قتل الأكراد و القتال من أجل - المصالح الأمريكيّة - ، و المصالح الإنسانيّة


شادي الشماوي
2019 / 10 / 16 - 23:42     

جريدة " الثورة " عدد 616 ، بتاريخ 14 أكتوبر 2019
https://revcom.us/a/616/the-slaughter-of-the-kurds-en.html

مع نهاية الأسبوع الفارط ، سحب دونالد ترامب الجنود الأمريكيين من منطقة كردستان سوريا . (1) و كان ذلك بمثابة ضوء أخضر لتركيا لتعبر الحدود و تهاجم المليشيات التي يقودها الأكراد و المسيطرة على المنطقة ، قوّات سوريا الديمقراطية . وهذه القوّات قد سبق لها التحالف مع الولايات المتحدة لمحاربة القوّة الرجعيّة الأصوليّة الإسلاميّة ، داعش.
ولقيامه بذلك ، تعرّض ترامب إلى هجمات سياسيّة ليس من جهة الديمقراطيّين و قطاعات من الجيش الأمريكي و وكالات المخابرات فحسب بل أيضا من بعض الحلفاء الآخرين الذين يعوّل عليهم الجمهوريّون الفاشيّون .
و بصدد هذا ، نحتاج أن نسوق أربعة ملاحظات :
أوّلا ، سيؤدّى هذا الغزو التركي إلى قتل فظي و سيضاعف أضعافا عذابات الذين لم يقع قتلهم . و عند هذه النقطة ، السؤال الوحيد المثار هو إلى أي مدى سيكون ذلك سيّئا .
ثانيا ، بإهتمام قليل لحياة أفراد الشعب الكردي ، لأولئك داخل الولايات المتحدة من الطبقة الحاكمة الذين وجّهوا نقدا لترامب بسبب ذلك إمّا أنّهم إلى درجة كبيرة فعلوا ذلك بمعن ما هو الأفضل " للأمن القومي للولايات المتحدة " و إمّا وجّهوا نداء ضيّق عفن لحماية حياة الأمريكيين ( " بذل هؤلاء المقاتلين الأكراد دمهم لحماية الأمريكيين من الهجمات الإرهابيّة من قبل داعش ، لذا ينبغي أن ندعمهم ليواصلوا القيام بذلك " )(2). و يدافع ترامب عن هذه التحرّكات بالمعنى نفسه .
و تحجب هذه الجمل واقع أنّ نظام هيمنة إمبرياليّة على الغالبيّة الغالبة من شعوب العالم و أممه ، و التنافس الإمبريالي على من سيكون على راس الكلاب. لقد قتل جيس الولايات المتّحدة ما يناهز عشرة ملايين إنسان منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية دفاعا عن ذلك النظام – نظام يسحق حياة مليارات البشر عبر العالم في سره اليومي و يتسبّب في موت غير ضروري لملايين الأطفال سنويّا جرّاء أمراض يمكن الوقاية منها .
ثالثا ، ليست هذه هي المرّة الولى التي حاولت فيها قوى كسبت قيادة نضال الشعب الكردي أن تتحالف مع قوى عظمى بدلا عن مضطهديها المباشرين – على غرار الولايات المتحدة – لكسب شكل من الحكم الذاتي القومي . و في كلّ مرّة أدّى ذلك إلى خيانة . و يبيّن التاريخ ما يحدث عندما لا تقاد الجماهير الشعبيّة إلى تمييز مصالحها عن مصالح الإمبرياليّين الذين وعدوهم بالإنعتاق لكن كافأوهم بالخيانة و إستمرار الإضطهاد .
رابعا ، تحدث تحرّكات ترامب و تركيا هذه في إطار التغيّرات الكبرى في الشرق الأوسط . فالتنافس يشتدّ بين القوى العظمى من أجل الهيمنة على جزء حيويّ إستراتيجيّا من العالم ، حتّى فيما تبحث القوى بالمنطقة كتركيا و إيران عن توسيع مجال تأثيرها و تبحث عن المنافسة في هذا الخليط . و الإختلافات و الإنقسامات في صفوف الطبقة الحاكمة حادة حقّا حول كيف يتمّ توسيع و الحفاظ على هيمنة الولايات المتحدّة و هذا ما يعنونه بمصالح " الأمن القومي " للولايات المتحدة – المصالح القوميّة للإمبرياليين الأمريكان .
