القطاع العام، والقطاع الخاص: أية علاقة؟.....4


محمد الحنفي
2019 / 10 / 15 - 22:26     


العلاقة بين القطاع العام والقطاع الخاص:.....1

في الصفحات السابقة حاولنا أن نقف بعض مظاهر العلاقة بين القطاع العام والقطاع الخاص، وكأننا نتعمق فيها، ودون أن نجيب على الأسئلة المطروحة حول هذه العلاقة، التي تتناول جميع الجوانب، بما فيها العلاقة الجدلية، والعلاقة العضوية، والعلاقة التبعية... إلخ؛ لأن تناول هذه الأشكال من العلاقة، يقودنا إلى العمق، ويجعلنا نقف على حقئق الأمور، في العلاقة بين القطاع العام، والقطاع الخاص.

فالعلاقة الجدلية، تقتضي قيام تفاعل معين، بين القطاع الخاص، والقطاع العام، أو العكس، بحيث يصير القطاع الخاص، متأثرا، ومؤثرا في القطاع العام، كما يصير القطاع العام، متأثرا، ومؤثرا في القطاع الخاص، كنتيجة للتفاعل بينهما، الذي يقود إلى النمو المتوازي بين القطاع الخاص، والقطاع العام.

وإن ما يجب أن نستحضره عندنا، أننا في دولة رأسمالية تبعية، لا ديمقراطية، ولا شعبية، تعتمد اختيارات تتناسب مع طبيعتها، مما يجعل جميع مخططاتها، محكومة بما تقتضيه تلك الاختيارات، التي تفرض تعميق الاستبداد، والاستغلال، والاستعباد، مما يجعل نضال الشعب المغربي، يهدف إلى التحرر من العبودية، وإلى تحقيق الديمقراطية، وإلى تحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، سعيا إلى تمكين جميع أفراد المجتمع، من حقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمدنية، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

أما العلاقة الجدلية القائمة بين القطاع العام، والقطاع الخاص فلا يتم التفكير فيها، إلا أن هذه العلاقة في ظل الواقع القائم: إما أنها غير قائمة أصلا، وإما أنها تقوم لصالح القطاع الخاص، على حساب القطاع العام، الذي يعرف تراجعا خطيرا لصالح القطاع الخاص، خاصة، وأن مسئولي الدولة، هم مجرد عصابة، لا يهمها إلا نهب الثروات، ثم نهب الجيوب، ونهب الصناديق السوداء، والبيضاء، على حد سواء، وصولا إلى خوصصة مؤسسات القطاع العام، التي قد يشتريها الريعيون، مما تكدس لديهم من ثروات امتيازات الريع، التي هي أموال الشعب المغربي، تم تفويتها عن طريق منح امتيازات الريع، إلى فلان، أو علان، مما يجعل مستقبل هذا الشعب، في خبر كان.

وفي مثل حالتنا، فإنه يصعب القول بأن العلاقة القائمة بين القطاع الخاص، والقطاع العام، هي علاقة متفاعلة، وإذا وجدت فإنها تكون شيئا آخر، لا علاقة له بالجدلية.

وإذا كانت العلاقة القائمة بين القطاع الخاص، والقطاع العام، غير جدلية:

فهل يصح أن تصير العلاقة عضوية؟

إن العلاقة القائمة بين القطاع الخاص، والقطاع العام، إذا انتفت منها الجدلية، فإنه يصعب أن تتحول إلى العلاقة العضوية، التي تقتضي أن يصير المتفاعلان في الكل، وفي الأجزاء، مهما كانت دقيقة. فإذا وقفنا في مناقشتنا للعلاقة الجدلية القائمة بين القطاع العام، والقطاع الخاص، أو العكس، فإننا قد وجدنا أن هذه العلاقة لا تكتسي طابع التفاعل، بين القطاع العام، والقطاع الخاص، بقدر ما تكتسي: إما طابع التنافي فيما بينهما ،نظرا لاختفاء الخصوصية، أو طابع احتواء القطاع الخاص للقطاع العام، بحكم السياسة اللا ديمقراطية، واللا شعبية، وبفعل الاختيارات القائمة، التي تقتضي خوصصة القطاع العام، بمؤسساته المختلفة، سواء كلنت صحية، أو تعليمية، أو أي شيء آخر.

