الإمبريالية الأمريكية: مفهوم اشتراكي!


طلال الربيعي
2019 / 8 / 8 - 05:50     

"الإمبريالية الأمريكية" مصطلح يشير إلى التأثير الاقتصادي والعسكري والثقافي للولايات المتحدة على البلدان الأخرى. تم تعميم مفهوم "الإمبريالية الأمريكية" لأول مرة خلال فترة رئاسة الرئيس الامريكي جيمس ك. بولك, 1845-1849. فقد ادت امبريالية الرئيس بولك الى استقطاع مساحات واسعة من المكسيك وجمهورية تكساس وضمها الى الولايات المتحدة والتي تشكل الآن ولايات تكساس, اريزونا, نيفادا, كاليف, اوتا, ونيومكسكو.
Mexicans didn’t cross the US border. The border crossed them
https://urbandemographics.blogspot.com/2017/06/mexicans-didnt-cross-us-border-border.html?fbclid=IwAR1C9atzB3rFN_u9cZf_vFgI9tMIrN60pOfEYocbFyI88lAZX3XCNpj9X0k

وكذلك ولاية هاواي تم تشكيلها من خلال انقلاب رجال اعمال يعملون لصالح الولايات المتحدة على ملكة الدولة المستقلة, هاواي, الملكة ليليوكالاني, في عام 1893 واُلحقت هاواي بعدها عنوة بالولايات المتحدة كالولاية الخمسين.

خلال ذلك الوقت, دفع التصنيع رجال الأعمال الأميركيين إلى البحث عن أسواق دولية جديدة لبيع سلعهم. بالإضافة إلى ذلك, أدى التأثير المتزايد للداروينية الاجتماعية إلى الاعتقاد بأن الولايات المتحدة كانت مسؤولة بطبيعتها عن تقديم مفاهيم مثل الصناعة والديمقراطية والمسيحية الى المجتمعات "الوحشية" الأقل تطوراً. معظم رؤساء الولايات المتحدة متدينون. وجورج بوش الابن واحد منهم. وبوش هوالذي زعم انه رأى الله في الحلم يأمره بغزو العراق, فغزاه. وهم يتصرفون وفقًا لمعتقداتهم الدينية التي تشكل قناعا لسياساتهم الامبريالية في التوسع وتراكم رأس المال. والرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان, في مقابلة تلفزيونية, قال أن جيله سيعيش ليشهد معركة هرمجدون (مكان المعركة الحاسمة في سفر يوحنا في التنبؤات-اي انهيار الاتحاد السوفيتي باعتباره امبراطورية الشر بعرف ريغان!)
President Ronald Reagan - "Evil Empire" Speech
https://www.youtube.com/watch?v=do0x-Egc6oA

ان مصطلح هرمجدون مقولة انجيلية للغاية. ولن يستخدم أي شخص مثل هذه المصطلح التنبوئي ان لم يكن متدينا. اي انهم يتكلمون بمنطق الاهي. والآن اتباع ترامب الانجيليين يزعمون ان الله وضع ترامب في منصبه كرئيس والله هو الذي يحميه. ورؤساء الدول الاسلامية اقروا بهذا المنطق ف"انتخبوا!" ترامب رئيسا لهم في مؤتمر الدول الاسلامية الاخير في الرياض. اي انهم اعترفوا بزعامة القطب الواحد وامبرياليته المطلقة.

والجدير بالذكر ان الداروينية الاجتماعية هي أيديولوجية رجعية وهي من ابتكار الفيلسوف وعالم الاجتماع البريطاني هربرت سبنسر (1820- 1903). وتسعى هذه الفلسفة الاجتماعية إلى تطبيق المفاهيم البيولوجية للداروينية أو نظرية التطور في علم الاجتماع والسياسة, وغالبًا ما يتم الافتراض بأن الصراع بين المجموعات المجتمعية يؤدي إلى تقدم اجتماعي, حيث تتفوق المجموعات المتفوقة (عرقيا !) على المجموعات العرقية الأدنى. وقد بلغت هذه الفلسفة اوج عظمتها, رغم اغفال ذكر الفلسفة او مبتكرها, في عصرالنيوليبرالية الحالية, الذي دشنه الرئيس الامريكي رونالد ريغان ورئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر. وكانت اول تجربة نيوليبرالية هي الانقلاب الفاشي بقيادة الجنرال بينوشيت ضد النظام الشرعي للرئيس الاشتراكي سلفادور الليندي في عام 1973 وذلك بمعونة الاستخبارات الامريكية وباسناد الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد, ميلتون فريدمان, ومجموعته المسماة "صبيان شيكاغو".

