نبدأ من الأسس في أي تنمية مستقبلية.....6


محمد الحنفي
2020 / 1 / 5 - 19:33     

الإهداء إلى:

ـ اليسار المغربي المناضل.

ـ فيدرالية اليسار الديمقراطي، في سعيها إلى توحيد اليسار، على أسس أيديولوجية، وتنظيمية، وسياسية، تأخذ بعين الاعتبار مصلحة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

ـ كل داعمي اليسار المناضل، من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

ـ في أفق بناء حزب يساري كبير.

ـ من أجل تحقيق التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية.

ـ من أجل بناء الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية، كدولة للحق، والقانون.

محمد الحنفي

اعتبار كل مسؤولية حكومية، أو سلطوية، أو برلمانية، أو جماعية، تستلزم التصريح بالممتلكات:.....1

إن ما هو غائب عندنا، في المغرب، منذ استقلال المغرب الشكلي، هو طرح السؤال:

(من أين لك هذا؟).

على أي مسؤول جماعي، أو يشتغل في الإدارة الجماعية، أو أي عضو في البرلمان، او اي مسؤول سلطوي، أو في أي إدارة، يعلم الجميع أنه كان لا يملك شيئا، ثم صار بعد تكليفه بمسؤولية سلطوية، أو قضائية، أو جماعية، أو برلمانية، أو مسؤولا في الإدارة الجماعية، صاحب ممتلكات لا حدود لها، على مستوى الأراضي الزراعية، أو على مستوى الممتلكات العقارية، في المدن، أو على مستوى المشاريع المدرة للدخل.

وقد كان المفروض: طرح السؤال السابق، للحد من ممارسة النهب، والإرشاء، والارتشاء، وتلقي امتيازات الريع، من موقع المسؤولية، أو ممارسة التهريب، من، وإلى المغرب، والاتجار في الممنوعات. وهو ما يترتب عنه، ضرورة مساءلة كل من صارت له ثروة هائلة. وهؤلاء ومن على شاكلتهم، عندما تدفع بهم السلطات الوصية، أو المخزنية، إلى التصريح بالممتلكات، بعد ترشحهم في الانتخابات، وبعد صيرورتهم أعضاء في المجالس الجماعية، أو التمكن من رئاستها، أو صيرورتهم أعضاء في البرلمان، أو مسؤولين حكوميين، فإنهم يرفضون ذلك؛ لأنهم لا يريدون، من السلطة، معرفة ما يمتلكون، مع أن مصدر ما صاروا يمتلكون، يعرفه الجميع، ويعرفه أفراد الشعب، الذين لهم علاقة بهم، وتعرفه كل الجهات المخزنية، مع العلم أن السلطة المخزنية، تنهج نهج انتشار الفساد، المنتج لمثل هؤلاء، الذين يصيرون أثرياء، عن طريق النهب، والارتشاء، والتمتع بامتيازات الريع، وتهريب البضائع، من وإلى المغرب، والاتجار في الممنوعات، وغيرها، بالإضافة إلى توظيف كل ذلك لإفساد المجتمع، وإذا قبلوا بالتصريح بها، فإنهم لا يقولون الحقيقة، مهما كانت هذه الحقيقة، التي تصير مزورة بشكل أو بآخرن فيما يمكن اعتباره تصريحا بالممتلكات.
وبعد التصريح، فإنه إذا أضاف شيئا من الممتلكات، فإنه يكون موثقا باسم أحد أبنائه، أو بناته، أو زوجته، أو أحد أقاربه، أو قريباته، حتى لا يخضع للمحاسبة مستقبلا، إن كانت هناك محاسبة.

ومعلوم أن الدول المتقدمة، والمتطورة، لا يستطيع المسؤول الحكومي، أو البرلماني، أو الجماعي، عندما يطلب منه التصريح بالممتلكات التي امتلكها من حر عمله، فإنه يعتبر التصريح بها واجبا. والواجب لا يمكن أن يتم النيل منه، مهما كانت الشروط التي يعيشها المسؤول الحكومي، أو البرلماني، أو الجماعي. مع العلم، أن هؤلاء جميعا، لا يمارسون النهب، ولا يرتشون، ولا يتمتعون بأي امتياز من امتيازات الريع، ولا يتاجرون في الممنوعات، ولا يهربون البضائع، من، وإلى أوطانهم، ولا يعملون على تبذير أموال الشعب لحسابهم الخاص، أو لحساب أبنائهم، وبناتهم، أو أقاربهم، ولا يمارسون الوساطة، والمحسوبية، والزبونية، والوصولية، وغيرها من الممارسات التي لا تكون إلا في في إدارة فاسدة، حتى وإن كانت في تلك البلدان المتقدمة، والمتطورة، رأسمالية، أو ديمقراطية اجتماعية.

