أحرقوا كل الكتب الدينية – أبيو لود


مازن كم الماز
2019 / 8 / 15 - 10:58     

قبل قليل بينما كنت أتصفح بعض الأشياء ( صحف أو ما شابه ) الأناركية الفردانية سريعة الزوال صادفت مقالة تدور حول نقاش بين ( أناركيين ) فردانيين ( أنويين ) . الموضوع الذي كانا يتناقشان حوله لا علاقة له بما أريد قوله هنا . ما يهمني هو الطريقة التي اختار كلا المتحاورين أن يستخدماها لإثبات وجهتي نظرهما . لم يحاول أيا من هذين الذين يفترض أنهما فردانيين ( أنويين ) إلى تطوير و عرض حجج خاصة بهما اعتمادا على تجربتهما المعاشة الخاصة بإعادة خلق الذات الواعية و عن قصد .. كلا , بدلا من ذلك اقتبسا فصولا و أبياتا من كتابات ماكس شتيرنر كما لو كانت كتابا دينيا ( مقدسا ) . كنت أتوقع من مختلين غارقين في الإيمان المسيحي أو مغفلين ماركسيين مهووسين بجماهيرهم أن يبحثوا في كتبهم المقدسة عما يدعم عقائدهم التي يؤمنون بها . لأن هؤلاء يملكون أشياء يؤمنون بها , كتب مقدسة , أنبياء و آلهة . من وجهة نظر هؤلاء من المنطقي أن يقوم هؤلاء الحمقى العاجزون الغارقون في دوغماهم بالعودة إلى كتبهم المقدسة عوضا عن أن يفكروا بأنفسهم و يتحدثوا عن مشاعرهم الخاصة . لأن التفكير و المشاعر الخاصة بهم قد تقودهم إلى الشك في عقائدهم الكئيبة و البليدة … و عندها ماذا سيحل بهم ؟ لكن بالنسبة لأولئك الذين يدعون أنهم المالكون الحقيقيون لذواتهم و أنهم يخلقونها كما يريدون , أن يلجأ أحدهم إلى أي شخص أو أي شيء سوى ذاته ليدعم أفكاره , بالنسبة لأولئك الذين يقولون أنهم يخلقون حياتهم و عالمهم كما يريدون , على قدر طاقتهم , أن يعاملوا أي كتاب على أنه كتاب مقدس أو اي مفكر على أنه نبي ما هذا إلا سخافة , و تناقض عميق . لذا أن يعامل من يدعو نفسه فردانيا شتيرنر أو نيتشه كأنبياء و كتاباتهم ككتب مقدسة لا يشكل فقط إهانة كبرى لهؤلاء , بل يكشف أيضا عن أنه مجرد تابع عاجز عن التفكير في قطيع المؤمنين البائس . لا يهم إذا كان يطلق على عقيدته تلك أسماءا مثل "الفردانية" أو "الأنوية" , لأنها ستبقى في كل الأحوال شكلا من أشكال العبودية الوضيعة لسلطة أعلى تخلقه و تصنعه على مقاسها و وفق رغبتها . و إلا لما احتاج إلى كتاب مقدس , كتاب ديني ليقتبس منه , لأنهاغير قادرة على أن يتحدث و يتصرف بنفسه . لا تفهموني خطأ هنا . إني أحب كتابات شتيرنر و نيتشه . كان هؤلاء أذكياء . كان بإمكانهم أن يكونوا مرحين , شاعريين , و حادين في نفس الوقت . هناك الكثير في كتاباتهم يستحق السرقة لكي تضمه إلى طريقة لعبك الخاصة بحياتك و عالمك . لكن عندما تعامل كتابابتهما كشيء مقدس فإنك لا تعود كمن يسرق منهما شيئا لتستخدمه في ألعابك . ستكون قد سلمت ذاتك لهما , قد حولت كتاباتهما إلى شيء مقدس تقوم أنت بعبادته … قد حولتها إلى كتاب مقدس , إنجيل . الشخص الذي ينوي أن يخلق نفسه بإرادته سيرفض أن ينحني لأي كتاب مقدس ( إنجيل ) . و عند أقل علامة على ظهور عبودية كهذه سيكون مستعدا على الفور أن يحرق إنجيله المزعوم . لكن النار ليست الوسيلة الوحيدة ( و لا الأفضل ) لإحراق الكتب المقدسة . في هذه الحالة ما يريد ذلك الإنسان الذي يسعى إلى خلق نفسه وفق إرادته أن يحرقه هو القداسة التي يزعمها ذلك الكتاب فوقه , تلك التي تدفعه للجوء إليه لا ليسرق منه ألعابا ليستخدمها في لعبته الخاصة لخلق ذاته و عالمه , بل بحثا عن أجوبة يمكن تطبيقها في كل الأحوال . للتخلص من هذه القداسة , لإحراقها , فإن أفضل وسيلة هي أسيد السخرية الكاوي , و الضحك و الاستهزاء و الازدراء المستخدمة بكثرة و كثافة ضرورية لاستئصال أية شائبة من القداسة بالكامل . و إذا كانت الكتب المقدسة التي لا بد من إحراقها هي كتب شتيرنر و نيتشه التي حولتها إلى كتب مقدسة , فحسنا , حظا سعيدا ! هذه الكتابات نفسها تعطيك أمثلة لا حصر لها عن كيفية التخلص من المقدس بالأسيد الكاوي . يمكنك أن تسرق هذه الأسلحة الذكية الساخرة من آلهتك المكشرة التي تفتقد في الحقيقة لأية ألوهية أو قداسة . إنها ميتة … و عاجزة عن إيقافك ! ثم يمكنك عندها أن نطبقها على موقفك التعبدي الغبي . عندها ستجد أنك قد حولت تلك الكتب من جديد إلى أدوات و ألعاب تلهو بها .. و إذا لم تفعل .. ؟ هكذا في المرة القادمة التي تقف فيها أمام موقد كبير , هيا .. الق هناك شتيرنرك , و نيتشه و اضحك بهستيريا , و غن "شتيرنر ميت , نيتشه ميت ! ميت و هالك مثل الإله تماما !" لأنه في نهاية المطاف عندما تكون جاهزا و راغبا في العيش من دون أناجيل ( كتب مقدسة ) ستستطيع عندها أن تسرق لنفسك نسخا جديدة من تلك الكتب .