تعتمد النيولببرالية, باعتبارها "نظرية اجتماعية واقتصادية" على مركزية المال باعتباره الوسيلة الوحيدة المؤكدة للحراك الاجتماعي والاقتصادي. إن مركزية رأس المال والإنتاج المتزامن لثقافة المستهلك هي القوى المحركة الأساسية للنيوليبرالية من خلال ثقافة استهلاكية. يرتبط الوصول إلى هذه الثقافة دائمًا تقريبًا بالكامل مع إمكانية الوصول إلى المال. باختصار, لكي يكون المرء ناجحًا اجتماعيًا ولتحقيق القدرة الاستهلاكية "القياسية", يحتاج المرء إلى الحصول على رأس المال. وحقيقة أن رأس المال في معظم الحالات "موروث" ولذلك فهو لا يمثل الجدارة اوالكفاءة الشخصية meritocratic. مثال واحد للتأكيد على هذه الحقيقة هو أنه حتى أفضل الرؤساء التنفيذيين وأكثرهم موهبة في الشركات متعددة الجنسيات والشركات عبر الوطنية يكسبون فقط مبلغًا ضئيلًا جدًا مقارنةً بالثروة الإجمالية لرؤسائهم "الحقيقيين". يؤدي الإنتاج المتزامن لثقافة المستهلك من خلال الإعلان والإعلام والأفلام إلى ترويض الجدارة والتقليل الكبير من اهمية الكفاءة الشخصية وتحقيرها لصالح جدارة ونبل رأس المال او مالكه (وراثيا). وثقافة المستهلك يتم توجيهها بعد ذلك إلى استهلاك كل من السلع والثقافة. و يصبح عموم الثقافة بضاعة استهلاكية حالها حال وجبات الاكل السريعة مثل ماكدونالدز و KFC وخاضعة لمتطلبات السوق ومزاج المستهلكين المتقلب. وتساهم امبراطوريات الاعلام وشركات الاعلان الضخمة عبر رسائل تُخاطب العقل الباطن Subliminal messages, لتوجيه سلوكيات المستهلكين من اجل خلق احتياجات اصطناعية وتعاظم الارباح-تمتلك مؤسسات وشركات الاعلام والاعلان جيوشا هائة من المتخصصين في شؤون الدعاية والاعلام والسوق ووسائل مخاطبة الناس سيكولوجيا واجتماعيا. من وجهة نظر منطق الحياة العادية, قد يتصورالمرء انه ليس هنالك أي شيء غير عادل في مثل هذا النظام الذي يقوم على استغلال قوة العمل في وعد أنه سيؤدي إلى زيادة الوصول إلى السوق واشباع ثقافة الاستهلاك. تنشأ المشاكل فقط عندما ننظر إلى العدد الإجمالي للأشخاص و الثقافات المدرجة في هذه "الرؤية". بلايين الأشخاص "غير المهرة وغير المتعلمين" لا يتمتعون بأي حق معنوي في "البقاء" في هذا العالم. وهذا الوصف يؤدي إلى " الصراع من أجل البقاء, والبقاء للأصلح". والاصلح هم أولئك الناس الذين يفهمون لحن المال و يعزفون سمفونية رأس المال و"على استعداد" لبيع جدارة الاستهلاك المتزايدة باستمرار. يؤدي بلا شك تفوق رأس المال و جدارته إلى شكل عنيف من أشكال الداروينية الاجتماعية.

وبحكم طبيعتها تؤدي الداروينية الاجتماعية الى فساد اخلاقي ومالي واداري عارم. فالاخلاق والسلوكيات تخضع الى منطق واحد, منطق البقاء للاصلح, كما هو الحال في عراق ما بعد الاحتلال, الذي تبنى قوانين بريمر النيوليبرالية التي لا زالت سارية المفعول, وبدون الغاء هذه القوانين, اي الغاء العملية السياسية برمتها, فان كل كلام عن مكافحة الفساد هو كلام للاستهلاك المحلي, وهو ليس فقط لا يؤدي الى الحد من الفساد, بل, على العكس, يؤدي الى تكريسه, لأن المزيد من الكلام يقلل من حساسية الناس تجاه الفساد Desensitizazion, ويحملهم على التعامل معه بلا اكتراث وبلا مبالاة, وذلك باعتباره شيئا طبيعيا بحكم انتشاره. و"الطبيعية" تصبح هنا مفهوما احصائيا منفصلا عن الاخلاق السوية والقوانين النافذة: بل ان ان القوانين والدين, كوعاء اخلاقي افتراضي, تستخدم لتبرير الفساد وذلك بالتلاعب بالكلمات والمصطلحات و ممارسة اللعب اللغوية بعرف الفيلسوف فيتكنشتاين الثاني.
Wittgenstein s Language Games
http://changingminds.org/explanations/behaviors/games/wittgenstein_game.htm

