كيف نفكر: لا ثور مستثنى من الأكل... والكل بات جزء من الوليمة.....


فريد الحداد
2019 / 9 / 16 - 10:15     

ان حكاية الراحل ابو كاطع في السبعينيات عن الثور الابيض والاحمر والأسود ورحلتهم في الغابة في صحبة الاسد وتحايله عليهم والتهم الجميع في الأخير.... قد جاءت على بالي وانا اتابع المشهد السياسي العراقي.

فالعراق أصبح كرقعة الشطرنج يتناوب اللاعبون على تبادل الاماكن لإتمام الدور نفسه الذي لم ينته بعد.

لقد مضى خمسة عشر سنة وكلما يكون احد الملوك في وضع " كش مات " تنقلب اللعبة وهكذا دواليك، ومن يدفع الثمن؟، الرقعة والبيادق، فالرقعة اهترأت والبيادق تأكلت، ولكن هذه المرة وعلى ما يبدو سيتفق الطرفان على انهاء اللعبة بدون ان يسقط الملوك.

اليوم، ونحن نتابع اخبار التسقيطات الجديدة وانفضاح أيادٍ غير نظيفة، ولا يهمنا الان الاطراف الأخرى، لكن الطرف الذي تناولته عالية نصيف عضو البرلمان في مقابلتها التلفزيونية على قناة دجلة، نرى أنه قد تورط جهة مدنية واشارة الى مسميات واضحة.

ان خطورة هذه الخطوة انها تعطي الفرصة والحجة لضرب القوى اليسارية بكل مسمياتها، ولن يستثنى أحد، وستشهد الساحة السياسية في الفترة القادمة اصطفاف لقوى اليمين والفساد وحتى المحتل نفسه، حيث تشترك جميعها في العداء لليسار العراقي بكل تشكيلاته، الممثل الحقيقي لمصالح الطبقات المعدمة والفقيرة، إضافة الى التيارات المدنية الوطنية بلا استثناء، والتي اثبتت امكانية تأثيرها على الشارع العراقي.
وهذا ما شهدناه في التظاهرات الجماهيرية الحاشدة في ساحة التحرير وساحات المدن العراقية الكبرى والتي اخافت تلك القوى اليمينية فعملت على تقويض الحراك الجماهيري الذي قادته قوى اليسار والمدنية.

وقد نجحت في ذلك للأسف، وكان لاحد الاسماء التي طرحتها عالية نصيف دور في تسهيل نجاح هذه القوى المعادية للشعب .... (لا اريد الإطالة في هذا الموضوع فهو واضح للجميع وما اَلت اليه نهايته بتحالف سائرون..! ).

للأسف أصبح من العقيم طرح فكرة توحيد اليسار العراقي والعمل المشترك مع القوى المدنية المنحازة الى الفئات المعدمة والفقيرة في المجتمع، فقد آلت الى الفشل كل المحاولات لجمعها في بوتقة عمل واحدة.

لكن هذا لا يلغي إمكانية العمل كل في ساحته التي يتواجد فيها، كما لا يمنع من العمل المشترك الذي يساهم في توحدها على رؤيا في مواجهة التحديات المستمرة.

ان اهم وأخطر تحدي يواجه العمل اليساري والمدني العراقي في المرحلة القادمة هو اتفاق القوى الإقليمية مع قوى المحتل، التي مارست دور كبير في توقيف عجلة التقدم في البلد ومن خلال ادواتها السياسية المتواجدة على الأرض.

تلك القوى التي يهمها مصالحها الاستراتيجية على حساب مصالحنا الوطنية، ويهمها ان لا يعيق خططها أي مجهود وطني حقيقي يضر بتلك المصالح.

لذلك فأنها ستتفق أولا على ضرب القوى اليسارية والمدنية الوطنية وسيتكرر سناريو 78-79 وسيناريو بشتاَشان لأنها لا تريد أي معوقات لخططها الإستراتيجية التي لا تمثل طموح غالبية الشعب العراقي.

ان أي طرف من الأطراف اليسارية والمدنية الوطنية التي ستقف متفرجة على مشهد اعتداء او إبادة لطرف يساري ومدني وطني سيكون كارثة وسيؤدي الى توفير الفرصة لأعداء الشعب العراقي والعراق، في تصفية هذه الفصائل الواحدة تلو الأخرى وحينها سيكون انتصار القوى المضادة للإرادة الشعبية الوطنية سهلا، وكارثيا على الخيرين من هذا البلد.

ان تكرار نجاح عملية ضرب القوى اليسارية والمدنية الديمقراطية، سوف لا يعني سوى فشل هذه القوى في التعلم من تجاربها، ويعني عدم قدرتها على قيادة المجتمع للخلاص من واقع حاله، ويعني أيضا ضيق أفقها وقصور في قراءة المشهد السياسي والتصدي له.