منصور الأتاسي وداعاً


عبدالرزاق دحنون
2019 / 12 / 6 - 21:38     

الرفيق منصور الأتاسي من اليساريين الذين طالما آمنوا بحرية واستقلال القرار السوري، ومن الشيوعيين الذين وقفوا إلى صف الثورة السورية، وقف بوضوح ضد أي تدخل خارجي في سوريا، وعمل على دعم خيار شعبه السوري باستقلاله وحريته من أي تدخل خارجي، منصور الأتاسي الأمين العام لحزب اليسار السوري الديمقراطي، يترجل عن ركابه اليوم 6/12/2019 بعد "وجع في القلب".

كان ضيفاً على راديو سوريالي وهذه مقتطفات من الحوار:

س: ما هو السبب الحقيقي لكسر الاتفاق الصادر في أيلول من العام الماضي، واستمرار الاقتتال بإدلب وريف حماة لمدة ثلاثة أشهر؟

عندما نتابع مسيرة النظام والروس منذ بداية الثورة وحتى الآن يتأكد بأن الحل المتبع لديهم هو الحل العسكري، أي قمع الثورة السورية عسكريا، وإخضاع الشعب السوري لسلطة نظام الأسد مرة أخرى، تعتبر الاتفاقات التي تمت هي اتفاقات (خفض التوتر) وقد جرت هذه الاتفاقات برعاية روسيا وإيران وتركيا وليس برعاية الأمم المتحدة، وكان من الواضح من هذه الاتفاقات أن روسيا وإيران هم من أهم الداعمين لنظام الأسد، لذلك ما نتج من خفض التوتر هو إعادة سيطرة النظام بإشراف روسي على مناطق المقاومة التي كانت قد لعبت دوراً إيجابياً في محاولة فرض الحل السياسي. وكل ما يجري يؤكد أن الهدف الرئيسي هو الهيمنة ثم فرض سياسة النظام على السوريين جميعا، بدون أي تبديلات سياسية لأن النظام يعي تماما بأن أي تبديلات في وضعه الحالي او دخول أي شكل من أشكال الديمقراطية على الحياة السياسية سيؤدي إلى إسقاط النظام. لذلك كان القمع من أهم أدواته واستخدم الجيش منذ بداية الثورة ما يزال مستمراً حتى يومنا الحالي.

س: هل تعتقد أن القرار بإعادة بدء المعارك كان قراراً روسياً؟ أم أن النظام قد ورّط روسيا بهذا الاقتتال بطريقة من الطرق؟

لم يعد للنظام السوري أي قدرة على اتخاذ القرارات وإنما هو منفذ للقرارات الخارجية، القرارات الروسية والإيرانية، لذلك فإن القرار كان روسياً بلا أي شك، كما إن التعبئة روسية أيضا. هذا القرار الذي ينفذ الآن هدفه الأول هو تأمين خط آمن بين دمشق وحلب وهدفه الثاني الدخول إلى مباحثات أستانة بوضع أفضل للنظام. وهذه الأهداف تنفذها روسيا مستخدمة النظام في العمليات الأرضية بقيادة روسية، بينما يستخدم الطيران الروسي بكثافة في مواقع القتال والتي تحوي المدنيين في كل المناطق. ولا أعتقد أن روسيا قد استشارت حتى النظام قبل إطلاق الحملة على إدلب ومحيطها، وإنما كان قراراً للتنفيذ، إن المسألة قد خرجت من يد النظام بشكل كامل، وبصراحة أكثر قد خرجت المسألة من أيدي السوريين عموماً. سوريا الآن هي أرض للصراع الدولي، لم يعد للسوريين دور في هذه المسألة. إن ممولي الجيشين الحر والنظامي هم الذين يقررون كيف يجب أن يعمل كلا الطرفين.

س: وقف كثير من الشيوعيين في صف الثورة، ولكن من الغريب أن كثيرا من القيادات الشيوعية التاريخية (المشهورة) وقفت ضد الثورة، إلى ماذا تعزي هذا الموضوع؟ وبحسب اطلاعك على مواقف الأحزاب اليسارية والشيوعية اليوم في الداخل السوري، ماهي مواقفهم من التدخل الروسي، عموماً ومن قضية إدلب خصوصاً؟