فتصبح "القداسة دناسة: من قداسة القضية إلى دناسة الموقف!" والطهارة تحمل المعنين في آن واحد ويحتمل تفسيرها التناقض في المعنى في آن واحد. الدليل على ذلك انه بعد مرور اكثر من 16 عام على احتلال العراق, فان الفساد, برغم اطنان المقالات المكتوبة والآلاف من الساعات او اكثر بالكلام عن مكافحته وخطورته, فهو يتعاظم ويتكاثر كتكاثر خلايا السرطان, اي رغم كل الكلام والخطابات المنمقة والاجراءات الشكلية التي تبقي على منظومة الفساد المتجسد في قوانينها وتركيباتها الهيكلية واليات تنفيذ خططها الاستراتيجية والتتككية. وعراق اليوم هو احد الاشكال الساطعة لتجسيد الداروينية الاجتماعية وقوانينها, قوانين الغاب. ولكن عراق اليوم هو, ايضا, حلم الرأسمالية, كما تكتب مجلة الرأسمالية العالمية الايكونوميست
If it all works out, Iraq will be a capitalist s dream
https://www.economist.com/middle-east-and-africa/2003/09/25/lets-all-go-to-the-yard-sale
ودستور العراق هو حلم الامبريالية الجديدة
Iraq’s Constitution: the Dream of “New Imperialism
https://mronline.org/2005/10/15/iraqs-constitution-the-dream-of-new-imperialism/

ولربما حتى ولو بُعث سبنسر حيا من موته, فانه سيصاب بصدمة تسرع بمماته من جديد. فتجرية العراق ستفوق كل تصوراته او تتخطى كل حدود فلسفته!

الإمبريالية, وبضمنها امبريالبة الولايات المتحدة, ليست امرا طواه ملف التاريخ. ليس الان على اي حال. على العكس من ذلك, أصبحت الإمبريالية قوية الآن كما كانت من قبل, والفهم الاشتراكي للمفهوم يسمح لنا برؤية الإمبريالية اليوم على حقيقتها.

هذا مهم بشكل خاص فيما يتعلق الامر بالولايات المتحدة, الدولة الامبريالية المركزية في العالم اليوم. إن السياسة الخارجية للولايات المتحدة هي إلى حد بعيد السياسة الخارجية الأوسع نطاقًا والأكثر تأثيرًا على أي بلد على وجه الأرض, ولكن حتى التحليلات النقدية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة تظهر غالبًا سوء فهم لقواها الدافعة الأساسية. يتضمن الفهم الصحيح للإمبريالية إدراكين مهمين.
أولاً, القوة العسكرية ليست سوى وسيلة واحدة للإمبريالية, وهي استراتيجية يمكن ممارستها بعدة طرق أخرى, وكثيراً ما يبدو العديد منها غير ضار للوهلة الأولى. ثانياً, السبب الأساسي للإمبريالية هو الدافع وراء الأرباح في ظل الرأسمالية, حيث ان الطبقة الرأسمالية العالمية هي المستفيد الرئيسي من الإمبريالية.

قبل الذهاب إلى أبعد من ذلك, فإن تقديم تعريف للإمبريالية الآن في محله. أبسط تعريف, للإمبريالية, هو: السيطرة على بلد من جانب آخر. يشمل هذا بالطبع الغزاة والإمبراطورية البريطانية والإمبراطوريات الأخرى على مر العصور. تمكنت إمبراطوريات الماضي في كثير من الأحيان من تحقيق هذه السيطرة عن طريق القوة البسيطة الغاشمة, من خلال الحرب, والاحتلال العسكري, والحكم المباشر للمناطق التي تم فتحها. نرى مثل هذه الإمبريالية العارية العسكرية بدرجة أقل اليوم. وتتبادر إلى الذهن مجموعة من الحالات, مثل الحرب الأمريكية في العراق, أو الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. مقارنة بالاستعمار الأوروبي الواسع النطاق في القرن التاسع عشر, والذي غزا واستعمر معظم سكان العالم مباشرة, يبدو أن الإمبريالية قد اضمحلت.