و بالنظر إلى الإنقسامات ذات الدلالة في صفوف الحكّام و تعمّقها ، من المهمّ بالنسبة إلى كافة المنشغلين بمصير الإنسانيّة و بخطر الفاشيّة ، العودة إلى التوجّه الحيوي الذي يصدر على هذا الموقع كلّ أسبوع ، موقع جريدة " الثورة " :
يسعى الديمقراطيّون ، إلى جانب جريد النيويورك تايمز و الواشنطن بوست إلخ إلى معالجة الأزمة مع رئاسة ترامب في إطار هذا النظام ، و في مصلحة الطبقة الحاكمة لهذا النظام الذى يمثّلونه . و نحن ، الجماهير الشعبيّة ، يجب أن نتقدّم و نحشد الملايين لمعالجة هذا في مصلحتنا ، في مصلحة الإنسانيّة المختلفة جوهريّا و المتعارضة مع مصالح الطبقة الحاكمة .
و بطبيعة الحال ن لا يعنى هذا أنّ الصراع صلب القوى السائدة لا علاقة له بالموضوع أو لا أهمّية له ، بالأحرى ، لفهم هذا و مقاربته ( و هذه نقطة يجب كذلك التأكيد عليها بصورة متكرّرة ، بما في ذلك عبر الصراع الضروري ، مخاض على أفضل وجه ) هي بمعنى كيف يرتبط و ما هي الإنفتاحات التي يمكن أن يوفّرها ل " الصراع من تحت " – من أجل تعبأة الجماهير الشعبيّة حول مطلب ضرورة رحيل النظام برمّته ، بسبب طبيعته و أعماله الفاشيّة و الرهانات التي يضعها أمام الإنسانيّة.
و لمزيد الإستشهاد ببوب أفاكيان الذى أشار إلى هتين الفقرتين في مقدّمته الجديدة ل " الفكر الفردي و هراء الانتخابات البرجوازية و وهم " التقدّم بلا ألم " " و كتب : " بوضوح لرحيل ليس ترامب فحسب بل كذلك نائب الرئيس المسيحي الفاشي بانس ، و بالفعل كامل هذا النظام الفاشي ، أهمّية إستعجاليّة . لكن هذا لن يخدم المصالح الجوهريّة للجماهير الشعبيّة – ليس فقط في هذه البلاد بل في العالم ككلّ – إلاّ إذا توصّلنا إلى ذلك ليس على أساس حصر الأشياء في إطار و عبر المضيّ بعيدا في " المصالح القوميّة " للإمبراطوريّة الأمريكيّة الإضطهاديّة بشناعة ،و إنّما على أساس تعبأة معارضة جماهيريّة لنظام ترامب / بانس الفاشي الذى هو ثمرة هذا النظام و قد صع إلى السلطة عبر " سيره العادي " وهو تعبير متطرّف عنه و إن كان نوعا ما " غريبا " . "
---------------
1- الشعب الكردي من الأقلّيات القوميّة المضطهدة بمرارة وهو موزذع بين تركيا و سوريا و إيران و العراق ، و يمثّل المجموعة الأساسيّة في هذه المنطقة من سوريا .
2- لقد قدّم المسيحيّون الفاشيّون هذا على أنّه مسألة دفاع عن الحرّية الدينيّة ضد القوات الأصوليّة الإسلاميّة السُنّية كداعش. و يريد المسيحيّون الفاشيّون الذين هم الآن في السلطة مع نظام ترامب / بانس أن يمأسسوا شكلا أصوليّا فاشيّا من حكم المجتمع . إنّهم يرتؤون و يصوّرون هذه النظرة المسيحيّة الفاشيّة على أنّها محاصرة و مجبرة على شنّ حرب مقدّسة من أجل الهيمنة و يعيدون إخراج النزاعات الراهنة في المجتمع ضمن هذا الإطار.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++