فلماذا يطلب من المسؤولين الحكوميين، والبرلمانيين، والأعضاء الجماعيين، التصريح بالممتلكات؟

وما هي الغاية من هذا التصريح بالممتلكات، الذي نرى أنه يجب أن يكون من بين وثائق الترشيح، إلى عضوية الحكومة، أو البرلمان، أو أي جماعة ترابية، مهما كانت، وكيفما كان مستواها الاقتصادي، متدنيا؟

وما هي الأهداف التي تتحققن بالتصريح بالممتلكات؟

ولماذا يمتنع المترشحون إلى المسؤوليات المختلفة، عن التصريح بالممتلكات؟

ولماذا يبادر نظراءهم في البلدان المتقدمة، والمتطورة، إلى التصريح بممتلكاتهم، عند الترشيح لمسؤولية حكومية، أو برلماانية أو جماعية؟

أليس عدم قبول التصريح بالممتلكات، دليلا على أن المسؤوليات المختلفة عندنا فاسدة؟

أليس المترشحون، إلى تحمل تلك المسؤوليات، فاسدون؟

أليس من الواجب على الدولة، إن أرادت التقدم، والتطور، استئصال الفساد من الأجهزة الحكومية، والبرلمانية، والجماعية، ومن الأحزاب، والجمعيات، والنقابات، بالالتزام بدولة الحق، والقانون؟

أليس من الواجب إصدار قوانين، لاستصدار كل أشكال الفساد، من الإدارة الحكومية، في مستوياتها المختلفة، مهما كانت، وكيفما كانت، ومن البرلمان، ومن الجماعات الترابية، ومن الحكومة، وإداراتها، في مختلف المستويات؟

كيف يصير المغرب، بانتفاء الفساد في العلاقة مع الإدارة المخزنية، وفي البرلمان، وفي الجماعات الترابية؟

وهذه الأسئلة، التي طرحناها، هي بمثابة عناصر، لمعالجة فقرة: (اعتبار كل مسؤولية حكومية، أو سلطوية، أو برلمانية، أو جماعية، تستلزم التصريح بالممتلكات). وقد أو ردنا هذه العناصر على شكل أسئلة، لإثارة الانتباه، إلى أن إعمال العقل، صار ضرورة ملحة، في هذا العصر، الذي نعيش فيه، من منطلق: أن إعمال العقل، يقتضيه هذا التطور الهائل، في مختلف المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إلى درجة: أن اعتماد التفسير الغيبي، لمختلف الظواهر، أو التفسير الخرافي، لم يعد ممكنا، نظرا لدرجة التخلف العميق، التي لا زلنا نعيشها في هذا الوطن، وفي كل البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

ولذلك، كانت الأسئلة المطروحة، أعلاه، مستفزة للعقل، ومنبهة له، وعاملة على رفض اعتماد التفسيرات الغيبية، أو الخرافية.

ومعلوم أن إعمال العقل، في المعالجة، يحضر فيه التفكير العلمي، الذي يسعى إلى إنتاج المعرفة العلمية، التي هي الغاية، والهدف، من استخدام العقل في معالجة الموضوع، وفي معالجة فقراته المختلفة.

