قوانين الفعل ورد الفعل الميكانيكية والديالكتيكية


سعاد خيري
2006 / 5 / 17 - 03:54     

ينص اهم القوانين الميكانيكية بشأن الفعل ورد الفعل على ان رد الفعل يكون مساويا للفعل ومعاكسا له بالاتجاه بغض النظر عن صلابة واستعداد المتلقي لتأثير الفعل. ولا الى نوعية الفعل فقد يكون مناقضا لخواص الفعل فيمتص الفعل دون ان يترك أي رد فعل. فمثلا اذا توجه الفعل بكل قوته الى صخرة صلبة يرتد على مصدر الفعل بنفس القوة تقريبا اما اذا اصطدم بجدار من الرمل فسينهار الجدار ويجرفه الفعل ويصبح جزء من الفعل ومصدر قوة له. ولذلك طورت القوانين الديالكتيكية هذه القوانيين ولا سيما في المجالات الحيوية كالمجتمع الطبقي ، انطلاقا من ان كل كيان يضم تناقضين اساسيين متعارضين، وكل شيء في الوجود يتحرك ويتطور . ويتوقف هذا التطور على مدى تفوق اما الفعل واما رد الفعل والا تبقى الحياة والوجود جامدا. ويتوقف اتجاه التطور سلبيا ام ايجابيا على القوى التي تتولى الفعل والقوى التي تتولى رد الفعل في كل حالة من الاحوال فغالبا ما تتبادل طرفي الصراع المواقع . كما يتوقف نهاية الصراع بانتصار استمرار الحياة وتطورها على مدى استفادة القوى البانية للحياة من تجاربها وضمان وحدتها وثقتها بقدرتها على الانتصار لخلق مجتمع جديد متحرر من التناقض والصراع بين البشر ويتوجه فقط الى الصراع مع كل سلبيات الوجود وتطوره لما فيه سعادة البشر وانطلاقه وحماية البيئة والكون لتكن مصدر قوة وسعة طموح وينبوع بهجة للبشر .
لقد امنت القوى المستغِلة منذ انقسام المجتمع الى طبقتين بالقانون الميكانيكي وطورت كل وسائل قوة الفعل على الجماهير المستغَلة لضمان استمرار استغلالها وجني ارباحها على حساب كدح وجوع واضطهاد الكادحين. ومع كل تطور في وعي الكادحين واستفادتهم من تجاربهم وحتى عندما اصبحوا في موقع الفاعل وليس موقع رد الفعل طور المستغلون فعلهم ورد فعلهم حتى بلغ اوجه في عصر الراسمالية ولاسيما في عصرنا عصر العولمة الراسمالية . حيث بلغ تطور القوى المنتجة درجة تمكن البشرية التحرر من الملكية الفردية لوسائل الانتاج ،أي التحرر من علاقات الانتاج الراسمالية وتحقيق من كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته وانهاء انقسام المجتمع البشري الى اقلية مالكة ومليارات البشر مستغلين ومستعبدين . ولوقف مسيرة هذا التطور الحتمي للمجتمع طورت العولمة الراسمالية كل وسائل كبح قوى البشرية الفعالة والعمل على تحويلها الى جدران من الرمال التي يمكن جرفها في تيارها سواء عن طريق الاغراء بالمال والمناصب او من خلال التضليل بالاوهام والغيبيات وانواع التيارات الاصولية او من خلال الرعب والخوف بنشر مختلف اشكال الارهاب والقتل الفردي والجماعي او التخدير بنشر مختلف اشكال المخدرات والمفاسد او الافناء بالحروب ومختلف اشكال اسلحة الدمار الشامل.
لقد ركز قطب العولمة الراسمالية الامبريالية الامريكية كل هذه الاساليب على شعبنا فماهو رد فعل شعبنا؟
لقد نشأت وتطورت منذ اليوم الاول للاحتلال مقاومة فعالة استطاعت ان ترغم قطب العولمة الراسمالية الى تغيير الكثير من تاكتيكاته واساليبه بفضل ما كبدته من تضحيات وخسائر مادية وبشرية رغم حرمانها من القيادة السياسية التي تستطيع ان تربط بينها وبين النضال الجماهيري الذي يمدها بخيرة ابنائه ويجدد دمائها الزكية التي تبذلها من اجل تحرير شعبنا من الاحتلال وويلاته وتسهم في تحرير البشرية بتقديم المثل على امكانية الوقوف بوجه اعتى اعداء البشرية. حيث اضطر اخيرا الى استبدال محاربته لها مباشرة بتوجيه فرق الموت التي انشأتها و دربتها على الفتك بقوات المقاومة وبكل شاب يمكن ان يكون مشروع مقاوم، وباسلوب الخطف والاغتيال المتستر بظلام الليل وبالبسة رجال الشرطة والجيش، لخلق الاوهام التي نجح بعضها في خداع بعض رجال الدين والجماهير غير الواعية بطلب تواجد القوات الامريكية مع قوات الشرطة والجيش عند القيام بعمليات الاحتياح والتحري، ولكنها لا ولن تضلل الشباب الواعي كما صرح اكثر من شاب في الفلوجة والرمادي للصحافة.
ان شعبنا وكل فرد فيه يمر في هذا المنعطف التاريخي الذي يتقرر فيه اما الفناء على يد قوات الاحتلال بمختلف ادواتها واما المقاومة بكل اشكالها ووسائلها كل حسب امكانياته. انها فترة اختبار ولاسيما بالنسبة للافراد والمنظمات والاحزاب السياسية . فترة اختبار لصدق وطنيتها وصلابة مبادئها المنضوية تحت شعار وطن حر وشعب سعيد. فهل ستكون صلبة كصخر جلمود تتحطم عليها كل اسلحة المحتلين، ميتخدما كل قواه وامكانياته التي يبلورها ويقويها توعيته وتعبئته وتنظيمه للجماهير ويعززها بثقته بشعبه وبالانسانية، او يتحول الى رمل تجرفه تيارات اساليب وادوات الاحتلال ليصبح جزء منها ومصدر قوة لها والمساهمة في جرائم افنائها لشعبنا ماديا او معنويا كما يفعل كل من قبل الانضواء في الاستراتيجية الامريكية سواء بقبولة تبوء المناصب والكراسي او تضليل الشعب وتخدير يقظته وتشويه استراتيجيته وتمويه عدوه الرئيس وفصل النضال ضد ادواته وضده، الامر الذي يفسح له بالمجال لترسيخ قواعده الاجتماعية والعسكرية والسياسية والاقتصادية او الذي يستسلم لليأس والقنوط فيحرم الشعب من طاقاته في احرج مراحل تاريخه ويكون مثلا سيئا للاخرين او يلجأ الى التدين والغيبيات وينجرف في التيارات الدينية المتعصبة الارهابية او الطائفية المفتتة لقوى الشعب والخادمة الذليلة لقوات الاحتلال.
فاتوجه الى كل فرد عراقي وكل منظمة وحزب سياسي ان يثق بنفسه وبشعبه وبالانسانية بانه مدعو اليوم لكي يتحول حبه لوطنه واخلاصه لشعبه ولمبادئه الانسانية ولمصيره ومصير شعبه والبشرية الى صخرة يتحطم عليها كل وسائل واساليب قوات الاحتلال لتنطلق طاقاته وطاقات شعبنا الجبارة القادرة على اكتساح قوات الاحتلال وبناء العراق الحر السعيد . سعاد خيري في 16/5/2006