وبناء عليه، فإن القطاع العام، عندما يصير مهددا بالخوصصة، فإنه يمكن أن نقول، وانطلاقا من انتفاء العلاقة الجدلية بين القطاع العام، والقطاع الخاص، بأن العلاقة بينهما، لا يمكن أن تصير عضوية، ولا يمكن أن يتحول فيها القطاع العام، إلى جزء لا يتجزأ من القطاع الخاص، كما لا يمكن أن يتحول القطاع الخاص، إلى جزء لا يتجزأ من القطاع العام، نظرا لحالة التنافي القائمة بينهما، ونظرا للاختيارات المتبعة الهادفة إلى خوصصة القطاع العام.

ولذلك، لا يمكن الحديث عن العلاقة العضوية، بين القطاع العام، والقطاع الخاص؛ لأن أصل رأسمال القطاع الخاص، هو الفساد، ولأن موطن الفساد، هو القطاع العام. والقطاع الخاص، بحكم فساده الأصلي، لا يحترم حقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. أما القطاع العام الفاسد، فإنه قائم على أساس إهدار الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمدنية.

وإذا كان القطاع الخاص، بهضمه لكافة الحقوق، يخدم النماء الرأسمالي، في بعديه: المحلي، والعالمي، فإن القطاع العام، بفساده، لا يخدم إلا جيوب الفاسدين، المشرفين عليه، ويلحق الكثير من الأضرار بالعاملين فيه، ممن لا يد لهم فيما يجري فيه، كما يلحق الكثير من الأضرار، بكل المواطنات، والمواطنين، وعلى المستوى الوطني. وهو ما يترتب عنه استحالة قيام العلاقة العضوية بين القطاع العام، والقطاع الخاص.

وإذا كانت العلاقة القائمة بين القطاع العام، والقطاع الخاص، ليست جدلية، ولا يمكن أن تكون عضوية:

فهل هي علاقة تبعية؟

وهل القطاع الخاص، هو الذي يتبع القطاع العام؟

أم أن القطاع العام، هو الذي يتبه القطاع الخاص؟

إننا، ونحن نناقش العلاقة بين القطاع العام، والقطاع الخاص، يجب أن نستحضر في أذهاننا: أن الجهة القوية، هي التي يجب أن تكون متبوعة، لأنها مهيمنة بقوتها، كما هو الشأن بالنسبة لأمريكا، التي تتبعها كل الدول الرأسمالية المستضعفة، الغارقة في ديون الصناديق الدولية، والأبناك الدولية، والجهوية، والقارية، وغيرها، مما يمكن اعتباره في ملك الرأسمالية العالمية، التي تتزعمها الدولة الرأسمالية العظمى: الولايات المتحدة الأمريكية.

وبالنسبة لحالتنا:

هل القطاع العام هو القوي؟

وهل القطاع الخاص هو الضعيف؟

أم أن العكس هو الصحيح؟

إن ما نعرفه، ويعرفه معنا الخاص، والعام، أن الدولة المغربية عملت عل خلق الإقطاع، بمفهومه الحديث، وسعت، مع مرور الأيام، إلى تحويل ذلك الإقطاع إلى بورجوازية، كما سعت إلى خلق بورجوازية مدينية، صناعية، وتجارية، وعقارية، وزراعية، تغمض عينيها عن الغش، الذي تمارسه في إنتاج البضائع الاستهلاكية، والذي يقف وراء النهب الممنهج، الذي يقف وراءه إغماض العينين، عما يجري من فساد في الإدارة العمومية، والإدارات الجماعية الترابية، وفي القطاعات شبه العمومية. ذلك الفساد الذي وقف وراء نمو سرطاني للبورجوازيات المغربية، والإقطاع المغربي، وللتحالف البورجوازي الإقطاعي المغربي. هذه الدولة التي سمحت باستشراء الفساد في القطاع العام، وشبه العام، لا يمكن أن تجعله إلا ضعيفا، ولا يمكن أن يكون قويا أبدا، وهو فاسد، الأمر الذي يترتب عنه: أن القطاع الخاص، باعتباره وليدا غير شرعي للقطاع العام الفاسد، وللدولة الفاسدة، يصير أقوى من القطاع العام. ونظرا لأن القطاع العام فاسد، والقطاع الخاص قوي، وبقرار سياسي، فإن الذي يكون متبوعا هو القطاع الخاص، والذي يكون تابعا هو القطاع العام.