الشيوعيون في سوريا هم نوعان بعضهم مع الثورة والبعض الآخر والذي وصفتهم بال (القيادات) قد دخلوا في الجبهة الوطنية التقدمية ولم يستطيعوا أن يحققوا أهداف الجبهة الوطنية التقدمية ولم يستطيعوا أن يحققوا استقلاليتهم الذاتية، وارتضوا أن يكونوا تابعين لحزب البعث أو للنظام، فقدوا في البداية استقلاليتهم ثم فقدوا الدور الوظيفي بما يخص الحريات وتمثيل الكادحين ولم يعودوا قادرين سوى على التبعية وأصبحوا مرتبطين بالنظام وغير قادرين على الخروج من هذا الارتباط، لذلك فهم أصبحوا جزء من الحالة الإجرامية الموجودة في سوريا لأنهم صامتون ومؤيدون للعمليات الإجرامية التي يقوم بها النظام، وليس فقط في إدلب، وإنما حتى في محافظة حمص وريف دمشق ودوما وكل المناطق السورية التي دمرها النظام. أين هم اليساريون وأين القوى الشيوعية التي كانت تتكلم عن الشعوب، لقد فقدت هذه القوى دورها الوظيفي، وفي تاريخ الحركة الشيوعية نجد دائما ظواهر مشابهة وندعوهم بالشيوعيين الكلاسيكيين وهم من التيارات الانتهازية داخل الحركة الشيوعية. والحركة الانتهازية تعني أنهم يقدمون مصالحهم الشخصية على مصالح الشعب ومصالح الكادحين وعلى مستقبل سوريا ووحدتها. الآن سوريا ممزقة مليئة بالاحتلالات وهم يؤيدون هذه الاحتلالات، أصبحوا انتهازيين وفقدوا قسما كبيرا من وطنيتهم. وكوني كنت في هذه التنظيمات سابقاً، فأنا على اطّلاع تماما أن لا أحد منهم يبقى إلا لمصالح شخصية، لم يبقى داخل التنظيمات سوى الانتهازي فهم فقدوا تنظيمهم وفقدوا هويتهم وقدرتهم على الاستقلالية وفقدوا دورهم الوظيفي والوطني كحزب وأصبحوا تابعين صِغار.

س: هل تعتقد أنه ما يزال هناك ارتباط بين الأحزاب الشيوعية وأحزاب اليسار السورية مع روسيا بوتين؟

هؤلاء المرتبطون مع روسيا بوتين هم الأحزاب الشيوعية الانتهازية التي ذكرتها سابقا وهذا الارتباط ناجم عن ارتباط النظام وتبعيته لبوتين، وهؤلاء هم أتباع لبوتين، وفي المناسبة بوتين كنظام يختلف عن الاتحاد السوفيتي، بوتين هو عبارة عن مجموعة مافيات عملت انقلاب على الاتحاد السوفيتي، نهبت الاقتصاد السوفيتي، وأصبح نظاماً مافيوياً، أصبح جميعهم لصوصاً وقطاع طرق يسرقون وينهبون. لذلك روسيا تختلف عن الاتحاد السوفيتي والتابعين لروسيا الآن يختلفون عن الذين تبعوا سابقاً للاتحاد السوفيتي. إن هؤلاء تابعون لروسيا بوتين بسبب تبعيتهم للنظام وبسبب عدم قدرتهم بالقيام بأي فعل أي شيء آخر. أما القوى اليسارية الحقيقية في سوريا فهي تختلف تماما عن هذا، إن حزب اليسار الديمقراطي يعتبر الروس والإيرانيين محتلين لسوريا، ونرفض أي تدخل خارجي، ونعتبر أن النظام الروسي هو نظام مافيوي ويعمل على نهب الاقتصاد السوري، وأن الشركات التابعة لكبار المسؤولين الروس يريدون الآن أن يهيمنوا على الاقتصاد السوري، ويسيطرون على الغاز وعلى معمل السماد، إن تلك شركات مافيوية تريد أن تنهب الاقتصاد السوري وأن تفتك بالمجتمع السوري، وهؤلاء لا يمكن أن يكونوا لا وطنيين ولا أصدقاء للسورين وهم يحاولون الهيمنة على كل شيء، حتى على الأجواء السورية والآن على كل الاقتصاد السوري، يريدون نهب وامتصاص السوريين وليس لدعم سياستهم، بل لتأمين السيطرة على الاقتصاد السوري مقابل الاستمرار في دعم هذا النظام، ولا يمكن أن يغير الروس موقفهم من النظام. لأنه لا يمكن أن يأتي رجل وطني ويقبل بما يفعله الروس في سوريا، لذلك فهؤلاء ليسوا تابعين لروسيا وإنما هم عملاء للنظام و يعملوا بما يريد النظام، يسكتوا عن ما يفعله الروس وعن وجود مكتب للتنسيق بين إسرائيل والجيش الروسي.

يمكنكم أن تستمعوا للحوار كاملاً من خلال هذا الرابط:
https://soundcloud.com/souriali/223a