يريدون جرنا من تحت - الدلف - الى تحت - المزراب -


صلاح بدرالدين
2020 / 1 / 25 - 22:38     

دعوات فردية وجماعية من جانب مثقفين ومفكرين ومناضلين وطنيين كانت تظهر بين الحين والآخر ومنذ بدايات الانتفاضة السورية تدعو الحفاظ على مبادئ الثورة وتحذر من هيمنة جماعات الإسلام السياسي بغية حرفها عن الطريق واستجابة من عرفوا بانهم ديموقراطييون أو ليبرالييون أو شيوعييون لطلبات اللحاق بها ولكن من دون الغوص في عمق الأزمات التي كانت تنخر في جسم العمل الوطني المعارض أو تقديم برامج ومشاريع انقاذية مدروسة وآليات واضحة لتحقيق ماكانوا يصبون اليه .
وفي الحقيقة كانت هناك مجموعة عوامل وأسباب تحول دون بلورة تلك المساعي المتواضعة أصلا أولها اجرام نظام الاستبداد في القتل والتدمير والتهجير ومحاولاته المستمرة في اغراق الساحة بفصائل ميليشياوية إسلامية ومذهبية واختراق صفوف المعارضة بايفاد من كانوا جزأ من حزب وإدارة وطائفة وقاعدة النظام وكذلك الدور البارز للمانحين من النظامين العربي والإقليمي الرسمي حيث أجمعوا رغم صراعاتهم الشكلية على منع انتصار الثورة السورية الوطنية ذات الآفاق الديموقراطية والتوجهات التغييرية .
ومن خلال متابعتي الدقيقة لم أجد سوى مشروع – بزاف – الانقاذي الذي ظهر منذ عام ٢٠١٢ بصورة واضحة شفافة ونشر ونوقش عبر مئات اللقاءات التشاورية في الخارج والداخل والذي كان عبارة عن شقين واحد يتعلق بالحالة الكردية الخاصة وثاني بالوضع السوري العام وكل من اطلع على المشروع يعرف أن الشقين الخاص والعام يجمعان على آلية واحدة في تحقيق هدف إعادة البناء واستعادة الشرعية وانتخاب قيادة متجددة وذلك عبر مسارين متكاملين .
المسار الأول اعتبار انجاز اللجنة التحضيرية بمثابة قطع نصف الطريق وعدم جواز عقد أي مؤتمر جامع من دون اللجنة التحضيرية التي يجب وبالضرورة أن تتشكل من ممثلي جميع المكونات القومية في سوريا والتيارات السياسية والذين واكبوا الثورة وآمنوا بأهدافها فلايجوز مثلا أن تقوم مجموعة معينة ومن منطقة معينة ومن لون واحد بدعوة الناس الى مؤتمر وكونفرانس من دون مشاركة الآخرين وتقوم مقام اللجنة التحضيرية والقيمة على تحديد المدعوين والمكان والعدد والتمويل عبر جهة غير معروفة وهي تكون قد صاغت البيان الختامي مسبقا فهذا مخالف لأبسط القواعد الديموقراطية ونفي للتعددية المتأصلة في بلادنا على الصعد القومية والدينية والمذهبية والاجتماعية والثقافية والسياسية .
المسار الثاني في النظرة الى طبيعة وأهداف المؤتمر المنشود والتي نرى – كما جاء بمشروع بزاف – أن يكون المؤتمر من أجل انقاذ الحركتين الكردية والثورية السوريتين وإعادة بنائهما موضوعيا وذاتيا في العمق واستعادة شرعيتهما فكل الأحزاب والجماعات والفصائل الكردية والعربية والتركمانية والمسيحية تفتقر الى الشرعية التنظيمية والوطنية والثورية ومن لاشرعية له لايمكنه تمثيل الشعب أويتحاورباسمه وهذه معضلة كبيرة في أزمتنا العامة يتجاهلها الكثيرون عن جهل أو قصد ومن ثم تأتي عملية انتخاب من يقودهما في هذه المرحلة الشديدة الخطورة ويواجه تحديات السلم والبناء والمقاومة .
مؤخرا تحاول مجموعة من لون واحد وتكاد تكون من منطقة واحدة معروفة بوقوف شخص – اشكالي – من ورائها مثير للريبة منذ عشرة أعوام يبحث عن جاه ومصالح خاصة ألحق الأذى بالثورة وتعاون مع أعدائها واغتنى من ورائها أقول بعد أن سطت هذه المجموعة على اسم ( المؤتمر الوطني السوري ) الذي كنا أول من استخدمناه ومازلنا منذ سبعة أعوام وحتى الآن وتقوم باستغلال هذا المصطلح ليس من أجل إعادة البناء وتوحيد وتنظيم صفوف الوطنيين لمواجهة نظام الاستبداد ونصرة الثورة المغدورة بل في سبيل خوض مغامرة جديدة للحلول محل الكيانات الأخرى الفاشلة من ( المجلس الوطني السوري والائتلاف وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية ) ومن ثم الارتماء باحضان النظام باسم الحوار حسب أجندة إقليمية وفي نفس مستوى سقف النظام الرسمي السائد بالمنطقة .
نحن طرحنا مشروع المؤتمر بشقيه الكردي والعربي مشترطين كخطوة أساسية التوافق على تشكيل اللجنة التحضيرية وهي الخطوة الأولى التي كما نرى يجب وبالضرورة أن تعكس الواقع السوري التعددي القومي أساسا بشكل عادل وأن يتميز أعضاؤها بالوطنية وبالايمان بأهداف الثورة وبالنزاهة والاستقلالية وعدم التبعية للمحاور الإقليمية وان يكون لكل واحد منهم سجل نظيف ويكون مقبولا بشكل عام لدى غالبية السوريين .
لقد توصلنا مبكرا الى قناعة بأن هذه الجماعة لاتمثل المكونات الوطنية السورية وغالبية أعضاء أعضائها لاتتوفر فيها المواصفات المطلوبة واذا كانت تضع اللوم على عاتق كيانات المعارضة القائمة الان حول انتكاسة الثورة فان أعضاء المجموعة بدون استثناء كانوا موزعين بتلك الكيانات ويتحملون مسؤولية الإخفاق والهزيمة بل أن بعضهم يستحق المثول امام محاكم شعبية لانتقاله بين أحضان الأنظمة المستبدة والميليشيات ( الطائفية والعلمانية ) ومن دون أية مراجعة نقدية شفافة مقنعة يستغفل عقول الوطنيين السوريين من وراء الستار وكأن شيئا لم يكن .
كما أن طريقة تشكيل ماسميت باللجنة التحضيرية وآلياتها وخلفياتها مازالت غامضة وغير معلومة كما انه يهمنا أن يعلم الجميع اننا لسنا من الصنف الذي يلتحق بالاخرين بالإشارة ويبحث عن مواقع ومصالح خاصة حيث لن نكون جزء من أية مبادرة أو مشروع اذا لم نكن من واضعيه جنبا الى جنب شركائنا بالوطن والمصير على قاعدة الشراكة العادلة والتوافق السياسي والعمل سوية على صياغة عقد اجتماعي جديد لوضع أسس الحل الديموقراطي للقضية الكردية في سوريا الجديدة القادمة .