النقد العلمي المادي لتجربة 30 غشت - الجزء الثالث، ورقة : المرحلوية أو النيومنشفية - إشارات حول أحد المظاهر الأساسية للفكر اليميني في الحركة الماركسية - اللينينية المغربية - 1


الأماميون الثوريون
2019 / 10 / 23 - 22:03     

استهل أصحاب هذه الوثيقة ورقتهم هذه بما سموه "طرح المسألة" في تقديم لما سموه المظاهر الأساسي للفكر اليميني في الحركة الماركسية ـ اللينينية المغرب، من خلال نقدهم لما سموه "مجموعة اليمين المستحوذة على قيادة منظمة 23 مارس"، متناولين مفهوم المعرفة معيارا لنقد مواقف هذه المجموعة حول الثورة بالمغرب في علاقتها بقضية الصحراء الغربية، وحددوا الإطار المعرفي للورقة فيما سموه "أطروحة ماركس الثالثة حول فيورباخ التي طورها ماو في "في الممارسة"، مما يعني أنها تجاوزت أطروحات لينين حول المعرفة والديالكتيك الماركسي إلى أطروحات ماو تسي تونغ.

تناولت الورقة ما سموه "النخبوية" و"المرحلوية" اللتين يتسم بها فكر هذه المجموعة التي لا تعترف ب"النخبوية" شكلا إلا أن "المرحلوية أكثر مكرا، في هذا. كما يظهر، فهذه المجموعة اليمينية تبقى مطابقة لما تتميز به الانتهازية، كما أكد عليها لينين، أي لا تظهر أبدا بوجها المكشوف" كما جاء في الورقة.

بالنسبة لهم فهذه المجموعة انتهازية، وهنا التجأوا إلى لينين للاستشهاد به عن صحة صفتها الانتهازية، وفي سياق نقدهم ل"المرحلوية" تضيف الورقة أنه "يمكن أن توضح انطلاقا من مواقف متعددة لهذه المجموعة، وبالأخص، انطلاقا من ملاحظات باريسية حول الصحراء"، من مضمون الوثيقة التي أرسلتها قيادة منظمة 23 مارس بالخارج إلى سجن غبيلة، حسب إشارة الكاتب، تتجلى "المرحلوية" في تصورهم للثورة المغربية، التي يجب أن تتسم بالتبعية للأحزاب الاصلاحية حتى في قضية الصحراء رغم أنها لم توضح الوثيقة هذا التصور، وتجلى ذلك في المنطلقات الأيديولوجية لهذه المجموعة التي تستند إلى منظمة العمل الشيوعي بلبنان والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، التي أدت إلى الإفلاس الأيديولوجية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين...

وخلصت الورقة إلى وجوب محاربة اليمين داخل الحركة الماركسية ـ اللينينية بلا هوادة وذلك عبر التمسك ب: تعاليم لينين حول "القيادة البروليتاريا في الثورة الديمقراطية البرجوازية، وتعاليم ماو حول "القيادة البروليتاريا في الثورة الديمقراطية الشعبية"، وتعاليم الثورة الوطنية الديمقراطية الفييتنامية، دون أن توضح أسس هذه التعاليم ولا كيف يمكن دمجها والتناقضات بينها أو مستويات تكاملها.

من أجل وضع أسس تصورهم للثورة المغربية يأتي الجزء الثاني لتناول ما سمته الورقة "بعض الأسس النظرية للمادية الجدلية : التناقض والحركة"

تناولت الوثيقة مسألة الشيء، الجوهر والظواهر بشكل مبسط في مستوى ابتدائي تعليمي للمفاهيم ودلالاتها الفلسفية عبارة عن درس للمبتدئين في تعلم تعاليم الفلسفة الماركسية، من أجل إقناعنا أن المعلم الكبير في الديالكتيك هو ماو تسي تونغ كما جاء في الورقة : من الديالكتيكي الأول الفيلسوف الإغريقي "هيراكليت" مرورا بأطروحة دكتوره ماركس حول هذا الفيلسوف وصولا إلى المعلم الكبير ماو، في إشارة عابرة لقولة لينين التي اعتمدها "المعلم الكبير ماو" في تطويره للديالكتيك "الجدلية هي دراسة التناقض في جوهر الأشياء نفسها"، كل ذلك من أجل تجاوز أعمال لينين الفلسفية حول تطوير الديالكتيك الماركسي على مستوى المعرفة، وبناء المفهوم الماركسي اللينيني للثورة، من طرف أصحاب هذه الورقة والذين يتبنون هذا الطرح بعدهم اليوم، حتى يقصروا المسافات عن طريق الثورة المغربية للانتصار المحتوم في شكل الثورة الديمقراطية الشعبية بقيادة البروليتاريا.

