الثورة بالغرب الإفريقي من خلال تجربة الشهيد إبراهيم صيكا - 9


الأماميون الثوريون
2019 / 10 / 12 - 12:38     

بدأت الحرب الإمبريالية ضد الحرب الوطنية الثورية بالمغرب وامتداداتها بالغرب الإفريقي بعد خروج قوات جماهير الفلاحين من مراكش في 1912 في استراتيجية تراجعها الصحيح إلى الجنوب، بعد تشكلها كقوة ثورية جماهيرية في مرحلة الزحف لمواجهة الاستعمار الفرنسي وامتدت عبر حبال الأطلس الصغير الغربية الساحلية على شكل ملاحم الحرب الثورية بأيت باعمران ضد الحرب الإمبريالية الإسبانية ـ الفرنسية، واستمراريتها البطولية بالصحراء الغربية إبان الاستعمار الإسباني، مما أرقى ثورة الجنوب إلى قوة هائلة، وحول الجنوب الغربي إلى مركز استراتيجي عالمي، وركز مكانة الجنوب التاريخية في الثورة بالغرب الإفريقي وشمال إفريقيا، مما أعطى للنظام الملكي الدموي موقعا بارزا لتنفيذ برامج الاستراتيجية الإمبريالية الفرنسية وسياساتها الاستعمارية الجديدة بإفريقيا عبر القضاء على الثورة بالغرب الإفريقي.

وشكل القضاء على الحركة الثورية بالمغرب في السياسات الاستعمارية الجديدة هدفا استراتيجيا بعد القضاء على امتدادات ثورة الريف بالقضاء على امتدادات جيش التحرير بالشمال في 1958/1959، مما أعطى للصحراء الغربية موقعا استراتيجيا في برامج السياسات الإمبريالية الاستعمارية الحديثة بالغرب الإفريقي، بعد القضاء على جيش التحرير بالجنوب الغربي في 1960 وتصفية امتداداته بالحركة اليسارية الثورية، في ظل التحولات الاقتصادية الرأسمالية التي اعتمدت الدولار عملة رئيسية في التبادل التجاري في السوق التجارية العالمية في 1975 ، وأصبحت الإمبريالية الأمريكية مركز الدول الاحتكارية العالمية والقوة الاستعمارية الجديدة بعد نهاية حربها بفيتنام، وبداية الحرب الباردة بينها وبين الاتحاد السوفييتي بعد سقوط تجربة ماو الثورية ونهاية الصراع بين الصين والاتحاد السوفييتي.

في ظل هذا الوضع السياسي العالمي الجديد تم دمج الصحراء الغربية في الاستراتيجيات الإمبريالية الفرنسية بالغرب الإفريقي، ويعتبر اتفاق مدريد السري أهم برامج السياسة الإمبريالية بالمنطقة في ظل الاستعمار الجديد، بعد انهيار نظام فرانكو أمام حركة إيتا الثورية بعد قتل بلانكو رئيس وزرائه، تقدمه في السن، مرضه وفشله في القضاء على انتفاضة الشعب الصحراوي التي انطلقت منذ 1970، مما أعطى للحركة المطالبة بالاستقلال نفسا جديدا وساهم في تأسيس جبهة البوليزاريو في مارس 1973، بقيادة شباب ثوري ذي توجهات يسارية قرروا حمل السلاح وطالبوا بالاستقلال في نفس الوقت الذي انطلقت فيه الانتفاضة المسلحة بالأطلس المتوسط مما جعل الثورة بالغرب الإفريقي تتخذ مسارا جديدا، وتزامنت هذه الأحداث مع انشغال النظام الدموي بالمغرب بتصفية تناقضاته الداخلية : الانقلابان العسكريان في 1971 و1972، وبداية اعتقالات قيادات الحركة الماركسية ـ اللينينية المغربية وتصفية حركة 3 مارس في 1973، تم تتويجها بتأسيس الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في 1975 والدخول فيما يسمى النضال السياسي الديمقراطي في ظل "السلم الاجتماعي" و"الوحدة الترابية"، الشعارات المرفوعة لتصفية أي اتجاه ثوري مناهض للسياسات الاستعمارية الجديدة بالمغرب.

وشكل إشعال حرب ضد ـ ثورية بالصحراء الغربية في 1976 التي امتدت إلى 1991 لتبدأ الحرب الباردة حول وهم الاستفتاء وتقرير مصير الشعب الصحراوي، استمرارا للحرب الإمبريالية على ثورية الجنوب التي تعتبر الملهم التاريخي للثورة بالغرب الإفريقي وشمال إفريقيا.

وخلال 30 سنة من الصراعات الطبقية بالمغرب التي تغذيها الإمبريالية الفرنسية شكلت الصحراء الغربية مسرح حرب دائمة ضد الحركة الثورية بالمغرب والغرب الإفريقي، باعتبارها مجالا حيويا للتوتر القابل للاشتعال في أي لحظة تراها الإمبريالية مناسبة، مما جعل النظام الملكي الدموي يوظفها في علاقاته مع الإمبريالية الفرنسية من أجل دعمه وحمايته عبر قمع أي حركة ثورية الممكنة، وتوظفها الإمبريالية الفرنسية من أجل مزيد من الضغط للحصول على مزيد من التنازلات الاقتصادية واستمرارية استغلال ثروات الشعب المغربي، مما ساهم بشكل كبير في تعطيل النمو الاقتصادي وتدمير القوى المنتجة : تدهور الخدمات الاجتماعية وتقهقر مستوى العيش لدى الغالبية الساحقة من السكان، مما يمكن اعتباره مؤشرات وضع سياسي سائر في طريق الانفجار، بعد تنامي احتجاجات العمال والفلاحين التي يتم مواجهتها بالقمع والاعتقالات، في الوقت الذي تعرف فيه الحركة السياسية اليسارية ركودا نتيجة مؤامرة الأحزاب اليسارية والديمقراطية التي أصبحت أدوات لقمع إرادة الجماهير التغيير، عبر نشر أيديولوجياتها الرجعية في صفوف العمال والفلاحين عبر تنظيماتها الموازية من نقابات وجمعيات حقوقية وتنموية.