النقد العلمي المادي لتجربة 30 غشت - الجزء الرابع - نقد بيان حول طبيعة الثورة، الجبهة والحزب في خط منظمة - إلى الأمام - الثوري - نقد ما يسمى الطرح -الماوي- للثورة - 2


الأماميون الثوريون
2019 / 12 / 3 - 19:50     

ذهب ال"بيان"، في تحليله للصراعات الطبقية بالمغرب، والطريق الثوري، مذهب ما يسمى "الماوية"، التي يعتبرها أصحاب ال"بيان"، أعلى مستوى في الديالكتيك الماركسي، من أجل القول أن منظمة إلى الأمام من صلب "الماوية"، وأن مستقبل الثورة المغربية لا يخرج عن هذا النطاق.

في تحديد القوى المساهمة في الثورة، جاء في ال"بيان" ما يلي : "فتحالف البروليتاريا (القوة الأساسية) ـــــ الفلاحين الفقراء (القوة الرئيسية) بقيادة البروليتاريا عن طريق حزبها الثوري، هو القوة المحددة والمحركة لهذه الجبهة الثورية الشعبية، وهذه الأخيرة بدورها، هي القوة المحركة للثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، وهذا انطلاقا من طبيعة التناقضات المحركة لكل التشكيلة الاجتماعية، حيث التناقض الأساسي بين البروليتاريا والفلاحين الفقراء من جهة، والبنية الإمبريالو ــ كمبرادورية من جهة ثانية."، هنا يتم استعمال كلمتين، يسميهما أصحابنا "الماويين" إبداع في الديالكتيك : "الأساسي" و"الرئيسي"، للفصل بين قوتين متحالفتين في الحرب الوطنية الثورية، كما يدعون من خلال هذا النص.

وهم يتفقون مع الطرح اللينيني للثورة، فيما يسميه لينين "التحالف الحربي بين البروليتاريا والفلاحين"، فيما يسمونه "الجبهة الثورية الشعبية"، يغيرون الكلمات ويقولون أنهم يطورون الماركسية، ويقسمون هذا التحالف إلى "الأساسي" أي البروليتاريا، و"الرئيسي" أي الفلاحون الفقراء، ولكن لم يحددوا من هم هؤلاء الفلاحين الفقراء، فلينين تحدث عن الفلاحين المنتجين، أي أصحاء الأرض، أي الصغار والمتوسطين، ومعهم الفقراء بدون أرض، أي أشباه البروليتاريا، في هذا التحالف في مواجهة الكولاك، وليس الفقراء بدون أرض، أي العاملين في الأرض، وليس الملاكين الصغار، الذين يشكلون بعد انتصار الثورة، تحالفا اقتصاديا مع البروليتاريا، وأصحاء هذه ال"لبان"، لم يحددوا لنا موقع الفلاحين الصغار والمتوسطين في الثورة.

ويقسمون هذا التحالف، في عملية التجزيء، أي "الأساسي" و"الرئيسي"، ويقولون أنهم يطوروا الماركسية، ويقروا أن "الماوية" بهذا العمل تجاوزت اللينينية، ويعتقدون أن تطوير الماركسية يتم عبر إضافة كلمات ـ صفات، لما توصل إليه لينين، في تطويره للديالكتيك في علاقه بالبراكسيس، من التحالف الحربي إلى التحالف الاقتصادي، وهذا الأخير لم يحددوا لنا كيف يجب أن يكون، بين البروليتاريا والفلاحين الفقراء، وليس الفلاحين بما فيهم الفقراء.

ويقولون أن هناك قوة "رئيسية"، خارج هذا التحالف الذي يشكل مع هذا التحالف "جبهة"، وهذا هو الإبداع وتطوير الديالكتيك، كأن هذه القوة التي يتحدثون عنها : الطبقة الوسطى، لم يلاحظها لينين، ولم يتحدث عنها، إنه أسلوب التحريفية، التي تقوم بزيادة كلمات ـ صفات، لمفاهيم اللينينية، للقول بتطوير الماركسية، أي تطوير هذا يمكن أن يحدث عبر الكلمات ؟