لكن هذا الاستنتاج خاطئ, لأنه يعتمد على سوء فهم للإمبريالية, التي وجدت طرقًا أخرى أكثر ذكاءً للسيطرة على البلدان الأخرى وحكوماتها. إن الغزو الكامل, كما حدث في العراق عام 2003, أو حملات القصف الجماعية كما حدث في يوغوسلافيا في التسعينيات أو ليبيا في عام 2011, قد تمارس السيطرة الإمبريالية من خلال الإطاحة بالحكومات وبطرق أخرى.

التخطيط لانقلاب داخلي ودعمه هي اساليب الامبريالية الاكثر شيوعا في العقود الاخيرة, كما فعلت وكالة الاستخبارات المركزية عام 1953 في إيران مع رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا محمد مصدق, 1973 في تشيلي, وليس بنجاح كبير في عام 2002 في فنزويلا-والمحاولات قد اشتدت وتعاظمت الآن لاسقاط نظام مادورو الشرعي وابدالة بامعة المخابرات المركزية الامريكية غوادو. وهنالك ايضا العمليات العسكرية السرية ووضع الأسلحة في أيدي الجماعات المتمردة, التي هي أيضًا من ضمن الخيارات, كما حاولت الولايات المتحدة في نيكاراغوا في الثمانينيات, ومؤخراً في سوريا, على سبيل المثال. لا تزال الوسائل العنيفة لإسقاط الحكومات متاحة كذلك. كان إرسال أموال إلى جماعات المعارضة وإثارة الاضطرابات الشعبية تكتيكًا ناجحًا استخدمته الولايات المتحدة في أوكرانيا عام 2014. هذه مجرد أمثلة قليلة على محاولات الولايات المتحدة للإطاحة بالحكومات الأجنبية, التي تم انتخاب الكثير منها بطريقة ديمقراطية وشرعية.

ومع ذلك, في كثير من الأحيان, لا يتعين الإطاحة بالحكومات ولكن الامبريالية تقتنع بسن تغييرات في السياسات, أو بالحفاظ على سياسات معينة كما هي من قبل. تشمل أدوات القيام بذلك: المساعدات الخارجية, والتي تعمل غالبًا على دعم طبقة حاكمة فاسدة (مثل هايتي)؛ المساعدات العسكرية، والتي غالباً ما تبقي الحكومات الاستبدادية في السلطة (مثل مصر خلال العقود القليلة الماضية)؛ القروض الدولية التي تأتي مع قيود السياسة المرفقة (مثل غانا وجامايكا وإندونيسيا في التسعينيات او الاكوادور كاحد الامثلة الحديثة جدا للتخلص من جوليان آسانج بترحيله الى الولايات المتحدة)؛ وايضا بما يسميه الماركسي الثوري مايكل بارنتي الدبلوماسية الإمبريالية (مثل ما يسمى "عملية السلام" بين إسرائيل وفلسطين).

يقول بارنتي, انه عندما كتب كتابه "ضد الإمبريالية" في عام 1995 كما هو متوقع, اعتقد بعض مواطنيه من الولايات المتحدة أنه كان من الخطأ أن يسمي الولايات المتحدة دولة امبريالية. كان هناك اعتقاد واسع بأن حكام الولايات المتحدة لم يمارسوا سياسات امبريالية؛ لم يتدخلوا في الخارج إلا دفاعًا عن النفس أو لعمليات الإنقاذ الإنسانية أو لإسقاط الطغيان ومحاربة الإرهاب ونشر الديمقراطية.

ولكنه, يمضي بارنتي بالقول, بحلول عام 2000, بدأ الجميع يتحدثون عن الولايات المتحدة كإمبريالية , وكتابة كتب تحمل عناوين مثل
"أحزان الإمبريالية"
The Sorrows of Empire: Militarism, Secrecy, and the End of the Republic (The American Empire Project)
https://www.amazon.com/gp/product/0805077979?ie=UTF8&tag=commondreams-20&linkCode=xm2&camp=1789&creativeASIN=0805077979
او
"التعذيب وشفق الإمبريالية, من الجزائر إلى بغداد (حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية)"
Torture and the Twilight of Empire: From Algiers to Baghdad (Human Rights and Crimes against Humanity)
https://www.amazon.com/gp/product/069113135X?ie=UTF8&tag=commondreams-20&linkCode=xm2&camp=1789&creativeASIN=069113135X
او
"حماقات الامبريالية وحروبها"
War, Empire, and the Military: Essays on the Follies of War and U.S. Foreign Policy
https://www.amazon.com/War-Empire-Military-Follies-Foreign/dp/0982369786
او
"إمبريالية الاوهام"
Empire of Illusion: The End of Literacy and the Triumph of Spectacle
https://www.amazon.com/gp/product/1568584377?ie=UTF8&tag=commondreams-20&linkCode=xm2&camp=1789&creativeASIN=1568584377
كل ذلك يشير إلى الولايات المتحدة عندما يتحدثون عن الامبريالية.
What Do Empires Do?
by Michael Parenti
https://www.voltairenet.org/article165118.html

