صلابة الفكر و شفافية الروح : حسقيل قوجمان أيقونة الماركسية العراقية (1921- 2018)5-5


حسين علوان حسين
2019 / 8 / 17 - 16:57     

ألمعية التواضع و المنهجية في الحوار


ألمعية التواضع و المنهجية في الحوار
في حوارات الفقيد حسقيل قوجمان المسهبة و المتعددة على موقعه الفرعي في الحوار المتمدن الأغر ، تتجلى ، أولا ، ثنائية ألمعية التواضع . و هذه تركيبة صعبة المنال لحراجة إدامة التوازن بين ركني الألمعية و التواضع . تواضع الفقيد كان مشهوداً ، يتكشف عنده عفو الخاطر بلا أدنى تكلف ، و تلك سجية يُحمد عليها . و يظهر مدى هذا التواضع بوضوح في كتابته عن الموضوعات التي يشعر بأن معلوماته عنها ليست شافية ، حيث يسارع إلى التصريح بجهله أو نقص معلوماته فيها إبتداءً ، دون لف أو دوران . و هو ما يثبت أن الفقيد كان يعرف نفسه حق المعرفة و ينقل خلاصة هذه المعرفة لقرائه بكل صراحة و اخلاص احتراماً لهم و للعلم . و لكن تواضعه هذا كان أيضاً تواضع العالِم الضابط لأدواته و الذي يفرض بقوة الحجة و بعمق المعالجة التقدير و الإعجاب على الطرف المقابل ، حتى المناهض لأطروحاته . النتيجة هي القوة في الإقناع .
ثم تأتي ، ثانياً ، المنهجية في الحوار . كان منهجه في الحوار يرتكز على الإنتباه الدقيق لآراء و ملاحظات المعلقين على موضوعاته . لم يكن يجيب على المعلقين بآلية التعليق المقابل التي يتيحها برنامج الحوار المتمدن الأغر على نفس صفحة الموضوع - إلا فيما ندر - بل كان يحوّل إجاباته عليهم إلى موضوعات مستقلة قائمة بحد ذاتها ، و هذا ما أغنى مساهماته كمّاً و نوعاً في موقعه الفرعي . هذه المنهجية في الحوار أتاحت له التمحيص في الموضوع و إيفائه ما يمكنه الإيفاء به من البحث و التدقيق بلا ارتجال و تسرّع ، و إن لم يكن يحتفل كثيراً بمراجعة المصادر أو إيرادها بفضل ذاكرته الصافية رغم تسعينات العمر . و كثيراً ما كان يستخدم نفس المفردات الواردة في تعليقات محاوريه للتوضيح أو التفنيد أو العتاب الخفي ، أو كل ذلك معاً . و في الوقت الذي كان فيه لا يحتفل بكلمات الإطراء الموجهة إليه – و هي كثيرة – فإنه لم يكن يترك الملاحظات المغايرة و حتى المناكِدة لآرائه دون إجابة في معرض الدفاع عن الرأي أو إيضاحه كلما سنحت له الفرصة في ذلك أو شعر بأهميته أو جديته . أما أهم ما ميز حواراته فهو الاحترام التام للرسيل و سيادة أجواء الجدية و الوقار ، مع انعدام المناكدة و التهجّم قطعاً .

الخاتمة
أيُّها الشيوعي الجميل ،
هيّا ، قم من قبرك الآن :
لنشرب أنخاب الأماجد من آل قوجمان ؛
ثم نرقص على جمار أحلامنا الكانْ كانْ .
نبقى نرقص طوال الليل ؛
و نقرع الأجراس في الطرقات ،
و نلوِّن بالأحمر كل الأجواء ،
نوقظ النيام و حتى الأموات ؛
رغم الويل و وجع الذكريات ؛
نضرب صفحاً عن شيطان التفاصيل ؛
كي يفتح وقع الأجراس سُجف السماء .
و عند الفجر ، نغنّي قصص الرفاق الفرسان :
فهد و حازم و صارم و من بعدهم كل الشهداء ؛
لن ننسى أحداً منهم قط ، و إن رَدِيت الأزمان ؛
نضرب صفحاً عن شيطان التفاصيل ؛
فنودع أشياء قد فاتت ،
و ننسى أخرى لم تكن بالحسبان ،
لتبقى القلوب تتدفق ورداً كالشلالات ؛
حتى قيام ساعة انتصار الإنسان .

تمت .