الثورة بالغرب الإفريقي من خلال تجربة الشهيد إبراهيم صيكا - 8


الأماميون الثوريون
2019 / 10 / 10 - 11:00     

كان لانتخاب ترامب كواحد من كبار الاحتكاريين الاقتصاديين العالميين رئيسا لأكبر دولة احتكارية : الإمبريالية الأمريكية، وانتخاب ماكرون سهر وخادم عائلة روتشيلد الصهيونية : أكبر عائلة احتكارية تملك نصف العالم عبر استثمارات بنوكها وشركاتها الاحتكارية الاقتصادية العالمية، رئيسا لأكبر دولة استعمارية بإفريقيا : الإمبريالية الفرنسة، أثر كبير في الاندماج المباشر بين اتحاد الاحتكاريين الاقتصاديين العالمين واتحاد الاحتكاريين السياسيين العالميين على مستوى القارتين الأمريكية والأوربية، مما فتح المجال لتنمية الرأسمال المالي الإمبريالي المدعومة من طرف سلطة الدولة الاحتكارية بالقارتين، مما وضع الغرب الإفريقي تحت مراقبة الإمبريالية باعتباره مجالا حيويا لتمرير سياساتها الاستعمارية وفق استراتيجيتها الجديدة ، ووضع النظام الملكي الدموي في مأزق الرضوخ لإملاءات الإمبريالية الفرنسية خوفا من غضب ترامب، الذي لا ترى في الدول التابعة إلا مصدرا للإتاوات المباشرة وغير المباشرة عبر صفقات تجارة الأسلحة كما هو الشأن بالنسبة لدول الخليج العربي.

في ظل الوضع السياسي العالمي الجديد انخرطت البرجوازية التجارية بالمغرب في المشاريع السياسية، الاقتصادية والعسكرية للإمبريالية الفرنسية بالغرب الإفريقي بهدف تنمية وحماية رساميلها بعد عملية إدماج الرأسمال المالي المحلي في الرأسمال المالي الإمبريالي وتبعيته المباشرة إلى الرأسمال المالي الإمبريالي الفرنسي، في محاولة منها للبحث عن دعم مشروعها السياسي حول ما يسمى الجهوية الموسعة والحكم الذاتي بالصحراء الغربية للخروج من نفق المفاوضات الفاشلة مع الجبهة، مما جعلها تنصرف عن مصالح الشعب المغربي التي لطالما وعدت بصيانتها خلال المناسبات الانتخابية فيما يسمى تنزيل الدستور الجديد الممنوح، مما ساهم بشكل كبير في تركيز الفوارق الطبقية بشكل مهول واغتناء الطبقات الحاكمة والنخب التابعة لها : أقلية تقدر ب70 عائلة تسيطر على 90% من عائدات الاقتصاد الوطني وعلى خيرات البلاد خاصة المعادن الثمين بينما التفقير يضرب في أعماقه الغالبية العظمى من العمال، الفلاحين والكادحين : المنتجون الحقيقيون للثروة.

وساهم في تركيز الوضع السياسي الجديد بعد فشل حركة 20 فبراير في تحقيق جزء ضئيل من أهدافها نتيجة تهافت قياداتها الانتهازية اليسارية وتنسيقها مع الإصلاحية الظلامية التي رأت في حكومة حزب العدالة والتنمية انتصارا مرحليا لأهدافها، مما ساهم في تأجيج الصراعات الطبقية بعد خمس سنوات من الشعارات المزيفة لهذه الحكومة، كاستمرار طبيعي للشعارات المرفوعة خلال 20 سنة الماضية، وتأجيج الصراع بالصحراء الغربية إلى حد التلويح برفع السلاح من جديد من طرف القيادة الجديدة للجبهة، مما يؤكد ترشيح الغرب الإفريقي لاحتمال اندلاع حروب لصوصية جديدة انطلاقا من الصحراء الغربية التي من المحتمل أن يتم فيها توظيف النعرات الإثنية خاصة بعد تصريح ترامب حول "أولوية بالأمازيغية على قضية الصحراء الغربية" في علاقته بالصراع بمالي بين الطوارق والحكومة التابعة للإمبريالية الفرنسية.