ومعلوم أن علاقة من هذا النوع، لا يمكن أن تكون طبيعية في الأحوال العادية، حيث يصير القطاع الخاص تابعا للقطاع العام غير الفاسد أصلا، بخلاف ما عليه نحن. فالفساد جعل كل شيء ضعيفا عندنا في القطاع العام، وصير كل شيء عندنا في القطاع الخاص قويا، جعل القطاع العام تابعا للقطاع الخاص؛ لأن العلاقة بين القطاع العام، والقطاع الخاص، غير طبيعية، كما هو الشأن بالنسبة للدول التي يحترم فيها الحق والقانون، والتي لا نستطيع فيها التمييز بين القطاعين.

وإذا كانت العلاقة بين القطاعين غير جدلية، وغير عضوية، وانطلاقا من الاختيارات القائمة، تصير العلاقة قائمة على أساس تبعية القطاع العام الفاسد، القائم أصلا على الفساد المستشري في المجتمع المغربي، للقطاع الخاص:

ألا يمكن أن تتحول هذه العلاقة إلى علاقة احتواء؟

هل القطاع العام هو الذي يحتوي القطاع الخاص؟

أم أن القطاع الخاص هو الذي يحتوي القطاع العام؟

إننا لا نستطيع إلا أن نخضع جميع الاحتمالات للنقاش الهادئ، والهادف، في نفس الوقت، إلى تكريس الوضوح القائم على الوضوح المنهجي، في التفكير، وفي الممارسة النظرية، والعملية، في نفس الوقت.

وانطلاقا من الوضوح الذي اعتمدناه منذ البداية، فإننا نعرف أن الدولة المغربية فاسدة، وأن الإدارات المغربية المختلفة فاسدة، وأن المجتمع المغربي محتضن لذلك الفساد الدولتي، والإداري، إلى جانب احتضانه لأشكال الفساد الأخرى، التي يبني علاقاته بها، على أساس أنها فاسدة أصلا، وأنه يستغل ذلك الفساد بالمساهمة فيه.

وإذا كانت الدولة المغربية فاسدة، وكانت أجهزتها الإدارية فاسدة، وكان هذا الفساد واقفا وراء إيجاد تشكيلة اجتماعية إقطاعية، ووراء إيجاد تشكيلة اجتماعية رأسمالية، ووراء إيجاد تشكيلة اقتصادية / اجتماعية من التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، فإن نفس الفساد، هو الذي وقف وراء جعل القطاع العام الفاسد، تابعا للقطاع الخاص القائم على أساس الفساد.

وفي السياق المذكور أعلاه، فإن التابع لا يمكن أن يحتوي المتبوع، كما أن المتبوع يمكن أن يصير محتويا للتابع، يوجهه، ويوظفه في الشروط القائمة، لخدمة مصالح القطاع الخاص، حتى إن كان القطاع العام فاسدا، وكان القطاع الخاص قائما على الفساد.

فعملية الاحتماء الممكنة إذا، ليست من القطاع العام للقطاع الخاص، كما هو مفترض، بقدر ما هو من القطاع الخاص، للقطاع العام. وهذا الاحتواء القائم فعلا، منذ زمان، هو الذي يجعل الدولة الفاسدة، تخطط لتحويل القطاع العام، إلى القطاع الخاص، حتى تتخلص منه، ليصير القطاع العام في خدمة الرأسمال مباشرة.