ويقولون أن ذلك "هو محرك التناقض الرئيسي بين كل الطبقات المعادية موضوعيا للإمبريالية والكمبرادور والملاكين العقاريين الكبار من جهة، والتي تشكل الجبهة الثورية الشعبية صيغتها السياسية والتنظيمية، وبين البنية الإمبريالو ــ كمبرادورية من جهة ثانية."، أي تحليل ماركس هذا ؟

يتحدثون هنا عن " كل الطبقات المعادية موضوعيا ..."، لكن دون الكشف عما يسمونه، "كل الطبقات"، وأين توجد هذه الطبقات ؟ وأين يتجلى هذا "الرئيسي" ؟ وما موقعها في الإنتاج ؟ في الإقتصاد ؟

يبدو أن أصحاب هذا ال"بيان"، مازالوا يعتقدون أن المناضلين الماركسيين اللينينيين المغاربة، يجهلون معنى الطبقة التي تحدثت عنها الماركسية، التي حددت التشكل الطبقي، بعد فرز طبقتين، خلال تاريخ الصراع الطبقي، بعد إنجاز الثورة البرجوازية : البروليتاريا والبرجوازية، في النظام الرأسمالي، وما بينهما ليس إلا خليطا من الفئات، من بينها الفلاحون حلفاء البروليتاريا، الذين تكلم ال"بيان" عن جزء منهم فقط، والقول ب"كل الطبقات"، بصيغة الجمع، إنما هو جهل بأسس الماركسية، فما بالنا بالماركسية اللينينية.

تحدث لينين عن الطبقة الوسطى المثقفة، الأساتذة، الأطباء، المهندسون، التقنيون، التجار، المهنيين ...إلخ، ودورها في الثورة، وقال عنها أنها من مخلفات الرأسمالية، ولا يمكن اعتمادها في الحرب الثورية، إلا بقدر ما تقدمه للثورة من خدمات، تحت مراقبة البروليتاريا، أما اعتماد هذه الطبقة الوسطى، في إنجاز المهام الثورية، خاصة خلال الحرب الثورية، باستثناء الفلاحين، إنما يعتبر تحريفا للماركسية وليس تطويرا لها.

وبذلك نصنف "الماوية" في خانة التحريفية، حيث لا يمكن القول بحمل السلاح، والدعاية للحرب الثورية، حتى نصف أصاحبها بالثوريين، كما يفعل "الماويون"، في بعض المناطق في الهند مثلا، لما يتسلقوا الجبال رافعين الرايات الحمراء، ويقولون أنهم ثوريون، وفي أقصى الحالات يتحدثون عن قتل شرطيين أو ثلاثة، ويقولون أنهم ينجزون الثورة.

أما أصحاب هذا ال"بيان"، "الماويون" الجدد، فهم يتحدثون عن الثورة، خارج مشروع حمل السلاح، ويقولون أنهم يمارسون الديالكتيك في تحليل الواقع الموضوعي، وفعلا يمارسون الديالكتيك بدون براكسيس، أي أن أقوالهم تبقى حبرا على ورق، لكونها لا ترتكز على الديالكتيك الماركسي اللينيني، ولا يمكن تطبيقها في الواقع الموضوعي.

من أجل تقوية دعايتهم لطروحاتهم التحريفية، يقولون أن لينين يتحدث عن الثورة الاشتراكية، و ماو يتحدث عن الثورة ما قبل الاشتراكية، أي في البلدان شبه المستعمر، المضطهدة كما سماها لينين، وذلك من صلب التحريفية، حيث يأخذون من لينين ما طاب لهم، ويتجاهلون ما لا يعجبهم.

فقولهم بما سموه "البروليتاريا القوة الأساسية" و"الفلاحون الفقراء القوة الرئيسية"، إنما هو قول من صلب اللينينية مع بطر مفهوم الفلاحين، وإضافة كلمتين، وليس مفهوما جديدا، لكن أصحاب ال"بيان"، لم يحددوا بالضبط مستوى هذا التحالف، بينما لينين قام بتفصيله، في عملية الثورة، ليس في روسيا فقط الرأسمالية، كما يدعي "الماويون"، لكن أثناء الحرب الثورية، أي ضد الحرب الإمبريالية، التي يقوم "الماويون" بجزيئها، وهي كل لا يتجزأ، وبعد نجاح الثورة فيما سماه : التحالف الحربي والتحالف الاقتصادي، بين البروليتاريا والفلاحين.

