الانتاج الذهني؟


ادم عربي
2019 / 12 / 15 - 16:45     

بعض هواة الاقتصاد يُسيؤون فهم الانتاج الذهني كخالق للقيمه ، وهو حقا تشويه لفكر ماركس ، ان الانتاج الفكري هو حصيلة جهود انسانيه طويله ، ومعرفه تراكميه كبيره ، يمكن اعتبارة خالق للثروة اذا دخل عملية الانتاج الراسمالي ، وكيف لا؟ ونحن نعيش الان في مرحلة الانتاج الذهني وهي المرحله الثالثه من الراسماليه! ، حتى العامل العادي عندما يبدا بيوم عمله الى ان ينتهي ذلك اليوم يقوم ببذل جهد ذهني وعضلي وهو ما يعرف بقوة العمل ، بعض الهواة يعتبرون العامل قرد فقط يبذل جهد عضلي ، ويحاولون فصل الجهد الذهني عن العضلي تحت مسميات الانتاج الذهني او الانتاج العضلي.

بل يعتبرون الانتاج الذهني من الخدمات والتي بعرفهم لا تنتج قيمه ، وجسدو انتاج القيمه بعامل قرد ليس لديه عقل، وهذا تحقير للفكر الماركسي بامتياز .

اوضح ماركس بما لا يدعو مجال للشك هذا الامر وعرف الانتاج الخدمي بانه ينتج فائئض قيمه للراسمالي ، حيث قال ما دام هناك عمل ماجور يراكم راس المال فهو عمل يحقق فايض قيمه وبنا عليه المهندس والاستاذ والمغنيه تنتج فايض قيمه حتى المومس .

الشاعر لو ذهب في البرية في شعره يكون هاويا,ليس منتجاً لكن حين تبدء الشركات في التعامل معه وتسود اشعاره في كتيب و يوافق الشاعر على السعر يكون قد دخل عملية الانتاج كتاجرا اذا ما باع عمله ومنتجا اذا ما عمل للراسمالي ، وفي كلا الحالتين يُراكم المال للراسمالي ، فماركس كان قد ضرب مثلاً عن المغنية التي تسلي رفيقاتها, وإذا جاء لها احد المنتجين و تعامل معها من اجل الغناء وطبع التسجيلات تكون قد دخلت طور الانتاج. فأمر تمجيد العمل الذهني فهو بدعة برجوازية لتيهين العمال, إذ العمل الذي طور الأنسان و ميزه عن القرد كان يحوي أبداعا فكرياً فمن يوم أن أنتج الأنسان الفأس الحجرية كان هو طريق أستعمال الفكرة من اجل السيطرة على الطبيعة بأستخدام الآلات, أي ان وراء كل عمل عضلي جهد ذهني.فما تم من تحسين للمحراث مثلاً,كانت جهود آلاف السنين الذي أستخدموا المعرفة من أجل الوصول المحراث الحالية,أي أن الجهد الذهني موجود ومن البداية.

وناخذ مثالين لتوضيح اهمية الانتاج الذهني اذا ما دخل عملية الانتاج الراسمالي من اجل الربح : لديَّ شركه تقوم بصناعة الكمبيوترات ، واعمل فائض قيمه من صناعتي ، واملك ايضا مصنعا لصناعة الدفاتر ذات الاورراق البيضاء واعمل فائض قيمه ايضا ، اتاني يوما مبرمج وعرض علي برنامج جديد من اختراعه ، فارتايت ان بشرائي ذلك البرنامج وتطبيقه على كمبيوتراتي في مصنعي من شانه ان يرفع مبيعاتي ويحقق لي قيمه اكبر او العمل عندي كمبرمج ، لذلك اشتريت الاختراع وبدات بنسخه على كمبيوتراتي ، وحققت فائق قيمه عظيم بسبب شغل هذا المبرمج عندي او بسبب بيعه اختراعه لي كتاجر ، اذن ما مشكلة العمل الذهني في خلق القيمه ؟ حسنا لناخذ مثال اخر لتاجر ذهني لا يريد ان يدخل عملية الانتاج عندي وفي اليوم التالي اتاني محمود درويش وعرض علىّ ديوان شعرة ، فارتايت ان تسويد دفاتري البيضاء بشعر محمود درويش الجميل من شانه ان يرفع مبيعاتي ويحقق لي قيمه اكبر ، لذلك طلبت منه تسويد دفاتري مقابل مبلغ من المال ، لقد اشتريت تاليفه ودفعت له ، وخلقت قيمه اضافيه في سلعتي ، محمود درويش قبض ثمن تاليفه وكان تاجرا ولم يكن منتج ، انا من تضاعفت ارباحي وزاد فائض قيمتي في مصنع الدفاتر ، انا من ترجم اختراعه الى تحسين سلعتي .

ما دام الانتاج الذهني ركن مهم في تراكم راس المال سواء كان صاحب الانتاج الذهني ضمن علاقات الانتاج او خارجها ، اذن لماذا العمل الذهني غير منتج للقيمه؟ بعض الاقتصادين يقولون كيف تقيس الانتاج الذهني؟ طبعا لا يمكن قياسه بالساعات اذا كان يعمل لديّ ، او لم يكن يعمل لدي ، هو قام بعمل ضروري مجتمع وانا اجزلت العطاء له ، المهم ان الانتاج الذهني قاد الى خلق قيمه جديده ، لكن لا اعتبر صاحب الانتاج الذهني بروليتاريا باي شكل من الاشكال ، واياك ثم اياك ان تعتبره بروليتاريا ، لان البروليتاري هو فقط من يقوم بالعمل التالي : ينقل شيئا من العمل الميت و المختزَن في الالات والمواد إلى الشيء الذي يتوفر على انتاجه، مضيفا اليه، من عنده، وفي الوقت نفسه، قيمة جديدة، يحصل على جزء منها على شكل اجر، ويترك الباقي لربِ العمل على شكل ربح.