وبالتالي، فإن عملية الاحتواء، في نظرنا، لا تعني إلا إنضاج شروط عملية تحويل القطاع العام، إلى قطاع خاص، ليصير الرأسمال غير الأصيل عندنا، وغير النزيه، وغير الخالص، مستأسدا، ومتحكما في كل المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وموجها لسياسات الدولة العامة، والقطاعية، ومقررا في مصير المؤسسات القائمة، التي يعتبر مجرد وسيلة لتكديس الثروات الهائلة، التي يتم تهريبها بطريقة، أو بأخرى، إلى حسابات الأبناك الخارجية.

وهذه العلاقة القائمة بين القطاع الخاص، والقطاع العام، وبسبب تبعية القطاع العام للقطاع الخاص، لا يمكن أن تكون إلا سلبية، من منطلق أنهما معا، لا يخدمان لا مصلحة الشعب، ولا مصلحة كادحيه، ولا حتى مصلحة الطبقة الوسطى، التي تراهن على الاستفادة من القطاع العام ،في عملية إعادة إنتاج نفسها. فالمصلحة التي يخدمانها معا، هي مصلحة المؤسسة المخزنية، والدولة المخزنية الفاسدة، والأجهزة الإدارية الدولتية المخزنية، والإقطاع، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي، ونسبيا مصلحة الطبقة الوسطى. أما الكادحون، فإن القطاع العام بالنسبة إليهم فاسد، والقطاع الخاص تم استنباته من عمق الفساد، ولا يفيدان معا، لا العمال، ولا باقي الأجراء، ولا سائر الكادحين.

ولذلك، فإيجابية القطاع العام، والقطاع الخاص، لا تبرز واضحة، إلا عندما يتعلق الأمر بالنسبة للمؤسسة المخزنية، والدولة الفاسدة، والأجهزة الدولتية المخزنية، والإقطاع، والبورجوازية، والتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، ونسبيا الطبقة الوسطى، وما سوى هؤلاء جميعا، من عمال، وأجراء، وسائر الكادحين. فالعلاقة لا تكون إلا سلبية، ولا يمكن أن تكون إيجابية أبدا.

والعلاقة عندما تكون سلبية، بالنسبة لغالبية الشعب المغربي، من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لا يمكن أن تتجه إلى تحقيق التوازن الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بين جميع أفراد المجتمع، مهما كان جنسهمن أو لونهم، أو معتقدهم؛ لأن العلاقة التي تصير لصالح الجماعات المتحكمة في الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، لا يمكن أن تحقق التوازن العام في المجتمع، وبالتالي، فإن الأمر يبقى على ما هو عليه، بالنسبة للكادحين، خاصة، وأن المتحكمين يريدون كل شيء، ولا يتركون أي شيء للشعب، ولكادحيه، الذين يبقون محرومين من كل شيء، بما في ذلك الحقوق الإنسانية المشروعة، وتلك المتعلقة بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

والعلاقات السلبية، لا يمكن أن تتجه إلا إلى تغليب ما هو خاص، على ما هو عام، حتى لا تصير في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وهو ما لا يروق المستفيدين من العلاقات السلبية القائمة بين القطاعين معا، وبين الكادحين، أنى كانت هويتهم.

لذلك فالاتجاه العادي، في مثل حالتنا، هو تغليب ما هو خاص، على ما هو عام، لخدمة مصالح المستفيدين من الإخلال بالتوازن، لحسابات لا يعلمها إلا المتحكمون في السياسة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

وعلى نفس النهج، فإن تغليب ما هو عام، على ما هو خاص، لا يخدم إلا مصالح المستفيدين من هذا الوضع المتردي، ومن الفساد المستشري على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وهو ما يترتب عنه: أن يصير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يعانون من الحرمان من كل الحقوق الإنسانية، ومن حقوق الشغل، كما هي منصوص عليها في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال.

وأفق العلاقة القائمة بين القطاع العام، والقطاع الخاص، لا يمكن في ظل الشروط القائمة، ومهما كانت هذه الشروط، أن تكون سليمة، وفي صالح جميع أفراد المجتمع، إلا إذا تغيرت الشروط المذكورة، وقام توازن اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي.