وأصحاب ال"بيان"، لم يتحدثون عن الشق الثاني، ويتحدثون عن قيادة البروليتاريا للثورة "عن طريق حزبها الثوري"، معتقدين أنه يكفيهم القول بالحزب الثوري، حتى يصبحون ثوريون، جاهلين أن التنظير للثورة خارج وجود الحزب الثوري، الحزب الماركسي ـ اللينيني، ممارسة للديالكتيك المثالي، وترفا فكريا في أوساط البرجوازية الصغيرة.

هذه المهمة الأساسية، بناء الحزب الماركسي ـ اللينيني المغربي، التي أرهقت الحركة الماركسية ـ اللينينية المغربية، منذ 50 سنة مضت، وأصحاب ال"بيان" يتجاهلون هذه المسألة الأساسية، في أي صراع ثوري، ويؤجلونها إلى حين اندلاع الحرب الوطنية الثورية، فلينين أسس الحزب الثوري أولا، قبل الحديث عن شروط الثورة، وشارك في جميع الثورات البرجوازية، بقيادة البروليتاريا، قبل إنجاز الثورة الاشتراكية، بعد يحق القوى الرجعية خلال الحرب الأهلية، وهكذا ألف بين الديالكتيك والبراكسيس، إذ لا يمكن تحديث هذه الشروط، خارج البراكسيس، ولما تحدث عن التحالف الحربي بين البروليتاريا والفلاحين، ليس من أجل إنجاز الثورية الاشتراكية فورا، إنما من أجل القضاء على البرجوازية المحلية والملاكين العقاريين في تحالفهم الحربي مع الإمبريالية.

ف"الماويون" يمارسون الديالكتيك خارج البراكسيس، وبذلك يقعون في تحريف الديالكتيك، ويعتقدون أن الماركسيين اللينينيين سيذهبون مذهبهم، الذي يدعي أن اللينينية هي تنظير للثورة الاشتراكية، و"الماوية" تنظير للثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، ذلك ما نجده في قولهم : "فالمرحلة التاريخية الراهنة هي مرحلة حل هذا التناقض الرئيسي عن طريق الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، لسحق السلطة الكمبرادورية والملاكين العقاريين الكبار ووكلاء الإمبريالية وتحقيق الاستقلال الوطني، على طريق حل التناقض الأساسي، الكامن في التناقض الرئيسي، بواسطة الثورة الاشتراكية لتحطيم البرجوازية، وأن الرابط بين سيرورتي الثورتين الديمقراطية والاشتراكية، هو قيادة البروليتاريا، في تحالفها مع الفلاحين الفقراء، بواسطة حزبها الثوري، للسيرورتين الثوريتين معا."، بهذا الخليط من الكلام، يعتقدون أنهم يمارسون أعلى مستوى من الديالكتيك الماركسي، أي ما فوق اللينينية ؟

وبذلك، يعتقدون أن لينين لما واجه الانتهازية ومعها الإمبريالي، في حرب ثورية دامت أربع سنوات، الحرب الأهلية، كان يقوم ببناء الاشتراكية، ويريدون من الماركسيين اللينينيين أن يعتقدوا بذلك، وقد تحدثنا في مقالات سابقة عن أخطاء ماو، التي يسموها تطوير للماركسية وليس اللينينية، وذلك بالخلط بين العام والخاص، والعلاقة الجدلية بينهما، أي في العام خاص، وفي الخاص عام، ويريدون الفصل بينهما، فيما يسمونه، "الأساسي" و"الرئيسي"، في القول ب"فالمرحلة التاريخية الراهنة هي مرحلة حل هذا التناقض الرئيسي"، أي الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، وهي حسب منظورهم التحريفي، ثورة سريالية يتناولونها عبر الفكر المجرد، وعبرها سيتم تحرير البلاد، بسحق ما يسمونه "السلطة الكمبرادورية والملاكين العقاريين الكبار ووكلاء الإمبريالية وتحقيق الاستقلال الوطني"، كأن هذه العملية تتم في منطقة معزولة.

