بيان من أجل تدريس الفلسفة بشكل ديمقراطي


زهير الخويلدي
2020 / 1 / 28 - 20:42     

" التصرف بحيث تصبح الفلسفة ممكنة، أو حتى تظل مستمرة، يمكن القيام به في أماكن متعددة. وفي مناسبات مختلفة جدا."1
لقد أطلقت منظمة اليونسكو هذا البيان المساند للتفكير الفلسفي والداعم للديمقراطية في العالم والتفكير النقدي والمدافع على تدريس الفلسفة والترويج لها بكل الطرق الممكنة والمشجع على التاليف والابتكار ونشر الكتب والأفكار على الصعيد الثقافي ووقع عليه قرابة مليونين شخص من مختلف أرجاء العالم بعد مناقشته بشكل مطول في شبكات من أسيا وأوروبا الوسطى وأمريكا اللاتينية وافريقيا وضم عدة فلاسفة على غرار كواين ودريدا وكاستورياديس وقام بكتابة صياغته النهائية مايكل دوميت ودافيدسن وغيرهم،
ترجمة :
" نحن المشاركون في الأيام الدولية "لفلسفة الدراسة والديمقراطية في العالم" التي نظمتها اليونسكو ، والتي عقدت في باريس يومي 15 و16 فبراير 1995،
دعونا نلاحظ أن المشاكل التي تتناولها الفلسفة هي تلك المتعلقة بحياة ووجود الناس الذين يتم اعتبارهم عالميًا ،
نعتقد أن التفكير الفلسفي يمكن ويجب أن يساهم في فهم وإدارة الشؤون الإنسانية،
دعونا نأخذ في الاعتبار أن النشاط الفلسفي، الذي لا يسحب أي فكرة من النقاش الحر، الذي يسعى إلى تحديد التعريفات الدقيقة للمصطلحات المستخدمة، للتحقق من صحة الاستدلال، لدراسة حجج الآخرين بانتباه، يسمح لكل واحد بأن يتعلم التفكير بنفسه،
التأكيد على أن التعليم الفلسفي يعزز الانفتاح والمسؤولية المدنية والتفاهم والتسامح بين الأفراد وبين المجموعات ،
نؤكد من جديد أن التعليم الفلسفي ، من خلال تكوين عقول حرة ومفكرة قادرة على مقاومة أشكال مختلفة من الدعاية والتعصب والإقصاء واللاّتسامح، يساهم في السلام ويعد الجميع لتحمل المسؤولية في مواجهة أسئلة كبيرة معاصرة ، وخاصة في ميدان الإيتيقا ،
دعونا نحكم على أن تطور التفكير الفلسفي ، في التعليم وفي الحياة الثقافية ، يسهم بطريقة مهمة في تكوين المواطنين ، من خلال ممارسة قدرتهم على الحكم ، وعنصر أساسي في أي ديمقراطية ،
لهذا السبب ، من خلال الالتزام ببذل كل ما في وسعنا ، في مؤسساتنا وبلداننا المعنية ، لتحقيق هذه الأهداف ، نعلن ما يلي:
يجب ضمان النشاط الفلسفي الحر في كل مكان ، بجميع أشكاله وفي جميع الأماكن التي يمكن ممارستها فيها ، لجميع الأفراد
يجب الحفاظ على التعليم الفلسفي أو توسيعه حيثما كان موجودًا، وخلقه في مكان غير موجود بعد، وتسمية "فلسفة" بشكل صريح
يجب توفير التعليم الفلسفي من قبل مدرسين أكفاء ، مدربين خصيصًا لهذا الغرض ، ولا يمكن أن يخضعوا لأي أمر اقتصادي أو تقني أو ديني أو سياسي أو إيديولوجي
في حين يبقى مستقلا ، يجب أن يكون التعليم الفلسفي ، حيثما أمكن ، مرتبطًا بفعالية بالتدريب الجامعي أو المهني ، في جميع المجالات
توزيع الكتب في متناول جمهور واسع ، سواء بلغتهم أو بسعر البيع ، وإنشاء برامج إذاعية أو تلفزيونية ، وأشرطة صوتية أو فيديو ، والاستخدام التعليمي لجميع الوسائل السمعية البصرية والكمبيوتر ، يجب تشجيع إنشاء أماكن متعددة للحوار الحر ، وجميع المبادرات التي من شأنها أن تتيح لأكبر عدد من الناس الوصول إلى فهم أولي للأسئلة والأساليب الفلسفية ، من أجل تشكيل تعليم فلسفي للبالغين.
معرفة الانعكاسات الفلسفية للاختلافات الثقافية ، ومقارنة مساهمات كل منها ، وتحليل ما يجمعهم وما يعارضهم ، يجب متابعتها ودعمها من قبل مؤسسات البحث والتعليم
لا يمكن للنشاط الفلسفي ، باعتباره ممارسة حرة للتفكير ، أن يعتبر أي حقيقة مكتسبة بشكل نهائي ويحرض على احترام قناعات كل واحد ، لكن يجب ألا يقبل ، بأي حال من الأحوال ، تحت وطأة حرمان نفسه ، العقائد التي تنكر حرية الآخرين ، والاستخفاف بالكرامة الإنسانية وتوليد الهمجية "
تعقيب:
ثمة فرق جوهري بين المثال والواقع وبين التنظير والتطبيق وحال الفلسفة اليوم في عالمنا الراهن لا تسر وخاصة في نظامة التفاهة وتفضيل التبسيط على التعقيد والمباشر على التوسط والمادي على المجرد والصورة على الفكرة، وعلى الرغم من توقيع بعض أساتذة الفلسفة من الجامعات المغاربية إلا أن واقع تدريس الفلسفة في العالم العربي في تراجع مستمر وأقسام الفلسفة في الجامعات تعاني من المزاحمة الموازية تحت عناوين مختلفة ولا يحصل المدرسين على كافة حقوقهم والمؤلفون في المجال الفلسفي هم بدورهم في عزلة عن القراء والجمهور الفلسفي في تقلص مستمر والكتاب الفلسفي نفسه محاصر تحت ذرائع تجارية واهية، فكيف يمكن للمشتغلين بالفلسفة أن يبدعوا ويغيروا الأوضاع ويقومون بأدوار تنويرية وهم في وضع مأزوم؟ ألا يجدر أن يتجه تدريس الفلسفة في العالم العربي نحو توطين الثورة الثقافية وترسيخ القيم الديمقراطية؟
المصدر:
1-Roger- Pol Droit, une déclaration, in « oui la philosophie », revue éthique esthétique, éditions cercle d’art, les amis de la Revue de l’Université de Bruxelles, 2005,pp07-08-09.

كاتب فلسفي