ومن الشروط الواجب إنضاجها نجد:

1) إحلال الدولة الديمقراطية العلمانية، باعتبارها دولة للحق والقانون، ولا وجود لأي شكل من أشكال الفساد في هياكلها الإدارية، وتحت إشرافها، سواء تعلق الأمر بالفساد الإداري، أو الفساد الاقتصادي، أو الفساد الاجتماعي، أو الفساد الثقافي، أو الفساد السياسي، حتى يصير المجتمع نظيفا، بخلوه من كل أشكال الفساد، التي تقف وراء وجود إقطاع متخلف، وبورجوازية هجينة، وتحالف بورجوازي إقطاعي متخلف، مهما كان جوهر وشكل تخلفه، وإعداد الشعب على دعم هذه الدولة، التي تفصل ما بين الدين، والسياسة، والمساهمة في بناء الهياكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بما ينسجم مع طبيعة الدولة، ومع الفصل بين الدين والسياسة. حتى ينطلق جميع أفراد المجتمع، في اتجاه المستقبل.

2) العمل على ملاءمة جميع القوانين المعمول بها، سواء تعلق الأمر بالقطاع الخاص، أو بالقطاع العام، مع الإعلانات والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مهما كانوا، وكيفما كانوا، حتى يتمتع جميع ألأفراد، بجميع الحقوق العامة، والخاصة بقطاع معين، أو بفئة معينة، ومن أجل أن تزول جميع الفوارق، التي يتميز بها جميع أفراد المجتمع، في ظل عدم ملاءمة القوانين المعمول بها، بالإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المذكورة.

3) العمل على وضع القوانين، التي تقتضيها الشروط الطارئة، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بشرط أن توضع على أساس الملاءمة مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال، التي يجب أن تصير من المرجعيات التي نستحضرها، كلما دعت الضرورة إلى إعداد قوانين معينة، بالإضافة إلى مرجعيات أخرى، تفرضها شروط معينة.

4) تحرير الاقتصاد من التبعية، والاجتماع من الغيبيات، والثقافة من الخرافة، والسياحة من التحكم المفرط، وترجمة ذلك التحرير إلى ممارسة يومية، في أفق التعود على التحرر من كل القيود، التي تحول دون التمكين المطلق في كل مفاصل الحياة الإنسانية، التي تصير في ظل الاستبداد القائم، مقيدة بمجموعة من الإملاءات، والأوامر التي تحول دون تحقيق التحرر المنشود.

5) الحرص على التحرر من العبودية، أنى كان مصدرها، وكيفما كان هذا المصدر، وفي أي مجال تمارس، ومهما كان المستهدفون بها، حتى تصير العبودية في خبر كان، ليصير جميع أفراد المجتمع أحرارا، لا فرق بين عربي، وعجمي، ولا بين أبيض، وأسود، إلا بالتقوى، التي لا تعني بالنسبة إلينا إلا احترام الآخر، والامتناع عن الإساءة إليه، وإنتاج الفكر والممارسة المقدسين لذلك الاحترام، مهما كان، وكيفما كان.

6) العمل على نفي الاستبداد، بكل مظاهره الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وتحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، سعيا إلى تمكين جميع ألأفراد، من المساهمة في التفعيل الإيجابي، للشأن العام، في جميع المجالات، وفي كل القطاعات، حتى تصير الممارسة الديمقراطية حاضرة في الفعل اليومي، واللحظي للشأن العام، كما هي حاضرة في فكر كل فرد، وفي ممارسته.

7) تحقيق العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، في أفق تحقيق قيام الدولة الاشتراكية، التي يصير من مهامها، تدبير التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، وتراقب مدى التزام المؤسسات المشرفة على ذلك التوزيع، وتوقف أي إخلال يقع في هذا الشأن.

وهذه الشروط، عندما يتم إنضاجها، تصير العلاقة القائمة بين القطاع الخاص، والقطاع العام، علاقة جدلية / عضوية / تكاملية، مما يجعل القطاعين معا، يتفاعلان، في أفق تحقيق التقدم، والتطور في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي والسياسي، والثقافي، والسياسي، وبالتالي: فإن المجتمع المغربي سيعرف حياة أخرى، وتفاعلا آخر.