وفي ظل الوضع السياسي العالمي الجديد كل الاحتمالات واردة خاصة بعد شروع أمريكا في تنفيذ استراتيجيتها الإمبريالية الجديدة المرتكزة على نشر الحروب اللصوصية عبر العالم من أجل سيطرة سلعها العسكرية بالسوق التجارية العالمية، دون أن تكون مشاركا مباشرا في هذه الحروب عكس ما كانت عليه في الحرب على الشعب العراقي، الشيء المؤكد في تنازلها عن جزء من مهامها العسكرية الاستعمارية بالخليج العربي لروسيا في الحرب على الشعب السوري، باعتبار روسيا إمبريالية صاعدة في حاجة لتسويق سلعها العسكرية بعد نجاحها في السيطرة على تجارة الصناعة النووية بإيران، بتنسيق مع الكيان الصهيوني الذي يعتبر الحليف الاقتصادي الأول لأمريكا خاصة في مجال التصنيع العسكري وتجارة الأسلحة على الصعيد العالمي.

وهكذا تم تحديد الإمبريالية الأمريكية المواقع الجيوـ سياسية الاستراتيجية المستقبلية لتنفيذ سياساتها الاستعمارية الجديدة بعد تحقيق جل أهدافها السياسية والعسكرية بمنطقة الخليج العربي وشمال إفريقيا، وإشعال نيران الحروب اللصوصية بها والمرتكزة على الطائفية الدينية بين السنة والشيعة، وتركيز التناقضات الداخلية بكلتي الطائفتين بقيادة إيران والسعودية وامتداداتهما بالمنطقة العربية، شمال إفريقيا والغرب الإفريقي، وضمان السيطرة في السوق التجارية بترويج الأسلحة بالمنطقة العربية عبر صفقات القرن مع النظام الرجعي بالسعودية ب460 مليار دولار ومئات الملايير من الدولارات مع جل الأنظمة الرجعية بالخليج العربي تمتد على المدى القريب والمتوسط.

وانصرفت أمريكا إلى الصراعات الاقتصادية المركزية بالأسواق التجارية العالمية خاصة في صراعها مع الصين التي عرفت تجارتها انتشارا عالميا كاسحا عبر مشاريعها الاقتصادية بالأسواق الإفريقية، التي ترى فيها مجالا حيويا لترويج أسلحتها، بتنسيق مع حليفها الاستراتيجي الكيان الصهيوني، تنفيذا لمخططاتهما العسكرية لإشعال الحروب اللصوصية المقبلة بالقارة الإفريقية عبر شريط دول الساحل والمستعمرات الفرنسية القديمة الغنية بالطاقة والمعادن الثمينة، بحالف مع فرنسا التي فشلت في القضاء على الحركات الثورية والديمقراطية التي تناهض سياساتها الاستعمارية بإفريقيا خاصة بالغرب الإفريقي : ثوار أزواد بمالي نموذجا، مما جعل تحالفها مع أمريكا بعد تأسيس جيش أفريكوم الذي يوجد مقره بباريس أمرا ملحا تم تتويجه بتأسيس قاعدة عسكرية لهذا الجيش إلى جانب القاعدة العسكرية الفرنسية بالنيجر، من أجل مراقبة الحركات الثورية بدول الساحل والغرب الإفريقي وتغذية الحروب اللصوصية المقبلة.

وتشكل قضية الصحراء الغربية في هذا الصراع محورا أساسيا خاصة بعد الاحتكاكات العسكرية الأخيرة بين الطرفين المتصارعين، وتدخل الأمم المتحدة في أكثر من مرة والتلويح بحمل السلاح من طرف الجبهة، وصدور قرار مجلس الأمن رقم 2468 الذي دعا إلى "المفاوضات بين الطرفين دون شرط مسبق وبحسن نية"، ومن المنتظر أن تنتهي عهدة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية في 31 أكتوبر 2019 دون أن يلوح في الأفق أي مؤشر لتسوية القضية.