشروط السيئة التي استغلت فيها الطبقة العاملة لإنتاج تلك الفراء.

تناضل جمعيات الدفاع عن الحيوان على ان لا تتعذب الحيوانات المنقادة الى المسلخ و هي تذبح ، كما الطبقة العاملة لا يجب ان تنتبه لمن ينهبها حيث اصحاب المعارف يبادلون منتوجاتهم المعرفية بالسلع بأضعاف مضاعفة دون ان يعي البروليتاري من امتص دمه فعلا.

تعمم هذا السلوك حتى اصبح ذو الدخل المحدود يتباهى بامتلاكه كلبا و قطا ينفق عليهما من ما تحتاجه عائلته الادمية. فهو مستعد ان ينفق المزيد على هذه الحيوانات لان حنانه لن يذهب سدى مادامت هذه الحيوانات وفية لا تغدر به. و هو من حيث لا يدري انه اصبح ضحية النفاق البورجوازي الذي يتعمق مع تعميم الفردانية لترى الناس يتجولون فرادى رفقة قططهم و كلابهم و هم يتظاهرون بالسعادة عوض التجول مجموعات تتقاسم الآراء و المشاعر الانسانية الحقيقية.


البورجوازية الوضيعة تفضل ان ينعم من يرافقونها من الحيوانات بحنانها دون بني البشر.