وانطلاقا من الأسئلة المطروحة، فإنه:

1) يطلب من المسؤولين الحكوميين، والبرلمانيين، والأعضاء الجماعيين، التصريح بالممتلكات، التي يتوفر عليها ساعة الترشيح، لتحمل إحدى المسؤوليات الحكومية، أو البرلمانية، أو الجماعية، حتى تخضع ممارسته للمراقبة المستمرة، خلال عضويته في الحكومة، أو في إحدى مسؤولياتها الجهوية، وما يتفرع عنها، أو في إحدى مسؤولياتها الإقليمية، وما يتفرع عنها، أو إحدى مسؤولياتها المحلية، وما يتفرع عنها، أو البرلمانية، على المستوى المركزي، وعلى مستوى الدائرة الانتخابية، وما يتفرع عنها، على مستوى الجماعات الترابية، من أجل الوقوف على ما يفعله المسؤول البرلماني:

هل يحترم إرادة الشعب؟

وهل يتعامل بطرق ديمقراطية؟

وهل يحرص على استثمار ممتلكات الشعب؟

وهل يحافظ على ثروته، التي تجمع من الضرائب، التي يؤديها أفراد الشعب، سواء كانت مباشرة، أو غير مباشرة؟

فإذا كان الجواب إيجابا، على هذه الأسئلة، فإن البرلماني، يلتزم بالقيام بالواجب. وبالتالي فإنه عندما ينهي مهمته، يستطيع أن ينال شرف التمسك، بإعادة انتخابه، لنفس المسؤولية، التي قد توصله إلى الحكومة، التي يطلب من مسؤوليها، ما يطلب من عضو البرلمان: وطنيا، وجهويا، وإقليميا، ومحليا، يقع تحت نفس المراقبة.

وإذا تكونت لدى البرلماني، أو عضو الحكومة، أو العضو الجماعي المسؤول، ثروة زائدة على ما صرح به من ممتلكات، فإن ذلك يجب أن لا يتجاوز ما يتبقى من المصاريف، التي يتكلفها، أثناء تحمله للمسؤولية، التي لا تدخل في التعويضات الواجبة على الإدارة.

أما العضو الجماعي، فإنه، سواء كان عضوا عاديا، أو عضوا في المكتب الجماعي، أو رئيسا للمجلس، أو يترأس إحدى اللجان، فإنه يقع، كذلك، تحت المراقبة، من أجل الوقوف على:

هل يحترم العمل الجماعي؟

وهل يحتم علاقة العضو الجماعي بسكان الجماعة؟

وهل يكون في خدمتهم بدون مقابل؟

أم أنه يمارس الارتشاء في علاقته بهم؟

وهل يفرض احترامه في علاقته بالإدارة؟

أم أنه يتحول إلى مجرد وسيط بين سكان الجماعة، وبين الرئيس، أو أي مستوى إداري في الجماعة؟

فإذا كان هذا العضو، أيا كانت مسؤوليته، يحترم العمل الجماعي، ولا يسيء إليه، وإذا كان يحترم علاقته بسكان الجماعة، ويضع نفسه في خدمتهم، وإذا كان يفرض احترامة في علاقته بالإدارة الجماعية، فإنه يكون في مستوى تحمل المسؤولية الجماعية، التي تجعل السكان في دائرته الانتخابية، يعيدون انتخابة لدورة جماعية أخرى، التي قد يصل فيها إلى عضوية المكتب، أو الرئاسة.

أما إذا كان لا يحترم العمل الجماعي، الذي يوظفه لخدمة مصالحه الخاصة، ولا يحترم علاقته بسكان الجماعة، ولا يكون في خدمتهم، إلا بمقابل، وكان يمارس الارتشاء في علاقته بهم، ولا يفرض احترامه في علاقته بالإدارة الجماعية، فإنه لا يكون في مستوى تحمل المسؤولية الجماعية، وبالتالي، فإن إعادة انتخابه، تصير غير ممكنة، إذا كنا فعلا في بلد محكوم بالممارسة الديمقراطية.

وما يجري عندنا في هذا الوطن، الذي لا يعول فيه على استقامة العضو الحكومي، أو البرلماني، أو العضو الجماعي، بقدر ما يتم التعويل على الاتجار في ضمائر الناخبين، أو على تزوير إرادة الشعب، أو قيام المقدمين والشيوخ، بتوجيه الناخبين، بالتصويت على مرشح معين. وهو ما يعني في نهاية المطاف: أن الانتخابات، لا تكون إلا فاسدة، تبعا لفساد الإدارة على المستوى المحلي، والإقليمي، والجهوي، والوطني، وهو فساد لا معنى فيه للتصريح بالممتلكات.