ويتحدثون عن "الجبهة الثورية الشعبية"، كأن الشعب وحدة مطلقة، ويتجاهلون أن من يحمل السلاح ضد هذ "الجبهة"، هم من صلب مكونات هذه الجبهة، وليس من يسمونهم " الكمبرادورية والملاكين العقاريين الكبار ووكلاء الإمبريالية"، أي أن هناك حربا أهلية، كما سماها لينين، وليست حربا شعبية كما يسميها "الماويون"، لأن الشعب ليس وحدة منسجمة، وحتى البروليتاريا ستنقسم آنذاك، حيث لا يوجد الحزب الثوري أصلا، ولا يمكن للحزب الثوري إن وجد أن ينظم الطبقة العاملة جميعها، وهذا ما يقوله الديالكتيك الماركسي، ولينين لما سماها حربا أهلية، ليس من باب الخطأ، أو من باب الجهل بالماركسية، إنما يسمي "الماويون" الحرب الوطنية الديمقراطية الشعبية، هو تحريف لما سماه لينين الحرب الوطنية الثورية.

والفكر التجزيئي لدى أصحاب ال"بيان"، وعند "الماويين" عامة، يقودهم إلى القول بالبدء بالخاص، لإنهاء العملية في العام، أولا طرد المستعمر عبر سحق الأعداء بالداخل، تم الشروع في البناء الاشتراكي، كأن لينين لم يقم بنفس العملية الثورية، التي يتحدثون عنها، التي استخلص منها، ما يريدون تسميته بتطوير الماركسية، وفعلا يطورونها نحو الخلف، حيث تناولوا فقط نصف استنتاج لينين حول الثورة الاشتراكية، وهي عملية عامة لا يمكن فصلها، إنما طبعا، تتم عبر مرحلتين متتاليتين، لا انفصل بينهما، وهنا يكمن الخلط لدى "الماويين"، حيث يمارسون الديالكتيك بدون براكسيس.

المسألة ليست في التسمية، إنما تكمن المسألة، في الفصل بين اللينينية والتحريفية، وحتى لا نقع في أية شائبة، نتحدث، كما وضعها لينين، عن الحرب الوطنية الثورية، وليس عن نوع الدولة، لينين لم يحدد نوع الدولة، لأن الدولة فصلت الماركسية في تحديد مهامها، في جملة واحدة : قهر طبقة لباقي الطبقات.

الدولة ليست هدفا حسب الماركسية، إنما هي وسيلة، للمرور من الرأسمالية إلى الشيوعية، أي الدولة الاشتراكية، وحسب طرح أصحاب ال"بيان"، طرح منظمة إلى الأمام، حسب زعمهم، لابد لنا من الدولة الوطنية الديمقراطية الشعبية، ويتحدثون عن "الديمقراطية الشعبية"، وغيرها من المصطلحات المقرون ب"الشعبية"، كأن هذه الصفة، ذات بعد طبقي، بينما لينين تحدث، ومن صلب الماركسية، عن الديمقراطية البروليتارية ضد الديمقراطية البرجوازية.

إنما يواجه الحركة الماركسية ـ اللينينية، هو بناء الفكر الماركسي اللينيني، أولا قبل كل شيء، أي الوضوح الأيديولوجي، والوضوح لا يعني الاتفاق، أو التوافق، إنما بناء الفهم الماركسي اللينيني للحركة، في الطبيعة والمجتمع، عبر الديالكتيك الماركسي في علاقته بالبراكسيس، فلا يمكن بناء الحزب الماركسي ـ اللينيني، من مخلفات البرجوازية الصغيرة والتحريفية، كما لا يمكن إنجاز الثورة بدون الحرب الوطنية الثورية، وهاتان العمليتان : البناء الحزبي والإنجاز الثوري، يتطلبان الفهم الحقيقي، لتطور الأساس الاقتصادي للصراعات الطبقية بمغرب اليوم، وال"بيان" قيد الدرس والنقد، لا يعدو أن يكون إلا اجترار، لكلام ما بعد استشهاد الشهيد عبد اللطيف زروال في نونبر 1974، وهو كلام يركز التحريفية "الماوية"، التي اعتبرها أصحاب هذا ال"بيان"، عزاء لهم منذ 1976، بعد محاولتهم تطوير تصورات منظمة إلى الأمام، لكن من مخلفات "الماوية" التحريفية.