لكن ما الذي تريده الإمبريالية من اذعان الدول الاخرى لها؟ هذا يقودنا إلى القوى الدافعة وراء الإمبريالية والمستفيدين منها. إنها ليست القوة من أجل السلطة بحد ذاتها, أو ببساطة ان النزعات القومية هي التي تقود الإمبريالية. بدلاً من ذلك, تهدف القوة الإمبريالية دائمًا, بشكل مباشر أو غير مباشر, إلى تراكم رأس المال.

غزو ​---------------​---------------العراق عام 2003 غالبًا ما يُنظر إليه خطأً على أنه فشل في السياسة الخارجية للولايات المتحدة, لأنه لم يتم العثور على أسلحة دمار شامل أو بسبب فشل مشروع بناء الدولة وإرساء الديمقراطية. لكن هذه لم تكن القوى المحركة الحقيقية وراء الغزو, ولكنها مجرد ذرائع قدمت لتبريرها للجمهور. كانت الدوافع الحقيقية لحرب العراق جوهرية: بشكل رئيسي لفتح اقتصاد العراق وموارده أمام سيطرة الولايات المتحدة لاستغلال الشركات من خلال الخصخصة. تلقت حكومة صدام حسين قدرا كبيرا من المساعدات من الولايات المتحدة حتى بدأت في استخدام عائداتها النفطية لتطوير اقتصادها الخاص, بما في ذلك القطاع العام النابض بالحياة, وتحقيق واحد من أعلى مستويات المعيشة في المنطقة. في عام 2000, توقف العراق عن قبول الدولار الأمريكي لتصدير النفط، وهي خطوة مباشرة ضد مصالح فئة المستثمرين الأمريكيين.

في السبعينيات, اتفقت الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية على أنه يجب تداول نفط أوبك بالدولار. وقد تمكنت الحكومات الأمريكية منذ ذلك الحين من طباعة الدولارات لتغطية العجز التجاري الضخم, مع الاستفادة الإضافية من تلك الدولارات التي يتم وضعها في أسواق المال الأمريكية. في المقابل ، سمحت الولايات المتحدة لدول أوبك بتشغيل كارتلها للإنتاج والتسعيرات.

في عام 1999, ناقشت إيران تسعير نفطها باليورو. وفي أواخر عام 2000 قام صدام باحلال اليورو محل الدولار في بيع النفط العراقي. في أوائل عام 2002 وضع بوش إيران والعراق في محور الشر. لو اتبعت دول أوبك الأخرى انتقال صدام إلى اليورو, لكانت العواقب على بوش ضخمة. كان من شأن الغاء التحويلات العالمية بالدولار, إضافة إلى العجز الهائل بالفعل, أن تؤدي إلى انخفاض قيمة الدولار, هحرة الأسواق الأمريكية, والى اضطرابات هائلة في الولايات المتحدة.
The real reasons Bush went to war
https://www.theguardian.com/world/2004/jul/28/iraq.usa

عكس غزو العراق كل هذا, ومنح الولايات المتحدة السيطرة على السياسة الاقتصادية العراقية. بعد الغزو, تمكنت الشركات الأمريكية مرة أخرى من الاستفادة من نفط العراق, ناهيك عن الطلب المتزايد على الأسلحة في المنطقة. من حيث الأجندة الحقيقية للإمبريالية, يجب اعتبار الحرب في العراق ناجحة. يتم التوصل إلى نفس الحكم من خلال النظر بنفس العدسة إلى القصف وتفكيك يوغوسلافيا بقيادة الولايات المتحدة في التسعينيات, أو الإطاحة بحكومة القذافي بقيادة الولايات المتحدة في ليبيا في عام 2011. كانت جميعها كوارث غير مقصودة بالنسبة للبلدان المستهدفة وللجمهور الأمريكي, الذي دعم المستفيدين من كل من هذه الحروب. لكن جميعها كانت نجاحات كاملة لفئة المستثمر العالمي.

وهكذا, في حين أن أكثر مظاهر الإمبريالية فظاعة تستخدم الحرب وغيرها من أشكال القوة المميتة, فإن السيطرة الإمبريالية لا تتطلب مثل هذه الإجراءات المتطرفة عندما تكون الوسائل الرقيقة كافية لضمان الامتثال والاذعان.