وفي عبث فكري حاولت الورقة تناول الظواهر في منظور العلوم الطبيعية على شكل دروس ابتدائية للمتعلمين بالثانويات الاعدادية، في محاولة لفهمها فلسفيا واستعارتها لفهم الحركة الاجتماعية وتناقضاتها، بشكل فج لا يمت بصل بالديالكتيك الماركسي الذي طوره لينين على مستوى المعرفة من خلال نقده لعلماء العلوم الطبيعية وخاصة منهم الفيزيائيين في كتابه المادية والمذهب النقدي التجريبي، وأمثلة كثيرة واردة في الورقة :

المد التأثيري بين الكهرباء والميغناطيس. جريان الماء في النهر إلى البحر. سيرورة تطور الأنواع، تطور الجنين الحيواني عند غاستون مايير ؟ تطور الإنسان عند ماركس في مقولة واحدة "التركيب العضوي للإنسان هو مفتاح التركيب العضوي للقرد"، تغييب دراسة داروين التي تتطلب العلم المادي ... إلخ، كل هذه الأمثل وغير تم سردها في محاولة لفهمها فلسفيا ديالكتيكيا بفهم تناقضاتها الداخلية والخارجية واستعارتها من أجل فهم التناقضات في المجتمع وبناء مفهوم الثورة بالمغرب، من أجل الإقرار أطروحات ماو تسي تونغ التبسيطية.

إن تغييب أعمال لينين الفلسفية في هذه الورقة لا يمكن اعتباره إلا تطفلا على الفلسفة المادية والديالكتيك الماركسي واستهتارا بعلم نقل قوانين المادة من الطبيعة إلى المجتمع : الماركسية، وفي تغييبها إلا في إشارة عابرة لقولة بسيطة في الجزء الأخير من كتابه "دفاتر فلسفية" : حول الديالكتيك، وفقط في من طرف المترجم الذي أشار إلى مصدر هذا الجزء لإنقاذ ماء وجه أصحاب الورقة، دون الاستشهاد بمضامين أطروحة لينين العبقرية "حول الديالكتيك"، باعتبارها خلاصة لدراسته الفلسفية في كتابه "دفاتر فلسفية"، التي تناول فيها نقد المادية انطلاقا من أعمال الفيلسوف الفينيقي المقيم بأثينا المادي زينون مرورا بكانظ اللاعرفاني وصولا إلى هيغل المادي المثالي، ليصيغ خلاصته التي سماها : "حول الديالكتيك"، وهي عبارة عن البناء العلمي المادي لمفهوم التناقض في جميع مستويات تفاعلاته داخليا وخارجيا في تكامل تام مع مفهوم النفي ونفي النفي في سيرورة وصيرورة الصراع المادي للحركة عبر تراكماته الكمية وتحولاته الكيفية، تغييب هذه الخلاصة التي اعتمد فيها ماو تسي تونغ جزءا بسيطا منها لوضع كتابة "في التناقض" الذي يمكن اعتباره كتابا تعليميا لدى المتعلمين المبتدئين في تعليم الديالكتيك الماركسي، واتخاذ أصحاب هذه الورقة أفكار ماو تسي تونغ البسيطة والتبسيطية فيما يسمى "في التناقض" يطرح السؤال التالي :

هل ذلك ناتج عن محاولة تغييب الديالكتيك الماركسي عند لينين في ضياغة طريق الثورة ؟ أم هو عجز عن استيعاب مستوى الفكر الفلسفي الديالكتيكي المادي لدى لينين ؟

إن التخبط الفكري الذي وقع فيه أصحاب هذه الورقة إنما يدل على عجزهم الفكري والنظري وعدم القدرة عن الرد الحاسم على هجوم النظام الملكي الدموي على قيادة منظمة إلى الأمام وما يهدد كيانها من فكر انتهازي ليس فقط من طرف منظمة 23 مارس بل كذلك من داخل المنظمة، خاصة بعد استشهاد الشهيد عيد اللطيف زروال الذي أحدث شرخا واضحا في المنظمة وفراغا نظريا بعد 14 نونبر 1974 تاريخ استشهاده، الذي أعطى للمنظمة خلال حياته بعدا ثوريا أدق وأشمل سرعان ما بدأ يتراجع شيئا فشيئا بعد استشهاده، وهو المنظر الحقيقي للخط الثوري للمنظمة وباعتراف أحد مؤسسي المنظمة الذي اعتبر الشهيد زروال معلمه في تقدمه لنقده الذاتي عن ممارساته البرجوازية حيث أقر أنه ليس إلا بورجوازيا صغيرا لم يستطع أن يتخلص من ممارساته البرجوازية أمام الممارسة البروليتارية للشهيد زروال، وهو أبراهام السرفاتي الذي قاد مسلسلة التراجعات وبناء الخط التحريفي.

إن إصدار هذه الوثيقة في شكلها ومضمونها يوضح بالملموس العبث الفكري والعجز النظري لدى أصحابها الذين حاولوا إيجاد طريق الثورة المغربية من خلال نقد "الإطاروية" و"المرحلوية" في منظمة 23 مارس دون القدرة على التخلص من "الإطاروية" و"الذاتوية"، اللتان أسقطتهم في انتقاء ما يمكن انتقاؤه في الفكر الماركسي كما يشاؤون ويعتقدون دون الإلمام بأعمال لينين، فلم يجدوا إلا فكر ماو تسي تونغ البسيط لاتخاذه لبناء نظريتهم الجديدة حول الثورة بالمغرب، رغم أنهم أشاروا إلى منظور لينين لكن بشكل مشوه سنرجع إليه فيما بعد، وإلى منظور هو شي منه بشكل مشوه سنرجع إليه فيما بعد، وتشبثوا بالتجربة الثورية الصينية رغم سقوطها مع موت ماو تسي تونغ مباشرة قبل كتابة هذه الورقة.